عيادات العلاج النفسى على مواقع التواصل الاجتماعي، هى الطريق الأقرب لكثير ممن يعانون من مشاكل نفسية، أو حتى مجرد مشكلات حياتية توهموا أنها مشاكل نفسية، فهنا استشارات دون دفع «فيزيتا» وجلسات إلكترونية تساعدهم على كسر حاجز الخجل أكثر من الجلسات العلاجية العادية التى يكون فيها الحوار وجها لوجه، فقط الجلوس خلف شاشة مضيئة، لا إحراج أو خجل، وكل ما يعرفونه أن البوح أول خطوات العلاج. الفكرة التى انتشرت خلال الفترة الماضية من خلال أشخاص ومجموعات على مواقع التواصل الاجتماعى لاقت انتشارا كبيرا، حيث وصل رواد بعض تلك العيادات ل 100 ألف مشترك بالمجموعة الواحدة، يحكى الجميع فيها أسراره، واقصى ما يمكن التحفظ عليه هو الدخول بحساب «مزيف» لا يحمل أى بيانات عن الزائر. تحكى «إسراء» 31 سنة عن تجربتها مع تلك الصفحات وتقول: «مررت بتجربة عاطفية فاشلة سببت لى أزمة نفسية، أدمنت على إثرها المخدرات لفترة، وبدأت حالتى النفسية فى التدهور أكثر، اقترحت لى إحدى الصديقات الانضمام لمجموعة علاج نفسى على صفحات التواصل الاجتماعى، وبالفعل اشتركت بها». لم تكن إسراء تتوقع أن رحلتها مع تلك الصفحات ستزيد من مشكلاتها مستقبلا، ففى البداية كانت مجرد فضفضة تعبر بها عن حالتها النفسية السيئة، ومع الوقت أصبح البوح بالأسرار أمر طبيعى مع زيادة الاطمئنان لأصدقائها على المجموعة. منذ تلك اللحظة، التى بدأت فيها الفتاة الثلاثينية الارتخاء إلى ظهر مقعدها بعد الضغط على زر «إرسال» لم تتوقف عمليات التحرش الجنسي. تضيف إسراء: «تلقيت عشرات الرسائل الإباحية، ولا تخلوا رسالة منها من صورة أو مقاطع فيديو، الجميع هنا ذئاب»، هكذا رأت إسراء العالم، بعض الرسائل كانت مزعجة والبعض الآخر كان يجذب إسراء إلى أسفل، وتتابع: «تعرضت لعدة محاولات ابتزاز، خصوصا لأنى كنت أدخل إلى المجموعة بحسابى المعروف للجميع، وكانت فى أغلبها عمليات ابتزاز جنسي، فى كل يوم كنت أشعر أن حالتى النفسية تزداد سوءا»، تمكنت إسراء من تخطى تلك المرحلة من حياتها عندما تيقنت أنها فعلا بحاجة لمصحة نفسية، إلا أن الجميع هناك أكد لها أنها لم تكن مريضة قبل دخولها إلى تلك المجموعات. خبراء نفسيون يحذرون من العلاج عبر الإنترنت يوضح خبراء نفسيون مخاطر العيادات النفسية على الإنترنت، فمع أهمية البوح فى عملية العلاج النفسي، إلا أن العملية تحتاج لإدراك المشكلة وكيفية التعامل مع المتحدث وتشخيص الحالة، إن كانت فعلا حالة مرض نفسى أو مرض عضوى، أو مجرد حالات ضيق تمر بالجميع، يقول «إبراهيم عبد الراشد» استشارى التحليل النفسى: «نعالج مرضانا بالجلسات الجماعية، وهى مرحلة مهمة تمكن المريض من مواجهة المشكلة، لكن تلك المجموعات أغلبها لا يتابعه مختصون، ويلاقى فيها المريض بعض التعليقات غير المناسبة لحالته، مما قد يزيد من سوء الحالة المرضية». أصحاب العيادات النفسية على الفيس بوك: نساعد المريض محمد شاب يملك صفحة «دكتور نفسي» ويتواصل مع مرضاه من خلال السوشيال ميديا، يؤكد أنه ليس طبيبا، ولا يعطى أى نصائح طبية، فقط هو يقدم نصائح وإرشادات نفسية لمن يرغب فى التواصل معه، يقول «فى البداية أتحدث مع المريض وأعرف مشكلته وأحاول أن زساعده على التحدث عن أوجاعه ومشكلاته، بعدها أقدم له النصائح والإرشادات التى تساعده على الخروج من تلك الحالة السيئة». «محمد» الذى لم يدرس الطب النفسى أو علوم النفس، يرى أنه لا يفعل شيئًا خاطئا، فهو لا يكتب أى أدوية كيميائية لمرضاه، ولكنه فقط يمارس معهم الحكى يقول: «أغلب مرضاى فتيات يحاولن التخلص من مشكلاتهن بالحديث والشعور بالاطمئنان، وهو ما أقدمه لهن من خلال الصفحة، وافتح الصفحة للجميع، ليعبر فيها عن مشكلاته، ليتلقى الردود من الأعضاء عليها». نقابة الأطباء تطالب بالرقابة على «الفيس بوك» يقول الدكتور أحمد حسين عضو مجلس نقابة الأطباء واستشارى الامراض النفسية بالعباسية: «إن ظاهرة العيادات النفسية على «الفيس بوك» تخالف كل القوانين والأعراف، مشيرًا إلى أن آداب المهنة تمنع على الطبيب المتخصص تلك النوعية من العلاج، لما تتضمنه من مخاطر تعريض أسرار المرضى للاستغلال. مساعد وزير الداخلية: صفحات العلاج النفسى تمارس جرائم انتحال صفة ونصب من جانبه قال اللواء محمود الرشيدى مساعد وزير الداخلية الأسبق للتوثيق والمعلومات: «إن تلك المجموعات الهدف الأساسى منها هو الابتزاز واختراق خصوصية المرضى ومعرفة نقاط الضعف التى يعانون منها، لاستغلالها مستقبلا فى العمليات الخارجة على القانون والعمليات الإرهابية، وأن بعضها يكون موجه من الخارج لتجنيد هؤلاء المرضى داخل مصر».