السائقون: الزبون يشترى كرامته بخمسة جنيهات.. وأحيانًا يرفّه عن نفسه «مصائب قوم عند قوم فوائد».. هكذا لسان حال سائقى التاكسى الأبيض، بعد زيادة أسعار تذاكر المترو للضعف، فمع زيادة سعر التذكرة إلى جنيهين، انتعشت سوق التاكسى الأبيض خاصة فى المسافات القصيرة، وبدأت الحركة تدب فى شوارع القاهرة. «البوابة»، رصدت حركة التاكسى الأبيض، والتقت عددًا من السائقين. فى شارع محيى الدين أبوالعز، جلس سيد عبدالرحمن، 33 عامًا، يبدأ العمل من الخامسة صباحا، حتى الخامسة مساء، انتظر وقت صلاة الظهر، ليتناول وجبة الإفطار، اقتربنا منه، فقال: «الواحد عند أذان الظهر لازم يركن عشان يفطر، دى لقمة تسند الواحد حتى انتهاء الوردية، فأنا فى الشارع منذ فجر اليوم، ولا بد من الراحة»، وأضاف «الحمد لله الشغل هذه الأيام أفضل من غيرها بكثير، فزيادة تذكرة المترو وجهت الناس نحو التاكسى لأنهم يشترون كرامتهم ب 2 أو 3 جنيهات زيادة». ويفسر سيد حديثه بقوله: «ولنفترض مثلا أن المواطن يذهب إلى العمل راكبًا المترو، ثم ينزل لأخذ مواصلة بعد المترو أو حتى قبلها للوصول لأقرب محطة، وتساءل: هل تعتقد أن هناك أى مواصلة فى مصر أقل من ثلاثة جنيهات أو على الأقل جنيهين ونصف؟، وبالتالى الخمسة جنيهات ستخرج من جيبك ويخرج معها روحك فى زحام المترو أو الميكروباص أو الأتوبيس، والناس بتحسبها «كرامتى وزيادة جنيه أفضل بكثير من ركوب المترو ثم الأتوبيس لتوفير جنيه يمكن أن يودى بحياتك، كما نسمع كل فترة عن الاختناق أو التدافع». وفى منطقة وسط البلد، يتحدث مرزوق الشناوى، سائق تاكسى منذ 18 عامًا، يقول «إنه لم يتوقف عن العمل يومًا واحدًا طوال هذه المدة»، ويضيف: «الحمد لله الواحد بقاله فى الشغلانة دى حوالى 18 عامًا كاملًا، ومرت علينا أيام حلوة وأيام «سودا»، نعيش فيها مع الزبون نفس الظروف، ودائمًا ما كان يعتبرنا جزءًا من الضغط عليه، رغم أننا نعانى من البنزين وارتفاع أسعار الأكل والشرب والفواتير واللبس والمدارس مثله تمامًا، ولكن هناك اختلاف طفيف هذه الأيام، فالناس لم تعد تشتكى وكأنها «نحست» من اللى بيحصل، لكن الجديد أنه منذ زيادة أسعار التذاكر والشغل زاد معانا، والحمد لله الأمور بدأت تتعدل بشكل بسيط، ولكنه أفضل من السابق، فالناس تحسبها، تركب المترو، وتدفع جنيهين، والا تأخذ نفس المسافة بخمسة جنيهات مثلًا مع الروقان والراحة، خاصة لو كان المشوار فى وسط البلد، وبالتالى يفضل الكثيرون التاكسى فى هذه الحالة، خاصة السيدات». ومن العباسية، وتحديدًا بالقرب من برج مصر للسياحة، حيث تقبع أتوبيسات النقل العام والتاكسى الأبيض على حد سواء، يقول الأسطى عنتر زيدان: «الأمر الآن لا يتعلق بثمن التذكرة ومقارنته بثمن أجرة التاكسى، لأن الأجرة ستظل أكبر بكثير، ولكن الأمر اختلف، الزبون يحسبها بأنها «خربانة.. خربانة» فمن بين كل 5 أو 6 مرات للمترو يميل مرة إلى التاكسى، خاصة أن الغلاء ينهش فى الكل، فأنا مثلًا شغلى فى منطقة العباسية وبالقرب من محطة مترو الجيش، والحال بدأ فى الانتعاش قليلًا بعد غلاء التذكرة، ولا أجد لذلك تفسيرًا إلا أن المواطن «ضربها صرمة»، وشعر بأن يمين شمال سيظل محتاجًا، فيحاول التخفيف عن نفسه مرة على الأقل، خاصة لو كان يأخذ مواصلة جديدة بعد نزوله من المترو أو حتى للوصول إليه، فالحسبة تكون توفير جنيه ومرمطة الهدوم والكرامة والنفس وشم روايح النفس فى الصيف، أو دفع تذكرة مترو زيادة وركوب التاكسى بدلًا من الدفع فى الأتوبيس ثم التاكسى، ثم الخناق مع أى شخص تلقاه عينه لمجرد أنه قرفان، ومعظم الناس هذه الأيام فى العباسية يختارون الخيار الأول».