فى عهد قداسة البابا كيرلس السادس (25 يونيو 1968)، قام الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بافتتاح الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، وهى الكاتدرائية التى ساهم فيها الرئيس بمبلغ 150000 جنيه. وها هو التاريخ يعيد نفسه اليوم، حيث يقوم الرئيس عبدالفتاح السيسى بافتتاح الكاتدرائية الجديدة فى العاصمة الإدارية فى عهد قداسة البابا تواضروس الثاني، وكان الرئيس السيسى أول المتبرعين لبناء الكاتدرائية وللمسجد الذى يجرى بناؤه بالعاصمة أيضًا. والكاتدرائية الجديدة أول كاتدرائية فى مصر باسم ميلاد المسيح (كريسماس) christmas و«mas» كلمة قبطية معناها «ميلاد» و«Christ» أى «المسيح». وتعد الكاتدرائية الجديدة أكبر كاتدرائية فى الشرق الأوسط، وتتميز بموقعها فى قلب العاصمة الإدارية الجديدة. حيث تسع الكنيسة الكبرى الموجودة بها حوالى 7500 شخص. بينما تستوعب الكنيسة الكائنة فى الدور السفلى (والتى أقيم بها قداس عيد الميلاد هذا العام) 2500 شخص. أما الكنيسة الثالثة فتسع حوالى 2000 شخص، هذا إلى جانب المقر البابوى وبضع مبانٍ للخدمات. ويذكر أن الكاتدرائية المرقسية بالعباسية تسع ل 4500 شخص. ونود أن ننبه فى هذا المقام إلى أن الكاتدرائية ليست مجرد مكان كبير ستتاح فيه فرصة للمسيحيين الأقباط أن يمارسوا عبادتهم فقط، إنما وجود الكاتدرائية تجسيد حقيقى لمبدأ المواطنة، بل وترسيخ قواعدها لدى جميع أفراد المجتمع المصرى، لهذا فقد فرح بتشييدها عموم المصريين. وهو ما رصدته وسائل الإعلام المختلفة بوصفه نموذجا مهما ومعبرا عن المواطنة. أما الزمن القياسى الذى تم فيه بناء الكاتدرائية فهو يكشف عن إرادة سياسية عبر عنها موقف الرئيس عبدالفتاح السيسى حين أوفى بوعده بإنجاز بناء وتجهيز الدور السفلى من الكاتدرائية لتكون جاهزة لصلاة قداس عيد الميلاد. وهو ما التزمت به الشركات المنفذة وآلاف العمال الذين ظلوا يعملون ليلًا ونهارًا لإتمام العمل. فى مشهد مصرى حضارى خالص، شهد له العالم. شكرا لكل من ساهم وأعطى ولكل من فكر وخطط ولكل من عمل وبذل ليرى هذا العمل النور. وليفرح به المصريون الذين يحتاجون إلى الفرحة، وإلى المزيد من الأعمال البناءة والتنمية المستدامة لمزيد من الازدهار والفرحة لمصر والمصريين. وانطلاقا من هذه الرؤية لا بد أن نسلط الضوء أيضًا على تاريخ يتجدد.... فما حدث فى تكاتف أهل حلوان فى التصدى للإرهاب وحماية كنيسة الملاك وأيضا فرحة الشعب بالقبض على الإرهابى وسط التهليل والهتاف... إنه نموذج يجب أن نلقى عليه الضوء لأنه يعيد للأذهان صورة الشعب المصرى التى افتقدناها فترة ما.... وها هو التاريخ يعيد نفسه أيضا ويظهر المعدن الأصيل للشعب المصرى. ومن هنا لا بد أن نستنفر الصفات الأصيلة لدى المصريين؛ فنحن فى أشد الاحتياج الآن لها لمواجهة التحديات التى تقابلنا كمصريين وإن لغد مشرق بإذن لله.