رتب كافة الأوراق التي حصل عليها على حسب السيرة الذاتية المهنية لخيري بشارة، ابتداء من أسرته وطبيعتها الدرامية من حيث زواج والد خيري بأمه التي تزوجها بعد وفاة شقيقتها حبيبة والده الأساسية، والتي كانت مرجحة أن تكون أمه لولا موتها. ثم يدخل إلى باقي أسرته وتأثره بخاله كامل يوسف الممثل والمخرج المسرحي، كما يسلط الضوء على الطابع الأرستقراطي لجده والطابع البرجوازي لوالده. شكل صورة شاملة لبيئة خيري وانتقاله من القرية للريف كونت بداخله فيلما سينمائيا قبل أن يشرع في الإخراج السينمائي. واستعرض بعد ذلك مكاتباته لجريدة الأهرام وهو طالب في قسم الإخراج بالمعهد العالي للسينما، ليكشف من خلال هذه المراسلات عن موهبة أخرى يتمتع بها خيري بشارة، وهي موهبة الناقد السينمائي الذي يمتلك لغة وعبارات قوية ودقيقة يحلل بها الأفلام. وفي كتابه؛ أفرد «شوقي» مساحات واسعة لأفلامه التسجيلية الأولى التي وصّلته لأن يصبح أهم مخرج أفلام تسجيلية في مصر، لدرجة أن ينال جائزة الدولة التشجيعية ومنها أفلام: «صائد الدبابات»، و«يوميات طبيب في الأرياف»، و«طائر النورس». ثم يتقدم إلى أفلامه الروائية والتي يرصد خلالها نقطة تحول في الأسلوب وفي مفهوم الواقعية عند خيري بشارة تمثلت هذه النقطة في فيلم «كابوريا»؛ ومن بين الأفلام التي استفاض فيها الكتاب من خلال الوثائق والمقالات النقدية في الصحف كانت أفلام: «يوم حلو ويوم مر»، و«العوامة 70».. وغيرهما. وخلال هذا العرض للأفلام تتخلله آراء عدة لخيري بشارة في السينما وفي الحياة عموما، ومن هنا يتضح جهد الناقد مؤلف الكتاب بشدة في ترتيب هذه الأوراق بحيث تصبح متناسقة مع كل فترة زمنية يريد أن يتحدث بها في حياة خيري؛ فمثلا يحصل على صورة لحوار صحفي واحد ويجد في هذا الحوار جزءًا متعلقًا بأول أفلامه وجزءًا بأحدث أفلامه؛ فيتم تقطيع الحوار بحيث يذهب كل جزء بجوار الفصل المخصص له. ومن بين الآراء القوية التي أبرزها «شوقي» في الكتاب؛ طريقة خيري في كتابة النصوص السينمائية، فهو يرى أن القصة أو الفكرة هي التي كانت تأتي له وأنه لم يتعمد الذهاب إليها؛ حيث إنه في كل مرحلة كان الفيلم بالنسبة إليه احتياج أكثر من كونه صنعة، ويدلل على ذلك بفيلم «الطوق والأسورة» رواية الراحل يحيى الطاهر عبدالله؛ فيقول إنه قرأ الرواية؛ لأنه يحب القراءة لم يكن في نيته أن يبحث عن فيلم لكن الجانب التسجيلي فيها وحياة الريف والصعيد شدته وجعلته يفكر بنقلها إلى السينما. ثم يحكي قصة صداقته بيحيي الطاهر عبدالله فيقول إن التقاءه الأول به كان برفقة الشاعر عبدالرحمن الأبنودي وأمل دنقل، في إحدى الندوات، وكانوا يقرأون فيها مقتطفات من أعمالهم وتعمقت معرفته بيحيى عام 1975، وهي السنة التي كان يجهز فيها لفيلمه الروائي الأول «الأقدار الدامية»، وقرأ خلالها روايته فتأثر بها لدرجة أن روح الرواية ظهرت في فيلمه الأول ذلك، ومن هنا توطدت علاقته بيحيى الطاهر عبدالله، لدرجة أنه أقنعه أن يعمل معه في الفيلم كمشرف على الحوار بالإضافة إلى إسناد دور صغير إليه لكن يحيى الطاهر عبدالله عمل يومًا واحدًا، وبعد ذلك اعتذر بعد أن أقنعه أحد أصدقائه أن خيري بشارة يخدعه فالمبلغ الذي يتلقاه نظير هذا الدور زهيد للغاية فثار يحيى واتهمه بأنه يبيعه للتجار، ورغم ذلك المشاجرة الخفيفة إلا أن صداقتهم تعمقت أكثر حتى وفاة يحيى عام 1981. ومن بين الحوارات المرفقة حوار مع يوسف شاهين يتحدث فيه عن تأثر مخرجي الثمانينيات أمثال خيري وداود عبدالسيد ومحمد خان بلغته السينمائية؛ فيجيب «شاهين» بأنهم إذا كانوا مرتبطين بأفلامه فهو أيضا مرتبط بأفلامهم، مؤكدا أن لديهم شخصيات سينمائية خاصة جدا، لذلك يعد نفسه واحدا من المعجبين بأفلامهم وبخاصة خيري بشارة، والذي رأى نفسه في فيلمه «يوم حلو ويوم مر» ليقر في حواره بأن هناك بعض المشاهد تمنيت أن أقدمها. كان الناقد السينمائي أحمد شوقي حريصا على توثيق كل فقرة وكل عبارة إن كانت وردت في حوار أو مقال أو خبر صحفي أو تقرير واسم الجريدة أو المجلة أو الكتاب واسم كاتب المقال أو الخبر أو المحاور وتاريخه؛ وكان من أبرز من تعرضوا لتجربة خيري بشارة عبر مقالاتهم النقدية الناقد الراحل سمير فريد؛ والناقد اللبناني إبراهيم العريس.