قال عسكريون ورجال استخبارات إسرائيليون إن اندلاع حرب مع مصر يبدو خيارًا مستبعدًا لعدم رغبة الطرفين فى الصدام حاليًا، لكنهم أكدوا أن تلك الحرب ستندلع فى النهاية. جاء ذلك على هامش المؤتمر السنوى لبحث مستقبل إسرائيل وتقييم المخاطر المحيطة بها، والذى يقام فى «هرتسيليا» على البحر الميت. وأشاد دبلوماسيون فى دولة الاحتلال بالمعجزة التى تحققت فى مصر على يد الرئيس عبدالفتاح السيسي، وبالدور الذى يؤديه لخدمة قضايا الاستقرار بالمنطقة. وشهد المؤتمر الذى عقد هذا العام للمرة 17 على التوالي، نقاشات جادة وتقارير استخباراتية حول ما يجرى فى إسرائيل وتقييم وضعها الأمنى والعسكرى الحالي، والتحديات التى تواجهها المنطقة، وكذلك ما يجرى فى مصر والأردن وسوريا ولبنان ودول أخرى. ووصف اللواء عاموس جلعاد مسئول الشئون السياسية بوزارة الدفاع الإسرائيلية، ما يجرى فى مصر حاليا بأنه معجزة حقيقية، وقال إن مصر تحت حكم الرئيس عبدالفتاح السيسى أصبحت «بصورة ما معجزة حقيقية فى المنطقة». كما أشاد جلعاد خلال المؤتمر بإدارة العاهل الأردنى الملك عبدالله بن الحسين لشئون دولته، والحفاظ عليها مستقرة فى منطقة مضطربة. يأتى هذا فيما حذر رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية فى الجيش الإسرائيلى «أمان»، الجنرال هرتسى هليفي، فى كلمته أمام مؤتمر هرتسيليا، من أن إسرائيل تعانى ضعفا فى الكثير من الجوانب ما يجعلها عرضة للخطر، وأن هناك فرصا بوقوع عمليات بتكتيكات جديدة، منها تهديد عمليات إطلاق نار عن بعد وعمليات التسلل بأساليب مختلفة. وكشف عن مخاوف من تكرار الهزيمة فى حرب أكتوبر 1973، والتى تسمى فى إسرائيل حرب «يوم الغفران»، وقال: «إن آخر صور النصر الموجودة لدينا كانت فى حرب الأيام الستة، ونجد صعوبة جمة فى العثور على صورة نصر من الأعوام الأخيرة لأن صور النصر السابقة كانت ضمن حروب خاضتها دول ضد دول أخرى، وليس كما هو الحال اليوم حيث تخوض فيه الدول حروبا ضد منظمات وحين تخوض الدولة حربا ضد منظمة فإن القوى يصبح أقل جاذبية». وعن هزيمة أكتوبر قال: «ما زلنا نعانى من ذكرى تاريخية أليمة نتجت عن حرب يوم الغفران لكن فى العادة الحرب تندلع حين يرغب بها الطرفان أو طرف واحد على الأقل، واليوم يبدو من المنطقى أنها لن تندلع لأن الطرفين غير معنيين بها، لكنها ستندلع رغم كل ذلك». واعتبر مستشار الأمن القومى السابق، عوزى أراد، الذى شغل أيضًا، منصب رئيس مجلس الأمن القومى ومستشار رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، أنه باستثناء مركّب القوة العسكرية الذى يضع إسرائيل دائمًا ضمن المواقع العشرة الأولى عالميًا، فإن أداء الاقتصاد الإسرائيلى والحكومة الإسرائيلية، فى باقى نواحى الحياة، يشكّل تحديًا يجب مواجهته وتحسينه. واعتبر أراد أن أحد أهم التحديات التى تواجه إسرائيل اليوم كيفية استعادة متانة وقوة تحالفها مع الولاياتالمتحدةالأمريكية الذى تضرر فى السنوات الأخيرة. أما المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية، دورى جولد، فتطرق إلى علاقات إسرائيل الدولية، معتبرًا أن الصورة التى يحاول خصوم إسرائيل رسمها لها بأنها تعانى من عزلة كبيرة ومن توتر فى علاقاتها مع القارة الأوروبية، هى غير صحيحة على الإطلاق. وزعم أن حكومة نتنياهو لم تترك القارة الأوروبية وإنما تعمل إلى جانب علاقاتها مع أوروبا على تحسين مكانتها وشبكة علاقاتها الدولية مع جنوب شرق آسيا، وهى تسجل نجاحات تتمثّل فى توقيع اتفاقية التجارة الحرة مع الصين، وأخرى مع كوريا والهند، ناهيك عن عودة إسرائيل إلى إفريقيا وإلى قلب دول إسلامية فى إفريقيا. كما تحدث جولد مجددًا عن اتصالات مكثّفة، بما فيها تلك التى قام بها شخصيًا، مع أطراف عربية فى الخليج العربى فى «معسكر الدول السنّية المعتدلة»، معلنًا أن استراتيجية حكومة نتنياهو تقضى بإرساء قواعد التعامل مع هذه الدول وفق المصالح المشتركة، مع مراعاة السرية فى الاتصالات حاليًا بفعل حساسية الرأى العام العربى فى هذه الدول. ولفت إلى أن الاستراتيجية التى يتّبعها نتنياهو تقوم على التوصل لعلاقات إقليمية وثنائية من خلال المصالح المشتركة وليس من باب القضية الفلسطينية، وإنما عبر توظيف خوف هذه الدول أولًا من القوة الإيرانية المتصاعدة فى الخليج وتهديداتها لهذه الدول. وخلص جولد إلى القول إنه على الرغم من حالة الجليد التى تسود علاقات إسرائيل بهذه الدول، إلا أنه تجرى تحت طبقة الجليد مياه ساخنة للغاية. وحذر رئيس شبكة أمان من أن منطقة الشرق تمر حاليا بمرحلة معقدة للغاية هى «استقرار حالة عدم الاستقرار»، وفقد حزب الله الكثير من قوته وخسر أكثر من 1500 من مقاتليه فى سوريا، لكن إيران هى الطرف الخطير الذى يهدد أمن إسرائيل فى المنطقة. وفى حال اندلاع أى حرب قادمة فإن الجبهة الداخلية فى إسرائيل ستعانى بشدة، لكن حزب الله يفضل الهدوء حاليا للتفرغ لحربه فى سوريا. واعتبر هليفى أن الاتفاق الدولى مع إيران منحها شرعية مزدوجة، الأولى عبر اعتراف دولى بمشروعية إدارة مشروع ذري، فى المستقبل، وإن كانت ستسعى فى السنوات الأولى إلى الالتزام ببنود الاتفاق الدولي. وثانيا: أصبحت طهران طرفا فى المعادلة الإقليمية بالمنطقة، ولم تعد رقعة الشطرنج الإقليمية فيها تقتصر على لونى الأسود والأبيض، بل تتداخل خيوط وهويات الأطراف المتنازعة، لتجد نفسك مضطرًا فى بعض الأحيان إلى إنذار عدو أو خصم من ضربة قد يتلقاها، لا تريد أن تقع له فى الخطة الزمنية المحددة، لأن البديل مجهول أو ليس فى صالحك. واعتبر هليفى أن التحديات الرئيسية التى تواجهها إسرائيل اليوم، تتمثّل فى القوة الإيرانية، خصوصًا أن إيران تقطف حاليًا ثمار الاتفاق الدولى الذى يمنحها فى واقع الحال شرعية فى المستقبل لإدارة مشروعها الذري، وفى تعزيز دورها الإقليمي. وعن الوضع فى الأراضى الفلسطينية المحتلة والانتفاضة الحالية التى تشهدها بصور وأساليب متعددة، استخدم رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية مصطلح «انتفاضة ما بعد الحداثة»، لوصف ما يجري، واعتبرها مناهضة للأيديولوجيات والفصائل والتنظيمات. ولفت إلى أن السلطة الفلسطينية وعلى رأسها محمود عباس، تعارض الكفاح المسلح، لكنها تسعى بموازاة ذلك إلى تدويل الصراع، ونقله إلى الساحة الدولية. ووصف أبومازن بأنه يشن حملة دولية قوية ضد إسرائيل أحرجتها فى العالم كثيرا ونجح فى دخول الأممالمتحدة.