يتداول المسرحيون مؤخرًا مصطلح «ما بعد الدراما»، خلال اللقاءات العلمية والنقدية والإبداعية، لا سيما وبعد ترجمة كتاب «ما بعد الدراما» للمنظر والباحث المسرحى الألمانى هانز- تيس ليمان، إلى لغات عدة ومنها: الإنجليزية والبولندية والبرتغالية والفرنسية.. وغيرها. وهو ما دفع الدكتورة مروة مهدى عبيدو، الأستاذ الأكاديمى بجامعة كولونيا والجامعة الحرة برلين والمقيمة فى ألمانيا، إلى ترجمة كتاب «ما بعد الدراما»، ويُعد الكتاب المترجم هو أول ترجمة للغة العربية عن الأصل الألماني، بعد ترجمته للغة الإنجليزية، وقد صدر للدكتورة مروة مهدى ترجمتها الأولى لكتاب «جماليات الأداء- نظرية فى علم جمال العرض»، عن إيريكا فيشر ليشته، الصادر عن المركز القومى للترجمة عام 2012، وتُعد أيضًا هذه الترجمة العربية الأولى المأخوذة عن النص الألماني. وعن الكتاب تقول الدكتورة مروة مهدي: «إن كتاب «ما بعد الدراما» قد استغرق عامين فى ترجمته، وقد انتهت منه مؤخرًا قبل انطلاق الدورة ال 25 من مهرجان القاهرة للمسرح التجريبى والمعاصر «دورة اليوبيل الفضى»، مؤكدًا أنها أهدت الكتاب للمهرجان بمناسبة عودة المطبوعات الدورية التى كانت تصدر عن المهرجان قبل توقفه، والتى بلغت 327 إصدارًا فى مختلف فنون وعلوم المسرح حتى عام 2010. وقد أهدت الدكتورة مروة مهدى النسخة العربية من كتاب «مسرح ما بعد الدراما» إلى مهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبى والمعاصر فى دورته الخامسة والعشرين، وقالت: «أهدى هذه النسخة إلى مؤسس المهرجان أستاذنا ومعلمنا الأستاذ الدكتور فوزى فهمي، من زرع النبتة منذ أكثر من 20 عاما، وسقاها بجهده وعرقه حتى صارت شجرة يستظل بها المسرحيون فى مصر وفى أنحاء الوطن العربي». وقد حمل الكتاب داخل طياته العديد من الموضوعات ورؤوسها وعدد كبير من العناوين الفرعية؛ حيث تخطى فهرسه العشر صفحات، ومنها أسرار إدارة المسرح الدرامي، قطيعة المجتمع الإعلامي، نموذج، بعد حداثى وبعد درامي، انتقاء الكلمات، تقليد وموهبة بعد الدرامي، الجديد، الطليعي، تيار وتجريب، دراما ومسرح، «الملحمية»- بيتر سوندي، رولان بارت، تغريب المسرح والدراما، «الخطاب الدرامي»، مسرح ما بعد بريشت، «أية دراما!»، «المسرح الشكلي» والمحاكاة، محاكاة الفعل، «مسرح الطاقة»، الدراما والجدل، مثالية الوضوح «أرسطو»، هيجل 1: استبعاد الواقع، هيجل 2: العرض، قبل التأريخ لمسرح ما بعد الدراما، مسرح ونص، القرن العشرون المرحلة الأولى: الدراما النقية و«غير النقية»، المرحلة الثانية: أزمة الدراما، طرق خاصة بالمسرح الاستقلالية، إعادة المسرحانية، المرحلة الثالثة: طليعة جديدة، ونظرة خاطفة على الطليعة التاريخية، بانوراما مسرح ما بعد الدراما... إلخ، كما تناول الكتاب أمثلة لبعض العروض والتجارب المسرحية فى أوروبا فى الفترة ما بين السبعينيات والتسعينيات من القرن الماضي، مثل «ليلة عند يان وأصدقائه»، سرديات، «مسرح سينمائي»، مسرح الفضاء «المشترك»، مسرح صولو، مونولوجات، مسرح الكورس، ومسرح اللاتجانس، كما تطرق الكتاب للإعلام فى مسرح ما بعد الدراما، وكيفية استخدامه وتأسيسه ومسرحة الإعلام. وتقول مهدى عن الكتاب: «تعود أهمية كتاب «مسرح ما بعد الدراما» لهانز ليمان، إلى أنه يعتبر الدراسة الأولى الرائدة، حول أشكال المسرح الجديد، كما أنه المرجع الرئيسى فى مناقشات المسرح المعاصر على المستوى الدولي، وهو أحد أهم الكتب التى ظهرت فى العقود الأخيرة داخل المجال النقدى والأكاديمي، كما أنه من أكثرها إثارة للجدل». وتابعت مهدي: «لقد حاول ليمان فى كتابه وضع حدود للمصطلح الجديد، ليصف به الأعمال المسرحية التى ظهرت فى أوروبا فى ستينيات وسبعينيات القرن العشرين، وهدف من خلاله إلى تحليل وفك طلاسم شكل المسرح الجديد، الذى لم تعد المصطلحات والمفاهيم الكلاسيكية تنطبق عليه، وحاول أن يقرأ جمالياته الجديدة ويحلل سماته، من خلال تحليل عدد كبير من العروض وأساليب الإخراج، التى ظهرت فى أوروبا، ودفعت النقاد والمنظرين للبحث عن أدوات ومفاهيم مختلفة لتقييمها، والإمساك باختلافاتها عن الشكل المسرحى الدرامى التقليدي. ويصف مصطلح «مسرح ما بعد الدراما» عند ليمان، العروض التى لم يعد النص المسرحى فيها أساسيًا وموضوعًا مركزيًا، بل واحدًا من ضمن العديد من الوسائل المسرحية المختلفة، لا يملك سلطة أو تمييزًا عليها. كما يؤكد ليمان أنه يشير بهذا المصطلح إلى القطع المسرحية التى تحتوى على «قوالب نصية غير درامية»، أى أنه يعتبره مصطلحًا وصفيًّا وليس تقييميًّا. ويلح ليمان فى الانتباه الشديد إلى عدم الخلط بين مفهومه عن مسرح ما بعد الدراما، ومفهوم بريخت عن المسرح الملحمي؛ حيث يلتزم بريشت بالحكاية كما أنه يكرس للمفهوم الدرامى للمسرح، على الرغم من كل تقنيات التغريب، فى حين أن مسرح ما بعد الدراما لم يعد يعرف أنواع الإيهام التقليدية، كما أنه يركز على مركزية الأداء، وعملية التواصل بين اللاعب والمتفرج، أى على حلقة التغذية الذاتية المرتدة داخل العرض، فى الوقت الذى تتراجع فيه الدراما وربما تتلاشى تماما داخل بنية العناصر المسرحية