كصخر أسوان التليد تبدو ملامحه للوهلة الأولى، كرواية محكمة الصياغة ستجد حديثه إذا استمعت إليه، كاشتياقك لموج الإسكندرية المتلاطم، لن تستطيع أن تفارق أعماله إذا بدأت في قراءة أحدها، هكذا الكاتب الكبير إبراهيم عبد المجيد، نموذج للمواطن المصري ابن البلد. إذا رأيت صورته دون معرفة سابقة، يخيل إليك أنه ينتمي إلى جنوب مصر وصعيدها، ولكنك تستطيع أن تكتشف انتماءه إلى الإسكندرية بمجرد أن تطالع أسماء وعناوين إصداراته. فمن "غواية الإسكندرية" و "لا أحد ينام في الإسكندرية" و"الاسكندرية في غيمة"، كإصدارات ذكر اسم مدينته ومسقط رأسه فيهم مباشرة على أغلفتها، إلى "قناديل البحر" و"سفن قديمة" أسقط فيهما على الإسكندرية. أما إذا قرأت روايته فلن يخفى عليك أنه يعشقها، وكأنه كالسمك إذا خرج من الإسكندرية كأنها مياهها يموت. حلت ذكرى ميلاد، إبراهيم عبد القوي عبد المجيد خليل، أمس 2 ديسمبر سنة 1946. حيث حصل عبد المجيد على ليسانس الفلسفة من كلية الآداب جامعة الإسكندرية عام 1973، وقد انعكست الفلسفة على الكثير من أعماله بوضوح، وأخذت صوره الروائية بعدًا أكثر من كونها مجرد حكى أو قصص عادية، ويستطيع المتابع بوضوح أن يرصد هذا التقاطع بين الفلسفة والرّواية في روايات عبد المجيد أكثر من موقع وفي أكثر من مستوى، لدرجة جعلت الرواية تتحول إلى منافس شرس للفلسفة. لا يخفى عليه تفاصيل وكواليس ما يدور في وزارة الثقافة بعد أن تدرج في مناصبها و"جابها من تحت" على رأى المثل الشعبي، فقد عمل طوال فترة وظيفته الرسمية في "الثقافة الجماهيرية" التى أصبح اسمها "هيئة قصور الثقافة" إذ عمل اختصاصي ثقافي بالثقافة الجماهيرية في الفترة من عام 1976 حتى عام 1980، وهى أقل وظائف الوزارة أهمية ودرجة واهتمامًا رغم أهميتها القصوى. ثم مستشارًا بإدارة المسرح بالثقافة الجماهيرية في الفترة من عام 1980 حتى عام 1985، ثم مستشارًا بهيئة الكتاب في الفترة من عام 1989 حتى عام 1991، وغيرها من المناصب إلى أن تولى إدارة مشروع أطلس الفولكلور بهيئة قصور الثقافة وهي إدارة ذات أهمية خاصة تتولى توثيق ما يحدث في كل شبر بمصر. أصدر إبراهيم عبد المجيد أكثر من عشر روايات منها، "ليلة العشق والدم"، "البلدة الأخرى"، "بيت الياسمين" ، "طيور العنبر"، كذلك نشرت له خمس مجموعات قصصية وهم "الشجر والعصافير"، "إغلاق النوافذ"، "فضاءات"، "سفن قديمة"، "وليلة انجينا". كما حصل إبراهيم عبد المجيد على عدد من الجوائز المهمة على رأسها: جائزة نجيب محفوظ للرواية من الجامعة الأمريكية عن "البلدة الأخرى" عام 1996، وجائزة معرض القاهرة الدولي للكتاب لأحسن رواية عن "لا أحد ينام في الإسكندرية" عام 1996، وجائزة الدولة للتفوق في الآداب من المجلس الأعلى للثقافة عام 2004، وجائزة الدولة التقديرية في الآداب من المجلس الأعلى للثقافة عام 2007. وقد ترجمت روايته "البلدة الأخرى" إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية، في حين ترجمت روايته "لا أحد ينام في الإسكندرية" إلى الإنجليزية والفرنسية، و"بيت الياسمين" إلى الفرنسية.