ذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا)، أن إعلان القمة الثلاثية السادسة لدول مصر واليونان وقبرص إنشاء سكرتارية دائمة للقمة يؤشر إلى اتجاه الدول الثلاث لخلق كيان إقليمي مؤسسي يسمح بانضمام دول أخرى إليهم. وقالت الوكالة –في تحليل إخباري بثته اليوم الخميس- إن القمة السادسة لآلية التعاون الثلاثي عقدت أمس بين الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، والرئيس القبرصي نيكوس انستسيادس، ورئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس في جزيرة كريت باليونان، حيث اتفق قادة الدول الثلاث على إنشاء سكرتارية تنفيذية للآلية مقرها قبرص، بهدف التنسيق ومتابعة تنفيذ القرارات الصادرة عنها. وأكد الدكتور سعيد اللاوندي خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية –في تصريح للوكالة الصينية- أن هناك اتجاها من جانب مصر واليونان وقبرص لخلق كيان دائم ومنفتح وليس مغلقا على الدول الثلاث، مشيرا في هذا الصدد إلى أن تأكيد الرئيس السيسي خلال القمة الثلاثية الثالثة أن التعاون بين الدول الثلاث هو نواة لتعاون دولي أكبر، وأنه يمكن أن تستقطب دولا أخرى وليس موجها إلى أحد. واعتبر اللاوندي أن القمة الثلاثية ستكون نواة لتحالف إقليمي تجمعه المصالح المشتركة بشكل عام والتعاون في العديد من المجالات، ومن بينها: النفط والطاقة التي تفجرت في شرق البحر المتوسط بعد ترسيم الحدود بين الدول الثلاث، مشيرا إلى كونه نقطة محورية للتعاون تم بحثها بشكل مستفيض بين الزعماء الثلاثة، حيث حدث توافق على إنشاء منتدى غاز شرق المتوسط، يكون مقره القاهرة، ويضم الدول المنتجة والمستوردة للغاز ودول العبور بشرق المتوسط. ويهدف منتدى غاز شرق المتوسط إلى تنسيق السياسات الخاصة باستغلال الغاز الطبيعي بما يحقق المصالح المشتركة لدول المنطقة، ويسرع من عملية الاستفادة من الاحتياطيات الحالية والمستقبلية من الغاز بتلك الدول. ولفت اللاوندي إلى أن الأسس التي يقوم عليها التحالف الثلاثي يجعل العلاقة بينهم تنتقل من الإطار التعاوني إلى إطار الشراكة الكاملة، وينتقل من مستوى العلاقات الرسمية إلى العلاقات الشعبية، منوها إلى أن التحالف يهدف كذلك إلى تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة والعمل على حل قضاياها السياسية، مع إعطاء قوة لأعضاء التحالف إذ لم تعد كل دولة فيه تشعر أنها بمفردها في مواجهة التحديات والتهديدات المختلفة. من جانبه، أكد الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة –في تصريحات للوكالة الصينية- أن القمة الثلاثية السادسة بعثت برسائل مباشرة لأطراف إقليمية وأطراف أخرى ذات تأثير سلبي على أمن إقليم شرق المتوسط. وقال فهمي إن "دورية انعقاد آلية التعاون المشترك تؤكد أن هناك تصميما من الدول الثلاث على تحويل هذا التحالف الثلاثي إلى تحالف ممتد سيأخذ شكلا من أشكال التعاون الإقليمي"، مشيرا إلى أنه كان هناك حديث خلال المؤتمر الصحفي لقادة الدول الثلاث عن تفاصيل متعلقة بمواقف الأطراف الثلاثة من القضايا التي تهمها سواء توحيد الجزيرة القبرصية أو بالنسبة لقضية الإرهاب أو القضايا الإقليمية مثل الوضع الليبي والسوري، ما يشير إلى أن التحالف لم يعد مقصورا على القضايا الاقتصادية أو الغاز فقط وإنما امتد للحديث عن مجالات التعاون والاهتمام المشترك ليتحول إلى كيان آخر أكبر. واعتبر فهمي الاتفاق على تشكيل أمانة دائمة للتحالف الثلاثي تطورا مهما يؤشر إلى التوسع فيه بحيث يكون في شكل تكتل أو تجمع أو منظمة للتعاون، موضحا أن السكرتارية الدائمة تعني أننا نتحدث عن وضع مستديم وأمانة مقيمة وعلاقات تعاون وشراكة مستقرة. وأعرب عن اعتقاده بأن "الدول التي ستكون مدعوة للانضمام لهذا التحالف هي التي ستتفق مصالحها مع الدول الثلاث، خاصة وأننا في إقليم مضطرب وغير مستقر نتيجة الصراعات وتحركات بعض الدول الإقليمية في هذا الصدد لندرك حجم المخاطر التي يواجهها إقليم شرق المتوسط". وأشاد فهمي برؤية مصر الاستباقية في التعامل مع إشكالية الأمن في شرق المتوسط، من خلال تحرك القاهرة الاستباقي منذ عام 2014 لتدشين هذا التحالف، لافتا إلى أن الرؤية المهمة لمصر تمخض عنها ترسيم الحدود مع قبرص وما نتج عنه من بروز حقل ظهر والحقول الأخرى المتماسة معه، ما يؤكد أنه كانت هناك رؤية استباقية متكاملة للتعامل مع الوضع بالإقليم بأكمله.