رابط نتيجة الامتحان الإلكتروني للمتقدمين في مسابقة شغل وظائف بالشهر العقاري    محافظ المنوفية: 647 مليون جنيه حجم استثمارات الدولة في قطاع التعليم قبل الجامعي    بالتزامن مع موسم الحج، سعر الريال السعودي في البنك المركزي اليوم    تنفيذ 11 مشروعًا لمياه الشرب والصرف الصحي بمطروح    جالانت: لن نكون طرفا في الإطار الثلاثي المقترح من فرنسا    موعد مباراة منتخب ألمانيا واسكتلندا والقنوات الناقلة في افتتاح كأس أمم أوروبا.. معلق وتشكيل اليوم    صفقة الأهلي في مهب الريح.. بلعيد يطير إلى الدوري البلجيكي    بسبب موجة الحر.. دولة تغلق المدارس وتسمح للموظفين بالعمل من المنزل (فيديو)    حبس تشكيل عصابي سرق أحد خطوط نقل المواد البترولية بالقليوبية    24 مليون جنيه حجم الاتجار فى العملة بالسوق السوداء خلال 24 ساعة    ختام فعاليات دورة التعقيم المركزي بمستشفيات الدقهلية    الرئيس الروسي: موسكو ستوقف إطلاق النار وتبدأ المحادثات مع كييف في هذه الحالة    بسبب الأمواج.. الجيش الأمريكي يدرس تفكيك الرصيف العائم قبالة غزة    الشؤون الإسلامية تعلن جاهزية مقرات ضيوف خادم الحرمين الشريفين في المشاعر المقدسة    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد الكبير بالمحلة    الثالثة محليًا وال 306 عالميًا.. الأكاديمية العربية ضمن أفضل الجامعات في تصنيف التايمز    "بعد بيان بيراميدز".. رئيس منظمة مكافحة المنشطات يكشف تفاصيل جديدة في أزمة رمضان صبحي    وسام أبو علي يغيب عن قمة الأهلي والزمالك    منح دراسية ومنتدى.. وزير التعليم العالي يلتقي نظيره البيلاروسي لبحث سُبل التعاون    توريد 211 ألفا و115 طن قمح بكفر الشيخ حتى الآن    تفعيل غرف الطوارئ.. توجيهات عاجلة من وزير الري بشأن الاستعداد لعيد الأضحى    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم بمدخل مدينة قنا الجديدة    مالك مصنع وأجنبيان آخر الضحايا.. سقوط عصابة الشرطة المزيفة في أكتوبر    ملحقش يعيد.. "أدهم" دهسه جرار زراعي بعد خروجه من فرح بالغربية    الأمن يكشف واقعة اختطاف شخص وإكراهه على توقيع إيصالات أمانة    وزيرة الثقافة تعلن برنامج الاحتفال بعيد الأضحى، اعرف الفعاليات    فيديو جديد.. حنان ترك تهنئ جمهورها بعيد الأضحى المبارك    "المسرح التجريبي" يكرم "بانوراما برشا" الحائز على جائزة العين الذهبية بمهرجان كان    اليوم يوم التروية.. تعرف على سنن وأعمال للحاج في هذا اليوم    مقام سيدنا إبراهيم والحجر الأسود في الفيلم الوثائقي «أيام الله الحج»    يلقيها الشيخ بندر بليلة.. خطبة الجمعة من المسجد الحرام بمكة المكرمة (بث مباشر)    الجيش الإسرائيلي: اعتراض 11 طائرة معادية انطلقت من لبنان    هيئة الدواء: 4 خدمات إلكترونية للإبلاغ عن نواقص الأدوية والمخالفات الصيدلية    فحص 694 مواطنا في قافلة متكاملة بجامعة المنوفية    وزارة الثقافة تعلن فعاليات برنامج عيد الأضحى بقطاعاتها.. اعرف التفاصيل    مهرجان المسرح التجريبي يكرم فريق بانوراما برشا الفائز بالعين الذهبية في كان    بايدن يتجول بعيدا فى قمة ال "G7" ورئيسة وزراء إيطاليا تعيد توجيهه.. فيديو    «متشطبة ومفروشة».. تسليم 11 وحدة سكنية لأبناء دور رعاية الأيتام بالمنوفية    تفاصيل ضبط أخطر تشكيل عصابى تخصص فى النصب الإلكترونى بالشرقية    إزالة مخالفات بناء بمدن 6 أكتوبر والشروق والشيخ زايد وبنى سويف الجديدة    وزير الإسكان: جار إجراء التجارب لتشغيل محطة الرميلة 4 شرق مطروح    وزير التنمية المحلية يهنئ الرئيس السيسي بعيد الأضحى المبارك    الكشف على 902 مواطن في قافلة طبية مجانية بدشنا ضمن «حياة كريمة»    مواقيت الصلاة.. موعد آذان المغرب يوم عرفة 2024    أزهري يوضح موعد ذبح الأضحية.. والصيغة الصحيحة لتكبيرات العيد    «غرفة أزمات مركزية».. خطة وزارة الصحة لتأمين احتفالات عيد الأضحى وعودة الحجاج    يورو 2024| إنجلترا يبحث عن إنجاز قاري في المجموعة الثالثة.. فيديوجراف    الجيش الأمريكى يعلن تدمير قاربى دورية وزورق مسير تابعة للحوثيين    أسعار الدواجن والبيض اليوم الجمعة 14-6-2024 في قنا    صفارات الإنذار تدوي في كريات شمونة بسهل الحولة والجليل الأعلى شمالي إسرائيل    إنبي: زياد كمال بين أفضل لاعبي خط الوسط في مصر.. ولا أتوقع تواجده في الأولمبياد    مصطفى فتحي يكشف حقيقة بكائه في مباراة سموحة وبيراميدز    باسل عادل: لم أدع إلى 25 يناير على الرغم من مشاركتي بها    حاتم صلاح: فكرة عصابة الماكس جذبتني منذ اللحظة الأولى    سموحة يرد على أنباء التعاقد مع ثنائي الأهلي    برج الجدى.. حظك اليوم الجمعة 14 يونيو: انتبه لخطواتك    جامعة الدلتا تشارك في ورشة عمل حول مناهضة العنف ضد المرأة    مستقبلي كان هيضيع واتفضحت في الجرايد، علي الحجار يروي أسوأ أزمة واجهها بسبب سميحة أيوب (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لغز "معضلة الألم"
نشر في البوابة يوم 06 - 08 - 2017

طرح الإنسان منذ وجوده على هذه البسيطة، السؤال الوجودى الأصعب، الذى لم يجد له جوابا شافيا حتى الآن. هذا السؤال هو: لماذا الألم؟ ما أسبابه؟ لماذا البعض يتألم بآلام موجعة، بينما البعض الآخر لا يتألمها؟ هل هناك من إجابات مقنعة، للغز معضلة الألم والمرض والموت، الذى لا يميّز بين صغير وكبير؟ إن تفسير معضلة الألم، تبقى التحدّى الأكبر والأصعب لمهمة الإيمان المسيحي. فكيف نفسّر هذه المعضلة للإنسان المؤمن الذى يعانى المرض والألم، ونحن ندعوه للإيمان بالله الكلّى السيادة والكلّى القدرة والكلّى الخير؟
إذا ما درسنا العهد القديم من الكتاب المقدس، فإننا نلاحظ أن الفكر الذى كان سائدا فى ذهن العبرانيين، هو إرجاع سبب الألم إلى الخطية، إما خطية الإنسان نفسه، أو خطية آبائه وحتى أجداده. وهذا الفكر أيضا اشتركت فيه شعوب المنطقة المحيطة بالشعب العبري، منطقة شعوب الشرق الأدنى. فمفهوم الألم، كقصاص من الله على خطايا الإنسان أو أهله أو أجداده نراه واضحًا فى قصة إرسال الله للطوفان، وقصة إحراق الله لمدينتى سدوم وعمورة، وغيرها من القصص الأخرى. أما السبب الآخر للألم، الذى يذكره العهد القديم، فهو ليس القصاص وإنما تجربة الإنسان المؤمن واختبار مدى ثبات إيمانه ونضجه فى علاقته الروحية مع الله. وفى هذا الإطار نفهم الآلام الكبرى التى تعرض لها النبى أيوب.
يطلعنا إنجيل يوحنا فى الإصحاح التاسع من إنجيله، على إجابة المسيح لتلاميذه حول تساؤلاتهم عن ألم إنسان ولد أعمى فاقدا لنظره، محاولين معرفة سبب ذلك، فسألوه مستندين إلى الفكر السائد بين الشعب، «يا معلّم من أخطأ هذا أم أبواه حتى ولد أعمى؟» (يوحنا 9:2). فأجاب المسيح قائلا: «لم يخطئ هذا ولا أبواه، لكن لتظهر أعمال الله فيه». وبالتالي، فالمسيح لم يحمّل مسئولية الألم لا لخطيئة الأب ولا لخطيئة الابن. ولكنه فى نفس الوقت لم يخبرنا عن سبب الألم، ولم يفسّر هذا السر اللغز لتلاميذه، إلا أن المسيح لم يقف مكتوف اليدين أمام ألم الأعمى، بل مدّ يده وساعده، فتفل على الأرض وصنع من التفل طينًا، وطلى بالطين عينى الأعمى، وقال له اذهب اغتسل فى بركة سلوام. فمضى واغتسل، وأتى بصيرًا».
إن مشكلة الألم تطرق إليها عدد من آباء الكنيسة واللاهوتيين عبر التاريخ، أبرزهم القديس أوغسطينوس الذى عاش فى القرن الرابع الميلادي. فى كتاباته حول «أصل وطبيعة وحلول مشكلة الألم والشر فى العالم»، ذكر أوغسطينوس بأن خليقة الله جيدة فى الجوهر لأن الله عندما خلق الكون (كما تقول قصة الخليقة فى سفر التكوين)، فقد رأى ذلك أنه حسن، إنما بسبب الخطية المتمثلة فى سقوط آدم وحواء، حدث تشوّه فى الإرادة والحرية البشرية، مما أدى إلى إساءة الإنسان علاقته مع الله ومع نفسه، ومع الآخر، فى المجتمع، (وأيضا مع الطبيعة). ونتيجة لهذا التشوه الإرادى وتدهور العلاقة على جميع الأصعدة، ظهر ويظهر الشر بشكل متعاظم فى العالم، يتجسد جزء منه فى الحروب والقلاقل والمجاعات والآلام الأخرى التى يسببها الإنسان بسبب تشوه وفساد إرادته. وفى هذا الإطار نستطيع أن نفهم تحميل الرسول يعقوب للناس مسئولية الحروب (يعقوب 4: 1-3) والتفجيرات وقتل الناس الأبرياء. وأيضًا من نفس مبدأ تشوه وفساد الإرادة والحرية الإنسانية، نستطيع أن نفهم سوء علاقة الإنسان مع الطبيعة، بل سوء استخدام الإنسان للطبيعة والموارد الطبيعية، الأمر الذى يؤدى إلى ظهور الكثير من الأمراض والأوبئة. لهذا تتعالى الأصوات اللاهوتية المسيحية اليوم التى تدعو إلى ضرورة حسن معاملة الطبيعة خليقة الله، والحفاظ عليها لأنه بالحفاظ عليها نحافظ على حياتنا وعلى عالمنا الذى نعيش فيه. فسر القديس أوغسطينوس الأمراض على أنها تشوه وظيفي، بل ظهور أعطال فى النظام الوظيفى فى الجسم الإنساني. ومن المبدأ نفسه نستطيع أن نفهم أسباب الزلازل والبراكين على أنها يضًا تشوه وظيفى وضعف جيولوجى يصيب بعض المناطق الجغرافية فى العالم.
بالرغم من محاولة القديس أوغسطينوس وغيره، تقديم تفسيرٍ جزئيّ لمعضلة الألم فى العالم، إلا أنهم لم يستطيعوا سبر غور هذا اللغز الذى يبقى معرفته فى سلطان الله. تمنى الشاعر والفيلسوف عمر الخيام، الذى بعد تفكيره وبحثه فى أسرار الحياة، فى القرن الحادى عشر، أمنية كبيرة مستحيلة التحقّق، فقال، «إن رغبة قلوبنا لو نستطيع أن نعيد صنع الكون بدون ألم»، لكن الحقيقة الصارخة التى نواجهها كل يوم هى وجود الألم، لهذا فالسؤال الأساسى الذى يجب أن نجيب عنه هو، كيف نتجاوب مع الألم عندما يعترضنا؟ لقد دعا أتباع الفلسفة الرواقية اليونانية القديمة إلى قبول الألم وتحمله بشجاعة لأن الإنسان يولد فى عالم يحتوى الألم، وهو جزء من هذا العالم، فليخضع لهذا الواقع ويتحمله بهدوء. أما الجواب المسيحى واللاهوتى للآلام الإنسانية، فهو أنه ليس هناك انتصار ظاهري وخارجي لمعضلة الألم المستمرة فى هذا العالم الحاضر.
فالانتصار على معضلة الألم، هو أمر روحيّ داخليّ. يتحقق ليس بقدرات وإنجازات الإنسان، ولكن بحضور الله فى الحياة،. إن الرؤية المسيحية للعالم المتألم هي، تقديم حقيقة النعمة والقوة وسط الألم، لتسنده وتمنحه الصبرلتحمل آلامه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.