سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"داعش" يفقد المركز.. هل تتحول "الخلافة" لصيغة شكلية؟.. أدبيات التنظيم تكشف عودة "داعش" ل"إدارة التوحش"... مراقبون: انحصاره في الداخل نشط أطرافه.. وباحث: قد يكون ل"داعش" تنظيم في الغرب
لم ينف تنظيم "داعش" الإرهابي الخسائر التي تعرض لها خلال النصف الأول من العام الجاري. قلل منها فقط، إذ قدم التنظيم في إفتتاحية أحد اعداد صحيفة "النبأ" الناطقة باسمه، تحت عنوان "أوهام الصليبيين في عصر الخلافة" رؤيته حول الخسائر. وزعم أن فكرة الخلافة مستمرة حتى لو سقطت كل المدن التي يسيطر عليها التنظيم، في اعتراف ضمني بفشله في الحفاظ على تدمر والرقة والفلوجة، ومضت الصحيفة، مشددة للدول الغربية والتي تسميها ب"الصليبيين"، على أن القضاء على "تنظيم الدولة" يعني القضاء على جيل بالكامل وهو الأمر الذي وصفته ب"المستحيل". بشكل موازي، كانت كلمة المتحدث باسم التنظيم الإرهابي، أبي محمد العدناني، التي استبق بها شهر رمضان، ودعا فيها إلى استهداف أعداء "الخلافة" في عقر دارهم. وتطرق "العدناني" خلال كلمته المسجلة إلى ما اعتبره أرث التنظيم في مواجهة محاولات القضاء عليه، إذ ذكر فشل معارك أشرفت عليها أمريكا في 2008، للقضاء على المتشددين في العراق، وهم الذين تكونت منهم نواة "داعش" بعد ذلك، ليأكد بذلك إن "التنظيم" تعرض لظرف مشابه من قبل لكنه استطاع المواجهة والبقاء. وتأتي كلمة "العدناني" لتؤكد روايات تحجيم التنظيم في سورياوالعراق وليبيا "دول المركز". ويتسق ذلك مع تقرير لصحيفة "واشنطن بوست"، إذ قدرت الصحيفة خسائر التنظيم، منذ بداية العام ب12% من أراضيه، ذاهبة إلى أن "داعش" يعد لما بعد "الخلافة". ووفقًا لأدبيات التنظيم، فقد قسم كتاب "إدارة التوحش" لصاحبه أبو بكر ناجي، كتاب يشرح فكر وإستراتيجية تكوين الخلافة للتنظيمات الإرهابية، مراحل الإعلان عن "دولة إسلامية" إلى ثلاثة. وسميت المرحلة الأولى ب"شوكة النكاية والإنهاك"، فيما سُميت الثانية ب"إدارة التوحش"، والمرحلة الثالثة حملت اسم "شوكة التمكين" وفيها يتم الإعلان عن الدولة، وهي المرحلة التي تجاوزها "داعش" منذ عامين، بإعلانه عن خلافته. وإذا ما صحت روايات أن "داعش" تم تحجيمه لدرجة تدفعه للتخلي عن "الخلافة"، يطرح سؤال "هل يعود "داعش" لمرحلة ما قبل الخلافة، والتي تسمى وفقًا للكتاب ب"إدارة التوحش". وشرح أبو بكر ناجي، مرحلة "إدارة التوحش"، بأنها المرحلة التي يكون فيها عمل منظم غير عشوائي يستهدف منه إنهاك حكومات الدول المركزية للتنظيم وإعداد المشهد لمرحلة الخلافة، ويقصد بالدول المركزية الدول التي يسعى التنظيم لكي تكون مقر دولته، وهي سورياوالعراق وليبيا في حالة "داعش". واتفق الدكتور حسن أبو طالب، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، مع رواية تراجع "داعش" خطوة للوراء في دوله المركزية، مستبعدًا إن يتم الإعلان رسميًا عن زوال الخلافة. وقال في تصريحات ل"البوابة نيوز" إن التنظيم ربما يكون قد عاد إلى "إدارة التوحش"، لكنه سيتمسك ب"خلافته" لأنها السبب الذي يجمع متطرفي العالم حوله، علاوة على جذبه لمتطرفين جدد. ولفت إلى أن "داعش" يعتبر نفسه المنفذ لحلم "الخلافة" الذي فشل في تنفيذه تنظيمات مثل "القاعدة"، ما يعني أن زوال الخلافة هو زوال لأسباب تفوقه، ومن ثم انتهاء أسباب الانبهار به. ورجح أن تتحول "خلافة داعش ل"صيغة شكلية"، مع استمرار التنظيم في الاتجاه نحو الانحصار. وبخصوص تكثيف التنظيم للعمليات الإرهابية في أوروبا، فقال "أبو طالب"، إنها رد فعل للضعف الذي يتعرض له "داعش" في المركز، معتبرًا أن ضعفه في سورياوالعراق، نشط أطراف في فرنسا مثلًا عبر عملية "نيس" التي أدت لوفاة 84 شخصا، مساء الخميس الماضي. وتساءل:" لو فرضنا أن "داعش" قرر التركيز على الخارج بعد الضغط عليه في الداخل، هل الممثلين للتنظيم في أوروبا نجحوا في تشكيل تنظيم إرهابي غربي متماسك؟ أم ما يحدث هناك عمليات فردية؟". وأوضح إن الرد على هذا السؤال ليس سهلًا ويحتاج إلى معلومات ومتابعة وفترة زمنية تتكشف خلالها الأمور. وأكد أن "داعش" سيستمر حتى لو تقلصت نفوذه في الداخل، لاعتبارات "اللامركزية" التي ينتهجها التنظيم في إدارته والتي تضمن استمرار عمل الأفرع حتى لو سقط الجوهر، وقال إن التنظيم يترك، وفقًا لها، حرية الاختيار والقرار، لعناصره حسب الظروف المتوفرة لديهم. من جانبها أكدت الدكتورة نورهان الشيخ، أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة، على أن "داعش" يتعرض لخسائر في الداخل، معتبرة تحركه في الغرب بالرد على هذه الخسائر، ولفتت إلى أن أن دولة التنظيم تتعرض لتهديد حقيقي، وهو ما يتسق مع احتمالية تحول عملياته من مستوى الحملات والمنافسة على مدن إلى عمليات دفاعية عن ما تبقى في حوزته. خالد رفعت رئيس مركز طيبة للدراسات السياسية والإستراتيجية، هو الآخر أيد روايات ضعف "داعش"، مؤيدًا طرح زوال "الخلافة". وقال إن التنظيم فقد أكثر من 30% من أراضيه وباسترداد الموصل، معقل التنظيم في العراق، يكون قد فقد كل مدنه الرئيسية ولم يتبق معه إلا قرى محدودة غير مهمة. واستبعد احتمالية أن يكون ل"داعش" كيان تنظيمي في أوروبا، قائلًا إن ما يحدث هناك هي عمليات فردية، ينظمها عناصر متعاطفة مع "داعش"، ولا تنتمي له تنظيمًا. ودلل على ذلك بعملية "نيس" في فرنسا، التي قال إنها لم تحتاج إلى تخطيط. وتوقع أن تزيد العمليات في أوروبا خلال النصف الثاني من العام، كرد على تقلص التنظيم في الشرق الأوسط، يذكر أن عمليات التنظيم في الغرب تسمى وفقًا لكتاب"إدارة التوحش"، ب"مراحل بقية الدول"، وتم تقسيمها، بحسب الكتاب، إلى مرحلة "شوكة النكاية والإنهاك"، وهو ما يقوم به "داعش" تجاه الغرب، منذ الإعلان عن ظهوره، والمرحلة الثانية تدعى "مرحلة التمكين"، وفيها يتم الإعلان عن ولايات ل"داعش" في الغرب".