ترأس "فرنسيس" بابا الفاتيكان، في الساعة الثامنة من صباح اليوم السبت، القداس الإلهي في أستاد ميكائيل مسخي في تيبليزي، بحضور السلطات المدنيّة الجورجيّة وممثلين عن البطريركيّة الأرثوذكسية وبطريرك بابل للكلدان مار لويس روفائيل ساكو، وممثلين عن الكنيسة الأرمنيّة الكاثوليكية وحشد كبير من المؤمنين. وألقي البابا عظة استهلّها بالقول: بين العديد من كنوز هذا البلد الرائع تسطع قيمة النساء الكبيرة فهن – تكتب القديسة تريزيا الطفل يسوع، التي نحتفل بعيدها اليوم – "يحببن الله أكثر بكثير من الرجال". وتابع: نجد في جورجيا العديد من الجدات والأمهات اللواتي لا تزال تحافظ وتنقل الإيمان الذي زرعته القديسة نينو في هذه الأرض، وتحمل المياه المنعشة لعزاء الله إلى العديد من أوضاع الجفاف والنزاع، كما تأخذ الأم على عاتقها أثقال وأتعاب أبناءها، هكذا يحب الله أن يحمل على عاتقه خطايانا وما يُقلقنا؛ هو يعرفنا ويحبّنا بشكل لامتناهي، هو يتأثّر بصلاتنا ويعرف كيف يمسح دموعنا، إن التعزية التي نحتاج إليها وسط أحداث الحياة المشوِّشة هي حضور الله في قلوبنا. وأضاف: حضور الله في داخلنا هو مصدر التعزية الحقيقيّة التي تبقى وتحرّر من الشرّ، تحمل السلام وتنمّي الفرح، فإذا أردنا أن نعيش كأشخاص يُعزَّون ينبغي علينا أن نفسح مجالًا للرب في حياتنا، وبالتالي هناك أبواب تعزية ينبغي علينا أن نتركها مفتوحة على الدوام لأن يسوع يحب أن يدخل من خلالها وهي: أن نقرأ الإنجيل يوميًّا ونحمله معنا على الدوام، الصلاة الصامتة والتأمّليّة، الاعتراف والافخارستيا، فمن خلال هذه الأبواب يدخل الرب ويعطي طعمًا جديدًا للأمور، ولكن عندما نغلَقُ أبواب قلوبنا، يتوقف نوره عن الوصول إليها ونبقى في الظلام، فننغلق في الحزن وحيدين داخل أنفسنا، لكن الله لا يعزينا في قلوبنا وحسب. وتابع "فرنسيس" مستشهدا بلام النبي أشعياء قائلًا: "وفي أورُشليمَ أنتُم تُعَزَّونَ". في أورشليم أي في مدينة الله في الجماعة، عندما نكون متّحدين وعندما يكون هناك شركة بيننا تعمل عندها تعزية الله؛ الكنيسة هي بيت العزاء وهنا يرغب الله بأن يعزّي. وقال: يمكننا أن نسأل أنفسنا: أنا الذي في الكنيسة هل أحمل عزاء الله للآخرين؟ هل أعرف كيف أستقبل الآخر كضيف وأعزي من أراه تعبًا وخائبًا؟ كثيرون يتألّمون ويختبرون المحن والظلم ويعيشون القلق، هناك حاجة لمسحة القلب، لتعزية الرب تلك التي لا تزيل المشاكل ولكنها تعطي قوّة الحب التي تعرف كيف تتحمل الألم بسلام، أن ننال ونحمل عزاء الله: عن رسالة الكنيسة هذه لملحّة جدًّا، أيها الإخوة والأخوات الأعزاء لنشعر بأننا مدعوون إلى هذا الأمر. واستطرد: لكن هناك شرط أساسي لنوال تعزية الله وتذكّرنا به اليوم كلمته: أن نصبح كالأطفال وأن نكون "مِثلَ مَفطومِ في حِضْنِ أُمِّهِ". إن صغر القلب هذا ضروري كي نقبل محبة الله. فمَن وضَعَ نفسَه وصارَ مِثلَ الطِّفل – يقول لنا يسوع – فذاك هو الأَكبرُ في مَلَكوتِ السَّموات. إن عظمة الإنسان الحقيقيّة تقوم في التصاغر أمام الله، لأننا لا نتعرّف على الله من خلال الأفكار البليغة وكثرة الدراسة وإنما من خلال صغر قلب متواضع وواثق". وأكد أن "الأطفال لا يعانون من مشاكل لفهم الله وبإمكانهم أن يعلموننا الكثير: يخبروننا بأنه يصنع العظائم في الذين لا يقاومونه وفي البسطاء والصادقين الذين لا يعرفون الرياء، وهذا الأمر يُظهره لنا الإنجيل أيضًا حيث تتم العظائم بواسطة أمور صغيرة: ببعض الأرغفة وسمكتين، بواسطة حبّة خردل، من خلال حبة الحنطة التي تقع في الأرض وتموت، بواسطة كأس ماء نسقيه لعطشان، من خلال فلسي الأرملة الفقيرة، ومن خلال تواضع مريم أمة الرب..هذه هي العظمة المدهشة لإله مليء بالمفاجآت ويحب المفاجآت: فلا نفقدنَّ إذًا الرغبة والثقة بمفاجآت الله".