استطاع حزب "غوران"، الكردي العراقي والذي يعني اسمه حركة التغيير بالرغم من حداثته تهديد مكانة الحرس القديم والمسيطر على مقاليد الأمور داخل البلاد مما جعل الأحزاب القديمة تقرع ناقوس الخطر، خوفًا من القادم الجديد. وأُسس حزب "غوران" في عام 2009 بقيادة "نشيروان مصطفى"، ليشكل معارضة ليبرالية وإصلاحية، لسلطة الحزبين الكبيرين، حزب الاتحاد الوطني، بقيادة جلال طالباني، والحزب الديمقراطي الكردي، بقيادة مسعود برزاني. وكان قد نجح حزب "غوران"، بالفوز في الانتخابات التي أُجريت لمجلس الشعب الكردي في 21 سبتمبر الماضي، ليحل في المركز الثاني ويدفع حزب طالباني إلى المركز الثالث. وعلق الكاتب "تسفي برئيل" بصحيفة "هآرتس" قائلًا، أنه "قد يكون لفوز "غوران" وضعف حزب طالباني، الذي يعالج من جلطة دماغية في ألمانيا، آثار بعيدة المدى على انتخابات مجلس النواب العراقي التي ستُجرى في نيسان 2014، موضحا أنه مع زيادة عدد النواب الأكراد، بمجلس النواب العراقي، بحسب قانون الانتخابات الجديد، فقد يصبح غوران القوي حزبا تراوده الأحزاب الشيعية، ويحدد مستقبل العلاقات بين الحكومة المركزية والإقليم الكردي الذي لا يزال يستخف بها". وإذا تجاوزنا العلاقات المعقدة للحكومة المركزية، فإن الأقليم الكردي، الذي يُدير أموره باستقلال شبه كامل، يجب أن يحدد مساره حول كيفية التعامل مع الأزمة السورية، خاصة فيما يتعلق بالقرارات التي اتخذتها مجموعات سياسية كردية، الأسبوع الماضي، أبرزها "حزب الاتحاد الديمقراطي"، والمتعلقة بإنشاء إقليم ذي حكم ذاتي كردي في سوريا، في أعقاب الانتصارات العسكرية لقوات الحزب على الحركات الإسلامية التابعة للقاعدة. وقال برئيل، يبدو أنه سينشأ "هلال كردي" موحد يثير مخاوف شديدة عند مسعود البرزاني، رئيس الإقليم الكردي في العراق، فالبرزاني الذي يرى نفسه زعيما أعلى للأكراد، ويطمح لإخضاع مليوني كردي سوري تحت سلطته، يتقاسم مع تركيا، التي يراها شريكته، الخوف من حزب "الاتحاد الديمقراطي" الكردي في سوريا، ويعتبر هذا الحزب ابنا لحزب العمال الكردستاني الذي يُعرف في تركيا بأنه منظمة إرهابية. وأشار الكاتب إلى الحلف الذي عقد بين البرزاني وتركيا، والذي ازداد قوة خلال السنتين الماضيتين، بسبب التعاون الاقتصادي الضخم وإنهاء بناء أنبوب النفط الذي يعمل على ربط حقول النفط الكردية بتركيا، بينما تراه العراق تهديد مباشر لسلامة الدولة إلى جانب ضياع إيراداتها من النفط. وتنظر واشنطن إلى الحلف الكردي - التركي في تخوف وشك، لأنها ما زالت تهتم بسلامة العراق وتعتبره عمقا استراتيجيا هاما، كما ترفض في نفس الوقت إجراء حوار مع الاكراد في سوريا، كموقف مبدئي ترى من خلاله أنه لا ينبغي إجراء تفاوض مع جهات معارضة متفرقة بل مع الائتلاف الوطني السوري الذي هو أكبر منظمة معارِضة، وكانت المعارضة السورية قد نددت بقرار الحركات الكردية في سوريا لإنشائهم إدارة مستقلة في الإقليم، بل ووصفت حزب "الاتحاد الديمقراطي" بأنه "عدو المعارضة". وأصبحت الدوامة السياسية العسكرية التي تسيطر على المنطقة الكردية في سوريا قابلة للانفجار بسبب نشاط أحزاب كردية مستقلة تعتمد على شباب يطمحون إلى استقلال محلي، لا يتصل بالإقليم الكردي في العراق، ولا يقع تحت سيطرة سلطة البرزاني، وهكذا فإنه في الوقت الذي تتيح فيه الحرب في سوريا لأكراد العراقوسوريا فرصة لتوحيد الصفوف لإنشاء إقليم مستقل واسع ذي تأثير سياسي إقليمي، تعمل الانقسامات الداخلية السياسية والاجتماعية على قتل احتمالات تحقيق الحلم التاريخي.