يتّفق خبراء علماء النفس على أن مرض الاكتئاب يصاحب المريض لفترات طويلة بدرجات متفاوتة، حيث تقوم أعراضه في الظهور والاختفاء وفقًا للظروف المحيطة بالمريض. ويعدّ الاكتئاب من أكثر الأمراض النفسية شيوعًا بين النساء. حيث تبيّن الإحصائيات الصادرة حديثًا عن «جمعية علم النفس الأمريكية» أن فرصة الإصابة بالاكتئاب تزيد في سن الثلاثين، وهو يصيب النساء ضعف الرجال. ويخلص الباحثون إلى أن الفترة التي تلحق فترة العلاج هامّة في سرعة العودة إلى الحالة الطبيعية بأمان وفعالية. تشير «المكتبة القومية الأميركية للطب» ومعاهد الصحة القومية إلى أن الاكتئاب مرض طبي يمكن إتمام علاجه عن طريق إجراء تغييرات في أسلوب الحياة، أو بأدوية مضادات الاكتئاب، أو العلاج المعرفي السلوكي. ولعلّ أكثر أعراض معاودة الاكتئاب شيوعًا، هي: حدوث تغييرات ملحوظة في الشهيّة وصعوبة في النوم أو النوم بكثرة والإرهاق والنقص في الطاقة والقابلية للاستثارة والصعوبة الشديدة في التركيز والقلق وسرعة الغضب. ويطرح علماء النفس، في هذا الصدد، مجموعة من الأسئلة التي تساعد في تحديد ما إذا كان المريض بعد مرحلة الاستشفاء أكثر عرضة للإصابة بانتكاسة الاكتئاب، أبرزها: - هل تشعر بالانكسار والكآبة بشكل قد يستمر لمدّة أسبوعين، على الأقل؟ - هل تعاني من صعوبة في النوم أو البقاء نائمًا لفترة أطول من الطبيعي أو المعتاد، على فترات متقطّعة؟ - هل تعاني من رغبة عارمة في تناول المزيد من الطعام، أو فقدان شديد للشهية؟ - هل تعاني من صعوبة في التركيز وعدم القدرة على الإنجاز؟ - هل تشعر بالعجز، أو اليأس من الحياة بين فترة وأخرى؟ - هل تشعر بالثقل والملل تجاه أداء أنشطة يومية كانت عادةً ما تمنحك السعادة والشعور بالرضى؟ - هل ما زال تراودك أفكار بالهروب أو الانطواء أو الانتحار؟ - هل تعاني من انخفاض ملحوظ في الطاقة بدرجات متفاوتة؟ - هل تعاني من أعراض تتعارض مع طبيعة حياتك؟ ينصح بمعاودة استشارة الطبيب النفسي في حالة الإجابة ب 3 «نعم»، حيث قد تتشابه أعراض انتكاسة الاكتئاب مع بعض الحالات الطبية الأخرى، وبالتالي يكون الطبيب هو المسؤول عن التشخيص السليم للمرض والتوصية بالعلاج المناسب حسب كل حالة. الاكتئاب المزمن وقد اهتمّت دراسة أجريت في جامعة واشنطن بتحديد التالي: هل الإصابة بالاكتئاب تجعل المريض عرضة للإصابة به مرّة أخرى؟ وبعد متابعة 78 مريضًا خلال عامين من بدء الدراسة، خلص الباحثون إلى أن 34 من المشاركين في الدراسة أو 44 % يعانون من انتكاسات بعد فترة من انتهاء العلاج والتي تظهر في صور عدّة، أبرزها: - السلوك العدواني الذي يظهر في عدم الثقة والعداء تجاه الآخرين. - عدم الاعتماد على الآخرين وضعف التعامل معهم. - انخفاض مستويات السعادة المستمدّة من النشاطات التفاعلية أو الاجتماعية مع الأصدقاء أو العائلة. وقد قرّر الباحثون أن ظهور أي من هذه السمات أو إحداها، ربما يعرّض لخطر الاكتئاب من جديد والذي يطلق عليه اسم «الاكتئاب المزمن» Dysthymia. وتشير الأبحاث الصادرة عن «المعهد القومي للصحة العقلية»، في هذا الإطار، إلى أن الاكتئاب المزمن يحدث بشكل أكثر تكرارًا لدى النساء مقارنةً بالرجال، ويؤثّر على ما يقارب 5 % من إجمالي السكان حول العالم، وربما يحدث بمفرده أو مع اكتئاب أكثر حدّة. ويفرّق الباحثون بين أعراض الاكتئاب والاكئتاب المزمن، علمًا أن الأخيرة تشمل: الحالة النفسية السيّئة أو المزاج الحزين والإرهاق المزمن والانخفاض في تقدير الذات والإحساس بعدم القيمة. 10 خطوات لاستعادة التوازن النفسي بعد الاستشفاء وينصح الأطباء لاستعادة التوازن النفسي بعد الاستشفاء، ب: 1 المواظبة على ممارسة رياضة اليوغا مرّتين على الأقل أسبوعيًا، إذ تشير الأبحاث إلى فعالية اليوغا في استعادة التوازن النفسي من خلال استخدام قوى الجسد مع الشعور الذاتي. وعادةً ما تمارس اليوغا في الصباح أو في نهاية اليوم قبل النوم بساعتين. 2 طريقة الارتجاع البيولوجي: الارتجاع البيولوجي هو إحدى الطرق العقلية التي تستخدم قوى العقل في التحكّم بالضغوط النفسية ونشاط موجات المخ. ويقوم المعالج وفقها بإرشاد المريض من خلال سلسلة من التمرينات العقلية إلى التمرين الأفضل الذي ينتج عنه تغيير إيجابي في تخفيف مستويات الضغط وضبط موجات المخ. والجدير بالذكر أن طريقة الارتجاع البيولوجي تعطي المريض القدرة على إعادة التحكم في كيفية استجابة الجسم للمواقف المختلفة والذي يتأثّر سلبًا بالإصابة بالاكتئاب. 3 الانتظام في الخضوع إلى جلسة من التدليك العلاجي والتي تهدف إلى معالجة العضل والنسيج الضام لتعزيز الاسترخاء وتقليل الألم والتخفيف من التوتر وتحسين المزاج. وتفيد سلسلة من الدراسات، التي أجريت من قبل مدرسة الطب في جامعة ميامي، أن علاج الاكتئاب بالتدليك يخفّض من مستويات هرمون «الكورتيزول» لأكثر من 53 % من الحالات التي تعرّضت للاكتئاب. كما أنّه يزيد من نسبة «السيروتونين» و«الدوبامين» والناقلات العصبية التي تساعد في تقليل حدّة الاكتئاب. 4 يجدر بمريض الاكتئاب أن يبتعد تمامًا عن الحميات الغذائية القاسية والتي تفتقر إلى الكربوهيدرات التي تمنح الشعور بالسعادة. وفي هذا الصدد، يقول الباحثون إن الغذاء المتوازن المرتكز على إمداد المريض بالعناصر الغذائية، وخصوصًا الفيتامينات والمعادن والأحماض الأمينية يساعد في إتمام الشفاء وعدم العودة مجددًا لنوبات الكآبة والحزن وسوء المزاج 5 يعتقد الأطباء أن انتكاسات الإصابة بالاكتئاب ربما تكون مرتبطة بأنماط الفكر التي تظلّ موجودة في المخ حتى بعد مرحلة العلاج. وغالبًا ما تنتج هذه الانتكاسات عن التوقّف المبكر عن تناول مضادات الاكتئاب (العلاج الدوائي)، ما يلزم سرعة استشارة الطبيب المعالج قبل العودة إلى ذروة الاكتئاب من جديد. 6 المواظبة على التدريب الرياضي كعلاج مضاد للاكتئاب ومنع انتكاسة الاكتئاب. وتشير دراسة نشرت في مجلة الطب الداخلي لجامعة هارفارد الأميركية إلى أن التدريب الرياضي يمتلك نفس فعالية وتأثير أدوية مضادات الاكتئاب. وقد أجريت الدراسة على 156 شخصًا (رجال ونساء) ممّن يعانون من اضطرابات الاكتئاب وتمّ تقسيمهم إلى 3 مجموعات: تتبع المجموعة الأولى برنامج التدريب الهوائي كالركض والمشي، والثانية تتناول عقارًا مضادًا للاكتئاب، فيما تتبع الثالثة التدريبات اللاهوائية وأدوية مكافحة السموم. وقد خلصت الدراسة التي استمرّت 16 أسبوعًا، إلى أن أعراض الاكتئاب لم تعاود الظهور على 60 – 70 % من أفراد المجموعة الأولى وأن هؤلاء الأشخاص الذين يواصلون التدريب بعد الدراسة أقل احتمالًا لمعاودة الاكتئاب. 7 الابتعاد عن الأشخاص السلبيين بقدر الإمكان، سواء من كانوا ينتمون إلى محيط العائلة أو الأصدقاء أو العمل. وتبيّن الدراسات الحديثة أن مرضى الاكتئاب أكثر تأثّرًا من غيرهم بالآخرين، ما يجعل الأشخاص السلبيين بالنسبة لهم أداة لتثبيط الهمم وإضعاف القوى وبعث عوامل اليأس والعجز في نفوسهم من جديد. 8 تجنّب المزيد من المسؤوليات والاستعانة بجدول زمني: يعاني مريض الاكتئاب من إحساسه بعدم قدرته على إنجاز المهام أو تحمّل المزيد من المسؤوليات. ومن هذا المنطلق، ينصح خبراء علم النفس بضرورة وضع جدول زمني على أساس يومي أو أسبوعي يكون الغرض منه تنظيم الوقت ووضع المهام المراد إنجازها نصب العين، الأمر الذي يعمل على تحسين المزاج وزيادة التركيز لدى مريض الاكتئاب. 9 إعادة صياغة العالم من جديد بحيث يكون إيجابيًا وأكثر واقعية: تساعد هذه الطريقة على تفادي ظهور أعراض الاكتئاب من جديد، وذلك بالتحاور المفيد مع النفس، مثل: - أنا شخص قوي وذكي ومنتج، وأستطيع أن أقوم بالمهام الموكلة إليّ على خير ما يرام. - سينتهي الألم والتعب قريبًا، وسيأتي النجاح. - لن أسمح لأي شخص أن يثبط من عزيمتي أو يضعف من قوتي. 10 ترك العادات السيّئة كالتدخين والتخلّص من الصداقات التي تشجّع على التدخين كالجلوس مع أصدقاء مدخّنين. كما يجب الاهتمام بالفكاهة وقراءة أو مشاهدة برامج فكاهية تبعث على الضحك. وفي هذا الصدد، تؤكّد الدراسات الحديثة على أهمية الأجواء الفكاهية في مكافحة الاكتئاب ومعاودته من جديد.