على مدار أيام الشهر الفضيل نصطحبكم فى رحلة عطرة، نغوص خلالها فى تاريخ الأسرات المصرية القديمة.. لنرصد كيف بدأت عبادة التوحيد، وكيف آمن الفراعنة بالإله الواحد، فالمراجع تعددت والكتب سُطرت فى إيمان الفراعنة، ولكن بين أيدينا وعلى مدار الشهر كتاب «قدماء المصريين أول الموحدين» للدكتور نديم السيار، والذى بحث ودقق ليصل إلى حقيقة ثابتة، وهى أن قدماء المصريين أول من قال «لا إله إلا الله». عاش الحكيم الصعيدى «أمينموبى» فى جنوب مصر، فى عصر الأسرة ال 20، أس أنه سبق عصر الحكيم لقمان ببضع سنوات، وقد كتب هذ الحكيم الموحد مجموعة من المواعظ والأمثال، بعنوان تعاليم من الحياة أو «سبايت. م. عنخ»، ومن أبرز وأشهر مقولات وتعاليم الحكيم أمين موبى، «الكمال ل«الله» وحده، والعجز من صفة الإنسان، «سبّح الله وأعص الشيطان»، «لا تُظهر أمام الناس غير ما تُبطن، واجعل ظاهرك كباطنك، فإن الله يبغض الكذوب المخادع»، «إذا أذل الغنى فقيرًا، أذله «الله» فى هذه الدنيا، وأذاقه عذاب النار فى الآخرة»، أجتنب سيء الخلق فإنه أحمق ممقوت من الله، لا تسرق مال غيرك، لئلا يقبض الله روحك فى لمحة بصر، ويُبدد أموالك، ويخرب بيتك، ويجعلك عبرة لمواطنيك، ولا تُغالط زميلك أو شريكك فى الحساب، فيبغضك الله، وتشتهر بالغدر والخيانة، ليس شيء كامل أمام الله، لا تقل: أنا خالٍ من الذنوب، فإن الله وحده هو الذى يعرف المذنب والبريء، لتكن راضيًا بما يُعطيه الله، ما تفعله ظالمًا، لا يبارك الله لك فيه، إن الإنسان ليس سوى طين، والله صانعه، والله يبنى يومًا ويهدم يومًا، وجه حياتك.. بحيث إذا ما جاءك اليوم الذى تحل فيه فى مملكة الأموات، ارتحت فى يد الله راضيًا سعيدًا. ورصد الدكتور عبدالعزيز صالح، فى كتابه التربية والتعليم فى مصر القديمة بعض من أقوال الحكيم أمين موبى والتى تُبين مدى إيمان الحكيم المصرى القديم، وتمسكه بالتوحيد، حيث يقول: لا تقضِ الليل متخوفًا من الغد، فما يعلم إنسان ما سيكون عليه ذلك الغد، والله دائمًا فى حُسن تدبيره، الإنسا دائمًا فى مأمن فى يد الله»، ومن أقواله أيضًا: «إنك لا تعلم تدبير الله، وإنك لا تدرك الغد، ضع نفسك بين يدى الله، إلى أن يهدم الله أعدائك بسبب صبرك، العدالة هبة عظيمة من الله، يهبها من يشاء، إن المكيال الذى يعطيكه الله، خير لك من خمسة ألاف تكسبها بالبغى، الفقر مع القناعة والرضا، عند «الله» خير من من الثروة المغصوبة بالعدوان المكدّسة فى الخزائن، إن الله يمقت الرجل صاحب القول الكاذب، وأكبر ما يمقته، الرجل ذو القلبين، إن الله يحب الذى يدخل السرور على الرجل المتواضع «الفقير»، أكثر من الذى يحترم الرجل العظيم، ما فائدة الملابس الجميلة إذا كان الإنسان باغيًا أمام الله؟». ومن ينظر فى تعاليم أمينموبى يجده ذكر أسم الله الواحد، وهذا ما جاء مطابقًا لتعاليم الدين الإسلامى، مما يدل على أن «أمينموبى» كان لا يؤمن إلا ب»إله واحد»، وذلك هو أحد حكماء مصر القدماء، والذى يتضح من تعاليمه أن كان فى قمة التدين والورع والتقوى، وهى سمة كل الحكماء فى أرض الحكماء، وما أكثر حكماء كنانة الله، فى أرض الله، ومنارة الإيمان، لكن التوحيد فى مصر كان أقدم من ذلك العصر أيضًا، فلنرجع إلى الوراء قليلًا إلى عصر الأسرة ال18 لنتعرف على «إخناتون» أحد كبار الموحدين، ولكن فى الحلقة المقبلة.