بعد عام من الغموض والفساد والتستر على مذنبين، والإيقاف، والاستئناف، والمنشطات، التي سيطرت على "أم الألعاب" في دورة الألعاب الأوليمبية، انقبض قلب وروح ألعاب القوى، التي تبحث عن نفسها، خاصة أنها يكون لها النصيب الأكبر من الميداليات في دورات الألعاب الأوليمبية. ولا تخيم سحابة منشطات وحسب فوق ألعاب القوى في دورة "ريودي جانيرو" التي تنطلق خلال أيام بالبرازيل، بل هناك دخان كثيف بلغ كل مكان وترك اللعبة تترنح على حافة الهاوية. قبل ساعات من انطلاق دورة "ريودي جانيرو" فجرت اللجنة الأوليمبية الدولية واتحاد ألعاب القوى، مفاجأت عديدة بسحب "الميداليات الذهبية والفضية والبرونزية من لاعبات دول كازاخستان وروسيا وبيلاروسيا، بسبب المنشطات. ويبدو من المرجح أن يجذب الجاميكي يوسين بولت، اهتمام العالم في ظل محاولته للفوز بسباقات السرعة الثلاثة في الأولمبياد للمرة الثالثة على التوالي. وسيحاول البريطاني مو فرح، أن يصبح الرجل الثاني فقط الذي يجمع مجددًا بين سباقي المسافات الطويلة وستتطلع النيوزيلندية فاليري آدمز أن تؤكد مكانتها، ضمن أفضل المتسابقات على الإطلاق في دفع الجلة بإحراز اللقب الأوليمبي للمرة الثالثة على التوالي. لكن هذه العروض المنتظرة وكل ما سيحدث على مدى أكثر من عشرة أيام في ريو سيتابع من منظور المنشطات، بينما يأتي غياب المتسابقين الروس بسبب الإيقاف بمثابة تذكير يومي للكارثة التي حلت باللعبة. ولا يعني هذا أن الجميع سيشكون في تعاطي بولت وفرح وآدمز للمنشطات، بل هناك تخوف من حدوث أسوأ من ذلك بانخفاض مستوى الاهتمام. وحصل قبل عام واحد، بولت على إشادة باعتباره منقذ ألعاب القوى، بعدما فاز على جاستن جاتلين، الذي أدين مرتين بتعاطي المنشطات، في نهائي سباق 100 متر ببطولة العالم. وإذا كان بولت سليما تماما من إصابة في عضلات الفخذ الخلفية فإنه سيملك فرصة كبيرة لتعزيز موقعه "كأسطورة" في الرياضة والفوز بسباقي المسافات القصيرة وسباق أربعة في 100 متر تتابع مع جاميكا. وقدم بولت عرضا قويا في لندن الأسبوع الماضي ليظهر جاهزيته والآن بات في حاجة فقط للوصول إلى قمة مستواه الذي جعله يهيمن على اللعبة على مدى آخر ثماني سنوات. وسيعود جاتلين للمشاركة في الدورة الأوليمبية، بينما لا يزال يشكو من إدانته ولا يزال يحصل على مبالغ ضخمة من الرعاة ولا يزال يعمل تحت قيادة مدرب أدين سابقًا في قضية منشطات وهو دينيس ميتشل. وفي الوقت الذي كانت فيه الولاياتالمتحدة أكبر الداعمين لفرض إيقاف شامل على البعثة الروسية بسبب المنشطات فإن وجود جاتلين ضمن الفريق الأمريكي يظهر عدم وجود رغبة ملحة في وجود رياضة نظيفة. وسيشارك العشرات من العدائين والمتسابقين في المنافسات المختلفة في ريو، لاكتساب شهرة وتحقيق مجد إحراز ميدالية والفوز بمكافآت مالية رغم الخضوع للإيقاف سابقا بسبب الغش. على الجانب الآخر سيغيب العشرات، الذين لم يتعرضوا للإدانة، بسبب منع المتسابقين الروس من المشاركة بمنافسات ألعاب القوى. واحتلت روسيا المركز الثاني خلف أمريكا في جدول ميداليات ألعاب القوى في أولمبياد لندن 2012 لكن الاتحاد الدولي لألعاب القوى وجد أن ثقافة تعاطي المنشطات كانت متأصلة في روسيا وبدعم الدولة وأن الدلائل كانت واضحة ليصر على منع كل المتسابقين من الظهور في ريو. وستشارك دول أخرى قوية في ألعاب القوى - ومنها كينيا - بعد سقوط العديد من المتسابقين في اختبارات لتعاطي المنشطات وبعد تعرض المنظمات الوطنية لمكافحة المنشطات لانتقادات بداعي التقصير. ويبدو وكأن الحديث عن قضايا المنشطات لا يكفي الاتحاد الدولي للقوى واللجنة الأوليمبية الدولية في ظل توقعات بتجدد الجدل حول كاستر سيمينيا متسابقة جنوب أفريقيا إذا بلغت مستوى التوقعات وفازت بسباق 800 متر للسيدات. وتعرضت سيمينيا لأوقات صعبة منذ فوزها ببطولة العالم 2009، واضطرت في البداية للانسحاب من بطولات بينما خضعت لاختبارات لتحديد الجنس وتجادل الخبراء حول إمكانية السماح لها بالمشاركة في منافسات السيدات بسبب ارتفاع كبير في مستوى هرمون الذكورة تستوستيرون. وعادت سيمينيا للمنافسات وحققت أزمنة رائعة، لكن لا يزال الجدل مستمرا حول أحقيتها في المشاركة. وفي منافسات سباق 800 متر للرجال سيقاتل ديفيد روديشا ليكون في قمة مستواه، وإذا احتفظ باللقب سيعد ذلك نصرا كبيرا للكينيين. وقال سيباستيان كو، رئيس الاتحاد الدولي للقوى، إنه يعتقد أن فوز روديشا، بعد تحطيم الرقم العالمي كان أبرز أحداث أولمبياد لندن. ويأمل كو، صاحب الرقم العالمي سابقا في سباق 800 متر والفائز مرتين بسباق 1500 متر بالأولمبياد، أن ينصب تركيزه في ريو على متابعة عروض مذهلة جديدة. لكن رغم ذلك من غير المرجح حدوث هذا الأمر. وسيقام ماراثون الرجال في نهاية جدول برنامج ألعاب القوى في 21 أغسطس.