المؤشر الأوروبي يحقق مكاسب أسبوعية بنسبة تتجاوز 1%    أسعار النفط تسجل خسارة أسبوعية للمرة الثالثة على التوالي    بروتوكول تعاون بين بيطري بالمنيا وإيبارشية سمالوط لمنع ذبح النذور من الأغنام والماعز خارج المجزر    الرئاسة الفلسطينية ترحب بإدراج إسرائيل في قائمة العار    الكرملين: لا يمكن للولايات المتحدة أن تكون قطب القوة الوحيد في العالم    الاتحاد السكندري يفوز على الأهلي في أولى مباريات نهائي دوري السوبر لكرة السلة    إصابة 7 أشخاص في حادث تصادم بالدقهلية    باريس تسلم كييف طائرات ميراج المقاتلة.. زيلينسكى أمام البرلمان الفرنسى: أوروبا لا تنعم بالسلام.. وروسيا تتهم ماكرون بتأجيج التوترات    زكي القاضي : الرئيس السيسي حريص على مشاركة المجتمع المدني في خدمة المواطنين ورعايتهم    الدجلاوية هانيا الحمامي تتأهل لنصف نهائي بطولة بريطانيا المفتوحة للإسكواش    إسرائيل تزعم مقتل قيادي بارز في حماس برفح الفلسطينية    تنازل عن المحضر.. المطرب أحمد جمال يتصالح مع ضحية حادث التصادم على طريق الفيوم    حصاد وزارة التضامن الاجتماعي خلال الأسبوع الماضي    مصرع شاب صعقا بالكهرباء بمركز صدفا في أسيوط    غداً.. وزارة الثقافة تطلق الدورة ال 46 لمهرجان الأقاليم المسرحية    بدء حفلة عمر خيرت وسط حضور جماهيري كبير بقصر عابدين    حظك اليوم| برج السرطان السبت 8 يونيو .. أبواب الربح والنجاح تُفتح أمامك    دعاء 2 أيام العشر من ذي الحجة 1445ه    فحص 1099 مواطنا في قافلة طبية ضمن مبادرة حياة كريمة بدمياط    "هتتطبق يعني هتتطبق".. برلماني يعلق علي زيادة أسعار الأدوية    القاهرة الإخبارية: آليات الاحتلال تحاصر القرية السويدية واشتباكات برفح الفلسطينية    مسؤول حماية مدنية فى السويس يقدم نصائح لتجنب حرائق الطقس شديد الحرارة    وزير التربية والتعليم: بدأنا تطبيق التعليم الفني المزدوج بالمدارس التكنولوجية وسنتوسع فيها    أحكام الأضحية.. ما هي مستحبات الذبح؟    محافظ كفرالشيخ يتابع جهود الزراعة للمحاصيل الصيفية وندوات توعوية للمزارعين    مستشار الرئيس الفلسطيني: إدارة قطاع غزة حق للسلطة    جامعة طنطا تطلق قافلة تنموية شاملة بمحافظة البحيرة بالتعاون مع 4 جامعات    وزير الصناعة يستعرض مع وزير الزراعة الروسى إنشاء مركز لوجيستى للحبوب فى مصر    المتحدث باسم وزارة الزراعة: تخفيضات تصل ل30% استعدادًا لعيد الأضحى    نتيجة الإبتدائية والإعدادية الأزهرية 2024 بالاسم "هنا الرابط HERE URL"    استبعاد كوبارسي مدافع برشلونة من قائمة إسبانيا في يورو 2024    الأمم المتحدة: شن هجمات على أهداف مدنية يجب أن يكون متناسبا    "الهجرة": نحرص على المتابعة الدقيقة لتفاصيل النسخة الخامسة من مؤتمر المصريين بالخارج    أوقفوا الانتساب الموجه    كيف تحمي نفسك من مخاطر الفتة إذا كنت من مرضى الكوليسترول؟    الناقد السينمائي خالد محمود يدير ندوة وداعا جوليا بمهرجان جمعية الفيلم غدا    مفتى السعودية يحذر من الحج دون تصريح    الأوقاف: افتتاح أول إدارة للدعوة بالعاصمة الإدارية الجديدة قبل نهاية الشهر الجاري    "البحوث الفنية" بالقوات المسلحة توقع بروتوكول مع أكاديمية تكنولوجيا المعلومات لذوي الإعاقة    «التعليم العالي»: تحالف جامعات إقليم الدلتا يُطلق قافلة تنموية شاملة لمحافظة البحيرة    ميسي يعترف: ذهبت إلى طبيب نفسي.. ولا أحب رؤيتي    الانتخابات الأوروبية.. هولندا تشهد صراع على السلطة بين اليمين المتطرف ويسار الوسط    وزير الزراعة يعلن فتح اسواق فنزويلا أمام البرتقال المصري    الموسيقات العسكرية تشارك في المهرجان الدولي للطبول والفنون التراثية    "الإفتاء": صيام هذه الأيام في شهر ذي الحجة حرام شرعا    تفاصيل موعد جنازة وعزاء المخرج المسرحي محمد لبيب    في ذكرى ميلاد محمود مرسي.. تعرف على أهم أعماله الفنية    صلاح يفوز بجائزة أفضل لاعب في موسم ليفربول    ضبط المتهمين بالشروع في قتل سائق وسرقة مركبته في كفر الشيخ    الأنبا باخوم يترأس قداس اليوم الثالث من تساعية القديس أنطونيوس البدواني بالظاهر    عضو مجلس الزمالك: يجب إلغاء الدوري في الموسم الحالي.. ومصلحة المنتخب أهم    التعليم العالى: إدراج 15 جامعة مصرية فى تصنيف QS العالمى لعام 2025    ضياء السيد: حسام حسن غير طريقة لعب منتخب مصر لرغبته في إشراك كل النجوم    محافظ أسوان: طرح كميات من الخراف والعجول البلدية بأسعار مناسبة بمقر الإرشاد الزراعي    المتحدة للخدمات الإعلامية تعلن تضامنها الكامل مع الإعلامية قصواء الخلالي    مفاجأة.. دولة عربية تعلن إجازة عيد الأضحى يومين فقط    الأوقاف تفتتح 25 مساجد.. اليوم الجمعة    مجلس الزمالك يلبي طلب الطفل الفلسطيني خليل سامح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شهادات من قلب حلب عن "هولوكوست الشام"
نشر في البوابة يوم 01 - 05 - 2016

القتل بدأ بعد انسحاب المعارضة من محادثات جينيف.. اتهام الطيران الروسى بقصف المدينة.. 20 ألف عائلة هربت من الموت.. عدد الضحايا وصل إلى 200 شخص.. 90% منهم «مدنيون عزل».. المرافق الطبية والحيوية أهداف الطلعات الجوية
ما أبشع أن تنتظر الموت في خندق تحلق أعلاه طائرات روسيا، وتحاصره قوات النظام، ومدافع حزب الله اللبنانى.
إذا كنت سوريا، على أي حال، فأنت آخر إنسان في العالم يستحق الحسد.
حلب قُصفت في هدنة دوليّة، وفد المعارضة ارتدى بدلة رسميّة، وكذلك طرف بشار، ليوقعا قرارا رسميًّا بوقف القتل، فالموت هنا يفاجئ الجميع دائما، أم تحتضن ابنها وتنام قريرة، ظنًّا منها أن طائرات التحالف لن تختار سريرها لتقصفه. لآل حلب عزّة تمنعهم من البكاء أمام بعضهم، أو أمام الموت، وما نقلته الكاميرات - خلال أسبوع الآلام - سرقة لأشدّ حالاتهم ضعفا وحميمية لن يدعوك تراها في أيامهم العاديّة. هذه أيام أكثر ألما وفقدا من أي يومٍ مرّ من هنا.
وفق حسام.ر، ناشط يعيش على حدود المدينة المنكوبة، فإن ليلة حلب الأخيرة كانت تنبئ بشىء ما سيحدث، ويقض مضاجع الجميع، المدنى قبل العسكري، والسورى قبل المهاجر، والمواطن العادى، الذي لم يسعفه ماله ولا سماسرة اللجوء على الهروب، قبل الناشط السياسي، الذي يكسب قوته من المعارضة.
كل الخيارات المتاحة أمام أهالي حلب لم تكن كافية للنجاة، براميل البارود على كل ناصية، الألغام تطوق المدينة، رشاشات المقاتلين المتشددين مستقرة على رأس من يفكر في الاستسلام لجند بشار، والهواء معبأ برائحة الموت.. لا أحد هنا يريد أن يموت، السورى يحب الحياة بطبعه، الثورة واختراق طيور الظلام لتفاصيل يومه دفعه إلى التفكير في المجهول، رغم أنه لا مجهول أكثر مما يعيشه الآن.
يتذكر حسام الأيام السابقة للقصف: منذ سيطرة مقاتلى التنظيمات المتطرفة على ضواحى حلب، وهم يتعاملون معنا كرصاص في بنادقهم، أو قذائف على فوهة المدافع، يجندون أطفالنا وشبابنا، يعدونهم بالجنة وفق معادلة «الجنة مقابل الجهاد»، يحرضونهم على الحرب، على قتل أرواحهم، ولهم الأولوية في دخول الجنة «في الموت المجانى للدقة»، ولا يمنحونا حق الكفن.
يستنكر الناشط السورى شعار «حلب تحترق»، بالنسبة إليه، فإن استخدام لغة تقارير رجال المطافئ المتكاسلين عن البحث لكشف سبب الحريق لا يليق بما يجرى في حلب، فكل تعاطف مع الجانى دون إدانة للمجرم نفاق وتدليس وشو إعلامي أممى.. «قولوا: حلب يحرقها بشار وروسيا وحزب الشيطان».
العالم الذي لم يغير بشار، غيره بشار، فجعله يقاتل معه بدلا من أن يقاتله. بقذائف طائرات الأسد وحلفائه لن تسقط حلب وحدها، ستسقط سوريا، ستسلم للقاتل، هكذا يرى المصور خالد العمورى، واسم العائلة مستعار لأسباب أمنية، الذي حضر القصف منذ لحظته الأولى.
كيف سقطت المدينة المشحونة بمدافع الميليشيا في ساعات إذن؟
«22 ضربة جوية كانت كافية للفتك بكل شىء هنا، الصاخور، الشعار، حلب القديمة، وأغلب ضواحى حلب. فور انسحاب وفد المعارضة من مفاوضات جنيف، بدأت المدينة تحصن نفسها، موجات اكتئاب حاد ورعب دهست الأبرياء وقصفتهم قبل طائرات حلفاء بشار، علمنا أن ضربات متتالية قادمة عقابا لنا على ما اقترفته أيدى وفد المعارضة. ما كان لدينا من الوقت ما يسمح لضربة استباقية، أو لتجهيز أرض المدينة لاستيعاب القذائف.. معدل الصلوات ارتفع بالمدينة، فقد كانت جموع البشر تجهز نفسها للموت لا النجاة».
الطفل الذي قال «سأخبر الله بكل شىء» لم يكن عابثا، ربما بات ليلتين أو ما يزيد راجيا ربه أن يلقاه على حال أفضل، ليس مقصوفا أو مشوها أو متعبا.. كان يتمنى فقط أن يموت برصاصة سريعة وغادرة تنهى كل شىء في الحال.
يروى «حسام» ما جرى: «في البداية، أرسلت طائرات التحالف العسكري إشارات تحذير إلى الجميع مع لحظة قصف مستشفى القدس في حى السكرى بصاروخين.. الموت مصيركم، كما جرى للطاقم الطبى الذي تحول إلى تسعة جثث لا تجد من يلملمها. مات طبيب الأطفال الوحيد في حلب، بالنسبة لنا كانت رسالة أخرى، فالنظام لن يرحم أحدا، والأطفال أولنا، يا لهول المشهد، الناس تجر أرجلها من الموت إلى الموت».
المحطة الثانية للقذائف كانت حارة في حى بستان القصر، وبعدها استهدفت مبنى سكنيا بالكلاسة، قصدت الطائرات روضة أطفال كانت مجاورة للمبنى، لكن القنابل طاشت إلى هدف «أقل هولا».
يدخل مصور المذبحة إلى مساحة اصطياد القتلة: «للحظة مارسنا لعبة ذهنية من قلة تصديق أن رجلا يمكن أن يرتكب كل هذه الجرائم بشعبه، بدأنا نقامر بعضا بالتعرف على جنسيات الطائرات الغائرة من حجم الدمار الذي تخلفه، فالطائرات التي تضرب أهدافا وتهدم عددا أقل من المبانى سورية تابعة لبشار، والطائرات التي تجوب السما بهدوء وتحدث دمارا بنسبة أكبر فتنزل على ضاحية تنسف ما بها ولا تبقى ولا تذر روسية».
سأل أحدهم إن كان بشار لا يريد أن يلوث يده بدماء شعبه أكثر من ذلك فاستعان بالقصف الروسى، فكانت الإجابة جاهزة لدى «حسام»: «بالطبع لا، لكن جيشه منهك بفعل الحرب وطائراته ضعيفة لا تحقق الهدف، وهو الإبادة، فطلب المدد من الروس».
ويصف سما حلب، التي كانت أجمل من سماوات أوروبا، قبل أن يغطيها الدخان والبارود: «الطيران السورى لا يغادر الجو، وطائرات روسيا مسئولة عن الغارات الليلية، التي تمنح الضوء الأخضر لمدافع الهاون وقذائف الفيل، للقصف من وراء حواجز النظام على المواقع المقصوفة من قبل الطيران».
بدت، وفق روايات الشهود، المرافق الطبية والحيوية هدفا للطلعة الجوية الأولى لجيش التحالف على ضواحى حلب، حيث قصد بقذائفه فرن عيش، و3 مستشفيات معطلة الآن عن العمل، ومركز دفاع مدنى بحى الأتارب. يرتب بشار لحلب نهاية أقرب إلى مصير مضايا وفق ثنائية متبعة لديه «الجوع أو الاستسلام»، فاستهداف مناطق إمداد الحياة حلقة في سلسلة بدأت بمراقبة طريق الكاستللو، الوحيد المؤدى إلى حلب بالطيران، في انتظار أي محاولة لإمدادها بالغذاء أو العلاج لقنصها، هناك، حيث يعتبر الطريق ممرا آمنا للجثث فقط.
وتكتمل دائرة الشلل بمنع وصول الكهرباء والماء إلى حلب.
كانت الكلمات الأخيرة للمصور، الذي ذاق مرارة قذائف بشار، ومرارة تسجيلها بالكاميرا، دالة ومؤثرة وقاتلة: «أقول للعالم، انتظر الموت كبقية الناس هنا.. فالإنسانية ماتت على عتبات حلب».
لدى ر. حساوى، طبيب ذو أصول حلبية بقى وحده بينما هاجرت عائلته إلى أثينا، رعبا من المجهول، تخوف من نقص فصيلة دم «o-»، فالحرب لا تفرق، الكل مهزوم ومصاب ودمه هدر، حتى لو خرج منتصرا، أو هكذا يرى، وهو ما تؤمن به فرق الدفاع المدنى، العاجزة الآن أمام عدد المجازر وسيولة الدم المراق: «حواجز بشار تمنع فرق الصليب والهلال الأحمر من الوصول إلى المناطق المنكوبة.. هنا كارثة ستقع.. جثث الموتى ستلاحق الأحياء بأوبئة أبشع من السلاح الكيماوى، الذي يخزنه النظام».
ويوضح: «كان هجوم تحالف بشار متوقعا، فهربت 20 ألف عائلة في الأسبوع الأخير، إلا أن معظم الأهالي يفضلون الموت على الهروب.. الشعب الحلبى جبار، الأشلاء والرصاص تملأ حاراته، بينما الحارة المجاورة بها سوق وحفلات موسيقية». إلى جانب التخوف هناك تحفظ لدى حساوى: «النظام يروج عبر إعلامه الملاكى أنه يحارب جبهة النصرة في حلب، بينما الجبهة سحبت كل عناصرها من حلب وريفها، وإذا كان الأسد جادا فعلا في معركته مع ميليشيات الاسلاميين، فليوجه طيرانه إلى مراكز تواجدها بالرقة».
ويضيف: «النظام لا يجرؤ على قصف التنظيمات والجبهات، فينتقم من المدنيين، وهو يريد التنكيل بالمعارضة لكى تسلم له، وترضى ببقاء الأسد، وهذا لن يحدث.. الثوار فقدوا أصدقاءهم وعلى استعداد للموت مقابل الثأر من بشار وطائفته».
الخلاص ليس سهلا، بشار صاحب طائفة لن تهدأ حتى تنتهى من إبادة كل الطوائف المعادية، ويستوى العرش للعلويين» وفق حساوى، قبل أن يضيف ملاحظته بأن «قوات إيران لم تشارك في هذه الغزوة.. لم نشعر بالقذائف الفارسية ككل مرة».
ويشرح: «بدأ الهجوم بالقرب من ماريا، شمال شرقى تل رفعت، الواقعة بين حلب والحدود، ومن هناك حصار تركى من نوع آخر، يصفه طبيب حلب ب(الخيانة الأخيرة)، حيث إنه سيكون طويلا ربما حتى الموت جوعا». ويسأل: «لماذا يتذكرنا العالم الآن فقط؟.. ضربات الأسد وبوتين الجوية مستمرة منذ أسبوع في المشهد وبستان القصر والميسر والباب والشعار، وبلغ عدد الضحايا 200 شخصا، و90٪ منهم مدنيون عزل، وليسوا من الجيش الحر أو النصرة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.