في إطار الجهود الفرنسية المستمرة وامتدادًا لسلسلة من الاجتماعات الدولية عقدت بمبادرة من فرنسا لتوفير الدعم للقوة الإفريقية المشتركة "چي5" والمؤلفة من قوات من جيوش مالي وموريتانيا والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد، يشارك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الجمعة بالعاصمة البلجيكية "بروكسل" في مؤتمر دولي لحشد المزيد من الموارد لدعم هذه القوة. ويقوم هذا المؤتمر -الذي يشارك فيه ممثلو نحو 30 دولة- على ثلاثة أهداف وهي: مساندة القوة الإفريقية ودعم عملية السلام في مالي باعتبارها مفتاح تماسك مجموعة الساحل الخمس بالإضافة إلى الاهتمام بالتنمية من خلال مبادرة التحالف من أجل الساحل لإحداث التوازن بين الجهدين العسكري والتنموي. وأكد مصدر بالرئاسة الفرنسية اليوم الأربعاء أنه تم جمع، حتى الآن، أكثر من 250 مليون يورو بفضل الوعود المالية لعدد من الدول وان المستهدف هو تخطي حاجز 300 مليون يورو والعمل من أجل الحصول على تمويل إضافي من الاتحاد الأوروبي ومن الدول الأعضاء. ونبه إلى أن التحدي الأكبر يكمن في استمرارية الدعم إذ إنه حتى الآن لا يوجد آلية مستدامة تلقائية للتمويل كما هو الحال لقوة الاتحاد الأفريقي في الصومال على سبيل المثال. وأشاد المصدر باتساع التحالف من أجل الساحل مؤخرًا ليشمل شركاء آخرين مثل إسبانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة، مضيفا أن مشروعات سيبدأ تنفيذها في الأسابيع القادمة ومنها مشروع برأسمال 10 ملايين يورو سيعلن الرئيس ماكرون انطلاقه في منطقة موبتي بوسط مالي في مجال التعليم والإدماج المهني. وأشار أيضًا إلى تحديد 400 مشروع بقيمة 6 مليارات يورو يخطط لتنفيذها في المناطق الأكثر فقرًا في الساحل التي يمكن أن تتمركز فيها المجموعات الإرهابية وذلك خلال الفترة 2018-2022. ويسعى التحالف-الذي يضم الشركاء الرئيسيين في المجال الإنمائي المتعددي الأطراف والثنائيين لدول منطقة الساحل- إلى توجيه أنشطته نحو خمسة قطاعات رئيسة، وهي: توظيف الشباب، والتعليم والتدريب، والزراعة والتنمية الريفية والأمن الغذائي، والطاقة والمناخ، والحوكمة، واللامركزية ودعم توفير الخدمات الأساسية. وفيما يتعلق بالدعم العسكري الفرنسي للقوة الإفريقية، قال المصدر إنه يتم بأشكال متعددة منها التدريب والمساندة العملياتية وتوفير معدات بلغت قيمتها حتى الآن 9 ملايين يورو، مؤكدًا أن جهود الرئيس ماكرون لدعم جاهزية القوة الإفريقية المشتركة (التي ستتألف من 5000 آلاف جندي) خلال الأشهر الماضية ليس هدفها التمهيد لسحب قوة برخان الفرنسية لمكافحة الإرهاب المنتشرة في منطقة الساحل منذ أغسطس 2014 بل لإعادة توجيه عملها لإعانة القوة الإفريقية على الاضطلاع بمهامها. وأضاف أن فرنسا تسعى أيضًا لزيادة بنسبة %40 المخصصات المالية لصالح المشروعات الانمائية في السنوات الخمس القادمة وهو ما يمثل 1.2 مليار يورو خلال هذه الفترة وذلك في صورة مساعدة ثنائية ومتعددة الأطراف. واعتبر المصدر أن المشاركة غير المسبوقة المنتظرة في مؤتمر بروكسل الجمعة تعكس وعيًا متزايدًا بأهمية منطقة الساحل لتحقيق الاستقرار الجيوسياسي بشكل عام لإفريقيا وأوروبا. وفي سياق متصل، كشفت مصادر متطابقة أن الاتحاد الأوروبي سيعلن في اجتماع بروكسل الجمعة عن زيادة دعمه لقوة مجموعة الساحل الخمس من 50 إلى 100 مليون يورو. وجمعت القوة الإفريقية المشتركة حتى الآن نحو 280 مليون يورو (350 مليون دولار) إلا أنها تحتاج إلى مزيد من الموارد لزيادة عدد أفرادها إلى 5 آلاف جندي مدربين ومزودين بالمعدات والأسلحة اللازمة للسيطرة على المناطقة الساخنة. ويشارك في مؤتمر بروكسل نحو 18 رئيس دولة وحكومة أوروبيين وقادة مجموعة الساحل الخمس إضافة إلى نحو عشرة وزراء خارجية دول شريكة منها السعودية والمغرب وتونس والسنغال وجنوب إفريقيا والنرويج وإثيوبيا وتركيا. كما يشارك قائد القوة المشتركة رئيس أركان الجيش المالي سابقا الجنرال ديدييه داكو حيث سيقوم باستعراض التقدم الذي حققته القوة الإفريقية وكذلك العمليات المشتركة التي جرت في يناير الماضي بين الجيشين المالي والبوركيني بدعم من قوة "برخان" ومن بين المشاركين أيضًا سامبو سيدوكو الأمين العام الدائم لمجموعة الساحل الخمس الذي تم تعيينه خلال فبراير الجاري. يذكر أنه عقد، بمبادرة من فرنسا، خلال الأشهر الماضية العديد من الاجتماعات الدولية لدعم القوة الأفريقية المشتركة وكان ذلك في باماكو في 2 يوليو الماضي، وعلى هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك في 18 سبتمبر، وفي 29 نوفمبر على هامش قمة أبيدجان، بالإضافة إلى اجتماع باريس في 13 ديسمبر على مستوى القادة وأخيرًا في 15 يناير الماضي اجتماع وزراء الدفاع لقوة "جي 5" بباريس أيضًا برئاسة فلورنس بارلي وزيرة الجيوش الفرنسية. ويعقد مؤتمر بروكسل فى مقر المفوضية الأوروبية فى بروكسل قبل ساعات قليلة من القمة غير الرسمية لزعماء الاتحاد الأوروبى. ويذكر أن المملكة العربية السعودية من أكبر المساهمين، حيث وعدت بتقديم (100 مليون يورو) يليها الولاياتالمتحدة (60 مليون دولار) والاتحاد الأوروبي (49 مليون يورو) والأمارات (30 مليون يورو) بالإضافة إلى فرنسا (9 ملايين يورو) وكل من البلدان الخمسة المؤسسة ب (10 ملايين)، وهولندا (5 ملايين يورو). وشنت القوة الإفريقية المشتركة منذ اطلاقها في يوليو الماضي بالتنسيق مع قوة برخان عمليتين في منطقة "الحدود الثلاث" بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو والتي ينشط فيها بشكل خاص ما يسمى بتنظيم "داعش في الصحراء الكبرى" و"جماعة نصرة الإسلام والمسلمين". وتبنى تنظيم "داعش في الصحراء الكبرى" سلسلة هجمات ضد القوات المسلحة في المنطقة معلنا نيته بذل ما في وسعه لمواجهة القوة العسكرية المشتركة لدول الساحل الخمس. ومن المخطط أن تصبح القوة الإفريقية المشتركة، التي يوجد مقرها العام في سيفاري بوسط مالي، في حالة جاهزية تامة في منتصف العام الجاري حيث ستعمل بجانب قوة "برخان" الفرنسية ( 4 آلاف جندي) وقوات حفظ السلام الأممية في مالي "ميونسما" والتي تضم 12 ألف جندي.