يُعتبر ألفريد دي موسّيه أحد أهم رواد الحركة الرومانسية في الشعر الفرنسي، ففي الوقت الذي اتخذت قصائده طريقًا مُخالفًا لما رآه الناقد نيقولا بوالو صاحب المذهب الكلاسيكي الحديث، والذي قال إن العقل هو الأساس والمعيار لفلسفة الجمال في الأدب، تحرك دي موسّيه نحو العشق المتجدد، ليجعل منه شكلًا من أشكال تطور مخزونه الشعري والأدبي. عاش دي موسّيه حياة بعيدة عن الثراء رغم ولادته لأب شغل أكثر من منصب حكومي مهم، وأم من سيدات المجتمع الفرنسي في الحادي عشر من ديسمبر عام 1810، حيث عانى من بُخل والده الشديد، واستعاض عن ذلك بحبه للرسم والشعر، و في التاسعة انتسب إلى مدرسة هنري الرابع، وبدأ يكتب عام 1824، وبعد ثلاثة أعوام فاز بجائزة المقالات اللاتينية، وبمساعدة بول فوشيه- صهر الكاتب الكبير فيكتور هوجو- بدأ في ارتياد صالون شارل نودييه الأدبي وهو لا يزال في السابعة عشرة، وبعد محاولات عدة لاتخاذ مهنة غير فنية كان منها الطب الذي تخلى عنه بسبب كراهيته للتشريح، ثم دراسته للقانون التي أسرع بالتخلي عنها، نشر مجموعته الشعرية الأولى "حكايات من إسبانيا وإيطاليا"، الذي لفت أنظار الجميع وأظهر إعجابه بالفن الكلاسيكي، وبحلول عامه العشرين كانت شهرته الأدبية قد أصبحت طاغية يدعمها جانبه المتأنق والجذاب. مع بلوغه الثانية والعشرين توفى والده البخيل، ما اضطره إلى السعي بجدية لكسب العيش عن طريق الكتابة للمسرح، فبدأ ب"عرض مسرحي على متكأ"، أتبعها بملهاة "بمَ تحلم الفتيات"، وهما مسرحيتان بقيتا على الورق غير صالحتين للعرض، على عكس قصيدته "رولا" التي أكسبته شهرة، حيث تحدث فيها عن ضياع جيل بأكمله مُمثلًا في شخصية شاب في التاسعة عشرة يتميز بخصال حميدة من شهامة ونبل وكرم وصدق وبراءة إلى أن جرفه سيل الانحطاط الذي يعيشه عصره. في العام التالي لوفاة والده التقى دي موسّيه الأديبة الفرنسية جورج صاند، وسرعان ما غرقا في الحب، ثم سافرا إلى إيطاليا كما يفعل العشاق الفرنسيون ولكن لسوء الحظ فاجأته الحُمَّى فأخذوه إلى المستشفى، وهناك تعرفت صاند على الطبيب الذي جاء لمعالجته، وكان شابًا إيطاليًا وسيمًا، ويقال أنها وقعت في غرامه- كما ورد في مذكرات دي موسّيه- لتنتهي أهم علاقة في حياته، ولكنه ظل غير قادر على الخلاص من سطوة الحب، فكتب مجموعة قصائده "الليالي"، لتمجيد علاقته الغرامية مع صاند، والتي وصفتها صاند ب"العالم لن يفهم شيئًا من هذه المعادلة لكننا سنستمر في تبادل الحب وسنسخر منه"، بينما قال عنها موسيه "الحياة هي الغفوة والحب هو الحلم، ونحن لا نعيش حقًا إلاّ إذا أحببنا"، ليعود بعدها إلى علاقاته العابرة، فكتب "نزوات ماريان" و"لا مزاح في الحب" و"فنتازيو"، وكلها تبرز شخصيات مزاجية غير مستقرة، وتعد روايته "اعتراف ابن العصر" عام 1836 سيرة ذاتية ضمّنها الذكرى المؤلمة وضياعه مع جيل بأكمله، حيث كان في داخله صراع بين الطهر والفجور، وكان موسّيه يختلف عن المبدعين من معاصريه، حيث رأى في الشاعر شاعرًا وحسب ولا يُنتظر منه أيّ دور اجتماعي أو سياسي، وأن جلّ ما يحتاج إليه هي انفعالات يعيشها لتكون مصدرًا لإلهامه. رحل دي موسّيه عن عالمنا عام 1857 عن عمر ناهز الثامنة والأربعين، بعد أن ترك إرثًا من المشاعر في قصائده انتقلت عبر السنوات إلى قُراء الفرنسية، قبل أن تُترجم إلى لُغات أخرى.