تستاء الأمهات والآباء من عناد أطفالهم، ويبذلون قصاري جهدهم للحد من سلوكياتهم العنيدة، باتباع أساليب صحيحة وأخرى خاطئة، لكن خبراء التربية وعلم النفس يرون أن الطفل العنيد، طفل ذو إرادة قوية، مهما شكل الأمر صعوبة على أسرته. وأثبت علم النفس التربوي بعام 2015، حسب دراسة امتدت لأربعين عامًا على أكثر من 700 طفل ونشرت في the Development Psychology journal، قامت الأبحاث بتقييم الجوانب اللا إدراكية لهؤلاء الأطفال منذ الصغر؛ مثل كسر القواعد، وتحدي الأطفال لأهلهم، وغيرها من مظاهر عناد الأطفال لذويهم. واستمرت الدراسة في رصد هؤلاء الأطفال حتى تجاوزت أعمارهم ال 50 عامًا، لتخرج لنا بهذه النتيجة: أنهم الأكثر نجاحا وقوة إرادة وتميزا في سوق العمل مقارنة بأقرانهم. ويعتبر علم النفس الطفل العنيد هو الأكثر نجاحا. ينظر علم النفس -وحسب مقالة نشرت في psychologytoday- لعناد الأطفال على أنه أهم الأسس الإيجابية لتكوين شخصية الطفل. * الطفل العنيد هو شخص لديه إصرار قوي، ويستطيع تحدي المشاكل التي تقابله والعمل على حلها. * تمسكه بما يؤمن به يقوده للتفرد في المراهقة، فلا نجده يخضع لأصدقاء السوء. * نقاشاته الكثيرة ودفاعه عن آرائه يولّد لديه اعتزاز بالذات، وثقة عالية بالنفس (بشرط أن يتعامل معه الأهل بشكل سليم في الطفولة). * يتسم الطفل العنيد أيضا بقوة الإرادة. فهو لديه طاقة كبيرة تساعده على تحدي العقبات التي تواجهه للوصول إلى ما يريد. وإذا ما تمت تربيته بشكل واعِ فإن هذا العناد يؤهله للنجاح والتميز وتحقيق أهدافه في المستقبل. * الطفل ذو الإرادة القوية (العنيد) لديه مهارات التحفيز والتوجيه الذاتي، ويستطيع مقاومة الضغوطات الخارجية التي تُمارَس عليه. * هذا الطفل من أكثر الأشخاص استجابة لفعل الصواب، حتى وإن اضطر لفعله منفردًا. مما يجعله شخصيا صالحا نزيها في المستقبل. ولكي نفهم أكثر عن عناد الطفل يجب الاجابة علي عدة أسئلة: كيف يشعر الطفل العنيد (ذو الإرادة القوية)، ولماذا يلجأ إلى التحدي والعناد؟ وماذا يحرك سلوكه؟ دوافع خفية لدى الطفل ينتج عنها العناد: * الحاجة للشعور بالتقدير. * الرغبة في الحصول على الحب غير المشروط من الأهل. فهو يخشى أن يسبب عناده وجداله الدائم رفض الأهل له. * الطفل العنيد هو فقط يتبع مشاعره حيث أنه يثق كثيرا في قناعاته ويعتز جدا بأفكاره ويسير وراءها. * يسعى لتأكيد ذاته والشعور بالاستقلالية. * الرغبة في السيطرة. * الرغبة في الشعور بالاحترام، فهو يرى أن كرامته قد ضعفت ونقصت إذا ما تم إجباره على فعل شيء ما. وكقانون عام للنفس البشرية فلا أحد يحب أن يُملى عليه ما يفعل. أما الأشخاص ذوو الإرادة القوية (العنيدين)، فيعانون ويتألمون عندما يُفرض عليهم ما يفعلون. لذا فإن بعض الآباء يؤذون أطفالهم بشدة دون وعي منهم بذلك، حينما يتعاملون مع هؤلاء الأطفال بشكل غير واعِ وأساليب خاطئة تؤدي لتدمير هذا الطفل، وفقدان كل المميزات السابقة في شخصيته. من تلك الأساليب التي يجب الامتناع عنها تماما: * الرغبة في كسر عناد الطفل.. على الأهل أن يقاوموا تلك الرغبة لأنهم في ذات الوقت الذي يكسرون فيه عناد الطفل، يكسرون ويهدمون إرادته. * إرغامه على الطاعة. فإذا نجحوا في ذلك صنعوا شخصية منساقة تطيع الأقوى، وترضخ لأصحاب السلطة. * رفض نقاشاته وعدم المداومة على الحوار.. مما ينتج عنه شخصا ضعيف سهل التأثير عليه، يطيع دون أن يفكر، ولا يعرف كيف يقيّم من حوله وبمن يثق. * مقابلة عناد الطفل بعناد من الأهل.. مما يؤدي لتمرد هذا الطفل وتحوله إلى شخص يؤذي حتى نفسه ليثبت فقط أنه على صواب. * جميع أنواع العنف حتى ولو بالصوت.. تؤدي لكسر هذا الطفل وقهره وتحويل كل مميزاته لعناد سلبي قبيح. * أيضا التدليل والاهتمام الزائد من قبل الأهل.. يجعله يشعر أنه مميز عن باقي البشر مما يفسد سلوكه. العناد صفة إيجابية هامة وبدون عناد كان هذا الكوكب سيخلو من الاختراعات الهامة والأشياء العظيمة. على الأهل أن يتبعوا الأساليب النفسية والسليمة للتعامل مع عناد أطفالهم إذا أرادوا أن ينعموا بتلك الإيجابية.