اجتمع الرئيس الأمريكى باراك أوباما، والرئيس المنتخب دونالد ترامب، يوم الخميس، للمرة الأولى لينحيا جانبًا الخلافات العميقة التى هيمنت على الحملة الانتخابية، وبحث الانتقال إلى تنصيب «الجمهورى» فى 20 يناير المقبل. وبعدما ألقى خطابًا اتسم بنبرة مصالحة ليلة فوزه فى الانتخابات، أعطى ترامب، خلال لقائه مع أوباما، إشارة قوية إلى عزمه على الابتعاد عن نبرة المرشح الاستفزازية والعدائية لاتخاذ موقف رئاسى هادئ. وعقد الرجلان اجتماعهما، الذى استغرق 90 دقيقة، فى المكتب البيضاوى بالبيت الأبيض دون حضور مساعدين، بعد يومين من فوز ترامب غير المتوقع على هيلارى كلينتون، وزيرة الخارجية السابقة فى إدارة أوباما. وبذل أوباما جهدًا كبيرًا لدعم خلافة زميلته فى الحزب الديمقراطى له، ووصف ترامب أكثر من مرة بأنه غير لائق لمنصب الرئيس، بينما وصف رجل الأعمال الأعوام ال8 التى قاد فيها أوباما الولاياتالمتحدة بأنها «كارثة»، فى أكثر من مناسبة. لكن فى تصريحات منفصلة بعد الانتخابات يوم الأربعاء، سعى الاثنان على ما يبدو لمساعدة البلاد على التعافى من الحملة التى أثارت انقسامات مريرة، وقد استمرت هذه النبرة خلال الاجتماع بالبيت الأبيض. وجلس ترامب إلى جوار أوباما عقب المحادثات وقال للصحفيين: «بحثنا الكثير من الأوضاع بعضها رائع وبعضها تحيطها الصعوبات»، وأضاف أن أوباما حدثه عن «بعض الأشياء الرائعة التى تم إنجازها». وقال ترامب: «تشرفت بلقائك وأتطلع للقائك مرات أخرى كثيرة فى المستقبل»، وكتب بعدها على موقع تويتر: «يوم رائع فى واشنطن. اجتمعت بالرئيس أوباما للمرة الأولى. اجتماع جيد حقا وتوافق كبير». من جهته، قال أوباما إنه أجرى «محادثات ممتازة» مع ترامب، وإنه عرض على ترامب مساعدته فى الشهرين المقبلين، ودعا إلى وحدة البلاد حتى تواجه التحديات. وأضاف أوباما: «الآن نريد أن نفعل كل ما بوسعنا لمساعدتك على النجاح لأنك إذا نجحت فإن البلد سينجح»، وأشار أوباما إلى أن ترامب بحث معه مجموعة من قضايا السياسة الداخلية والخارجية، بالإضافة إلى تفاصيل تتعلق بفترة الانتقال. وبعد ذلك، التقى ترامب الذى يتسلم مهامه الرئاسية فى 20 يناير، الرجلين اللذين سيكلفان بإقرار برنامج الرئيس الأمريكى ال45 فى قوانين، رئيس مجلس النواب بول راين، ورئيس الغالبية الجمهورية فى مجلس الشيوخ ميتش مكونيل. واجتمع ترامب لمدة ساعة مع زعيم الأغلبية بمجلس الشيوخ، ميتش مكونيل، وصرح عقب اللقاء بأنه أبلغ مكونيل بأن الأولويات الثلاث بالنسبة له هى تحسين الرقابة على الهجرة والحدود والرعاية الصحية وتوفير الوظائف. ولم يسبق لرجل الأعمال الثرى أن شغل أى منصب منتخب، وخاض وحيدا وسط خلافات مع حزبه نفسه حملة الانتخابات التمهيدية الجمهورية ثم حملة الانتخابات الرئاسية، وسيسعى الآن للفوز بدعم قادة الحزب الذى يسيطر على مجلسى الكونجرس. واحتفظ الجمهوريون بالسيطرة على مجلسى الشيوخ والنواب فى انتخابات الثلاثاء، وهو ما يعنى أن بعض بنود جدول أعمال ترامب ربما تجد استقبالًا وديًا فى الكونجرس. وبعد خلافات داخلية عميقة فى الحزب، يبدو أن فوزه الكاسح والزلزال السياسى الذى أحدثه بددا التحفظات التى أعرب عنها البعض، منتقدين أسلوب وخطاب المرشح الذى ينعت باستمرار بالعداء للأجانب وتحقير النساء. وفى مقابلة مع شبكة «سى إن إن»، قال رئيس الحزب الجمهورى، راينس بريباس، الذى تفيد وسائل الإعلام بأنه قد يكون عضوًا فى إدارة ترامب المقبلة: «آمل أن يكون الجميع رأى دونالد ترامب الرئاسى هذا، الذى كنا على يقين منذ البداية بأنه سيكون على مستوى المنصب». وتلتقط أمريكا أنفاسها على وقع ارتفاع قياسى فى البورصة وبوادر عملية انتقالية سلسة وخطاب سياسى هادئ، بعد فوز دونالد ترامب المفاجئ فى الانتخابات الرئاسية، فيما واصل الرئيس المنتخب أمس الجمعة التحضير لتولى المهام العليا. وقومت البورصة أوضاعها بشكل سريع بعدما كان المستثمرون يبدون المخاوف الأسبوع الماضى لاحتمال وصول ترامب إلى البيت الأبيض، فحطم مؤشر داو جونز رقما قياسيا الخميس فى وول ستريت. وحطم انتصار ترامب، الذى استند إلى غضب ناخبين شعروا بأنهم مهمشون من النخب ومهددون بوجه العولمة، آمال الديمقراطية هيلارى كلينتون بأن تصبح أول امرأة فى سدة الرئاسة الأمريكية، رغم إجماع استطلاعات الرأى على توقع فوزها. وسيواصل الرئيس المنتخب فى الأيام المقبلة استعداداته لتولى أعلى منصب فى السلطة والعمل على تشكيل فريقه، بينما أجرى اتصالات هاتفية مع عدد من قادة العالم. ودعا ترامب رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماى، إلى زيارته «فى أسرع وقت ممكن» ومن المحتمل أن يعقد لقاء الأسبوع المقبل مع رئيس الوزراء اليابانى، شينزو آبى. وأبدت كندا والمكسيك استعدادهما لمعاودة التفاوض فى اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية بعدما دعا ترامب خلال حملته الانتخابية للعودة إلى المزيد من الحمائية فى الولاياتالمتحدة، متحدثا مرارًا عن معاودة التفاوض فى الاتفاقية أو إلغائها.