تنشر «البوابة» رواية - تحت الطبع - للكاتب مصطفى بيومى، تحمل عنوان «أكاذيب صغيرة» وهى عبارة عن مذكرات راقصة معتزلة اعتمد فيها «بيومى» على طريقة جديدة فى الكتابة، حيث ينشر نص الكلام كما جاء على لسان بطلته التى أشار إليها باسم «ليلى رمزى» ثم يعيد صياغته أدبيًا مرة أخرى من خلال كاتب محترف. على لسان ليلى ونعم الفلسفة يا مختار.. طب والله العظيم انت حطيت ايدك ع الخلاصة ولمست صح.. كأنك عايش جوايا وحاسس باللى فيا.. هى الدنيا ايه يعني؟.. ولا حاجة.. تتعشى كباب وكفتة.. تتعشى فول وطعمية.. المهم تشبع وتحبس بكوباية شاى وتتكرع وتحمد ربنا.. كده رضا.. تلبس حرير ولا تلبس خيش.. المهم تتستر وتنام خالى البال.. المظاهر دى زفة كدابة.. وفى القعدة بتاع الليلادى هاتسمع منى العجب.. أنا مش متخيلة هاتكتب الفصل بتاع الحب والجواز إزاي؟.. الموضوع حساس.. ربنا يعينك.. أنا اللى عليا إنى أقولك كل حاجة بصراحة.. والباقى عليك.. نبتدى منين يا سيدي؟.. من محمود ابن الجيران.. أول واحد قالى بحبك يا ليلى.. كنت أيامها فى مدرسة التجارة.. آخر سنة.. وهو فى كلية الهندسة.. أبوه موظف صغير زى أبويا.. وليه اتنين إخوات أكبر منه.. واحد ميكانيكى.. صبى ميكانيكى يعنى.. والتانى شغال فى مطعم كشرى فى شارع بورسعيد.. محمود هو اللى فلح فى إخواته.. والحارة ملهاش سيرة غير المهندس راح والمهندس جه.. الكلام ده فات عليه أكتر من خمسة وأربعين سنة.. ما أقدرش أقول إنى كنت بحبه.. بس أكيد كنت فرحانة إنه بيحبنى.. كل يوم خميس يستنانى قدام المدرسة.. نتمشى شوية.. ويحكى فى ألف موضوع.. ومرتين تلاتة دخلنا سينما من تلاتة لستة.. وأقولهم فى البيت باخد مجموعة تقوية.. المهم يا سيدى.. الدنيا ضيقة.. يظهر حد من الحارة شافنا وراح قال لأمه.. فضحت الدنيا وعملتها حكاية.. أصلها كانت شرشوحة بقى الله يرحمها.. والله ما عارفة ماتت وألا لسه.. أكيد ماتت. دى أكبر من أمى.. الرحمة تجوز ع الحى والميت.. المهم.. أبو محمود ما حبش يوسع الموضوع.. وهو راجل غلبان مش زى مراته المفترية.. عزل من الحارة وراح ساكن فى الناصرية.. ومن يوميها لا شفت محمود ولا أعرف أخباره.. وبعد ما خدت الدبلوم واشتغلت نسيت كل حاجة.. الشوية اللى اشتغلتهم فى وزارة الصحة كنت بتعاكس ياما.. معاكسة زمان بقى.. يا قمر.. يا جميل.. إيه الحلاوة دى.. طبعًا مافيش حد ناوى على جواز.. أول بختى كان مع رياض.. هو اللى دخلنى سكة الرقص والسينما.. كان عنده أكتر من خمسين سنة.. وأنا ما كملتش واحد وعشرين.. جه لأبويا فى العيد بتاع رمضان وطلب يتجوزنى.. الكلام ده سنة اتنين وسبعين.. أمى قالت إنه كبير وما ينفعش.. لكن أبويا وافق على طول.. كانوا ضاربين صحبية وبيسكروا مع بعض كل ليلة.. أكيد أبويا قال لنفسه إنه راجل كبير وهيدلعنى ويحط عينه عليا فى الشغل الخطر بتاع الهرم والسكرانين.. وطبعًا مش هيكلفه ولا مليم.. عشت مع رياض سنة ونص.. اتطلقنا سنة أربعة وسبعين.. بعد أبويا ما مات بشهرين تلاتة.. تعرف يا أستاذ مختار.. الجوازة كانت بالخسارة.. كان بياخد فلوسى ويلعب بيها قمار.. ويسكر ويحشش.. كان فاهم إن الحشيش بينفع.. بينى وبينك هو مخلص وجايب جاز.. حاسس إنه مش مشبعنى ولا مالى عينى.. قلبت معاه بغيرة واتعلم يشتم.. ولما طول إيده عليا صممت أطلق.. رياض عاند وركب دماغه.. يبقى أنا غلطانة بقى إنى اشتكيت لعبدالفتاح بيه؟.. عبدالفتاح بيه مين؟.. صاحب الكازينو اللى كنت بشتغل فيه.. فى سن رياض صحيح.. بس صحة ومنظر وفلوس.. عينه كانت عليا من يوم ما اشتغلت عنده.. معرفش عمل إيه بالظبط.. لكن تانى يوم اشتكيت لقيت رياض بقى قط بعد ما كان عامل أسد.. لما استوفيت شهور العدة.. اتجوزت عبدالفتاح.. كان صريح معايا من أول يوم.. قال إنه بتاع نسوان وما يملاش دماغه صنف واحد.. كان فحل الله يرحمه.. هو اللى كبرنى فى الكار وخلانى رقاصة بريمو.. عشت معاه سنتين ونص حلوين.. بس راح فى شربة ميه يا ولداه.. أيام الهوجة بتاعة سبعة وسبعين.. اتحرق الكازينو واتحرقت تحويشة العمر اللى كان شايلها فى المكتب.. المرحوم كان بيخاف من البنوك ويحب الفلوس تبقى فى حضنه.. مات بالحسرة.. ما طلعتش منه بحاجة.. بعد الدنيا ما هديت واتلمت رجعت أشتغل تانى.. على آخر السنة اتجوزت فتحى عبدالمطلب.. كان عضو مجلس شعب وابن حظ.. شغال فى الاستيراد والتصدير.. وعنده شركة كبيرة فى نص البلد.. أول مرة أسافر أوروبا كان معاه.. محرمنيش من حاجة.. سنه كبير وبيحب الدنيا.. متجوز خمسة ستة قبلى.. وعنده عيال أكبر منى.. زى ما دخلنا بالمعروف خرجنا بالمعروف.. الكلام ده بعد السادات ما اتقتل بشهرين.. لقيته فى يوم داخل عليا.. قال إنه عاش معايا أيام حلوة مش ممكن ينساها.. لكن النصيب خلص لحد كده.. ليه يا فتحي؟.. جرى إيه يا فتحي؟.. ما ردش.. تانى يوم بعتلى ورقتى.. وعطانى مبلغ محترم.. عرفت بعد كده إنه اتعلق بواحدة تانية.. تلميذة صغيرة فى الجامعة.. الله يرحمه بقى.. هى اللى جابت أجله.. اتجوزها ومات طوالى.. أعمار يا مختار يا حبيبى.. لكن ربك بيسبب الأسباب.. أنا أياميها كان عندى تلاتين سنة ومعايا فلوس كتير.. واسمى زى الطبل.. بعد التلات جوازات دول نفسى وقفت من الجواز.. ولما عرفت الشيخ عبدالله.. كان ممكن أمشى معاه شوية من غير جواز.. هو راجل غنى قوى من البحرين.. فضل شهر ييجى الكازينو كل ليلة ويصرف بالهبل.. لما عرض عليا الجواز ما كنتش متحمسة قوى.. هو اللى أصر وقال بصراحة إنه مبيحبش الحرام.. كلمنى كتير عن حاجة اسمها جواز المتعة ومفهمتش حاجة.. من كلامه عرفت إنه شيعى.. بس أنا مش فاهمة إيه الفرق بين السنة والشيعة.. وما حاولتش أفهم.. كان راجل طيب قوى.. حنين وكريم.. وحافظ شعر وكلامه كله حكم.. قبل ما يسافر ويرجع بلده عطانى شنطة كبيرة فيها ربع مليون جنيه.. المبلغ ده أياميها كان ثروة.. ممكن تشترى بيه عمارة كبيرة.. دلوقتى ما يجبش شقة فى أى حى شعبى.. المبلغ ده مع اللى معايا من الأول من فلوس الشغل كان كفاية قوى عشان أحس بالأمان.. لزومهم إيه يعنى الرجالة؟.. عشت كام سنة من غير جواز.. بس مش من غير رجالة.. فاهمنى إزاى يا مختار؟.. كلك مفهومية يا حبيبى.. المهم.. فضلت على الحال ده لغاية آخر سنة خمسة وتمانين.. الحاج صلاح عرام.. طبعًا تعرفه؟.. أيوه هو.. بتاع توظيف الأموال.. ما عرفتوش فى الكبارية.. لا.. شاف صورتى فى مجلة ولا جرنان.. وعجبته.. بعتلى السكرتير بتاعه.. شاب طويل رفيع وأهبل كده اسمه نبيل.. مربى دقنه ولابس بنطلون غريب فوق الكعب وشكله يضحك.. كان باصص فى الأرض على طول كأنه عامل عملة.. قال إن الحاج عايزنى.. استغربت.. هى أفراح الناس دى فيها رقص ومغنى.. نبيل فهمنى إن مفيش فرح ولا عيد ميلاد.. الحاج عايزنى فى موضوع شخصى.. عطانى الكارت اللى فيه العنوان وطلب منى آجى محتشمة شوية.. مفهمتش.. ولا يمكن عملت نفسى مشى فاهمة.. رحتله على سنجة عشرة.. بارفان ومكياج ولبس قصير محزق.. كان مكتبه فى الدقى.. فيلا حلوة قوى.. نص ساعة واتفقنا على كل حاجة.. جواز شرعى على سنة الله ورسوله.. بس فى السر.. كان مصمم إنى أبطل شغل وأنا رفضت.. قلت له لما الجواز سكيتى أبطل ليه؟.. نص مليون مقدم ومهر.. شبكة بمية وخمسية ألف.. مصروف شهرى خمسين ألف.. المؤخر مليون.. اضرب الأرقام دى فى مية تعرف بكام النهارده.. كان عنده خمسين سنة.. لكن زى التور.. لا مؤاخذة يا مختار.. قصدى صحته زى الحديد.. وعلى السرير عينك ما تشوف إلا النور.. فى الحتة دى كان أجدع واحد من اللى اتجوزتهم وعرفتهم.. ما يبطلش حشيش ويقول إنه حلال.. كان هيجر رجلى معاه.. الحمد لله محبتش المزاج ده.. سنة حلوة وكلها خير.. كان كويس قوى معايا وزبالة مع كل الناس.. طماع وخبيث ولسانه طويل.. إيده كمان طويلة.. مرة لطش سكرتيره نبيل بالقلم كفاه على وشه.. بينى وبينك فرحت.. لكن لما ضرب الأسطى مرعى العجوز الطيب.. كرهته قوى.. إيه الافترا ده؟.. مش هكذب عليك.. السنة اللى عشتها معاه طلعت منها بخمسة ستة مليون جنيه.. من فلوس الناس.. واتعلمت درس مهم عمرى ما ها أنساه.. مش كل اللى عامل شيخ يبقى شيخ.. الحاج صلاح خرب بيوت كتير.. اللى مات واللى اتشل واللى واللى.. بذمتك مين أقرب لربنا؟.. أنا ولا هو؟.. الحكاية خلصت بالطلاق.. والفلوس اللى عندى خلتنى حاسة إنى مستغنية.. وبعد سنة كانت أطول جوازة فى حياتى.. المخرج جمال أنور.. عارفه؟.. بتهز دماغك ليه.. دا كان مخرج جامد قوى.. يقلب الفيلم فى شهر.. شهر ونص بالكتير.. فضلنا متجوزين لآخر سنة تلاتة وتسعين.. وعملنا مع بعض عشرة اتناشر فيلم.. عشان أخلص ضميرى.. لازم أقولك إنه كان مكبر دماغه ع الآخر.. يعنى يعرف إنى سافرت إسكندرية مع البطل اللى بيمثل قدامى بعد الفيلم ما يخلص.. وأقعد معاه أسبوع فى العجمى.. يكلمنى عنده فى التليفون عادى.. ما يقولش حاجة.. تقولش إنى ضيفة على أخويا؟.. هو كان على قده فى النسوان.. والجوازة كانت مصلحة.. عمل من ورايا قرشين كويسين قوى.. وأنا حاولت أبقى ممثلة مشهورة وربنا ما أرادش.. لما عرف إنى ماشية مع الكابتن هانى عبداللطيف.. لعيب الكورة المشهورة.. ما قالش حاجة.. ولما جبت سيرته مرة قدامه.. قال إنه صغير عليا.. يومها هجت عليه وشتمته وطلبت الطلاق.. الراجل الناقص بيعايرنى بسنى.. مش فى دماغه إنى ماشية مع هانى.. بالعند فيه صممت إنى أتجوز هانى.. أنا كنت أكبر منه بخمستاشر سنة.. وكان مشهور قوى.. لما طلبت منه الجواز وافق.. بس هو أول واحد ياخد وما يديش.. جبت له عربية وشقة باسمه.. بس للأمانة هو برضة دفع مستقبله فى الكورة.. اتهد حيله وبطل بدرى.. اللى ييجى ع الولايا ما يسلمش يا مختار.. والله ما عارفة هو فين دلوقتى.. سمعت إنه بيشتغل مدرب وبيحلل فى التليفزيون.. الله يسامحه ويديله على قد نيته.. الحظ رمانى بعده على محامى مشهور من اللى بيلعبوا بالبيضة والحجر.. سعيد أبو السعد.. أكبر منى بكام سنة.. وجوازتنا كانت غريبة قوى.. شفته فى عيد ميلاد واحدة صاحبتى.. كان سكران طينة وأنا سكرانة أكتر منه.. رقصت يوميها بمزاج.. ولقيته بيقولى.. تتجوزينى يا ست الكل.. قمت رديت عليه.. وماله يا نور عينى.. روحت ونسيت كل حاجة.. تانى يوم لقيته بيكلمنى فى التليفون.. ما أعرفش جاب النمرة منين.. قالى وعد الحر دين عليه.. قلتله أنت مين؟ قال أنا سعيد يا ست الكل.. خطيبك.. ضحكت وقابلته بالليل.. كان دمه خفيف يضحك الحجر.. اتجوزته.. يجينى يوم الخميس بعد الضهر.. يبات معايا ليلة الجمعة وليلة السبت.. يمشى الصبح وما أشوفوش إلا يوم الخميس.. كل واحد فى حاله طول الأسبوع.. حدوتة حلوة قعدت سنتين.. ربنا يفك سجنه عن قريب.. نصب على واحد تقيل مسنود.. ما حسبهاش صح.. لبسوه قضية مخدرات من اللى بخمسة وعشرين سنة.. اتطلقنا بعد الحكم.. ووصيت عليه.. العشرة ما تهونش إلا على ولاد الحرام.. فيه جوازة بعد كده ها أقولك عليها بس خللى بالك وانت بتكتب.. وياريت بلاش تجيب سيرتها.. المهندس مكرم جورج.. مسيحى طبعا.. لو عديت أغنى عشرة فى مصر لازم يكون منهم.. مليارات عقبال عندك.. أنا مش متعصبة طبعًا ولا حاجة.. بس أنت عارف الدين غالى.. ما طالش منى حاجة غير كام بوسة ع الماشى.. لما كلمنى عن الجواز اتخضيت.. هو الراجل اتجنن ولا إيه؟.. بس هو حلها.. كان عنده جنسية إنجليزية.. سافرنا لندن واتجوزنا هناك.. حاجة اسمها جواز مدنى.. بينى وبينك ما كنتش فاهمة حاجة.. بس وافقت.. كام شهر بكام مليون.. رحت معاه أمريكا وفرنسا والسويد واليابان.. حسيت إنى بالنسبة له حاجة حلوة نفسه فيها ولازم يقنيها.. هو كان مسيحى بس مالوش فى الدين.. لسه بيكلمنى فى التليفون مرتين تلاتة كل شهر.. راجل جدع ابن بلد.. لما سبته بدأت أزهد فى الجواز.. يمكن عشان سني؟.. يمكن لأن ما عدش فيه راجل يملا عيني؟.. مش عارفة يا مختار.. لكن المقدر المكتوب لازم يكون.. فاكر صفوت شريف؟.. أيوه هو.. شاب زى القمر.. اشتهر بسرعة.. تمثيل وغنا.. دخل دماغى واتجوزته.. أنا اللى طلبته للجواز.. كان أصغر منى بكتير.. المشكلة كانت فى المخدرات.. ولما دخل فى سكة الهيروين ضاع.. مش عشان الفلوس.. لا.. خير ربنا كتير.. صحته.. شمة جامدة موتته.. لقوه فى الشارع.. عملت نفسى من بنها.. زعلت عليه صحيح.. لكن يا روح ما بعدك روح.. هى دى ميزة العرفى.. زى السكن بالإيجار الجديد أسهل حاجة إنك تعزل.. لما صفوت مات كنت عديت الخمسين.. اتجوزت مذيع فى التليفزيون اسمه خالد وما عمرتش معاه.. وبعديه عرفت على شافعى.. عنده قرى سياحية كتير.. عشت معاه سنة هادية وحلوة.. جنب البحر والروقان.. لكن عينه كانت زايغة.. ويموت فى البنات الروس والأوكرانيات. سبته وحلفت إنى أبطل جواز.. عملت عمرة وبدأت أفكر إنى أستريح.. حسيت بالتعب.. كفاية كده.. آخر بختى كان مع عيل فى سن ولادى.. لو كان عندى ولاد يعنى.. اسمه تامر بهجت.. عنده اتنين وعشرين سنة.. وأنا ستة وخمسين.. شهر والتانى لقيت نفسى مش طايقاه.. الواد عامل زى الفراخ البيضا اللى ما ترمش العضم.. عطيته قرشين وعطانى الورقة العرفى.. كان بيعيط زى العيال.. دنيا يا مختار يا حبيبى.. أول بختى رياض كان أكبر منى باتنين وتلاتين سنة.. والواد تامر آخر بختى أصغر منى بأربعة وتلاتين سنة.. سبحان الله.. كاس وداير.. يوم ليك ويوم عليك.. تلاتاشر جوازة كتير؟.. ليه بقى.. اشمعنى صباح وتحية كاريوكا؟.. على فكرة يا مختار.. خللى بالك.. الجواز الكتير شهادة ليا مش عليا.. اسمه حلال وعلى عينك يا تاجر.. صحيح أنا مشيت مع كام واحد فى الحرام.. لكن دى نزوات ربنا بيغفرها.. مش كده يا مختار؟.. ركز كده يا خويا وأنت بتكتب.. مش عايزة فضايح.. لخص كده وأنت عارف إيه اللى يتقال.. ما أنت سيد العارفين.. روح يا شيخ الله يكرمك ويستر عليك.. قول آمين.. الفصل الرابع: حب وزواج الحب هبة إلهية وغريزة إنسانية، أما الزواج فهو فعل علنى شرعى مشروع، ليس فيه ما يدعو إلى الخجل والإنكار. إنه أمر شخصى لا يحق للآخرين أن يتطفلوا عليه، لكننى أقر بأن الشخصيات العامة الشهيرة لا تتمتع بالخصوصية التى يحظى بها العاديون من الناس. ليس فى تعدد زيجاتى ما يشين، فأنا امرأة محترمة شريفة تتحرك فى وضح النهار، ولا ترضى بالعلاقات المريبة خارج نطاق الشرعية الدينية والأعراف الاجتماعية والالتزام الأخلاقى. لا ألتفت إلى من يعيبون عليّ تعدد مرات زواجى، بل إننى أشفق عليهم وأدعو لهم بالهداية والاقتراب من النضج العقلى، والمثير للدهشة أنهم لا يتوقفون كثيرًا أمام فنانات مرموقات مثل صباح وتحية كاريوكا، ولا يتحدثون عن المطرب القديم الشهير فايد محمد فايد، الذى تزوج أكثر من ثلاثين امرأة!. أعود لأقول إن الزواج شأن شخصى خالص، لا يحق لأحد أن يخوض فيه، وليس فى تكرار التجربة ما يدين المرء أو ينتقص من شأنه، لكن عدد الزيجات المنسوب إليّ يتسم بالمبالغة غير المنطقية. قرأت فى إحدى المجلات الفنية أننى تزوجت عشرين رجلًا، ونشرت صحيفة عربية تقريرًا مطولاً أكدت فيه أن عدد أزواجى يقترب من الثلاثين!. ما أفزعنى بحق هو الإشارة الكاذبة إلى أننى تزوجت عرفيًا أكثر من مرة، وهذا غير صحيح على الإطلاق. الزواج عندى مؤسسة محترمة وشركة يتطلع طرفاها إلى الاستقرار والنجاح، وكلمة «عرفى» هذه تقترن بالمشروع المؤقت الهش الذى لا يمكن أن يستمر. فى التقرير الذى نشرته الصحيفة العربية واسعة الانتشار، وأفردت له صفحة كاملة مليئة بالصور، طالعت بعض الأسماء التى لم أعرفها يومًا، ومنهم الشيخ صلاح عرام، صاحب الشهرة السلبية المدوية فى ساحة توظيف الأموال، وهو رجل كنت أسمع اسمه فى منتصف الثمانينيات، ولم ألتق به مرة واحدة فى حياتى. أعرف أنه تزوج من بعض الممثلات والراقصات، لكننى لست منهن، وأتساءل هنا: إذا كان ما يُقال عن زواجنا صحيحًا، فكيف يقبل الداعية الإسلامية ذائع الصيت أن تعمل زوجته راقصة؟. راجعوا تاريخى وأرشيف الصحف، وستجدون بلا عناء أننى لم أتوقف يومًا عن الرقص خلال الفترة التاريخية التى يُقال إننى تزوجته فيها. من الأسماء الغريبة التى ترد فى التقرير، لاعب كرة القدم هانى عبداللطيف. كان المرحوم أبى أهلاويًا، وكذلك أخى الشهيد أنور، لكننى لم أهتم يومًا بالكرة ولم أشاهد مباراة واحدة فى حياتى، وليس لى أصدقاء من الوسط الرياضى بشكل عام. أين وكيف عرفت هذا اللاعب لأتزوجه؟، وأين وكيف عرفت المحامى الشهير الأستاذ سعيد أبو السعد؟!. ليس فى حياتى من المحامين إلا العالم الجليل الفاضل الأستاذ عبدالرحيم محسن، وهو رجل تقى ورع أعتز كثيرًا بصداقته منذ أكثر من ربع قرن، ويتولى كل أمورى القانونية، العقود والبيع والشراء، وأثق فيه بلا حدود. المثير للدهشة والاستياء معًا هو ما يُقال عن زواجى من الفنان الشاب المرحوم صفوت شريف، المطرب الممثل الموهوب الذى اختطفه الموت مبكرًا فى ظروف غامضة. التقيت به مرات قليلة فى مناسبات عامة، ولم أكن أخفى إعجابى بإبداعه المتميز الذى يبشر بالخير، وكان بدوره من أشد المفتونين بى. الحديث عن زواجنا ليس منطقيًا، فهو فى عمر أبنائى لو كان لى أبناء، والذى أعرفه يقينًا أنه عاش قصة حب ملتهبة مع إحدى الزميلات، وهى راقصة وممثلة شهيرة، لكن فصول القصة لم تكتمل بفعل الموت الذى أثار طوفانًا من الأحزان فى قلوب كل عارفيه. الأغرب على الإطلاق، فى التقرير المشبوه للصحيفة، تأكيده على زواجى من رجل الأعمال الملياردير مكرم جورج. لست متعصبة بطبيعة الحال، ولى أصدقاء من المسيحيين، لكن زواج المسلمة من مسيحى ليس واردًا لأسباب دينية واجتماعية لا تغيب عن أحد. لا يعنى هذا أننى أجهل شخصية المهندس مكرم، فهو صديق عزيز ذو ولع بالفن ومثقف من طراز فريد، لكن الزواج شيء آخر وشأن مختلف تمامًا. أشرت من قبل إلى أن أول قصة حب فى حياتى، أو أول مشروع قصة حب، كانت مع المرحوم شريف بهجت شريف، جارنا فى المعادى، ولم يُقدر لهذه القصة المبكرة أن تكتمل، لتحفظ أمى من ناحية وبفعل الحادث المأساوى الذى أودى بحياة شريف من ناحية أخرى. الإنسان، أى وكل إنسان، رجلًا كان أم امرأة، قد لا يحب شخصًا بعينه، لكنه بالضرورة يحب فكرة الحب، ويسعد بأن يكون محبوبًا وموضع اهتمام. هذه هى خلاصة علاقتى القصيرة جدًا مع شريف، وأزعم الآن أننى لم أكن أحبه، لكننى أحببت حبه لى. من المنطقى أن أنتقل إلى الحديث عن أزواجى، مؤملة أن يكون التناول موضوعيًا قدر الإمكان، محترمًا عادلاً منصفًا ينجو من لعنة التحامل والنظرة الأحادية ضيقة الأفق. تزوجت خمس مرات: صاحب شركة الإنتاج الفنى المرحوم رياض حمودة، الأستاذ عبدالفتاح وصفى صاحب الكازينو الذى التحقت للعمل به عدة سنوات فى شارع الهرم، السياسى البارز والاقتصادى الكبير فتحى عبدالمطلب عضو مجلس الشعب، المخرج السينمائى المعروف جمال أنور، رجل الأعمال على شافعى. ليس فى حياتى من الأزواج إلا هؤلاء، والأسماء الأخرى المتداولة لا وجود لها إلا فى خيالات من يخترعون الأكاذيب لملء صفحات الصحف. المرحوم رياض حمودة أول أزواجى، وكان من الأصدقاء المقربين لأبى، وهو أبرز الذين دعمونى نفسيًا بعد أن فقدت أخى وأمى وأبى فى عام واحد، بكل ما يترتب على ذلك من اضطراب وارتباك وشعور بالخواء والضياع. يزيد فارق العمر بيننا على ثلث قرن، وإلى ما قبل زواجنا بقليل كنت أناديه بكلمة «عمى». لعب دورًا مهمًا فى حياتى الفنية ومسيرتى الشخصية، وعندما أقول إن الزواج لم يكن متكافئًا، فإننى لا أسيء إليه أو أنتقص من شأنه. كنت فى حقيقة الأمر مثل ابنته، وبعد فترة قصيرة من الزواج فوجئت بتصاعد غيرته إلى درجة الجنون، وعندئذ تحول التوتر بيننا إلى جزء من نسيج الحياة اليومية، وأدركت كما أدرك هو أن الاستمرار على هذا النحو ليس ممكنًا. كان الطلاق هادئًا يخلو من التشنج وتبادل الإهانات، وإلى اليوم الأخير فى حياته كان بمثابة الأب والصديق، أتواصل معه وأستشيره وأستأنس برأيه فى كل ما يصادفنى من مشاكل. بعد شهور من الطلاق، بدأت فى التخلص من آثار التجربة الأولى، الحافلة بالألم والمعاناة، ووجدت نفسى أقترب كثيرًا من عبدالفتاح وصفى، صاحب ومدير الكازينو الذى أعمل فيه. كانت علاقتنا تمتد إلى عدة سنوات فى إطار العمل وحده، وعلى الرغم من أنه فى مثل عمر رياض، فإنه أكثر حيوية وأقرب إلى الروح الشبابية. لم تغب عنى نظراته الجديدة المختلفة بعد الطلاق، وما هى إلا شهور حتى تخلص من تردده وفاتحنى برغبته فى الزواج. لأننى كنت أعرف الكثير من علاقاته النسائية المتعددة المتنوعة، فقد صارحته بمخاوفى وأكدت له أننى لا أطيق فكرة الخيانة، لكنه أقسم لى فى حرارة أنه يرغب بجدية مخلصة فى الاستقرار والهدوء، ولن يجد افضل منى. عشت معه عامًا حافلاً بالسعادة الخالصة، وكم تمنيت أن أنجب منه لتدعيم حياتنا المشتركة، لكن القدر لم يمهلنا لتحقيق الحلم. فى أحداث يناير 1977، التى ترتبت على قرارات حكومة الرئيس السادات برفع الدعم عن بعض السلع الضرورية الحيوية، تحول شارع الهرم إلى ساحة حرب، واعتدى المتظاهرون على الملاهى الليلية. احترق الكازينو الفاخر الذى يمثل كل ممتلكات عبدالفتاح، ولم يتحمل الصدمة المروعة فأصابته ذبحة صدرية، ومات بعد أيام. كنت عند رحيل عبدالفتاح فى الخامسة والعشرين من عمرى، ونجاحى الفنى يفوق كل ما كنت أتوقعه وأتخيله، لكن حياتى الشخصية لم تكن مشبعة. أقيم وحدى محاصرة بالوحدة القاتلة، ووفرة الصديقات والأصدقاء لا تعنى الدفء والتحقق والاستمتاع. لم أكن أفكر فى الحب والزواج مجددًا، وأنصح نفسى بالتأنى والتريث حتى لا أتعرض لصدمة جديدة غير محتملة. عندما عرفت فتحى عبدالمطلب واقتربت منه، شعرت أنه الرجل الذى أنتظره وأريده. اندفعت فى حبه والتعلق به، على الرغم من أنه فى الخمسين من عمره وزوج وأب. كان عضوًا فى مجلس الشعب عن إحدى الدوائر الشعبية فى القاهرة، أما نشاطه الاقتصادى فيتمثل فى امتلاك شركة عملاقة للاستيراد والتصدير. تجاوزنا كل المصاعب والعقبات بسحر الحب، وتزوجنا قرب نهاية العام 1978. وافق بعد تردد قصير على استمرارى فى العمل الذى أعشقه، وسافرت معه فى رحلات كثيرة لا تتبخر ذكرياتها الجميلة. لا شك أن السنوات الثلاث التى عشتها معه أقرب إلى الأحلام الوردية، لكنها لم تدم. لا أحمّله مسئولية النهاية ولا أتحملها وحدى أيضًا، وأقول فى موضوعية إن المسئولية موزعة بيننا. هل يكمن السر فى الضغوط العاتية التى تعرض لها من زوجته الأولى وأولاده؟، أم أن شعورى الكامن بأنه ليس ملكًا خالصًا لى قد انعكس بالسلب على أسلوبى فى التعامل معه؟. لست أدرى على وجه اليقين، لكنه انتقل إلى رحمة الله بعد شهر واحد من الطلاق، ويعلم الله وحده ما عانيته من عذاب. ثلاث زيجات فى سبع سنوات؟!. هكذا قلت لنفسى فى غضب قبل أن أضيف: لا تنبئ المؤشرات بنجاح، ولا شك أنها إرادة الله لحكمة أجهلها. لا بد من التعود على الحياة بلا زواج، وقد التزمت بقرارى هذا لسنوات غير قليلة، ومع انشغالى فى تمثيل عدد من الأفلام، فضلًا عن الرقص، استطعت أن أتجاوز مرارة الوحدة، ولم أكن أعرف أن المخرج السينمائى الكبير جمال أنور سيكون زوجى الرابع. تعاونا فى عدد من الأفلام، وتزوجنا أثناء تصوير الفيلم السادس. كانت الزيجة الأطول فى حياتى، ولعل الملمح الأهم فيها هو الاحترام المتبادل والثقة غير المحدودة، لكننى مع الاقتراب من عامى الأربعين، شعرت باليأس من تحقيق حلمى فى الإنجاب، وانعكس ذلك على سلوكى الذى تحول إلى العصبية الدائمة غير المبررة. لم يحتمل جمال لفرط رقته، وانتهى الأمر بالطلاق فى صيف العام 1994. كان قرارى حاسمًا هذه المرة بتجنب تكرار تجربة الزواج، فلا معنى للعناد والإصرار على طموح الاستقرار الذى يبدو بعيدًا لأسباب أجهلها. بعد سنوات من القرار الذى تشبثت به فى إصرار، التقيت بآخر أزواجى رجل الأعمال على شافعى، أحد أهم العاملين فى صناعة السياحة. تعاقد معى للرقص فى إحدى القرى السياحية، ووجدت فى حضرة البحر والهدوء سعادة وراحة نفسية لم أحظ بها من قبل. لم أتردد كثيرًا فى قبول عرض الزواج، لكننا بعد عام واحد لم نجد السعادة التى كنا نراودها ونراهن عليها، وانفصلنا فى هدوء يليق بحجم العلاقة المتحضرة التى كانت تجمعنا. أعترف بغياب التوفيق فى زيجاتى الخمس، وأقر بأننى لم أظفر بالسعادة إلا فى فترات قصيرة استثنائية. فى السنوات العشر الأخيرة، أتعايش مع الوحدة بلا ضيق أو توتر، وأنفق وقتى مستمتعة بلذة العبادة ومتعة القراءة ونشوة الاستماع إلى الموسيقى والغناء، فضلًا عن العمل الخيرى الذى أحيطه بالسرية والكتمان، فأنا لا أرجو منه إلا رضا الله. يتسع قلبى لحب العالم، وأستعيد ذكريات العمر لأفتش عن كل جميل منعش، وأحمد الله الذى يمنح ويسلب لحكمة قد لا ندركها، لكن الإيمان بحكمته هو جوهر السعادة التى ننشدها ونبحث عنها.