داليا مصطفى: «كل مشكلة بتحصلي درس.. وبعيش أفضل أيام حياتي».. فيديو    مصادر طبية في قطاع غزة: مقتل 30 فلسطينيا جراء القصف الإسرائيلي المتواصل على غزة    ننشر النص الكامل لتعديل قانون مجلس الشيوخ    وزير الثقافة يوجه بوضع خطة مشتركة لعرض مونودراما «فريدة» بالمحافظات    الإحصاء: 4.7% ارتفاعًا فى الصادرات المصرية إلى دول الاتحاد الأفريقى عام 2024    رئيس الوزراء يتابع موقف تنفيذ مشروعات «الحزام الأخضر»    غرفة السياحة تشكِّل غرفة عمليات لمتابعة رحلات الحج    رئيس وزراء كوت ديفوار يستقبل وفدًا من اتحاد الصناعات المصرية لبحث التعاون    لتطوير البنية التحتية..الانتهاء من رصف عدة طرق بالواحات البحرية بتكلفة 11.5 مليون جنيه    انطلاق امتحانات الفصل الدراسي الثاني بكلية الدراسات الإسلامية في أسوان    إقبال كثيف على صناديق الاقتراع في الجنوب اللبناني    مقال رأي لوزير الخارجية عن انعكاسات خفض التصعيد على أمن الملاحة في البحر الأحمر    بث مباشر الآن مباراة بيراميدز ضد صن داونز في نهائي دوري أبطال أفريقيا (الاستديو التحليلي)    محمد صلاح يتوج بجائزة أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي لموسم 2024-2025    بمشاركة مصر.. مستويات منتخبات بطولة كأس العرب 2025    كشف هوية شاب عُثر على جثته داخل نهر النيل بقنا    الأرصاد: موجة شديدة الحرارة تضرب مصر حتى الإثنين.. وطقس معتدل يبدأ من الثلاثاء    بأسلوب الخطف.. القبض على المتهمين بسرقة المواطنين بالطريق العام    مفاجأة يكشفها تقرير الطب الشرعي في واقعة الاعتداء على طفل شبرا الخيمة    رئيس الوزراء يتفقد المركز القومي للتدريب بمقر هيئة الإسعاف المصرية.. صور    قصور الثقافة تطلق قافلة ثقافية إلى قرية منية شبين بالقليوبية    ب3 من نجوم ماسبيرو.. القناة الأولى تستعد لبث "العالم غدا"    الفرعون الذهبى يستقر بالمتحف الكبير :73 قطعة منها التاج وكرسى العرش والتابوت والقناع تنتظر الرحيل من 3 متاحف    فضائل العشر من ذي الحجة.. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة المقبلة    دراسة: النوم بين الساعة 10 و11 مساءً يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب    مطالبًا بتعديل النظام الانتخابي.. رئيس«اقتصادية الشيوخ»: «لا توجد دول تجمع بين القائمة والفردي إلا ساحل العاج وموريتانيا»    «الشيوخ» يوافق نهائيًا على تعديل قانون لإعادة تقسيم الدوائر الانتخابية (تفاصيل)    بعد توليها منصبها في الأمم المتحدة.. ياسمين فؤاد توجه الشكر للرئيس السيسي    فيلم «سيكو سيكو» يصدم أبطاله لليوم الثالث على التوالي.. تعرف على السبب    «فركش».. دنيا سمير غانم تنتهي من تصوير «روكي الغلابة»    رئيس بعثة الحج الرسمية: وصول 6720 حاجا للمدينة المنورة    «لافروف» يكشف عمل موسكو على وثائق متطلبات تسوية الحرب الروسية الأوكرانية    الهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل تطلق حملة «تأمين شامل.. لجيل آمن» بأسوان استعدادا لبدء التطبيق الفعلي للمنظومة في المحافظة 1 يوليو المقبل    مدبولي: هيئة الإسعاف دوماً رمزاً للتضحية والإنسانية ولها دورٌ في مواجهة الأزمات الكُبرى    مستقبل وريثة عرش بلجيكا في خطر.. بسبب أزمة جامعة هارفارد وترامب    احتفاء بتاريخ عريق.. رئيس الوزراء في جولة بين عربات الإسعاف القديمة    أنطونيو جوتيريش يحذر من المجاعة فى قطاع غزة    المتحدث العسكري: الفريق أحمد خليفة يعود إلى أرض الوطن بعد انتهاء زيارته الرسمية لدولة فرنسا    في ذكرى رحيل إسماعيل ياسين.. أحمد الإبياري يكشف عن بوستر نادر ل مسرحية «الست عايزة كده»    طاقم تحكيم مباراة البنك الأهلي والمصري في الجولة الثامنة للدوري    فتاوى الحج.. ما حكم استعمال المحرم للكريمات أثناء الإحرام؟    كواليس إحالة المتهمة بسب وقذف الفنانة هند عاكف للمحاكمة    13 لاعبة ولاعبًا مصريًا يحققون الفوز ويتأهلون للربع النهائي من بطولة بالم هيلز المفتوحة للإسكواش    لحظة أيقونية لمؤمن واحتفالات جنونية.. لقطات من تتويج بالأهلي ببطولة أفريقيا لليد (صور وفيديو)    جامعة سوهاج: اعتماد 250 مليون جنيه لفرش وتجهيز مستشفى شفا الأطفال    التحقيق مع 3 عناصر جنائية حاولوا غسل 60 مليون جنيه حصيلة اتجار بالمخدرات    3 تحديات تنتظر بيراميدز أمام صن داونز في ذهاب نهائي دوري أبطال أفريقيا    محافظ أسيوط يزور جامعة بدر ويتفقد قافلة طبية مجانية ومعرضًا فنيًا لطلاب الفنون التطبيقية    حكم طلاق الحائض عند المأذون؟.. أمين الفتوى يُجيب    وزير الري يوجه بتطهير مصرف البلبيسي بالقليوبية    لماذا يصل تأثير زلزال كريت إلى سكان مصر؟.. خبير فلكي يجيب    طرح خراف وأبقار حية بشوادر الشركة القابضة للصناعات الغذائية.. اعرف الأسعار    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 24-5-2025 في محافظة قنا    البابا تواضروس يترأس القداس من كنيسة العذراء بمناسبة يوبيلها الذهبي    اليوم.. محاكمة متهمين ب«داعش العمرانية»    عمرو أديب: ليه العالم بيعمل 100 حساب لإسرائيل وإحنا مالناش سعر؟    هل يجوز الحج عن الوالد المتوفي.. دار الإفتاء توضح    القيعي: الأهلي لم يحضر فقط في القمة.. وقرارات المسابقة «توصيات»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشعر الكلاسيكي منبع الفنون التراثية للمشرق الإسلامي
نشر في البوابة يوم 13 - 10 - 2016

يتعرض كتاب فن المنمنمات الأذربيجانية ومدرسة تبريز في عصر النهضة، لمؤلفة البروفيسور كريم كريموف أستاذ الفنون والعمارة بجامعة أذربيجان والحاصل على دكتوراه في العلوم الفلسفية ودكتوراه في الفنون والعمارة، تاقييفا رويا سيف الدين والحاصلة على الدكتوراه في تاريخ الفن، والذي نقله من اللغة الأذربيجانية إلى العربية عبد الرحمن عبد الرحمن الخميسي والصادر عن المركز القومى للترجمة 2015 في 305 صفحة من القطع الكبير، إلى أحد أهم الفنون التراثية للمشرق الإسلامي والتي اندثرت في وقتنا الراهن، وهو فن المنمنمات العظيم، الذي ورث أصولة عن حضارات ما قبل الإسلام مثل الحضارة الهندية والفارسية الذي يعد "احتكارًا " مقصورًا على دول المشرق الإسلامي دون غيرها.
وعندما نرى الآثار الرائعة لإبداعات القرون الوسطى، مثل السجاد ذي النقوش الرائعة والموضوعات المعبرة، والنسيج المزخرف، والنماذج البديعة المنقوشة على المعادن والفخار، والمصنوعات الدقيقة من الحلي، نجد أنها تشهد على العراقة والأصالة العميقة الحقيقة الفنية للشعب الأذرى، وتنوع تلك الثقافة وتفردها.
ويمثل التطلع إلى الجمال وعشق الحياة في العالم المحيط بها، إحدى الخصائص المميزة لإبداع الرسامين الأذريين وأساتذة فن الزخرف الذين جسدوا في أعمالهم الأفكار الجمالية لشعبهم. وقد حظيت أفضل نماذج فن الزخرف التطبيقي بالمجد والشهرة، وتخطت حدود أذربيجان محلقة بعيدا، لتنضم عن جدارة إلى الخزانة الذهبية للتراث الفنى العالمى. إن الملحمة الضخمة " شاة نامه" للفردوسي، والملاحم البطولية وملاحم العشق والرومانسية والأشعار الفلسفية الديالكتيك ( الجدلية ) لنظامي، قد تركت تأثيرًا قويًا على إبداعات الرسامين، وصارت دافعا مؤثرا لخلق تلك الإبداعات العديدة، إلى يتميز كل منها عن الآخر في علاقته الفكرية الجمالية، والتي بجوهرها الحياتي الدنيوي، والبعيد عن التوجه الدينى الزاهد الصارم.
ويتمتع فن المنمنمات لدى كل شعب بخصائصه المميزة. حيث إن خصائص تطور الحياة الاجتماعية، والمداخل الجمالية لدى كل شعب، هي التي تركت بصماتها على طابع تطور فنونه. ولهذا السبب، تختلف ملامح النماذج المتميزة غير المتكررة لفن المنمنمات لدى الشرق العربي عنها في تركيا وإيران وأذربيجان، وآسيا الوسطى. ومن المعروف أن أحد أقدم نماذج فنون الكتب الزخرفية لشعوب الشرق الأدنى والأوسط، قد تم أبداعها في المدن الأذربيجانية.
في أوائل القرن الرابع عشر، وفى ضواحي مدينة تبريز، نشأت مدن جديدة، هي جازانى، ورشيدى، والتي ضمت بداخلها المؤسسة الدراسية والعلمية، إضافة إلى مكتبة شاملة ومدارس فنية كبيرة. وفى تلك المدارس تم استقطاب أفضل فناني الخط، والرسامين، وغيرهم من أساتذة فنون الكتب الزخرفيه من مختلف البلدان، والذين قاموا بزخرفة الكتب والمخطوطات، ووضع الرسومات والصور لها، بما فيها الكتاب المرجعي " جامع التواريخ "، الذي وضعة رشيد الدين الطبيب المشهور والمؤرخ ورجل السياسة، والذي قام بإنشاء المركز الفنى العلمى.
لقد أبدع الرسامون الأذريون العديد من الرسومات الخاصة بالمؤلفات الخالدة لإعلام الشعر الشرقى الكلاسيكى. فنرى من بينها الزخارف التي زين مخطوطات: " شاه ناما " للفردوسي، و" خمسة لنظامي "، ومؤلفات سعدى وحافظ، جامى ونافوى، وخوسروف ديهليوى، والتي زينت أعمالهم بصور الرسامين الأذريين، وكذلك بالمنمنمات الرائعة المرسومة على صفحات مستقلة، والتي تم جمعها في ألبومات خاصة " مواركة "، لتشهد على أن فن المنمنمات الأذربيجاني قد مر عبر طريق طويل ومعقد في تطوره.
وفى القرن الخامس عشر، وتحت تأثير مدرسة تبريز، تطور فن المنمنمات في المدن الأخرى لأذربيجان، ذلك رغم أن نماذجها لم تكن قد تبلورت على نحو كاف. ويمكننا تتبع الملامح المميزة لمدرسة تبريز في منمنمات واحدة من المختارات التي وضعها شرف الدين حسين سلطان، وذلك في مدينة شيماخى في عام 1468 ومنمنمات مخطوطة " بستان " لسعدي، والتي وضعها عبد اللطيف الشيروانى في عام 1539.
ومن بين منمنمات نهاية القرن الخامس عشر، فإن أكثر نماذج الصور جاذبية، هي تلك الصور التي تعود إلى المخطوطة قليلة الحظ من الشهرة " خمسة " للشاعر نظامي. وعند مشاهدة المنمنمات التي تزين هذه المخطوطة، والتي تم وضعها في تبريز في نهاية القرن الخامس عشر – بداية القرن السادس عشر، يمكننا ملاحظة الاختلاف الواضح عن منمنمات أوائل القرن الخامس عشر، وذلك من حيث الحلول التشكيلية واللونية الفنية. فهى تتسم بالتعقيد والتنوع من حيث التشكيل، وبالثراء اللونى.
وتميز تطور فن المنمنمات في أوائل القرن السادس عشر، بالبحث عن وسائل فنية تعبيرية جديدة. غير أن منمنمات تلك الفترة اتسمت بالتشكيلات المختصرة، وتماسك الألوان، وبساطة تصوير المناظر الطبيعية. وفى فترة تشكل النمط الجديد، حدث تغير جوهري في تناول النموذج الإنساني. وتبلور هذا التغير في التالي " أصبح تناسب الشخصيات أكثر طبيعية، وتم وضع تصور أو " خريطة " للنماذج والتكوينات، وذلك في تناول نموذج الشاه ورجال البلاط. وفى أفضل أمثلة في المنمنمات في أوائل القرن السادس عشر، وخاصة في بعض رسومات مخطوطات " خمسة " لنظامي، و"جامع التواريخ "، تتجلى بوضوح الملامح الراسخة بصورة كافية للنمط المتطور.
وفى أعمال السلطان محمد ورسامي مدرسته، نجد أن فن " البورترية " ( فن تصوير الوجوه ) قد احتل مكانة كبيرة هناك. وقد قاموا بوضع خارطة محددة ونمط مقنن للبورتية الاحتفالي. وكانت النماذج المركزية لرجال البلاط المتأنقين " ذوى الوجوه القمرية " لا تختلف في ملامحها الذاتية، ولا في تشابه تصوير الوجه، وكانت تفتقر إلى التميز النفسي. وكانت هذه النماذج تجسد الجمال الأرستقراطي، والتغني به، والذي كان شاعر البلاط ورسامه مطالبين بالتعبير عنه. وحول هذا الأمر يتحدث ببلاغة ذلك الإهداء المذيل على البور تريه الذي رسمه السلطان محمد للشاه اليافع، وهو جالس يقرأ في كتاب: يقول الإهداء، " إن العناية الإلهية التي خلقت يوسف على هذا النحو الرائع من الجمال، هي ذاتها التي حملت الفرشاة كى ترسم بها هيئتكم البديعة ".
واستمر رسامو مدرسة تبريز هنا في تطوير المذاهب الفنية، تلك المذاهب التي قاموا بوضعها من قبل، في الأعوام من 1530-1540. ولهذا فإن المنمنمات التي وضعوها في قزوين في أعوام 1550 -1560، أو تلك التي أعادت هذه المدرسة رسمها، لم تختلف كثيرًا من حيث بنائها الرمزى عن نمط السلطان محمد والرسامين التابعين لمدرسته.
أن تكون النمط الجديد في المنمنمات الفنية في قزوين، قد جرى في سبعينات القرن السادس عشر. وعبر المرحلة المعقدة لتشكيل مدرسة قزوين، ترك إبداع المجموعة الجديدة من الأساتذة الموهوبين الآذريين تأثيرًا عظيمًا على تلك المدرسة، إضافة إلى العوامل الأخرى التي أثرت عليها. وكان من بين أولئك الأستاذة الأذريين: محمدي، وصادق بك أفشار، وزين العابدين، وعلى راز البريزى، سياوش بك،وغيرهم. كما أثر تأثيرًا حاسمًا على تطور نمط العاصمة الجديد العمل الإبداعي الطليعي لرسامي تبريز البارزين: محمدي، وصادق بك أفشار.
إن الوحدة النمطية والنضج الحرفي، والتنوع الإبداعي في البحث، والوسائل والخطوط المميزة لرسامى تبريز الذين تركوا إسهاما قويًا في تطور فن المنمنمات في قزوين، وفى أصفهان لاحقًا، يمكن تتبعها جميعًا في صور " جارشاسب ناما " عام 1573، و" شاه ناما " عام 1576 – 1577، التي رسمها كل من: صادق بك أفشار، ومير زين العابدين، وسيفوش بك، ومظهر على، وفى منمنمات على رازا لمخطوطة " صحبة الأبرار " وفى بورتريهات كمال تبريزى. وجميع تلك الأعمال تميز المرحلة الأخيرة من تطور المنمنمات الأذربيجانية، وتحدد موقعها وأهميتها في التطور العام لفن المنمنمات في نهاية القرن السادس عشر – أوائل القرن السابع عشر. إن دراسة المنمنمات الأذربيجانية من مختلف المناظير، سوف تمهد الطريق نحو نفاذ أكثر عمقًا في تاريخ الثقافة والفن للشعب الأذرى، وتسمح بالتقييم الجدير لإسهام هذا الشعب في الذخائر الثمينة للثقافة الفنية العالمية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.