ارتبط شارع محمد على بالعوالم لفترة طويلة، وأنتج العديد من نجوم الفن، سواء فى الغناء أو الرقص، ومن أبرز معالم هذا الشارع عمارتى «حيفا ويافا»، التى عاش فيهما العوالم منذ عدة سنوات، أشهرهم المطرب محمد الحلو والراقصة لوسى والفنانة صابرين.. ومئات العوالم فى الخمسينيات من القرن الماضى. وتعود ملكية العمارتين لرجل فلسطينى هاجر من فلسطين أيام العدوان الإسرائيلى عليها قادمًا للقاهرة واستوطن بها، وأطلق هذا الرجل على العمارتين اسمى «حيفا ويافا» لكى تذكراه بوطنه الذى هاجر منه، وتتكون كل عمارة منهما من عدة أدوار، كل دور به 8 وحدات سكنية، عبارة عن غرفة وصالة وحمام. «البوابة» التقت عددا من سكان العمارتين، يقول عم «إبراهيم» صاحب مطبعة فى عمارتى «حيفا ويافا»: كانت أصوات الموسيقى ومزاح وضحكات أهل الفن والعازفين تنطلق من هاتين العمارتين، لكن الآن تغيرت الأحوال كما تغير السكان أيضًا، فأصبحت الشقق خالية من الفنانين والراقصات، وتحولت إلى محلات تجارية وورش طباعة للورق والرسومات، وكذلك ورش لعمل الأختام، مضيفًا أن هناك بعض الأدوار كشقق سكنية. وأضاف عم «إبراهيم» أن السبب الرئيسى فى هجرة العمارتين يعود إلى وفاة معظم الراقصات، واعتزال الآخرين بعد أن وصلوا لسن الشيخوخة، مؤكدا أن العمارتين الآن خاليتان من أى راقصة أو متعهد أفراح. موضحًا أن معظم المحلات والمطابع والورش تم تأجيرها بالقانون القديم، وأن أصحابها لا يسألون عليها منذ فترة طويلة. فى الدور الخامس تجد «الحاجة كوثر» التى تسكن فى العمارتين منذ أكثر من 50 عاما، فتقول: أنا من سكان عمارات العوالم، تزوجت بها وأعيش فيها منذ أكثر من 50 عاما، عاصرت الفنان محمد الحلو وعمره لا يتعدى 12 عاما، كنا نسمعه وهو يغنى أثناء طلوعه ونزوله على سلالم العمارة، وكنا نستمع لصوته الجميل فى إحيائه لحفلات ميلاد أطفال العمارة، كان يعيش الفنان محمد الحلو فى غرفة وصالة ومع أسرته، وبعد شهرته باع شقته لأحد تجار الموبيليا. وأضافت «الحاجة كوثر» أن الفنانة لوسى عاشت معنا هى ووالدتها التى كانت تعمل راقصة أيضا، وكانتا تتعاملان بأحسن معاملة مع السكان وأتت بعدهما، عالمة أفراح زوبة جنزورة، مؤكدة أن حال العمارتين اليوم يرثى لها بعدما تحولتا لمقالب للقمامة، ومرتع للحشرات الزاحفة بعد وفاة مالكهما الأصلى، ولا أحد يسأل عن السكان. وقال الحاج «محسن الأحمر» صاحب محل آلات موسيقية بعمارتى حيفا ويافا، إن والده كان يسكن فى هذه العمارة وبعد وفاته اضطر إلى العمل بالتجارة لمساعدة أسرته كونه أكبر أشقائه والعائل الوحيد لهم، مؤكدًا أن حركة البيع والشراء قلت عن الأعوام الماضية. مضيفًا أن عمارتى حيفا ويافا كانتا أفضل حالا أيام العوالم، حيث كانا نظيفتين، ويحضرهما أهل الفن وكبار المثقفين، وكانت الفتاة التى تتزوج وتسكن فى عمارات العوالم يحسدنها صديقاتها، لكونها تعيش وسط أهل الفن.