«سيكون من الحكمة أن يرفض المسئولون الأمريكيون وأعضاء الكونجرس الأمريكى إجراء اللقاءات التى يطلبها دراج، فجماعة «الإخوان المسلمين» هى مجموعة دولية عدائية تسعى للإطاحة بالحكومات القائمة فى المنطقة، ويجب ألا تبدى واشنطن أى اهتمام بالسماح لها بإحراز نصر دعائى عبر مقابلة دراج خلال زيارته. وتتعدد الجهات التى يحرّض «الإخوان» على كراهيّتها. فمنظمة دراج معروفة بالتحريض ضد المجتمع المسيحى فى مصر، من خلال قيام «الإخوان» فى كثير من الأحيان بتقديم تبريرات للهجمات الإرهابية على الكنائس وغيرها من الأهداف المسيحية. كما يروّج «الإخوان المسلمون» لنظريات المؤامرة المعادية للسامية، وقد نعوا موت أهم الإرهابيين مثل أسامة بن لادن و«الشيخ الضرير» عمر عبدالرحمن، وطوّروا تفسيرات للشريعة لتبرير الهجمات الإرهابية على مجموعة واسعة من الأهداف. ويعكس هذا التعصب جدول الأعمال السياسى الطويل الأمد الخاص ب«الإخوان»، فهم يسعون للوصول إلى السلطة فى جميع بلدان الشرق الأوسط، ليوحّدوا بعدها هذه الدول تحت سيطرتهم ويعلنوا قيام «دولة إسلامية عالمية» أو خلافة جديدة. وفى الواقع، يُستبعَد جدًّا احتمال تحقق هذه الرؤية. فلم ينجح «الإخوان» فى السيطرة على مصر لأكثر من عامٍ واحد، لذلك فإنّ فرصتهم للهيمنة على المنطقة ضئيلة بالفعل. بيد أنّ «الإخوان» لا يرون الأمور على هذا النحو - فقد تم تلقينهم لكى يؤمنوا بأن منظمتهم ستحقق السيطرة على المنطقة، ويساوون هذه السيطرة مع انتصار الإسلام. وبالتالي، يعتبر «الإخوان» أن أى شخص لا ينتمى إلى صفوفهم - المسيحيون، اليهود، الغرب، المسلمون الذين يعارضونهم - هو من الأعداء الذين عليهم إما أن يخضعوا وإما أن يُهزَموا. ويقينًا، يعطى دراج صورةً مختلفة عن العديد من الشخصيات الإسلامية. فبعيدًا عن كونه شخصًا متشدّدًا ذا لحية طويلة، فهو مهندس يتحدث بلطافة ويحمل شهادة الدكتوراه من جامعة بوردو، وعمل لفترة وجيزة كوزير للتعاون الدولى أثناء فترة رئاسة زعيم «الإخوان المسلمين» محمد مرسي، الذى انتخب رئيسًا لمصر فى يونيو 2012. لكن سلوك دراج اللطيف يعطى انطباعًا خاطئًا عن دوره الأساسى فى أحد قرارات «الإخوان» الأكثر تعطشًا للسلطة - والتى تَبيَّن أنها مكلفة للغاية - خلال رئاسة مرسى التى دامت عامًا واحدًا. لقد شغل دراج منصب الأمين العام «للجمعية التأسيسية» التى يهيمن عليها الإسلاميون فى مصر، والتى توصلت بالقوة إلى التصديق على دستورها فى ديسمبر 2012. وقد أدّت الطريقة الإقصائية التى استخدمها دراج فى الإشراف على صياغة الدستور، واللغة المقيّدة للدستور المتعلقة بتفسير الشريعة الإسلامية، إلى تعزيز المخاوف الواسعة الانتشار من قيام «الإخوان» بفرض الثيوقراطية فى مصر، وساهمت فى التعبئة الجماهيرية ضد مرسى التى سبقت الإطاحة به فى يوليو 2013. وبعد الإطاحة بمرسي، هرب دراج إلى قطر، ثم إلى تركيا حيث أسس «المعهد المصرى للدراسات السياسية والاستراتيجية». ويعرّف المعهد نفسه على أنه مركز فكرى للدراسات العلمية، ولكنه غالبًا ما يروّج للتفسيرات العنيفة للنصوص الإسلامية. وفى أحد مقالات المعهد، على سبيل المثال، يقول أحد الكتّاب السلفيين إن الجهاد «إلزامى لإنهاء الفتنة والشرك والكفر على الأرض»، ويكتب أن بإمكان غير المسلمين اعتناق الإسلام أو العيش فى ظل الحكم الإسلامي، من خلال دفعهم «الجزية». وفى مقال آخر للمعهد، جمع أحد الشباب الإسلاميين مقتطفات من كتاباتِ الشيخ محمد الغزالي، يدافع فيها هذا الأخير عن «الواجب المقدّس للأمة الإسلامية المناضلة بالجهاد من أجل إصلاح أى نظام لا يتماشى مع تعاليم الإسلام»، ويُحذّر من التهديد المفترض من العلمانيين. وفى نص ثالث، يُفسّر أحد أعضاء «الإخوان» الجهاد على أنه كفاحٌ شامل للجميع بل عنيف ضد الاستبداد - مما يعنى صراعًا ضد الحكومة المصرية الحالية. (وقد كَتب ب «أن الثورات ضد القتلة والسفاحين لا يمكن أن تكون إلا حربية»). على المسئولين الأمريكيين وأعضاء الكونجرس، أن يأخذوا هذا التطرف فى عين الاعتبار عندما يطلب دراج عقد اجتماعات معهم خلال زيارته لواشنطن. وفى حين أن لِدراج مصلحة واضحة فى ممارسة الضغوط ضد الحكومة المصرية، يجب ألا يبدى المسئولون الأمريكيون أى اهتمام بإعطائه فرصة لإحراز نصر دعائى من خلال الترحيب به فى مكاتبهم. وهذا ما سيسعى إليه دراج على وجه التحديد. وفى السنوات الأخيرة، نشرت وفود «الإخوان» تفاصيل عن اجتماعات عقدتها مع مسئولين من الإدارة الأمريكية، كان من المفترض أن تكون غير رسمية، وبالغت فى وصف قدرتها على الوصول إلى الكونجرس، بما فى ذلك نشر صور ومقاطع فيديو لاجتماعاتها مع موظفى ال «كابيتول هيل» «الكونجرس الأمريكي». وبالفعل، يريد «الإخوان» أن يظهروا بأنهم يلقَون قبولًا لدى كبار المسئولين فى واشنطن، على الرغم من ترويجهم رؤية سياسية عدائية. على واشنطن أن ترد من خلال إيضاح إدراكها للمناصرة العنيفة التى يخفيها دراج إزاء قضيته، وأن تعيده إلى إسطنبول فارغ اليدين».