13 مرشحًا لمجلس النواب يقدمون أوراقهم للجنة محكمة السويس    «منال عوض»: تخصيص شباك لخدمات المستثمرين بالبحر الأحمر لسرعة العمل    أسعار الدواجن بأسواق الإسكندرية تصل إلى 80 جنيها للكيلو    اليوم.. ختام الدورة المجمعة الأولى بدوري مرتبط السلة رجال    نائب وزير الصحة يجري جولة ليلية مفاجئة لعدد من المستشفيات بالإسكندرية    علاج 1928 مواطنا مجانا ضمن قافلة طبية بقرية في الشرقية    توزيع هدايا على الأطفال ضمن قافلة شاملة للتحالف الوطنى فى قرية برنشت    "ثنائية الاستقرار".. مصر والسعودية نموذج إدارة التكامل الإقليمي    الصحف العالمية اليوم.. ترامب يوجه رسالة لأسر الرهائن الإسرائيليين مع وصول كوشنر الى مصر.. الاغلاق الحكومي يدخل اسبوعه الثاني بواشنطن.. قصة فلسطينية تدخل البيت الأبيض لإجلائها من غزة.. وستارمر في زيارة الى الهند    نجاة رئيس الإكوادور من هجوم على موكبه    مسؤول روسي يعلن مقتل ثلاثة أشخاص في "ضربة صاروخية" على منطقة بيلغورود    عزاء الدكتور أحمد عمر هاشم اليوم بمسجد الشرطة بالتجمع الخامس بعد صلاة المغرب    ألمانيا تعزز صلاحيات الشرطة لمواجهة الطائرات المسيرة    دعم ركائز الأمن والاستقرار    صرف مستحقات لاعبى الزمالك خلال ساعات.. جون إدوارد يتدخل    مشاركة دولية غير مسبوقة في بطولة مصر لهواة للجولف 2025    الأهلي يعود للتدريبات اليوم استعدادًا لضربة البداية بدوري الأبطال    كشف ملابسات تداول فيديو تعدى شخص وسيدة على عامل فى المنوفية    مقتل شاب طعنا بسلاح أبيض فى قرية بمنشأة القناطر    السيطرة على حريق داخل ورشة خراطة فى البساتين.. صور    مائل للحرارة وشبورة مائية..الأرصاد تكشف حالة الطقس غدا    تموين الفيوم تضبط 35 مخالفة تموينية متنوعة وتُحكم الرقابة على الأسواق    الداخلية تكشف ملابسات فيديو حادث شرم الشيخ    أسعار تذاكر وبرنامج احتفال الأوبرا بمرور 37 عاما على افتتاحها    د. الخشت يهنئ الرئيس السيسي والدكتور خالد العناني بفوز مصر بمنصب مدير عام منظمة اليونسكو    رجال لا يكررون الخطأ مرتين.. 4 أبراج تتعلم بسرعة من التجارب    ثقافة الإسكندرية تواصل احتفالات نصر أكتوبر بعروض فنية وأفلام تسجيلية    السيسي: الوضع الاقتصادي يتحسن يومًا بعد يوم.. ولسه الأفضل قادم    أشرف عبد الباقي ضيف برنامج فضفضت أوى مع معتز التونى اليوم    انطلاق عرض فيلم هيبتا المناظرة الأخيرة فى دور العرض بحفل منتصف الليل    «فضل الشهادة والتضحية في سبيل الوطن» في ختام فعاليات الأسبوع الثقافي لوزارة الأوقاف    الإحصاء: 36.8 % زيادة بقيمة المبالغ المودعة فى صندوق توفير البريد 2024 / 2025    وفد لبنانى يزور هيئة الاعتماد والرقابة للاطلاع على تجربة مصر بالإصلاح الصحى    وزارة الصحة توضح أهمية تلقى لقاح الأنفلونزا لكل الأعمار.. تفاصيل    مصرع صغير وإصابة 3 آخرين في مشاجرة بالأسلحة النارية بسوهاج    «الشكاوى الحكومية» تتلقى 13.5 ألف شكوى واستغاثة صحية    وزيرة البيئة تتجه إلى أبوظبي للمشاركة في المؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة    السيسي يوجه بإطلاق اسم أحمد عمر هاشم على مسجد وطريق ومحطة قطار    5 مرشحين عن دائرة إسنا يتقدمون بأوراقهم لانتخابات مجلس النواب حتى الآن    بن جفير يقتحم الأقصى مجددًا وسط توتر أمني في عيد العرش اليهودي    إصابة 9 أشخاص في تصادم سيارتين بالطريق الحر بالقليوبية    جامعة حلوان تعلن نتائج جائزة التميز الداخلي وتكرم الكليات الفائزة    ميكانيكية «الضوء» على خشبة المسرح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 8-10-2025 في محافظة الأقصر    8 أكتوبر 2025.. الدولار يستقر أمام الجنيه عند أدنى مستوياته خلال 16 شهرا    يد - بعثة الأهلي إلى المغرب للمشاركة في بطولة إفريقيا    رئيس هيئة الشراء الموحد يبحث مع مستشار الرئيس للصحة الموقف التنفيذي لمشروع «المخازن الاستراتيجية»    من داخل الطائرة الانتحارية    دراسة تحذر: تناول علبة مشروبات غازية يوميًا يرفع خطر الإصابة بمرض كبدي خطير ب60%    تزوجت بقصد الإنجاب عبر الحقن المجهرى دون جماع والطلاق بعده.. ما حكم الدين    أكسيوس: ويتكوف وكوشنر يصلان شرم الشيخ للانضمام لمفاوضات إنهاء حرب غزة    صافرة مصرية تدير أولمبيك اسفي المغربي الملعب التونسي في الكونفيدرالية    «كنت أسير خلفه».. كيف بشر نبي الله الراحل أحمد عمر هاشم بمستقبله    اعرف اسعار الدولار اليوم الأربعاء 8-10-2025 في بني سويف    ابنة أحمد راتب: أشهد الله أنك يا حبيبي تركت في الدنيا ابنة راضية عنك    نائب رئيس الزمالك: «مفيش فلوس نسفر الفرق.. ووصلنا لمرحلة الجمود»    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 8-10-2025 في بني سويف    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يواصل تدريباته استعدادًا لمواجهة المغرب وديًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"البوابة" تكشف أسرار التحالف التركي القطري لتدمير سوريا
نشر في البوابة يوم 19 - 05 - 2016

ما كان أحد يتوقع أن العلاقات الواسعة والمتعددة الأوجه، السياسية والاقتصادية، التي نسجها بشار الأسد مع كل من قطر وتركيا بعد توليه السلطة سوف تتدهور بالسرعة التي رأيناها مع الأشهر الأولى للأحداث السورية، فقد زار الأسد الدوحة 23 أكتوبر 2003 بعد مرور 8 أشهر على الاجتياح الأنجلو أمريكى للعراق، وقابله أمير قطر حمد بن خليفة آل ثان بترحاب لافت، وأثمرت الزيارة عن توقيع 13 اتفاقية، شملت العديد من القطاعات العامة والخاصة بين البلدين.
بعد الزيارة بأقل من عامين عقد المؤتمر الاستثمارى السورى القطرى ليرفع مستوى التبادل والعلاقات إلى درجة عالية، ظهرت نتائج التعاون في مشاريع اقتصادية وتجارية وتنموية كبيرة على الأراضى السورية منها المشاريع السياحية التي نفذتها شركة الديار القطرية، أو البنك السورى القطرى، أو إطلاق المصرف الإسلامى من دمشق برأسمال تخطى 5 مليارات دولار.
وكما في الاقتصاد والسياحة والثقافة كذلك في السياسة، فرغم أن قطر كانت تقيم علاقات مع إسرائيل، وكان مكتب رعاية المصالح الإسرائيلية قائمًا في الدوحة، إلا أن أمير قطر عرف كيف يوازن بين هذه العلاقة وأن يكون أول المساهمين في إعادة إعمار جنوب لبنان ومناطق حزب الله التي دمرتها إسرائيل عام 2006، كان الكثير من تلك الحركة القطرية صوب الحزب ولبنان يتم عبر التنسيق مع الأسد وإيران.
الأسد أسهم بشكل كبير في مساعدة الدوحة على أن تكون هي وليس أي عاصمة أخرى مقر «مؤتمر الحوار الوطنى اللبنانى» بعد وصول انقسام اللبنانيين إلى حد الاقتتال في شوارع بيروت حين دخلتها قوات حزب الله في 7 مايو 2008 في أعقاب قرار قطع شبكة الاتصالات الأرضية عن الحزب، وهو العام الذي اجتاحت فيه إسرائيل في أواخره وبداية عام 2009 غزة، في أسوأ حرب مدمرة ضدها، فجرى تنسيق كبير في السياسة الخارجية السورية والقطرية لمواجهة ذلك.
توتر العلاقة بين بشار الأسد والسعودية
منذ الحرب التدميرية على لبنان 2006 وكان ميل الأسد صوب قطر وليس السعودية أكثر وضوحًا من أي وقت مضي، ثم جاءت القشة التي قصمت ظهر البعير، في خطاب الرئيس السورى بعد تلك الحرب حيث وصف فيه بعض القادة العرب ب«أنصاف الرجال»، يبدو أن هذه العبارة بقيت كأمنة في قلوب السعوديين وبعض دول الخليج حتى غرقت سوريا في الحرب، فذكر بها وزير الخارجية السعودية الراحل الأمير سعود الفيصل بعض الدبلوماسيين العرب قبيل تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية.
قال الأسد في خطابه في دمشق 15 أغسطس 2006: «من الجوانب الأخرى الإيجابية لهذه الحرب أنها عرت الوضع العربى بشكل كامل، طبعًا لو سألنا أي عربى قبل هذه الحرب عن الوضع العربى سيقول الوضع سيئ وهذا الكلام صحيح، ولكن كان المواطن يرى الوضع العربى مع مساحيق تجميلية، هذه الحرب منعت استخدام هذه المساحيق لأنها أفرزت المواقف بشكل كامل، لم يكن هناك من إمكان لحلول وسط في مثل هذه الحرب التي أسقطت أصحاب أنصاف المواقف أو أنصاف الرجال وأسقطت كل المواقف المتأخرة».
أحدث الخطاب غضبًا سعوديًا، شعرت القيادة السعودية أنها المستهدفة به لأنها عارضت خطف حزب الله للجنود الإسرائيليين وشاركت في تحميل الحزب مسئولية الحرب على لبنان، كما أن الفريق اللبنانى القريب منها والمعروف باسم «14 آذار» شن حملة شعواء ضد الحزب ومسئوليته في الحرب. أظهرت وثائق ويكيليكس بعد سنوات حجم العداوة التي كان عدد من القوى اللبنانية والسياسيين اللبنانيين المناوئين لحزب الله يوظفونها لمصلحة المساهمة في تدميره، كشفت الوثائق أيضًا كيف كانت أمريكا تضخ المال لتهييج خصوم حزب الله ضده في السياسة والإعلام ومواقع التواصل الاجتماعى.
قال السفير الأمريكى السابق «جيفرى فيلتمان» في شهادة خطيرة أمام الكونجرس الأمريكي: «تقدم الولايات المتحدة المساعدة والدعم في لبنان بهدف خلق بدائل للتطرف والحد من جاذبية حزب الله في أوساط الشباب اللبناني، وتحفيز الناس من خلال إظهار المزيد من الاحترام لحقوقهم وزيادة الفرص لتحقيق هذه الغاية، ساهمنا بأكثر من 500 مليون دولار من خلال الوكالة الأمريكية للتنمية (USAID) ومبادرة الشراكة الأمريكية الشرق أوسطية (MEPI) منذ عام 2006.
الحفاظ على شعرة معاوية
لم تشأ دمشق أن يصبح الخطاب سببًا في قطع شعرة معاوية مع السعودية، عادت لتضع على لسان وزير خارجيتها «وليد المعلم» لصحيفة الأنباء الكويتية: «الأسد لم يقصد أيًا من الزعماء العرب، الذين يحرص على علاقات شخصية ورسمية معهم حرصه على التضامن العربى المشترك»، موضحًا أن ما قصده الأسد بهذه العبارة «أنصاف الرجال» هو أولئك الأشخاص الموجودون في سوريا وربما خارجها ممن شككوا في قدرة المقاومة على تحقيق النصر، وأن الرئيس الأسد أراد أن يركز في خطابه على ثقافة المقاومة في الوقت الذي أقرت فيه جامعة الدول العربية بموت عملية السلام».
ظهر الغضب الخليجى أيضًا في مقال نشرته صحيفة «السياسة» الكويتية قالت فيه إن «الأسد بادر بالاتصال بالمملكة العربية السعودية، وطلب مقابلة عاهلها خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وعندما سئل عن سبب المقابلة وهدفها قال إنها ضرورية لشرح موقفه الأخير، فجاء الرد بأن خادم الحرمين الملك عبدالله يرفض طلبه، ويرفض استقباله شخصيًا، ولا يريد الالتقاء به لا حاضرًا ولا مستقبلًا حتى ولو انحصر اللقاء بمدة ساعة في المطار».
رغم الغضب السعودى وبعض الغضب الكويتى والمصرى من تصريحات الأسد ومن خطاباته في القمم العربية، فإن قطر بقيت إلى جانب دمشق لعلها كانت تريد فعلا إقامة «حلف قطرى إيرانى سورى مناهض للحلف المصرى السعودي» كما تقول مجلة لونوفيل أوبسرفاتور الفرنسية، أو أنها وجدت في الحليف السورى جسرا عربيا مهما للعب دور محورى يستند إلى دعم المقاومة في الظاهر، ويريد احتلال مواقع الصدارة بين دول الخليج على حساب السعودية خصوصًا بعد أن تحولت قناة «الجزيرة» القطرية إلى أداة إعلامية هائلة، في كل الأحوال نجحت قطر في كسب تعاطف الرأى العام المؤيد للمقاومة في سوريا ولبنان وصارت صور الأمير ولافتات تقول «شكرا قطر» منتشرة في الشوارع وعلى الأبنية.
الانقلاب القطري على الأسد
كل ذلك لم يمنع الدوحة من أن تصبح في طليعة الدول التي طالبت الرئيس بشار الأسد بتغيير النظام، ثم دعته إلى الرحيل، لم يتردد مثلا أمير قطر في القول من قلب طهران وفى أعقاب لقائه الرئيس الإيراني «محمود أحمدى نجاد» في 29 أغسطس 2011 أي بعد نحو 6 أشهر فقط من بداية الأحداث السورية: «الجميع يعرف أن الحل الأمنى أثبت فشله ونأمل أن يستنتج صناع القرار في سوريا ضرورة التغيير بما يتلائم وتطلعات الشعب السورى وعلينا أن نساعدهم على اتخاذ مثل هذا القرار».
تعددت أسباب سرعة القطيعة بين قطر وسوريا، ردها البعض إلى عدم تجاوب الرئيس الأسد مع كل الوساطات القطرية للتهدئة، فهو كان يعد شيئًا ثم يخلف الوعد، ولم يسمع نصحنا الذي قدمناه له مرارا بضرورة عدم الانزلاق إلى الجواب الأمنى على التظاهرات السلمية» كما يقول دبلوماسى قطرى رافق تلك الفترة.
رأى البعض الآخر أن الأمر أكبر من مجرد مطالب إصلاحات، ذلك أن قطر كانت قد وجدت الفرصة ملائمة إما لإقناع الأسد بإشراك الإخوان المسلمين وعلى نحو جيد في السلطة، وإما برحيله والإتيان بنظام تكون الأكثرية فيه للإخوان الذين ذهب الكثير من رموزهم للإقامة في الدوحة أو ارتبط بها أو طل على شاشتها «الجزيرة».
ذهب البعض الثالث إلى حد الحديث عن مخطط يمتد من الدوحة إلى إسرائيل فالولايات المتحدة، كان مندوبا سوريا في الجامعة العربية والأمم المتحدة يوسف الأحمد وبشار الجعفرى يكثفان التصريحات التي تتهم كلا من الدوحة والسعودية وتركيا وأمريكا وفرنسا وغيرها بتأجيج الصراع عبر دعم المسلحين والإرهاب، لاحقًا قدم الجعفرى أكثر من 350 وثيقة إلى الأمم المتحدة حول الإرهاب ومموليه.
دفن الربيع العربي في سوريا
كان المعارض السورى هيثم مناع، أمين عام تيار «قمح»، أعلن انسحابه من مؤتمر المعارضة السورية الذي عقد في الرياض 9 ديسمبر 2015، كان مناع قد أعاد تذكرة الطائرة إلى القنصل السعودى مرفقة بستة كتب من إصدارات المركز السويدى لحقوق الإنسان الذي يرأسه، أرجع مناع قرار المقاطعة لمؤتمر الرياض، لاعتراضه على وجود ممثلين لفصائل متهمة بالإرهاب، مثلما اعترض على وجود أعضاء آخرين ليس لهم تمثيل في الشارع السورى، وعلى عدم توجيه أي دعوة للاتحاد الوطنى الديمقراطى الكردى، والجيش السورى الديمقراطى الذي يضم العرب والأكراد.
في تفسيره للموقف القطرى والسعودى من سوريا يرى مناع أن المسألة لها جوانب عديدة ولعل من أبرزها أن: «قطر ودول الخليج قررت أن تدفن الربيع العربى في سوريا خوفا من انتقاله إليها، أرادت هذه الدول أن تكون سوريا آخر دولة تحصل فيها ثورات وانتفاضات ومشاكل، فكان أن حشدت كل قوتها لإنهائها مهما كلف الأمر، فدفع السوريون الثمن».
وحول بدايات المساعى التركية لإعطاء الأولوية للإخوان، يقول مناع: «منذ عام 2011 وحين التقينا أربعة نواب من المعارضة التركية، روى لنا أحدهم أن وزير الخارجية آنذاك أحمد داوود أوغلو استدعاهم وقال لهم حرفيا: «هناك تغيرات أساسية وستكون تركيا بعد اليوم دولة ذات نفوذ مباشر إقليمي، وستكون البداية الفعلية في سوريا ويجب التعامل مع القضية السورية باعتبارها قضية تركية ونحن مفوضون بالدخول في سوريا»، وفى أول اجتماع لنا في قطر يوليو 2011 مع عزمى بشارة كنت أنا ونبراس الفاضل وفايز سارة ورجاء الناصر وعارف دليلة وأحمد رمضان وعبدالباسط سيدا وغيرنا، أخذنى عزمى بشارة إلى غرفة مجاورة وقال لى أنت تفشل هذا اللقاء أو تنجحه، وكان مثل الكثيرين يعرف موقفى من مسألة الإخوان أو رفضى لأسلمة أو تسليح أو تدويل الثورة.
خلال الاجتماع تم اقتراح دعوة قيادات إخوانية، وحين طرح اسم «ملهم الدروبي» سارعت إلى المعارضة وقلت أنا لا اجتمع مع شخص التقى منذ أقل من أسبوع برنار هنرى ليفى (وهو فيلسوف فرنسى يهودى مقرب من إسرائيل ودعم الانتفاضات في ليبيا وتونس وغيرهما) ولا أريد أن أحرق نفسى، وقال دكتور برهان غليون: ليس لدى مانع من لقائه، قلت له: اجتمع أنت مع من تريد وغادرت قطر.
الواقع أن قناة الجزيرة أيضا، ومنذ منتصف عام 2011 راحت تروج بقوة للإخوان، ففى يوم واحد مثلا، وأذكر أن الأمر حدث بعد أسبوع من استشهاد شقيقى في درعا، استضافت الجزيرة 18 شخصًا من الإخوان وراحت تقدم كل واحد بصفته، فتقول هذا باحث وهذا أستاذ وذاك معارض.. إلخ، سرعان ما اقتنعنا بأن قطر قررت أن تسير بمشروع الإخوان بالرغم من تأكيد مسئوليها أمامنا غير مرة أنهم وهابيون، كان وضعها آنذاك قويا في ليبيا، وكان عزمى بشارة يقول لنا «بمجرد اتفاقكم على تشكيل لجنة مشتركة من المعارضة ستجدون الكثير من الدول بانتظاركم والأبواب مفتوحة، وسنضع بتصرفكم الطائرات والتسهيلات جميعا».
في إحصاء أجريناه في المعهد الإسكندنافى لحقوق الإنسان (الذي يرأسه مناع) أحصينا 250 عملية مشتركة موثقة بالفيديو نفذها الإخوان بالاشتراك مع النصرة والجبهة الإسلامية وغرباء الشام وغيرهم والذين صاروا فيما بعد داعش، وقد احتفظنا بأفلام اليوتيوب لأنه كان يتم حذفها سريعا، ولفتنا لاحقا أيضا إلى أن أول مقابلة باسم النصرة كانت تلك التي أجراها «أحمد زيدان» عبر الجزيرة مع أبى محمد الجولانى زعيم النصرة، حيث تم احتلال موقع الدفاعات الجوية قرب حلب، ونحن هاجمنا تلك العملية وتساءلنا ماذا يمكن أن تؤثر الدفاعات الجوية في الحراك المدني، فهى لا تقصف براميل ولا غيرها، ثم المقابلة الثانية أجراها «تيسير علواني» مع غسان عبود لتقديم أحرار الشام إلى العالم، كل تلك المؤشرات والاجتماعات كانت توضح لنا يوما بعد آخر بأن المشروع الإخوانى هو المدعوم خليجيًا ودوليًا وتركيًا، وكنا نتعرض لمنع وقمع وملاحقات وتضييق من تلك الدول بما فيها فرنسا.
يضيف مناع: «إن القطريين كانوا على قناعة أن النظام سيسقط قريبا، وأذكر أن آخر مرة تحدثنا فيها معهم وكان ذلك في شهر نوفمبر 2011 قالوا لنا إن النظام يترنح وهو ساقط لا محالة ولن تحلموا بفرصة أفضل من هذه، ذلك أن ثمة اتفاقا دوليا على إسقاطه، وهى القناعة التي تشارك فيها أيضا السعوديون والأتراك وغيرهما، وأعتقد أن هذا كان الخطأ الفعلى والذي ساهم في دمار سوريا».
لعل التعبير الطريف عن تلك القناعات، حصل في لقاء دعا إليه في المغرب السفير المغربى في لبنان الدكتور «على أومليل» حضر الاجتماع هيثم مناع والوزير اللبنانى طارق مترى والإعلامية ريما خلف وغيرهم، حينها سأل مناع رئيس الوزراء اللبنانى فؤاد السنيورة الذي كان من المدعوين: «كيف تتركون رجلًا كالشيخ أحمد الأسير يفعل ما يفعله في صيدا ولبنان؟» أجاب السنيورة ضاحكا: «أنتم السبب، ألم تقولوا لنا سيسقط النظام غدًا، فحينها فكرنا أنه بعد سقوط النظام نتفرغ لإسقاط الأسير» وضحك الجميع.
وكر الخيانة في تركيا
يروى مناع أنه في الأيام الأولى لتشكيل التحالف الدولى ضد النظام السوري، كانت الاجتماعات تحصل في تركيا وكان الاهتمام آنذاك منصبا على الضابط السورى المنشق «رياض الأسعد» تبين لنا أن مدير مكتبه هو تركى الجنسية اسمه توفيق وهو ملازم في الأمن التركى. الغريب أنه كان هو وليس الأسعد من يقرر من يقابل الأسعد ومن لا يقابل، وحين شعر الأتراك بأن مشروع الأسعد لا يكبر، وأن الأردنيين وغيرهم يرفضونه، تم تشكيل غرفة عمليات في هاتاي، كان يحضر فيها ضباط من فرنسا وبريطانيا وأمريكا والسعودية وقطر وتركيا والأردن.
في بعض المرات كان يحضر ضابط إماراتي، وحين ذهب أصدقاؤنا في المعارضة فوجئوا أن من بين الحضور النائب اللبنانى عقاب صقر، ولؤى مقداد، وكنا نرى في الواقع أن المال الخليجى يوزع بنسبة 70 بالمائة منه إلى أصحاب اللحى و30 بالمائة إلى غيرهم من العلمانيين أو المؤمنين بالدولة المدنية وغيرها، لم يكن لدينا أدنى شك أن شوكة الإسلاميين هي المفضلة، حينها تعمدت كتابة مقال ثم ظهرت في مداخلة عبر «بى بى سى» وقلت إن من يريد أن يجاهد فليجاهد في منزل أبيه، ثم جاءتنا فترة الأمير بندر بن سلطان وإشرافه على عمل بعض المعارضة وتنسيق الاجتماعات في الأردن، حيث كان شقيقه سلمان موجودًا مع السعوديين في قسم من فندق الفورسيزونز، وفى قسم آخر كان الأمريكيون وفى الثالث السوريون، وأعتقد شخصيًا أن الفترة البندرية كانت واحدة من مآسى التأمر على الإنسان السورى وليس النظام».
حاول هيثم مناع ومعه مجموعة قليلة من المعارضة في الخارج، أخذ الرياح في اتجاهات أخرى والسعى للحيلولة دون الضغوط القطرية والتركية المؤيدة للإخوان. حين كان يقال له مثلًا إن النظام ساقط ومن الأفضل الاتفاق مع الإخوان على ما بعد الأسد، كان يورى قصة ابنته التي جاءته يوما وهى في سن 15 عاما وسألته: «ألم تقل لى إنى حرة وأستطيع أن أحب وأتزوج من أريد، فأنا أحب لاعب كرة القدم رونالدينو»، فأجابها ضاحكا: «أنا موافق وأنت أيضا، لكن الأهم أن يوافق رونالدينو». كان يسوق هذا المثال ليقول لمن يؤكد حتمية قرب سقوط الرئيس السوري «هذه الدولة تريد إسقاط الأسد وتلك تريد ذلك ولكن هل حلفاء الأسد موافقون على ذلك؟»، مشيرا إلى أن السيد حسن نصرالله هو الذي ساهم في إطلاق سراح المعارض السوري «هيثم المالح» ما يشير إلى التأثير الكبير آنذاك لإيران والحزب.
يسرد مناع روايات كثيرة عن هدر الأموال الخليجية على تشكيلات معارضة تبين أنها لم تنفع بشىء. يذكر أن الجولانى نفسه تحدث عن هدر مليار دولار، وأن الباحثة السورية والمعارضة في المجلس الوطني «بسمة قضماني» أخذت من الإماراتيين 4 ملايين دولار، وحين ذهبت لتأخذ غيرها قال لها الإماراتيون سنتصرف معك كالبريطانيين، لن ندفع أي قرش قبل الحصول على إيصالات بكيفية صرف المبالغ، وحتى اليوم لم يحصلوا سوى على إيصال صرف مليون دولار، في حين اختفت بقية المبلغ، وفرنسا أخذت من قطر أموالا كثيرة لتمويل المسلحين، وتبين لنا لاحقا أن 80 بالمائة من السلاح ذهبت إلى النصرة وداعش. هكذا اختلط الحابل بالنابل في قتل المواطن السورى الذي حلم يوما بوطن فيه ديمقراطية وعدالة وحريات». يؤكد مناع: «إن القطريين قالوا في أحد اللقاءات وكان موجودًا فيه بالإضافة إليه كل من كمال اللبوانى وهيثم المالح ومعاذ الخطيب ووليد البنى وغيرهم: «سنضع بتصرفكم 4 مليارات دولار، ونحن بصدد وضع المشاريع لبناء الدولة السورية بعد الرحيل القريب للأسد، وسوف نعيد بنائها قبل نهاية هذا العام»، جرى الاجتماع في شهر نوفمبر 2012. لعل قطر التي كانت تاريخيًا الدولة الوحيدة التي منعت تشريع الإخوان على أرضها قبل أن تفتح لهم الأبواب في العقد الماضي، أرادت فعلًا إيصال الإخوان إلى السلطة في سوريا لتستكمل مشهد مشروع إخوانى يسيطر على الكثير من دول المنطقة، لكن ثمة من يقول في الدوحة إن الإساءات الشخصية لعبت دورًا، خصوصا حين راحت التظاهرات في دمشق تضع مجسمات مشوهة للشيخة موزة، عقيلة الأمير، أو ترفع شعارات تشتم قطر وأميرها، وتعززت تلك الشكوك السورية حول نية قطر في إشراك الإخوان في السلطة أو في قلب النظام برمته، حين جاء الوفد الوزارى العربى للقاء الأسد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.