ذكرت صحيفة "سلات فرانس" في مقال مطول لها أنه: كي نفهم الأزمة السياسية التي تعيشها أوكرانيا في الوقت الحالي، فعلينا أن نتطرق إلى تاريخها الديني كي تصبح الأمور واضحة بعض الشيء. ما بين صلبان وأيقونات دينية وخيمات على شكل كنيسة وصلوات وقسم بابوات، يبدو أن تظاهرات المعارضة في أوكرانيا تعكس الدور السياسي الذي تريد أن تلعبه الكنائس ضد الحكومة الموالية لروسيا. وبينت الصحيفة أن أوكرانيا تعيش أزمة سياسية طاحنة في الوقت الحالي، يجابهها أزمة دينية طاحنة أيضاً، غير أن هذه الأزمة الدينية قديمة منذ قرون، فهناك مذهبان مسيحيان في أوكرانيا، المذهب الأرثوذكسي الموالي للحكم في روسيا، والمذهب الكاثوليكي الموالي للكنيسة في أوروبا، مشيرة إلى أن الدين في أوكرانيا ظل ضمن الصراع الذي شهدته بين الشرق والغرب. وتابعت الصحيفة بالقول إن الكنيسة الكاثوليكية في أوكرانيا، إضافة إلى إحدى الكنائس الأرثوذوكسية المنفصلة تحشد الجماهير من أجل إجبار الرئيس الحالي فيكتور لانوكوفيتش على التخلي عن الحليف الروسي والاتجاه إلى الاتحاد الأوروبي. وبينت الصحيفة أنه خلال الثورة "البرتقالية" في 2004 دعمت الكنيسة الكاثوليكية المرشح الموالي للغرب " فيكتور لوتشنكو" ضد المرشح الموالي لروسيا "فيكتور لانكوفيتش"، غير أن هذا الأخير تمكن من الفوز. وتستكمل الصحيفة: أما في الشرق، فهناك الكنيسة الأرثوذكسية الرسمية، والموالية للكنيسة في روسيا، فقد كانت من أكبر الدعامات التي أوصلت "لانكوفتش" للرئاسة. منذ استقلال أوكرانيا، وموسكو بذلت كل شيء كي تبقي الكنيسة الأوكرانية مرتبطة بالكنيسة الروسية، غير أن أحد هذه الكنائس الأرثوذكس قرر الانفصال وإعادة رجال الدين من أصول روسية إلى بلادهم، بينما ظلت علاقة الكنيسة الروسية باردة مع الكنيسة الكاثوليك الموالية للغرب. ولأن أوكرانيا نقطة التقاء الغرب بالشرق، بالإضافة إلى كونها أكبر الشعوب الأوربية فإن هناك منافسة كبيرة بين هذه الكنائس نتج عن ذلك تدخل هذه الكنائس في الدين، فبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية اتهم الاتحاد السوفيتي الكنيسة الكاثوليك بالتعاون مع النازيين الألمان وتشجيع مطالب الوطنيين ضد النظام الشيوعي وأصدر ستالين قرارا بحلها، كما أن الكنيسة الأرثوذكسية أيضاً تعرضت للعقاب أيضاً وتم إجبار باباواتها إلى إعادة تأهيل في الكنيسة في موسكو، بل وربط الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية بالكنيسة الروسية، وهذا ما أدى إلى تظاهر البباوات ضد هذا التعسف الذي قوبل بإلقاء القبض عليهم وتعذيبهم وقتل بعضهم. ولفتت "سلات فرانس" إلى أن الكنيسة الكاثوليكية تلعب دورا كبيرا خلال التظاهرات الحالية التي تشهدها أوكرانيا، خاصة وأن الموالين لها يزيدون عن 6 ملايين شخص، أغلبهم يعيشون في غرب أوكرانيا، حيث تنطلق التظاهرات ضد النظام الحاكم الحالي.