تتوجه الدولة نحو فتح منافذ تمويلية جديدة ودعم الاقتصاد، عبر المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، بجانب التمويل المصرفى، والذى يسير بشكل بطيء خلال المرحلة الحالية. وأكد خبراء اقتصاديون، على أن الأدوات المالية غير المصرفية قادرة على تحقيق نمو كبير فى المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، والتى تعجز البنوك عن تلبية احتياجات بعضها، ورفض تمويل البعض الآخر، وذلك من خلال استخدام التوريق والتخصيم والتأجير التمويلي، مع التأكيد على ضم هذه الأدوات داخل مبادرات التمويل لتحقيق تكلفة منخفضة. قالت شاهيناز عبداللطيف، مدير معهد الخدمات المالية، التابع للهيئة العامة للرقابة المالية، إن الأدوات المالية غير المصرفية مناسبة لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر وتساعد على نمو المشروعات دون تحمل أعباء مالية. وأضافت أن خفض الفائدة يعد قرارًا إيجابيًا بالنسبة للمستثمرين، الذين عانوا من ارتفاع تكلفة الاقتراض على مدار العام الماضي، الأمر الذى قد يعنى زيادة متوقعة فى الطلب على التسهيلات الائتمانيةً للأدوات المالية غير المصرفية، مثل التأجير التمويلى والتخصيم بصفة خاصة للمشروعات متناهية الصغر، والصغيرة، والمتوسطة وكذا التشجيع على التوسع فى الاستثمارات، مما يفتح آفاقًا جديدة للاستثمار المحلى والأجنبى. وأكدت عبداللطيف، أن مشكلة الأدوات المالية غير المصرفية تتمثل فى أن معظمها يعتمد على الاقتراض من البنوك، مثل شركات التأجير التمويلي، التى تقترض من البنوك ثم تقوم بتمويل عملائها، ومع ارتفاع سعر الفائدة فإن التمويل الذى يصل إلى المشروعات الصغيرة أصبح مكلفًا جدًا. وأوضحت، مدير معهد الخدمات المالية، أن الفائدة المرتفعة تؤدى إلى عدم وجود رغبة فى الإقراض، نظرًا لارتفاع التكلفة، وبالتالى يمثل عائقًا أمام التمويل، فهناك عدد من الأدوات المالية غير المصرفية من ضمنها التأجير التمويلى يقوم بتخفيض قسط من الوعاء الضريبى للعميل مقابل الفائدة، إلا أن الوصل الضريبى الذى يعده العميل لا يضاهى سعر تكلفة الفائدة المرتفعة، وبالتالى حصول الشركة على إقراض مرتفع، ومن ثم تقوم بإقراضه فى شكل تأجير تمويلى ستكون تكلفته مرتفعة. وتابعت عبداللطيف، أن بعض الشركات استفادت من مبادرة البنك المركزي، والبعض الآخر من الشركات لم يستفد منها، لأنه لا يتناسب مع احتياجاتها، مما خلق فجوة كبيرة فى تكلفة الإقراض، فالتأجير التمويلى كأداة مالية له ميزة نسبية من حيث التدفقات النقدية، حيث يتيح للعميل سداد دفعة مقدمة صغيرة بجانب منحة خصم ضريبي، ومن ثم يكون متناسبا مع المشروعات الصغيرة، إلا أن ارتفاع الفائدة سيضر بهذا النوع من التمويل. وقالت: إن التفاوت فى استفادة شركات التمويل التأجيرى من مبادرات البنك المركزي، سيخلق منافسة غير عادلة على هذا النوع، الذى من المفترض أنه مناسب لصغار المستثمرين والمشروعات متناهية الصغر، ومن ثم فهناك ضرورة لمعالجة هذه الثغرة، بمنح جميع الشركات تخفيضات للفائدة، سواء كان الحصول عليها من الجهاز المصرفى، أو عبر الأدوات المالية غير المصرفية من خلال الشركات الممولة. وأضافت عبداللطيف، أن انخفاض الفائدة سيفيد جميع الشركات العاملة، خاصة أن هناك العديد من الشركات أوقفت خطوط إنتاج بسبب ارتفاع تكلفة التمويل، خاصة وأن نحو 90% من الشركات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، فالأدوات المالية غير المصرفية مثل التوريق، والتخصيم، والتمويل العقاري، والتأجير التمويلي، هى مستقبل التمويل فى مصر لأنهم يقومون على التدفقات المالية من العقود الآجلة والمستقبلية وأن تكون هذه التدفقات ناتجة من الأصل. من ناحيته، توقع خليل البواب، الرئيس التنفيذى لقطاع إدارة الأصول ببنك الاستثمار هيرميس الآلية القابضة، أن يستهدف البنك المركزى خفض الفائدة بنحو 3% فقط خلال العام الجارى 2018، وذلك بهدف الحفاظ على الاستثمارات الأجنبية ومن ثم دعم الاحتياطى الدولاري. وأضاف أن الاستثمارات فى أدوات الدين خلال 2017، بلغت نحو 1.7 ترليون جنيه، منها استثمارات أجنبية بقيمة 20 مليار دولار، مشيراً إلى أن الأدوات المالية غير المصرفية تمثل عامل جذب كبيرا للاستثمارات الأجنبية، سواء فى سوق الأوراق المالية أو أدوات الدخل الثابت. ومن جهته، أوضح مجدى العشماوي، العضو المنتدب لقطاع الفروع ببنك مصر إيران، أن أسعار الفائدة تؤثر على الإقراض والخصم بشكل كبير. وأضاف، أن العقود طويلة الأجل كالتأجير التمويلى والتخصيم تكون محددة المدة وأسعار الفائدة ومنها ما يصعد وينخفض طبقًا لسعر الفائدة، أما التسهيلات التأمينية فتكون بحسب أسعار الفائدة التى يطبقها البنك المركزى شهريًا، فالبنك المركزى يستخدم الفائدة لاستهداف التضخم، لكن هناك أنشطة تتأثر بالسلب كالأنشطة التجارية التى تفضل الاستثمارات الأجنبية الأمنة حتى تراجع سعر الفائدة. وأوضح العشماوي، أن ارتفاع الأسعار فى الوقت الحالى قد يكون عاملاً مناسباً لسداد الالتزامات الحكومية خاصة لشهادات الاستثمار والديون الخارجية، مشيرا إلى أن الإجراءات البنكية قد تكون عائقا أمام منح العديد من التمويلات، خاصة أن غالبية الاقتصاد المصرى غير رسمى ومن ثم لا يستطيع الاستفادة من التمويلات. ولفت إلى أن هناك شركاء كثر يلعبون فى السوق النقدى فى مصر، وهذا يظهر عجز البنوك على تغطية السوق بشكل كامل، ومن ثم يجب عليها التوسع فى تمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر وتسهيل إجراءات هذه التمويلات. ومن جهته، يقول محمود جبريل، نائب رئيس الجمعية المصرية للتمويل والاستثمار، إن هناك اتجاه من الدولة نحو تنويع التمويل عبر استخدام الأدوات غير المصرفية، وهذا ظهر فى استحداث أدوات مالية جديدة مثل الصكوك بجميع أنواعها من مشاركة وإيجار، بجانب إنشاء بورصة للمشتقات والسلع. وأضاف النجار، أن الأدوات المالية غير المصرفية تعمل على توسيع المجال الاستثمارى لاستيعاب تمويلات كبيرة عبر التخصيم والتوريق والتأجير التمويلي، تحت رقابة كبيرة من الهيئة العامة للرقابة المالية، لافتاً إلى أن الأهم هو إيجاد مصدرين لهذه الأدوات، خاصة أن تكلفة التمويل فيها منخفضة مقارنة بالبدائل التمويلية التقليدية الأخرى. وأشار إلى أن طبيعة الأدوات تقبل استثمارًا بأقل من متوسط التكلفة العادية، وبالتالى ستحدث إنعاشاً للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، ومن ثم انعكاس ذلك على الاقتصاد ككل. ولفت النجار إلى أن نشر استخدام هذه الأدوات يتوقف على مدى الوعى الثقافى لها بين المستثمرين وتوجه المصدرين نحو إصدار هذه الأدوات مع انخفاض سعر الفائدة.