شهدت المعركة من أجل تحرير مدينة الموصل العراقية تواجد للقوات الكردية والعراقية المدعومة من قبل التحالف الدولي بقيادة الولاياتالمتحدة، بالإضافة إلى قوات من الشيعة التابعة لإيران، مما دفع تركيا للاصرار على التدخل من أجل الإسهام في تحرير المدينة، خوفا من تنامي نفوذ إيران في المنطقة. وأبرزت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن مدينة تلعفر التي تقع في غرب الموصل بشمال العراق والتي كانت تابعة للإمبراطورية العثمانية في السابق، أصبحت مركز للصراع من أجل النفوذ الذي يسعي ورائها كل من إيرانوتركيا، خاصة أن إيران تسعي لزيادة نفوذ الشيعة هناك، في حين تركيا تهدف لحماية السنة في المدينة. وذلك لأن الميليشيات الشيعية في العراق، والتي تتلقي البعض منها دعما من إيران، قد بدأت بالتنقل إلى الغرب من مدينة الموصل، وهي خطوة ستؤدي إلى عزل مقاتلي داعش في المدينة عن قواعدهم في سوريا. ويمكن أن يؤدي تحرك الميليشيات الشيعية تجاه تلعفر إلى جذب تركيا بشكل أعمق إلى ساحة المعركة التي هي معقدة بالفعل في الموصل. وأشارت الصحيفة إلى أن دور الميليشيات الشيعية، المثيرة للجدل بسبب تاريخها من الإساءة للسكان السنة، كانت جزءا من المفاوضات الحساسة التي كانت تنطوي على الحكومة العراقية وقوات التحالف بقيادة أمريكا. واتفق رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، على السماح للميليشيات بلعب دورا ثانويا في اغلاق المناطق الصحراوية غرب الموصل، ولكن ليس دخول المدينة نفسها. وعلى ما يبدو كانت تلك الخطوة لاسترضاء الأمريكيين وكذلك زعماء السنة، وخصوصا بسبب الميليشيات، والمعروفة باسم الحشد الشعبي والتي يمكن أن تكون مفيدة في اصطياد مقاتلي داعش الذين يحاولون الفرار من الموصل، فضلا عن قطع أي تعزيزات للجماعة الإرهابية والتي قد تحاول إرسالها من مدينة الرقة في سوريا. وتعتبر الميليشيات، على الورق على الأقل، تحت سيطرة الحكومة العراقية، ولكن الكثير من أقواهم ولائهم لإيران وكانوا متهمين بارتكاب أعمال وحشية خلال الحرب الأهلية الطائفية في العراق قبل نحو عقد من الزمان. ولكن الحرب ضد داعش قد أعطت لهم شرعية جديدة وسلطة سياسية، رغم أن جماعات حقوق الإنسان قد اتهمهم بالقيام بهجمات انتقامية ضد السنة خلال المعارك السابقة ضد الجماعة الإرهابية. ونوهت الصحيفة إلى أن دور الميليشيات قد أقلق تركيا، التي تتمركز قواتها في بلدة بعشيقة، والتي تقع في شمال الموصل، لتدريب المقاتلين الاكراد والعرب السنة. وقد فعلت ذلك دون موافقة حكومة بغداد التي يقودها الشيعة، والتي أكدت على أن نشر القوات التركية يشكل انتهاكا لسيادة البلاد. وتصاعدت حدة التوتر في الأسابيع الأخيرة، خاصة مع اصرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على أن تركيا لديها حقوق تاريخية في المنطقة التي يعود تاريخها إلى عهد الإمبراطورية العثمانية. ويعد الهدف من نشر تركيا لقواتها العسكرية في العراق مواجهة لنفوذ إيران وميليشياتها. والتنافس على النفوذ في شمال العراق بين تركيا وهي قوة سنية، وإيران الدولة الشيعية الأقوى في المنطقة، يعتبر جزءًا من الصراع الطائفي على نطاق أوسع والذي يمزق الشرق الأوسط.