انتخابات مجلس النواب 2525| السيدات تتصدرن المشهد الانتخابي بالمنيب.. طوابير أمام اللجان منذ الصباح    طلاب خدمة اجتماعية بني سويف ينظمون 5 زيارات ميدانية لمؤسسات رعاية    مشاركة نسائية ب«لجان 6 أكتوبر» مع انطلاق انتخابات مجلس النواب 2025    تنوع الإقبال بين لجان الهرم والعمرانية والطالبية.. والسيدات يتصدرن المشهد الانتخابي    مواقيت الصلوات الخمس اليوم الاثنين 10 نوفمبر 2025 في محافظة بورسعيد    وزير السياحة يبحث مع مفوض الاتحاد الأوروبي للنقل المستدام سبل التعاون المشترك    سعر الذهب اليوم الاثنين 10 نوفمبر 2025 في الصاغة وعيار 21 بالمصنعية بعد الزيادة (تحديث جديد)    نصر الله: الذكاء الاصطناعي التوليدي يفتح عصرًا جديدًا من الابتكار للشركات الناشئة في المنطقة    أسعار الخضراوات والفاكهة اليوم الإثنين 10 نوفمبر 2025    سعر الدولار اليوم الاثنين 10 نوفمبر 2025    ارتفاع معدل التضخم الشهري 1.3% في أكتوبر 2025    الاثنين 10 نوفمبر 2025.. البنك المركزي يطرح سندات خزانة ب 20 مليار جنيه    بعد حجة جديدة.. إلغاء جلسة لمحاكمة نتنياهو في قضايا الفساد    إيران تصف اتهام واشنطن لها بالتخطيط لاغتيال سفيرة إسرائيل في المكسيك ب«السخيف»    إعصار «فونج وونج» يجتاز الفلبين مخلفا قتيلين ومئات آلاف النازحين    تعزيز الشراكة الاستراتيجية تتصدر المباحثات المصرية الروسية اليوم بالقاهرة    اليوم.. أحمد الشرع يلتقي ترامب في البيت الأبيض    إطلاق منصات رقمية لتطوير مديرية الشباب والرياضة في دمياط    منتخب مصر للناشئين يصطدم بإنجلترا بحثًا عن صدارة المجموعة في كأس العالم    تقييم مرموش أمام ليفربول من الصحف الإنجليزية    الأهلي راحة 5 أيام بعد التتويج بالسوبر المصري    جامعة قناة السويس تحصد 3 برونزيات في رفع الأثقال بمسابقة التضامن الإسلامي بالرياض    «الله أعلم باللي جواه».. شوبير يعلق على رفض زيزو مصافحة نائب رئيس الزمالك    القبض على عنصر إجرامي غسل 200 مليون جنيه من تجارة المخدرات    72 ساعة فاصلة .. بيان هام من الأرصاد بشأن تغير حالة الطقس ..أمطار رعدية ورياح    التعليم: تغيير موعد امتحانات شهر نوفمبر في 13 محافظة بسبب انتخابات مجلس النواب    وصول أسرة المتهم الثاني بقضية «الدارك ويب» لحضور ثاني جلسات الاستئناف    «الداخلية»: تحرير 1248 مخالفة «عدم ارتداء الخوذة» ورفع 31 سيارة متروكة بالشوارع خلال 24 ساعة    «الداخلية» تكشف حقيقة مشاجرة بين قائدي سيارتين    محمد صبحي يتعرض لوعكة صحية تتسبب في إغماء مؤقت.. ونقله للمستشفى    عائلات زكي رستم وشكوكو وسيد زيان يكشفون أسرارا جديدة عن حياة الراحلين (تفاصيل)    لماذا استعان محمد رمضان بكرفان في عزاء والده؟ اعرف التفاصيل .. فيديو وصور    مهرجان القاهرة الدولي للطفل العربي يكرم الفنان القدير ياسر صادق عن عطائه للمسرح المصري    بعد 5 أيام فقط.. إقبال جماهيري جيد ل فيلم قصر الباشا في السينمات المصرية    أحمد إسماعيل: مشاركتي في افتتاح المتحف الكبير يعكس جزءًا أصيلاً من هوية مصر    الرئيس الأمريكي يصدر عفوا عن عشرات المتهمين بالتدخل في انتخابات 2020    نشرة مرور "الفجر".. زحام بميادين القاهرة والجيزة    رئيس الوزراء يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب 2025 بالمدرسة اليابانية بالجيزة    انطلاق أعمال التصويت في انتخابات مجلس النواب 2025 بالمهندسين    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    «الصحة»: التحول الرقمي محور النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للسكان    بعد 40 يوما .. مجلس الشيوخ الأمريكي يقر مشروع قانون تمويل الحكومة لإنهاء الإغلاق الحكومى    ب أماكن لكبار السن وذوى الهمم.. الإسكندرية ترفع درجة الاستعداد لاستقبال الناخبين للتصويت في انتخابات مجلس النواب    أمريكا: اختبارات تكشف الجرثومة المسببة لتسمم حليب باي هارت    «أنا مش بخاف ومش هسكت على الغلط».. رسائل نارية من مصطفى يونس بعد انتهاء إيقافه    الزراعة: تحصينات الحمي القلاعية تحقق نجاحًا بنسبة 100%    «لاعب مهمل».. حازم إمام يشن هجومًا ناريًا على نجم الزمالك    السوبرانو فاطمة سعيد: حفل افتتاح المتحف الكبير حدث تاريخي لن يتكرر.. وردود الفعل كانت إيجابية جدًا    الأهلى بطلا لكأس السوبر المصرى للمرة ال16.. فى كاريكاتير اليوم السابع    واشنطن تضغط على إسرائيل لبدء المرحلة الثانية من خطة ترامب لوقف إطلاق النار    مساعد وزير الصحة: نستهدف توفير 3 أسرة لكل 1000 نسمة وفق المعايير العالمية    رئيس لجنة كورونا يوضح أعراض الفيروس الجديد ويحذر الفئات الأكثر عرضة    «لا تقاوم».. طريقة عمل الملوخية خطوة بخطوة    3 سيارات إطفاء تسيطر على حريق مخبز بالبدرشين    هل يجوز أن تكتب الأم ذهبها كله لابنتها؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    هل يذهب من مسه السحر للمعالجين بالقرآن؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي: الاستخارة ليست منامًا ولا 3 أيام فقط بل تيسير أو صرف من الله    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخطاب الديني من «كشك» ل«الكاجوال» تعددت الأشكال والأفكار واحدة.. ظهور «دعاة الكاسيت» يروج لمنهج السلفية.. و«عمرو خالد والذين معه» يجذبون شباب الألفية الجديدة
نشر في البوابة يوم 13 - 10 - 2018

مصر فى السادس من أكتوبر حاربت كلها، لم يغب أحد عن ساحة القتال، قواها الناعمة وعلى رأسها المؤسسة الدينية، لم تولِ الأدبار يوم الزحف، وكان الأزهر الشريف بؤرة حماس، تحض جموع الشعب: حى على الجهاد، حى على العمل.
والحقيقة أن الرئيس الراحل أنور السادات، فتح الأبواب أمام الخطاب الدينى لبث الحماسة فى نفوس المصريين، وبدأ التليفزيون المصرى فى بث برامج دينية رصينة تدعو الناس إلى إعمال العقل والعمل حتى يغسلوا عار الهزيمة، هذا بالتوازى مع إذاعة القرآن الكريم، التى تأسست عام 1964، ونجحت فى وقت قصير فى أن تستحوذ بخطابها الهادئ الوسطى على اهتمام المصريين.. غير أن الخطاب الدينى شهد تغيرات عميقة حادة، بدءًا من نهاية السبعينيات.
كان المصريون فى السبعينيات يلتفون أمام الشاشة الفضية لمتابعة برامج: «العلم والإيمان»، الذى قدمه الراحل الدكتور مصطفى محمود للمرة الأولى، فى 1971، للربط بين الظواهر الكونية والإيمان، ليُصبح من أشهر البرامج التليفزيونية وأوسعها انتشارًا على الإطلاق، وهو ما جعله مستمرًا لفترة طويلة وصلت إلى 18 عاما قُدم خلالها أكثر من 400 حلقة.
وبدأت شاشة التليفزيون المصرى فى عرض حلقات برنامج؛ «لقاء الإيمان»، لمقدمه الشيخ محمد متولى الشعراوي، بداية 1980، كُل أسبوع بعد صلاة الجمعة، لتفتتن الأسرة المصرية بأسلوبه العذب البسيط فى تفسير آيات القرآن والنقاط الإيمانية فيها.
مع ظهور الشعراوي، أو قبل ذلك بكثير، حقق دعاة «الكاسيت» انتشارًا رهيبًا؛ حيث سطع نجم الشيخ عبدالحميد كشك، حتى إنه مع بداية الثمانينيات كان «كشك» قد استولى على قلوب وآذان قطاع كبير من المصريين؛ حيث كان صوته يصدح من محال البقالة وسيارات الأجرة وأزقة الشوارع، خاصة أنه تميز بالفصاحة وسرعة البديهة وخفة ظل طاغية، تنتزع الضحكات من الجمهور وسط حكاياته عن تجربته الشخصية فى المضايقات التى تعرض لها فى عهود رؤساء مصر مُنذ ولادته فى العام 1933 حتى وفاته 1996.
ويرجع نجاح «كشك» فى تحقيق شعبية لدى البسطاء إلى أنه خاطب الناس ب«النكتة»، وهذه من الوسائل الأكثر قدرة على إثارة شغف شعب يوصف بأنه «ابن نكتة»، وبعد «كشك» تولى الزمام عدد آخر من الدعاة، كانوا على منهجه المتشدد السلفي، لكنهم لم يكونوا بقدر خفة ظله وحضور قريحته.
وكانت شرائط أو فلنقل «ألبومات» السلفيين تُفرش على الأرض بجوار المسابح والسواك لتباع جهرًا، من دون أن تنتبه الدولة إلى خطورتها.
وصار نجوم الدعوة ينافسون نجوم الغناء شهرة.. وأيضًا ثراء، وظهرت شركات إنتاج لتستفيد من هذه «السبوبة»، وحملت بالطبع أسماء ذات رنين ووقع ديني.
وكان على رأس هؤلاء الدعاة السلفيين؛ محمد حسان، الذى لقى انتشارًا واسعًا وقتها لدرجة حولت الوعظ الدينى إلى تجارة مُكتملة الأركان، الذى سجلت شركات الإنتاج دروسه الدينية فى مسجد العزيز بالله فى حى الزيتون بالقاهرة، وأيضًا دروسه الدينية الشهيرة بأحد مساجد المنصورة التى كانت تجذب أولى اللحى والجلاليب، ممن يتوافدون عليها فى أتوبيسات خاصة وسيارات أجرة، ليظهر بعدئذ واحد من أشهر دعاة الكاسيت السلفيين، وهو محمد حسين يعقوب الذى أصبح أحد نجوم الدعوة وتجارة الكاسيت على إثر شريطه؛ لماذا لا تصلى؟
دعاة الفضائيات
فى منتصف التسعينيات، بدأت أفكار الدعاة السلفيين، من نجوم الكاسيت وفى مقدمتهم؛ أبوإسحاق الحوينى ومُسعد أنور ومحمود المصرى وغيرهم فى الانتشار كالنار فى الهشيم فى الشارع المصري، حتى بدأت موجة تحريم الغناء وكرة القدم وفتاوى هدم الأضرحة وتكفير المتصوفين والشيعة تجد لها صدى لدى العوام، حتى تهيأت لهم فرصة أكبر لجنى المزيد من الأموال عن طريق اقتحام شاشة التليفزيون مطلع الألفية الثالثة، وذلك مع انتشار الفضائيات، لينتقل معها شيوخ الكاسيت من التسجيل إلى البث المباشر.
ومع بداية الألفية الثالثة، كان جيل جديد من الدعاة بدأ فى الظهور مع الرغبة المحمودة فى تغيير الخطاب الديني، يستهدف جمهورًا مُختلفًا من الشباب والفتيات، على رأسهم؛ عمرو خالد وخالد الجندي، اللذين انجذب إليهما الكثير، خاصة من الشاب الذين وجدوا فى مظهرهم العصرى عنصر جذب؛ حيث لا يرتدون الجلاليب ويطلقون لحاهم لكن مع الاهتمام بتهذيبها، وكانا «يبيعان» مادتهم بأسلوب حكائى بسيط وبلمحة رومانسية فى تناول السيرة النبوية وفى نسخة مُلطفة من إسلام الأزهريين والسلفيين.
الكاجول والدعوة
بعد ثورة 25 يناير، خرجت من عباءة الدعاة الجدد أيضًا، مجموعة جديدة من الشيوخ والدعاة أشبه ما يكونون بممثلى السينما، من حيث المظهر الحسن واللحية الخفيفة، أو من دون والتحدث بالإنجليزية أحيانًا، وكانوا غير مهتمين بالتحدث عن القضايا التقليدية مثل «الجهاد والحجاب» بمقدار ما ينشغلون بالأمور الشخصية والعاطفية والنجاح والعمل والدراسة، وكان لديهم قبول اجتماعى وانتشار على مواقع التواصل فضلًا عن القدرة على توصيل المعلومة بسهولة.
خطة الدعاة «الكاجوال» للسيطرة على وجدان المصريين اعتمدت على تخصيص خطابهم لما يشغل شابًا فى سن العشرين من العمر والشباب الذين ينتمون لشرائح اجتماعية عُليا تبحث عن التدين الذى لا يحرمها من مباهج الحياة.
وكان فى مُقدمة الدعاة الكاجوال؛ مُعز مسعود ومصطفى حسني، الذين يتهمهم الكثير بأنهم مُجرد تغيير فى شكل الدعوة وليس المضمون، خاصة أن غالبيتهم اتسموا بالطرق التمثيلية ووضح تأثرهم بطرق التنمية البشرية وأساليب مندوبى المبيعات. ومُنذ الشيخ كشك ووصولًا إلى الدعاة الكاجوال نشأت على ضفاف «الدعوة» تجارة واسعة، أُناس يتقاضون آلاف الدولارات، ونجوم حققوا مع وكلائهم مكاسب كثيرة، أغلبهم يقولون عكس ما يفعلون، فعند الدخول فى تفاصيل حياتهم نجد أن الدعوة كانت طريقًا لامتلاك شاليهات أو قصور ووسيلة لتعدد الزيجات.
عضو ب«البحوث الإسلامية»: هذه أسباب تراجع دور الأزهريين
يقول الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إن حرب رمضان أكتوبر 1973 كانت بمثابة النقلة الفارقة لكل من الأمة المصرية والعربية والإسلامية بعدما أعادت الكرامة للإنسان المصرى والعربى والمسلم، وخلال ال45 عاما التى تبعت الانتصار كان الخطاب يتحدث عن الإعداد الجيد الذى أوصل إلى النصر، وهو ما يتفق مع مفاهيم الإسلام: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة}.
ويُضيف الجندي: «هذا ما أثبتته حرب أكتوبر 73؛ لأنه بالتأكيد كانت هناك استعدادات جيدة، وكان هناك جنود وضباط مخلصون يحرصون على الشهادة أكثر من حرصهم على الحياة وكانوا أيضًا يريدون إعادة الكرامة للأرض المصرية والعرض، فمن الطبيعى بعد تلك الحرب أن يتم استثمار هذا الانتصار والمتغير فى الخطاب الديني، خاصة أن الأمة كانت تحتاج إلى بناء الاقتصاد ورفع مستوى معيشة عانى وقاسى كثيرًا خلال تلك الفترة».
وأكد أنه كان من الضرورى أن يؤكد الخطاب الدعوى أن المرحلة التالية لانتصار أكتوبر لا تقل أهمية عن الحرب التى خاضتها الأمة بالانتصار على الفقر والجهل والمرض والتخلف، خاصة أن تلك هى وظيفة الخطاب الدينى وليس فقط تخُص الاقتصاديين وعلماء الاجتماع وغيرهما».
ويُكمل الجندي: «كان من المنطقى أن يتغير الخطاب الدينى بعد انتصار أكتوبر 1973، لأن الحياة بطبيعتها فى تطور، كما أن حياة وأحوال وظروف الناس دائمة التطور، لكن هذا التطور فقط فى الأساليب، حيث تخضع تلك الأساليب لتغير الزمان والمكان وتطورات الحياة، بالضبط كما يحدث فى الفتوى، التى تختلف باختلاف الظروف والوقائع والأزمنة التى تفرز متغيرات لم تكن موجودة من قبل».
ويُشير الجندي، إلى أن الناس، خلال السنوات التالية لانتصار أكتوبر 73، انجذبوا للخطاب الدعوى للسلفيين بدلًا من العلماء الأزهريين، الذين ظل الإقبال على خطابهم الدينى ضعيفا لسنوات، وذلك لعدة أسباب على رأسها؛ أن الدعاة السلفيين اعتمدوا على أمرين خلال تلك الفترة، الأول أنهم منوا الناس بأنهم إن اتبعوهم سيدخلون الجنة كونهم طريقًا لها، والثانى أنهم رصدوا المُشكلات الموجودة فى المجتمع وتاجروا بها وقالوا إن سببها البعد على الدين، أى أنهم أجادوا العزف على وتر أوجاع المصريين.
ويُتابع الجندي: «لسنوات طويلة أشاع الدعاة السلفيين أن الدعاة الأزهريين دعاة سُلطة ولا يتكلمون فى الأمور الدنيوية، وذلك حتى يجذبوا كثيرًا من الناس والمستمعين إلى صفوفهم، كما أنهم تربعوا على عرش الدعوة لفترات بعدما تمكنوا من اللعب على وتر حاجات الناس ومشاركتهم فى جميع مناسباتهم وتقديم العون إليهم بهدف هذا التقارب، فى حين أن المؤسسة الدينية بعيدة عن ذلك، فضلًا عن أن الدعاة السلفيين استطاعوا أن يبسطوا فى الدعوة الدينية أيضًا».
ويوضح الجندي: «الدعاة السلفيون ابتعدوا عن المتون وإلى حد ما استدعوا مفردات ووسائل من شأنها أن تؤثر على عواطف الناس وميولهم وهو ما أعطى لهم فرصة كبيرة فى التوسع والتمدد واجتذاب الناس الذين اقتربوا منهم ومن خطبهم وخطابهم الدعوى، لكن الحقيقة أنهم يبيعون الوهم واتخذوا من الدعوة «بيزنس» لجمع الثروات ثم الإنفاق منها على كثير من حاجات الناس لاجتذاب المزيد والمزيد منهم، لذا استطاعوا أن يسحبوا البساط من الشيوخ الأزهريين لفترات طويلة مُنذ مطلع الثمانينيات».
وأشار إلى أن الدولة خلال تلك الفترات، وفى عهد حكم الإخوان أيضًا، كانت غير عابئة بتمويلات يحصل عليها السلفيون من الخارج.
ويواصل الجندي: «رغم كل ما حدث أعتقد أن المنهج الوسطى فى الدعوة إلى الإسلام هو الذى سينتصر فى النهاية، وهُنا أيضًا لابد أن نؤكد أن على الدعاة الأزهريين أن يطوروا من أساليبهم الدعوية واستثمار الخطاب الدينى فى رصد أوجاع الناس وما يهمهم بشكل أكبر وبالشكل الذى يواجه أزمات ومُشكلات المجتمع والنهوض به، وبعيدًا عن طريقة الدعاة السلفيين فى الخطاب الذين يتاجرون فيه بأوجاع الناس ويعتمدون على طريقة تعبئة الجماهير للاستماع إليهم».
وفيما يخُص ظهور الدعاة الجُدد أو الحداثيين بداية الألفية الثالثة، يقول عضو مجمع البحوث الإسلامية، إنهم بالرغم من تميزهم بطُرق وأساليب براقة فى عرض الخطاب الدينى إلا أن محصولهم العلمى ورصيدهم الدعوى ضعيف ولا يؤهلهم للدعوة.
ويوضح الجندي: «أسلوبهم جيد لكن لا بد أن يكون لديهم رصيد علمي، حيث إن التأهيل الجيد مُهم جدًا فى الدعوة، وهم يفتقدونه، كما أن العلوم الدينية مثلها مثل علوم الطب والاجتماع ولها مفاتيحها ورموزها ومدخلاتها ومصطلحاتها التى يجب دراستها، دعنى أقول إن الدعاة الجدد عليهم الكثير من الملاحظات، لأن العديد منهم غير مؤهلين، كما أن معظمهم تجذبهم صناعة الإعلام قبل اعتبارات الجودة والتأهيل لجنى الكثير من الأموال خلال فترة قصيرة، الأمر بالنسبة للكثيرين منهم مُجرد بيزنس».
وعن المطلوب خلال الفترة الراهنة من الخطاب الدينى فى مصر، يُضيف عضو مجمع البحوث الإسلامية: «على الخطاب الدعوى أن يرصد مشاكل ومعاناة الناس وهو ما يقوم به الأزهر والأوقاف خلال الفترة الأخيرة، لكننا نحتاج المزيد؛ حيث إننا لدينا مُشكلات كثيرة حان الوقت لأن يتصدى لها الخطاب الديني، ولا بد أن يكافح الخطاب الدعوى الفساد والرشوة ويحث الناس على العمل الجماعى لأن الإنسان ضعيف بنفسه غنى مع الناس».
ويؤكد الجندي، أن شغل الخطاب الدينى تغير خلال الفترة الأخيرة لكن من شأنه أن يتغير أكثر، لأنه لا بد أن يكون انعكاسًا لواقع المصريين ومشاكلهم وهمومهم حتى يكون بمثابة طوق نجاة لمصر والمصريين من الأمراض المجتمعية الجديدة التى ظهرت خلال السنوات الأخيرة كالانتحار، وهُنا دور الخطاب الدعوى أن يخاطب الشباب لبث الأمل فيهم والابتعاد عن اليأس، وأن يتصدى الخطاب الدينى أيضًا للإلحاد الذى تمادى مؤخًرًا عن طريق؛ إرشاد الناس والبحث فى أسبابه وكيفية مواجهته، الخطاب الدعوى عليه أن يتجه إلى بناء الإنسان المصرى والنهضة بأخلاقيات الناس وإصلاح أى خلل يوجد بينهم».
واختتم الجندي: «الخطاب الدينى لا بد أن يبعث الأمل فى الأمة، وأن يستلهم من ذكرى نصر أكتوبر 73 روحها، ففى الوقت الذى كان يشع فيه العدو ويقول إنهم جيش لا يُقهر، استطعنا قهره، فمن يظن أن الحالة الراهنة، المليئة بالمعاناة والظروف الصعبة وغلاء الأسعار، ستستمر لا بد أن نقول له ونذكره بهذا الانتصار العظيم وأننا باستطاعتنا النهوض بمصر على سواعد متكاتفة، لذا لابد أن يدعو الخطاب الدينى إلى النهوض بالناس والوطن لبناء حياة أفضل، بل نقول إن هذا الخطاب الذى يغرس الأمل فى النفوس هو قاطرة أمل نحو غدٍ أفضل».
داعية سلفى: «الكاجوال» غير ملتزمين بالشرع الصحيح!
على الجانب الآخر، يقول الداعية السلفى سامح عبدالحميد، إن الدعوة بعد انتصار أكتوبر 73 تعرضت لمد وجزر، بحسب حاجة النظام السياسى للسلفية فى مواجهة الإخوان، لخلق توازن نوعى فى الاستقطاب الجماهيري، حتى لا تنفرد جماعة الإخوان بالسيطرة على واقع الدعوة، وهو ما حدث بالفعل، حيث حدث انفتاح للدعوة السلفية فى أواخر السبعينيات ليتكون أول كيان سلفى علمى للدعوة السلفية فى عهد السادات، وهذه سنوات المد وتبعتها سنوات شد وجذب أيام مبارك وانتهت بتضييق دعوى غير مسبوق.
ويُضيف عبدالحميد: «الدعوة السلفية كانت وما زالت ملجأ لكثير من الناس فى فض النزاعات القبلية والعائلية، ولكن لم تستطع أن تقوم بالدور الاجتماعى كاملًا على كل الأصعدة لضيق ذات اليد وشدة المراقبة الأمنية لأى تحرك سلفى مجتمعى مما أوجد فجوة حقيقية بخلاف ما كان عليه الإخوان وما يملكونه من أموال لا تخضع للسيطرة الأمنية».
ويُتابع عبدالحميد: «كانت السلفية أقرب إلى ثقة الناس فى الفتوى والدعوة من الأزهر والإخوان، وهذه النقطة تحديدًا هى التى سمحت لنا بالثقل السياسى بعد ثورة 25 يناير».
ويُشير عبدالحميد، إلى أن الدعاة الجدد، الذين ظهروا على الساحة مطلع الألفية الثالثة، لم يسلموا من الرد والطعن لفقرهم العلمي، بما ينعكس على دورهم الدعوى والوعظى الذى يمثل العلم فيه ركنًا ركينًا، فهم إن كان لهم دور فى جذب كثير من الشباب والفتيات المنفلت إلا أنهم تسببوا فى إعطاء صورة متسيبة منفلتة بهذه العصرنة غير المنضبطة بضابط الشرع الصحيح- على حد قوله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.