فى واحد من التفسيرات التى لا تقف على قدمين، ذهب بعضهم إلى أن إبراهيم منير الذى يطلقون عليه نائب المرشد العام لجماعة الإخوان الإرهابية، ما خرج بحواره وتلميحه إلى المصالحة التى لم تكن كذلك على الإطلاق إلا من أجل صناعة أزمة، يصر على ما قاله، ينتقده الإخوان، يتجاوزون فى حقه، يعلن انفصاله عن الجماعة، التى لم يعد لها مستقبل على الإطلاق لا فى مصر ولا فى خارجها. التفسير على حاله هذا يغفل بعدا مهما للغاية، وهو أنه ليس المتعاطفون مع الإخوان هم المغيبين فقط، وليس شباب الإخوان هم الذين يعيشون فى غيبوبة وحدهم، فشيخ الجماعة وقياداتها أيضًا يعانون من نفس الغيبوبة وذات الغفلة، إذ يعتقدون أنهم قادرون على المواجهة، والعودة مرة أخرى إلى المشهد السياسى، وكأن ثورة لم تقم ضدهم، وكأن شعبا لم ينتفض ضدهم، وكأن حالة من الكراهية المطلقة تخلقت تجاههم، فلن ينسى الشعب المصرى لجماعة الإخوان أن أعضاءها حاولوا سرقته، ولما فشلوا بدأوا فى قتله. كان يمكن أن أتجاهل تماما ما قاله المدعو إبراهيم منير، فما دمت أرى أنه يعيش فى غيبوبة، وتلفه الغفلة، فما الفائدة إذن من اشتباك مع ما يقوله؟ . أقول لكم ما الفائدة، إننا أمام جماعة فعليا فقدت كل شىء، جعلنا ظهرها للوراء، ومن الطبيعى جدا أن تظل تدافع عن نفسها حتى اللحظة الأخيرة، وكلما أدركت أن أنفاسها الأخيرة أصبحت كل ما تملك، استخدمت كل ما لديها من حيل وأساليب شيطانية للانتقام. كان واضحا من اللحظة الأولى لثورة الشعب فى 30 يونيو، أن المعركة بين الإخوان والجيش ليست هى المعركة الوحيدة، معاركها مع كل فئات المجتمع واضحة ومكشوفة وتفاصيلها لا تخفى على أحد. لم يخف الشعب مشاعره ولا رأيه ولا موقفه من الإخوان، وقبل أن يدخل مرسى قصر الاتحادية فى 30 يونيو 2012 بأيام، تخلقت حركات معارضة ضده، لم تكن معارضة على أرضية اتفاق، يسعى أصحابها إلى مساعدة الرئيس الجديد فى المضى قدما فيما يخطط له ويريده، ولكنها معارضة تعمل على أرض التناقض الواضح والحاد والشامل، هدفها خلع الرئيس من منصبه طال بذلك الزمن أو قصر. على العكس تماما وقف الجيش المصرى على الحياد، تعامل باحترافية شديدة، فمحمد مرسى هو الرئيس الذى جاء بانتخابات، حدث فيها ما حدث، لكن فى النهاية لابد من احترام النتيجة، تعاون الجيش معه من اللحظة الأولى، وبدا هذا واضحا فى تقديم التحية العسكرية له على أرضية معسكر الهايكستب حيث تسليم السلطة من قبل المشير محمد حسين طنطاوى القائد العام للقوات المسلحة والفريق سامى عنان رئيس أركان الجيش.