في لفتة إنسانية كريمة، الرئيس السيسي يطمئن على أحد الأئمة الحضور بخطبة عيد الأضحى (فيديو)    إزالة مخالفات بناء بمدينتي بدر وأكتوبر خلال إجازة عيد الأضحى    رفع 430 طن قمامة في الدقهلية خلال أيام العيد (صور)    شعبة الدواجن: هبوط أسعار الفراخ البيضاء بنسبة 25%    النقل: تعاون مع المرور لإقرار مخالفة للمركبات التي تسير داخل حارة الأتوبيس الترددي    استمرار فتح باب التقدم والحجز إلكترونيًا ل 1800 قطعة أرض صناعية    لليوم الثانى على التوالى.. تواصل عمليات ذبح أضاحى الأوقاف بإشراف بيطرى متخصص    روسيا تتهم أوكرانيا بإرجاء عملية تبادل الأسرى    وزير الخارجية يلتقى اتصالًا من نظيره القبرصي    الكويت ترحب بقرار منظمة العمل الدولية منح فلسطين صفة "دولة مراقب"    إذاعة الجيش الإسرائيلي: العثور على جثة يُرجح أنها تعود للمسؤول العسكري البارز في حماس محمد السنوار جنوبي غزة    شهباز شريف: باكستان تسعى دائما إلى الحفاظ على السلام والأمن في المنطقة    ريابكوف: روسيا عرضت على الولايات المتحدة استئناف الرحلات الجوية المباشرة    رياضة الجيزة: أنشطة ترفيهية وفنية بمراكز الشباب في ثاني أيام العيد    بعد رحيل زيزو.. من هو أغلى لاعب حاليا في الزمالك؟    الزمالك يرفض معاقبة نبيل عماد دونجا بعد أحداث نهائي كأس مصر    كهربا يدخل حسابات حلمي طولان للمشاركة في كأس العرب    الداخلية تواصل حملاتها وتتمكن خلال 24 ساعة من ضبط 363 قضية مخدرات و160 قطعة سلاح    الرحلات النيلية حيلة المواطنين للهروب من الحر في ثاني أيام العيد (فيديو وصور)    خطوات الاستعلام عن نتيجة الصف الثالث الإعدادي الأزهري 2025 برقم الجلوس والاسم    الداخلية ترسم البهجة فى العيد.. رعاية شاملة للأيتام فى مشهد إنسانى مؤثر.. احتفالات وعروض وإنقاذ نهرى.. اشترت ملابس العيد وقدمت الهدايا للأطفال.. وتنفذ برامج المسئولية المجتمعية لتعزيز قيم الانتماء الوطنى.. صور    الداخلية تواصل التيسير على الراغبين فى الحصول على خدمات الإدارة العامة للجوازات والهجرة    قاوم اللصوص فطعنه أحدهم.. تفاصيل مقتل موظف أمن في 15 مايو    2.5 مليون مشاهدة لأغنية "حلال فيك" ل تامر حسني على يوتيوب (فيديو)    إعلام فلسطينى: 34 شهيدا فى غارات إسرائيلية على عدة مناطق بغزة منذ فجر اليوم    مها الصغير: كان نفسي عبدالحليم حافظ يحبني ويغنيلي (فيديو)    د.عصام الروبي يوضح معنى" الكوثر ومن هو الشانئ وما معنى الأبتر"    نصائح لمرضى النقرس قبل تناول اللحم.. اتبعها    في ثاني أيام العيد، انتشار الفرق الطبية بساحات وميادين الإسماعيلية (صور)    صحة الأقصر تعلن انتشار الفرق الطبية بمختلف الإدارات الصحية فى عيد الأضحى.. صور    جولة تفقدية لمستشفيات جامعة كفر الشيخ خلال إجازة عيد الأضحى المبارك    لليوم الثاني.. 39 مجزر يستقبل الأضاحي في مراكز المنيا    آخر تطورات الحالة الصحية لنجل الفنان تامر حسني    زلزال يضرب إيران بقوة 4.3 على مقياس ريختر    العيد أحلى بمراكز الشباب.. فعاليات احتفالية في ثاني أيام عيد الأضحى بالشرقية    خالد الغندور: 14 لاعبا سيرحلون عن الزمالك    السيسي يقود أحدث إنجازات الدولة في تطوير التعليم الجامعي    وزير الري يتابع الموقف المائي خلال إجازة عيد الأضحى    محافظ أسيوط يعلن عن تشغيل غرفة طوارئ بالتأمين الصحي خلال عيد الأضحى المبارك    دعاء يوم القر مستجاب للرزق والإنجاب والزواج.. ردده الآن    في ثاني أيام العيد.. مصرع شخص وإصابة آخر في انقلاب سيارة بأسيوط الجديدة    اليابان: لا اتفاق بعد مع الولايات المتحدة بشأن الرسوم الجمركية    دار الإفتاء تكشف آخر موعد يجوز فيه ذبح الأضاحي    الطبطبة على الذات.. فن ترميم النفس بوعى    محمد الشناوي: كنا نتمنى حصد دوري أبطال إفريقيا للمرة الثالثة على التوالي    استقرار أسعار الذهب في مصر خلال ثاني أيام عيد الأضحى 2025 وسط ترقب الأسواق العالمية    دوناروما: أداء إيطاليا لا يليق بجماهيرنا    بعد تصدرها الترند بسبب انهيارها .. معلومات عن شيماء سعيد (تفاصيل)    "مش جايين نسرق".. تفاصيل اقتحام 3 أشخاص شقة سيدة بأكتوبر    محمد عبده يشيد ب " هاني فرحات" ويصفه ب "المايسترو المثقف "    البابا لاون يُحيي تقليدًا حَبْريًّا اندثر في عهد سلفه    سفارة الهند تستعد لإحياء اليوم العالمي لليوجا في 7 محافظات    «الدبيكي»: نسعى لصياغة معايير عمل دولية جديدة لحماية العمال| خاص    محاضرة عن المتاحف المصرية في أكاديمية مصر بروما: من بولاق إلى المتحف الكبير    الثلاثاء أم الأربعاء؟.. موعد أول يوم عمل بعد إجازة عيد الأضحى 2025 للموظفين والبنوك والمدارس    «المنافق».. أول تعليق من الزمالك على تصريحات زيزو    بمشاركة 2000 صغير.. ختام فعاليات اليوم العالمي للطفل بإيبارشية المنيا    معلومات من مصادر غير متوقعة.. حظ برج الدلو اليوم 7 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سلامة موسى الحائر دومًا.. والديمقراطية "4"
نشر في البوابة يوم 28 - 06 - 2017

ونواصل مع سلامة موسى إذ انتقل من التتلمذ على كتابات فولتير إلى التتلمذ على كتاب داروين.
وقد أصدر داروين كتابه عن أصل الأنواع عام 1859 وقد أثار بكتابه غبارا كثيفا ولم يزل. وقد تعرف سلامة على كتاب أصل الأنواع وهو لم يزل بعد طالبا فى المرحلة الثانوية، لكن هذا الفهم السطحى تعمق عبر قراءات متعددة المصادر خلال إقامته فى لندن، لكن الماكر الحذر سلامة موسى ما كان ليلقى نفسه بنفسه فى أتون الغليان الذى تموج به مصر فى تلك الأيام والذى هاجت فيه هجمات عديدة ضد الفكر المادى وكان النموذج المتوهج هو رد الفعل على كتاب شبلى شميل «فلسفة النشوء والارتقاء» وهو ترجمة لشرح مقالات بخنر على مذهب داروين، (مطبعة المقتطف 1910) حيث تعرض شبلى شميل لهجوم حاد، ولهذا أصدر كتابا قد يبدو بعيدا عن الموضوع هو «مقدمة السوبرمان» وهو يقدم فيه نظرية داروين فى إطار أحلامه بتطور الإنسان المعاصر.
ونقرأ فى كتابه حاول سلامة تبسيطها «الرقى الذى نلحظه فى كفاءات الحيوانات، إنما يتحقق لأنه يقوم بقتل الضعيف من صنفه أولا بأول، فلا يبقى غير الأقوى الذى ينسل نسلا قويا على غرارة» ويقول «والإنسان حيوان ولكنه يختلف عن الحيوانات الأخرى بأن نسله العاجز يعيش بينما فى الغابة نجد الغزال الأعرج يموت والأسد البطيء يهلك جوعا، ولكن الإنسان الأعرج يعيش بالصدقة.
وليس فى مقدورنا أن نعود بالإنسان إلى حالة توحش الطبيعة فى الغابة» وإنما (وهنا يقدم سلامة حلا لا يتذوقه المصريون ولا يقبلون به ويقف فى حلوقهم ليضفى على بعض أقواله غربة واغترابا). فيقول «وإنما نعرف أنه يمكن أن نقصر الزواج على الفئات السليمة فى الأمة، ونعرف أيضا أن أهم مخترعات القرن التاسع عشر هو التعقيم الاختياري».
ويمكن القول إنه يحدث فى أيامنا الحالية أخذ محدود بفكرة الكشف السابق للزواج لضمان سلامة الإنجاب.
وفى كتابه «هؤلاء علموني» يقول «لقد تشبعت بنظرية داروين، فصارت مزاجى وأسلوب حياتى وكبرت قيمة الإنسان فى نفسى لأنى عرفت تاريخه الماضى من مئات الملايين من السنين، كما أننى أحس بتاريخه القادم فى المئات من السنين أيضا، وتحملت بهذه المعرفة التى أصبحت دينا فى عنقى ولم ينقص من قيمة هذا الدين أننى وقفت على مئات الخرافات التى وقع فيها الإنسان، بل إن هذه الخرافات قد زادتنى احتراما وحبا فى الإنسان أى هى كانت تمثل محاولاته المتكررة للوصول إلى الحقائق فقد انتقل الإنسان من السحر إلى العلم ومن التنجيم إلى علوم الفلك ومن الكهانة إلى الضمير ومن ذل الرق إلى شرف الإنتاج» (ص9) لكن سلامة موسى كان يتأمل فتعانى أفكاره من شطحات يصعب تقبلها فيقول «والأخلاق يجب أن تكون حرة لأن حرية الأخلاق تدعو إلى انقراض الفاسد منها وبقاء الصالح، فليس من مصلحة الإنسان أن يعيش فى قفص من الواجبات الأخلاقية لأن من طبيعة الأخلاق الفاسدة أنها تقتل صاحبها فنترك السكير يسكر كما يشاء لأن إدمانه السكر سوف ينتهى بموته المبكر ولنترك النهِم فى الأكل يأكل ما يشاء فإن معدته سوف تسوقه إلى قبره».. وسلامة موسى ينجح فى كثير من الأحيان فى أن يدس أفكاره فى أية كتابة ففى «مقدمة السوبرمان» يكتب عن العلمانية وعن الاشتراكية وتقرأ «فالعلمانية نزعة أوربية تشمل جميع الأمم المتمدينة تقريبا، وعن هذه النزعة تأتى نزعات أخرى منها نزعة الاشتراكية وليس فى العالم قطر متمدين إلا وبه حركة اشتراكية قوية مصبوغة بصبغة الوسط الذى نشأت فيه، وكل الدلائل تدل على أن العالم يتجه نحو نظام اشتراكى إن لم يكن فى جميع صناعاته ففى نحو النصف أو الثلثين» (ص10) ويقول «ومما يساعد على رقى الأمة أن يجعل ناموس تنازع البقاء يجرى بلاد إجحاف بين الناس، ولا يكون ذلك إلا إذا استوت أمامهم الفرص بحيث لا يمتاز أحدهم عن الآخر إلا بسبب كفايته الذهنية أو الجسمية، فيجب أن يتساوى الناس فى فرصة الإثراء.
وذلك باصطناع نظام اشتراكى أو شبه اشتراكى حتى لا يولد واحد غنى وآخر فقير، وقد يكون الغنى أحط ذهنا وجسما من الفقير، ولكن امتيازه بالمال الموروث يعينه على نسله فى الأمة بينما فقر الفقير يمنعه من الزواج (ص6).
وهكذا فحتى خصوم سلامة موسى فى ذلك الزمان وقعوا فى حيرة من أمرهم فقد أدخل الدارونية إلى ساحة العلمانية والعلمانية إلى ساحة الاشتراكية ثم عاد عبر الاشتراكية إلى نظرية داروين. وإذ احتار خصومه من أين يمسكون به فقد جمعوا ذلك كله واتهموه بالإلحاد.. لكنه يفاجئهم بإعلانه «أن الدين ضرورى لكل أمة ولكل فرد.
ولا يمكن أن يعيش الإنسان بلا دين. لأنه ما دام قد شرع يفكر فى الكون زمانا ومكانا فقد شرع يفكر فى الدين ومن ينظر إلى السماء فى ليلة صافية ويتأمل فى أبعاد النجوم لا بد وأن يؤمن بالدين» (ص21).
ويمضى سلامة موسى حائرا ومهاجما وماكرا ومنتقلا من معركة إلى معركة دون توقف فهو يشن هجوما عنيفا على أدباء عصره «لأنهم خانوا الأمانة وجعلوا الأدب لعبة سخيفة ورياء كاذبا ومكرا سيئا فكانوا يمدحون «السلطان» عبدالحميد فى الوقت الذى كنا ننتظر منهم أن يعلنوا استبداده وكانت تنشر له دواوين لحمتها وسداها مدح عظماء المال والجاه». (مختارات سلامة موسي). ثم هو يشهر سبابته فى وجه الرأسماليين ونظامهم قائلا: «وكما زالت سلطة الأشراف فى أواخر القرون الوسطى فكذلك ستزول سلطة أصحاب رؤوس الأموال فى هذا القرن.. ومن يعش ير». ( مختارات سلامة موسى – ص80).
.. وقد مضى القرن، ثم سبعة عشر عاما من قرن آخر ولم نر. أم قل إنه حالم حائر.. ونواصل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.