يبدأ تصويت المصريين في الخارج على مشروع الدستور الجديد قبل نحو أسبوع من موعد إجراء التصويت في مصر، حيث يبدأ تصويت المصريين في الخارج يوم الأربعاء المقبل الموافق 8 يناير الجاري، ويستمر لمدة خمسة أيام حتى يوم 12 يناير، وبالرغم من طول مدة التصويت إلا أنني أتوقع ضعف الإقبال على المشاركة بالمقارنة بانتخابات الرئاسة وانتخابات مجلس الشعب السابقتين، وذلك بسبب قيام اللجنة العليا للانتخابات بإلغاء التصويت البريدي. إلغاء التصويت البريدي سيحرم نسبة كبيرة من المصريين المسجلين في كشوف القيد بالخارج من المشاركة في الاستفتاء، لأسباب عديدة تتعلق ببعد المسافة بين أماكن إقامة المصريين ومواقع القنصليات المصرية، وكذلك لظروف الطقس القارس في بعض البلدان والظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها بعض المصريين في الخارج، فعلى سبيل المثال سيحتاج بعض المواطنين إلى السفر لمدة قد تصل إلى ستِّ ساعات للانتقال من الولايات التي يقيمون فيها إلى أماكن تواجد القنصليات المصرية الخمس في الولاياتالمتحدةالأمريكية، ونفس المشكلة سيعاني منها المصريون في كندا واستراليا، وعمليا يعني ذلك تكلفة قد تصل إلى أكثر من مائتي دولار للذهاب إلى اللجنة والمشاركة في التصويت، في حين لا يتكلف ثمن التصويت عبر البريد أكثر من قيمة إرسال الخطاب وثمن طابع البريد، والمشكلة تتكرر - ولكن بدرجة أقل في بقية البلدان سواء الأوروبية أو العربية، فسيحتاج البعض ربما للسفر باستخدام المواصلات أو السيارة من مدينة لأخرى لمدة ساعة أو ساعتين، وهذا سيؤثر في النهاية على النسبة الكلية لعدد المشاركين في الاستفتاء من المصريين بالخارج. بالطبع يمكن تفهّم مخاوف اللجنة العليا للانتخابات، وخاصة بعد ورود شكاوى في بعض الدول الخليجية من اختراق منظومة البريد بها بغرض مساندة أحد المرشحين في الانتخابات الرئاسية السابقة، ولكن لا يعني ذلك إلغاء نظام التصويت عبر البريد ككل، ما يحرم آلاف المصريين من المشاركة، وكان لا بدّ من توفير ضمانات أكثر شفافية لمراقبة إجراءات التصويت بدلا من إلغاء الخدمة ككل. وبالنسبة لمشكلات تصويت المصريين في الخارج أيضاً، فلم تكن قاصرة على التصويت البريدي، بل كانت هناك مشكلات أخرى داخل لجان التصويت ومشكلات تتعلق بكشوف الناخبين وأخرى تتعلق بالفرز وميول بعض الموظفين في السفارات لتأييد مرشح أو حزب بعينه، وكان يمكن أن يتم حل معظم هذه المشكلات إذا ما كان هناك إشراف قضائي حقيقي داخل هذه اللجان، وهو أمر لم يكن بالصعب عمليا، خاصة وأن الانتخابات تنتهي في الخارج قبل أيام من إجرائها داخل مصر، وبالتالي فلن يكون توفير نحو 400 أو 500 قاض للإشراف على هذه اللجان أمرا صعبا، لكن يبدو أن المشكلة تتعلق بغياب التخطيط وغياب الإرادة السياسية.