"البوابة" تحدثكم من العاصمة الإدارية الجديدة

«السيسي» يضع حجر الأساس قبل العيد.. و18 وزارة تباشر عملها من هناك منتصف 2018.. ملحمة وطنية تنفذها المقاولون العرب وأوراسكوم وأبناء حسن علام وكونكورد وإيجيكو.. 30 كيلو مترًا شبكة أنفاق كهرباء هى الأكبر فى تاريخ المنطقة.. وتكسير 25 ألف متر صخور يوميًا
سمع المصريون لأول مرة عن مشروع العاصمة الإدارية الجديدة فى مارس 2015 إبان مؤتمر مصر الاقتصادى بشرم الشيخ.
شائعات كثيرة أثيرت حول إمكانية تنفيذ المشروع فى ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، إلا أن الحلم أصبح واقعا على الأرض، وسعت «البوابة» لرصد حقيقة ما يجرى على أرض الواقع من خلال زيارة خاصة إلى موقع العمل.
على بعد 60 دقيقة من وسط القاهرة، مرورا بطريق مصر السويس الصحراوى، فى الجهة المقابلة لمدينة بدر، تقع بوابة طريق فردى قديم يعرف بطريق السخنة هناك، موازيا للطريق الدائرى الإقليمى الجديد، على بعد كيلو مترات قليلة، يقع مدخل مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، يسمح للجميع بالدخول بعد تحصيل 10 جنيهات رسوم الطريق، وعندما تعبر بوابة الرسوم، متجها لمواقع العمل، تزاحمك فى السير سيارات النقل الثقيل والمتوسط والخفيف وسيارات نقل الأفراد «ميكروباص»، وقليل من السيارات الملاكى.
مدقات باتت مرسومة واضحة لم تكن بهذا الشكل قبل شهر ونصف والشهر، مكتظة بالمعدات التى تسابق الزمن عملا وتحركا هنا وهناك، ورش بسيطة لصيانة المعدات بدت منتشرة على بعد مسافات قليلة من بعضها البعض، تجد زحاما فى السير، الكل مسرع، عمالا يختبئون من حرارة الجو فى الصيام أسفل لافتات كبيرة، ومنهم من يجلس منحنيا أسفل المعدات، ومنهم من ينتظر عمله كمساعد سائق «تباع»، ومنهم من ينتظر بدء ورديته، أغلبهم صائمون، قادمون من محافظات الصعيد، وشمال سيناء خاصة «العرايشية»، يشتهرون بامتلاك وتشغيل المعدات الثقيلة من لوادر وحفارات وبلدوزرات وغيرها، وبعضا غير قليل من محافظات الوجه البحرى، كلهم تشاهدهم عند دخولك متجولا مواقع العمل.
أكثر من 7 آلاف شخص بين مهندسين ومساعدين ومشرفين وعمال يملأون المنطقة، وقرابة ال3 آلاف معدة من لوادر وحفارات وهراسات وسيارات نقل ثقيل بأنواعها، يعملون مع تحالف من كبرى الشركات المصرية، ترى بعينك إنجازا غير مسبوق فى تاريخ إنشاء المشاريع العملاقة، واستخدام كل السبل والوسائل الحديثة فى الإنشاءات، لا يصدقون ما وصلوا إليه، ملحمة فى حالة تطور متواصلة.
تم تنفيذ أغلب إنشاءات الطرق الداخلية المصممة على أحدث الطرازات، والتى أوشك بعضها على الانتهاء تماما، بالتزامن مع قرب انتهاء كامل «المعديات» أسفل هذه الطرق لربط شبكة أنفاق دائرية داخل العاصمة بأكملها على عمق يصل 60 مترا مخصصة لكابلات ومستلزمات الكهرباء، ناهيك عن بدء تشغيل عمليات حفر لمواسير المياه والصرف، وذلك قبل صدور أوامر الإسناد ورقيا بشأن أغلبها، ومع ذلك تسابق الشركات بعضها لإنجاز تأسيس البنية الأساسية والمرافق، والكل يجرى ليلا ونهارا على قدم وساق.
العاصمة الجديدة
190 ألف فدان هى إجمالى مساحة العاصمة الإدارية الجديدة بحسب القرار الجمهورى بشأنها، تتوسط المسافة بين القاهرة شرقا والسويس غربا، ويحدها طريق السويس من الجانب البحرى، وطريق السخنة من الجانب القبلى، ومن الجانب الغربى مدينة الرحاب ومدينتى، ومن الجانب الشرقى وصولا لإقليم قناة السويس بدءا من ناحية السخنة.
8 أحياء سكنية هى جملة المخطط العام للإسكان فقط، بدأت الإنشاءات للحى السكنى الثالث كأسبقية أولى ضمن المرحلة الأولى العاجلة، بوصفه أكبر الأحياء، يضم نحو 25 ألف وحدة سكنية، على مساحة 1500 فدان، ما بين إسكان اجتماعى ومتوسط ومتميز، وفيلات.
بدأ العمل على مساحة 3 آلاف فدان كأسبقية أولى للمرحلة الأولى العاجلة، فى الجزأين السكنى والجزء الآخر فى منطقة الحكم، والمقرر انتهاء تنفيذها فى غضون 18 شهرا، بحسب أوامر إسناد المشاريع للشركات، منها 1500 فدان لإنشاء أول حى سكنى، و1500 فدان أخرى لمنطقة الحكم التى تضم مقار الوزارات والسفارات ومجلس النواب والمبنى الرئاسى، يجرى تنفيذها حاليا ضمن المرحلة العاجلة، التى طالب الرئيس السيسى بانجازها فى غضون أقل من عامين.
المنطقة السكنية
كان فى استقبالنا المهندس الشاب أحمد العربى، أحد ممثلى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، معين أوائل خريجي دفعة 2012، ترك العمل فى الكويت، براتب يعادل 12 ألف جنيه مصرى، للمشاركة فى إنشاء مشروع العاصمة الجديدة، براتب أقل من السابق بكثير، يتواجد داخل الموقع ليلا ونهارا حسب حاجة العمل، شكا عدم اقتناع أصدقائه والمقربين منه بما ينقله لهم الإعلام حول سير العمل فى العاصمة الجديدة، والإنجازات غير المسبوقة فى تاريخ الدولة المصرية.
حكى لنا تفاصيل كثيرة كلها صعوبات وتحديات هزمتها الإرادة المصرية، فى غضون شهر ونصف الشهر فقط منذ بدء العمل والوصول إلى السقف الرابع لعدد من العمائر، إضافة إلى قرب انتهاء أعمال الحفر وإزالة الصخر فى كامل منطقة الإنشاءات، بوصفه إنجازا تاريخيا لم يسبق له مثيل بحسب العربى.
يضم الحى السكنى الثالث الذى يجرى تنفيذه، 8 مجاورات، تم تخصيص المجاورتين الرابعة والخامسة لإنشاء فيلل، تتولى الهيئة الهندسية للأشغال تنفيذها، والتى بدأت بالفعل.
فى المرحلة الأولى تم إسناد 241 عمارة للشركات لتنفيذ المجاورتين الأولى والثامنة، من الحى السكنى الثالث، بواقع 44 عمارة تم إسناد تنفيذها للمقاولون العرب، 61 عمارة لطلعت مصطفى، 61 عمارة لشركة كونكورد، 36 عمارة لبتروجت، 31 عمارة للشركة القابضة.
تم الاتفاق مع كل الشركات، على أن تقوم بالتشغيل من خلال تنفيذ 2 شدة معدنية فى وقت واحد، وهى سابقة لم تحدث فى تاريخ المقاولات فى منطقتنا العربية، ما يعنى أنك تنفذ سقفًا وأعمدة فى وقت واحد لنفس المبنى، وفق معدات ومواد حديثة للحصول على أعلى جودة مع سرعة التنفيذ. جدول أعمال يحدث يوميًا لرصد البرنامج الزمنى لسير العمل، وما تم إنجازه من أعمال حفر وخرسانات عادية ومسلحة وأعمدة وأسقف وغيرها من بنود الأعمال التى تجرى بشكل يومى. بدأ العمل فى المجاورة الأولى والثامنة، والثانية والسابعة تتولى القوات المسلحة تنفيذها، وجارٍ تسكين باقى المجاورات للشركات لتنفيذها، هذا فيما يخص الأسبقية الأولى ضمن المرحلة الأولى العاجلة.
منطقة الحكم
تقع منطقة الحكم فى الجهة الشرقية من الطريق الدائرى الإقليمى، بينما تقع المنطقة السكنية غرب الطريق الدائرى الإقليمى، والتى يطلق عليها تجمع الشيخ محمد بن زايد السكنى، والجزء الآخر الذى يقع شرق الطريق يطلق عليه العاصمة الإدارية وكلاهما مجتمعين يطلق عليهما العاصمة الجديدة.
«بنقطع فى الجبل».. هكذا استهل المهندس هيثم الشافعى أحد ممثلى وزارة الإسكان، يعمل مديرا تنفيذيا، يتبع لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، حديثه وهو يقوم بالإشراف على أعمال مشروع ال 740 فدانا التى ينفذ مرافقها الأساسية اتحاد شركتى أوراسكوم وأبناء حسن علام، ومرافق طريقى الشيخ محمد بن زايد الجنوبى.
نقطع 25 ألف متر من الصخر يوميًا، قطع وردم، وجاءت شركات تعرض الاستفادة من هذه الصخور من خلال جلب معداتها لتدويرها واستغلالها كخامات، ونعمل وفق مواصفات ونتبع أعلى معايير الجودة فى كل العمل.
الأسبقية الأولى فى منطقة الحكم مقسمة إلى 3 مراحل : منطقة الوزارات وتقع على مساحة 550 فدانا، تنفذ فيها المقاولون العرب البنية الأساسية والمرافق، 1130 فدانا أخرى تنفذها الشركة القابضة، ومنطقة ال 710 أفدنة، تنفذها شركة كونكورد، وفقا لأوامر الإسناد التى حددت مدة 18 شهرا لانتهاء تنفيذ هذه المشاريع.
كما خطط لإنشاء مراكز للمؤتمرات، وأماكن متعددة الاستخدامات فيما بعد، مدينتى معارض «أ و ب»، ومنطقة سفارات، كما يكمن بها الحى السكنى الثامن امتدادًا للمنطقة السكنية فى الجهة الغربية، ومنطقة استثمار كاملة.
قرابة مائتى معدة ثقيلة لا تسمع منها غير صافرات إنذارها، وإشارات صوتية بين بعضها، تتحرك على أساسها، وسماء معبأة بالأتربة، سيارات تجرى هنا وهناك، لا ترى بعينيك غير خلية عمل عملاقة من المعدات والبشر، ولا تكتشف حجم العمالة إلا عندما يجىء وقت تغيير الورديات وخروجهم، حتما ستفاجأ بالأعداد الغفيرة.
18 وزارة ستنقل منتصف 2018، وتستعد الشركة الصينية «سى سيك» لوضع حجر الأساس للتشغيل، وبدء إنشاءات المقار الوزارية ومجلس الوزراء، ويوجد فريق منها هنا حاليًا يجهز لبدء عمليات التشغيل.
قابلنا المهندس مجدى عبدالمنعم، أحد ممثلى وزارة الإسكان، يعمل مديرا تنفيذيا لمنطقة ال 710 أفدنة، والمشرف على أعمال شركة كونكورد لأعمال البنية الأساسية، بدأ حديثه معنا قائلا: 12 معدية و3 أنفاق تم إنجازها، طريق بن زايد الجنوبى والشمالى، إنشاءات فى المنطقة السكنية، طرق داخلية، نتكلم من أرض الواقع، اللى عايز يعرف حجم العمالة ييجى وقت تغيير الشيفتات ويشوف العربيات اللى خارجة بالعمال، فى رمضان..85٪ من المعدات تعمل بعد الإفطار، لو مفيش شغل على أرض الواقع مش هنعرف نتكلم كدا.
تساءل المهندس مجدى: من كان يصدق أنه يمكن إنجاز ما تم إنجازه فى غضون شهرين فقط؟، طرق قاربت على الانتهاء، صببنا السقف الرابع، خيال هو أقل ما يمكن أن نصف به ما حدث، منطقة ال 710 أفدنة التى تقوم شركة كونكورد بإنشاء البنية الأساسية لها، كلها بالكامل صخرية، بنقطع من 10 ل 15 مترا ارتفاعا، ال 44 عمارة التى تنفذها كونكورد كلها يتم إنشاؤها على أرض ذات طبيعة صخرية، وأغلب المنطقة السكنية التى تعمل فيها شركة المقاولون العرب، والشركة القابضة هى منطقة صخرية، نزيل من 5 ل 12 مترًا عمقًا صخريًا، وأحكى عن واقع مرئى، أما بالنسبة للمنطقة التى تعمل بها شركة طلعت مصطفى وبتروجت، فهى منطقة سهلة عن غيرها، ليست بها صخور، المطار هو آخر المخطط العام يكمن شرق منطقة الرئاسة، نهاية حدود العاصمة الجديدة من الجهة الشرقية ناحية إقليم قناة السويس.
طرق العاصمة
3 طرق رئيسية داخل العاصمة الإدارية الجديدة، توازى طريقى السويس من الجهة البحرية، وطريق السخنة من الجهة القبلية، ويقطعهما طريقا الدائرى الأوسطى حول القاهرة من الجهة الغربية، والطريق الدائرى الإقليمى من الجهة الشرقية، يليه فى اتجاه الشرق أيضا الجزء الأخير من العاصمة المعروف بمنطقة الحكم الذى يصل مداه لإقليم القناة.
طريق الشيخ محمد بن زايد الشمالى والجنوبى وشارع التسعين، هى مسميات الطرق الرئيسية للعاصمة، تم إنجاز جزء كبير من طريق الشيخ محمد بن زايد الجنوبى، ويلاحقه إنجاز محمد بن زايد الشمالى، إلى جانب قطع شوط ليس بالقليل فى طريق شارع التسعين، الذى يصل للدائرى الأوسطى مرورًا بالتجمع الخامس فى القاهرة الجديدة.
وبالطبع هناك طرق داخلية تقطع الطرق الرئيسية، تجرى تنفيذها الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، تزين كل 500 متر تشقها بأعلام كثيرة تأخذ ألوان الأبيض والأحمر والأسمر، تجسيدا لعلم مصر، إيذانا بشق الحياة هناك، واقع بات مرسومًا وقائمًا تشاهده إذا ما زرت المشروع.
ما بين طريقى الشيخ محمد بن زايد الشمالى والجنوبى يجرى تنفيذ النهر الأخضر «جرين إيريا» العاصمة، صمم ضمن المخطط العام للمشروع يضم حدائق مركزية ومنتزهات ومنشآت أخرى متعددة الاستخدام.
شركات التنفيذ
المقاولون العرب، أوراسكوم، أبناء حسن علام، كونكورد، إيجيكو، العبد، بتروجت، وطلعت مصطفى، هى أبرز الشركات القائمة بعمليات التنفيذ هناك، بدأت العمل فى عدد من المشاريع، حصلت لها على أوامر إسناد للعمل من قبل الدولة ممثلة فى وزارة الإسكان، ولا يمكن أن ننسى جهاز الأشغال الوطنية والهيئة الهندسية للقوات المسلحة، التى تعمل فى المقابل أمام الشركات سالفة الذكر.
مكاتب استشارية معروفة عالميًا على رأسها شركة «فايف بلاس» الاستشارى الأساسى فى عمليات تصميم البنية الأساسية، والإسكان أيضا، ومعها مجموعة من المكاتب العالمية مثل أيمن عاشور وشاكر جروب و k k، بينما تختص هندسة عين شمس والمركز القومى للبحوث بمسئولية استشارى التنفيذ. استقبلنا المهندس مدحت منير نائب رئيس قطاع القاهرة الكبرى لشركة المقاولون العرب، فى كارافانات الشركة المواجهة لمواقع العمل، حكى لنا أن العمل بدأ ب 10 حفارات ووصل حاليا ل 88 حفارا داخل منطقة إنشاءات الحى السكنى المسند للمقاولون العرب تنفيذ 44 عمارة به، بالفعل تم إنجاز 98٪ من عمليات إزالة الصخور والحفر لكل المنطقة المخصصة ل 44 عمارة، إلى جانب سير عمليات صب الخرسانات بدءًا من الأرض وصولًا لسقف الرابع حاليًا، فى عدد من العمائر تلاحقها العمائر الأخرى، حيث توجد عمائر انتهت أساساتها الخرسانية فى الأرض، وأخرى انتهى سقفها الأول، وغيرها وصل للثانى. نحو 750 فردًا هم جملة العاملين فى الوردية الواحدة، بواقع 60 مهندسا، و100 مشرف تنفيذ وملاحظين، ونحو 500 عامل، دولاب عمل المقاولون العرب فى منطقة إنشاء الحى السكنى للوردية الواحدة، بواقع 3 ورديات تتناوب العمل بشكل دورى مستمر يوميًا، نظرًا لظروف الصيام تبدأ الوردية الأساسية التى يعتمد فيها على إنجاز العمل بدءًا من العاشرة مساء، بعد صلاة العشاء حتى الخامسة صباحا، تليها الوردية الثانية من الخامسة صباحا حتى الحادية عشرة صباحا، ويختتم اليوم بالوردية الأخيرة من الحادية عشرة صباحا حتى الخامسة عصرا، ويتوقف العمل استعدادًا للإفطار والصلاة حتى العاشرة مساءً. 50 لودرا و 88 حفارا و100 سيارة لورى قلاب و20 هرّاسا و10 سيارات مياه حجم 20 مترا مكعبا و2 بلدوزر و2 جليدر، هى معدات العمل داخل موقع إنشاء الحى السكنى المسند للمقاولون العرب، أنجزت 98٪ من عمليات إزالة الصخور والحفر، وتستعد للانتقال للعمل فى التجهيز لإنشاء 33 عمارة أخرى، هذا بخلاف ما تقوم به المقاولون العرب من إنشاء للمرافق والطرق فى منطقة ال 550 فدانا، هكذا كان حديث رئيس قطاع القاهرة الكبرى لشركة المقاولون العرب ل«البوابة».