لم يكن يتخيل يومًا ما، والد النقيب «زياد حمدي»، الضابط بقسم شرطة أول مدينة نصر، أن نهاية نجله ستكون بتلك البشاعة، وأنه سيرحل عن دنيانا قبل أن يراه فى عش الزوجية، إذ قطع هذه الأحلام جميعًا، اتصال هاتفى يخبره أن نجله «الأصغر» يتواجد بمستشفى الشرطة، إثر حادث مروع «بين الحياة والموت». تساؤلات عدة تدور حول ملابسات قضية مقتل «النقيب زياد»، بعد صدمه من قبل المتهم «أمجد موسى صبري» بسيارته «المرسيدس»، أبرزها إذا ما كانت هناك دوافع انتقامية وراء الجريمة، ما ينقل الجريمة إلى مستوى آخر من الأهمية، ويحولها من مجرد جريمة اقترفها «مخمور»، كما أفادت التحقيقات مبدئيًا إلى جريمة مع سبق الإصرار. والد الضحية الذى يعمل ضابطًا بالمخابرات العامة، يقول إن نجله لم تكن له عداءات مع أى شخص، مشيرًا إلى أنه يرفض استباق التحقيقات، وكل ما يعنيه هو القصاص له. ويروى تفاصيل الحادث قائلًا: «يوم الحادث توجه زياد إلى عمله بشارع العروبة، فى أحد الأكمنة الثابتة، وفيما كان يقف على رصيف ليجيب عن اتصال هاتفي، توجهت سيارة الجانى نحوه بسرعة جنونية، فاعتلت الرصيف ودهسته وبعدها مرت فوق جسده. ويضيف والد النقيب الضحية أن أفراد القوة الأمنية هرعوا لإلقاء القبض على السائق، واتصلوا بسيارة إسعاف نقلته إلى مستشفى الشرطة بمدينة نصر. ويقول الأب: «فى المستشفى أكد الأطباء لى إنه مصاب بكدمات غير خطيرة، ونقلته فى الخامسة فجرًا إلى مستشفى المعادى العسكري، غير أن روحه فاضت إلى بارئها بعد ساعات إثر نزيف داخلى بالصدر، وهو الأمر الذى لم يكتشفه أطباء مستشفى الشرطة». ويعتزم والد الفقيد رفع دعوى قضائية على مستشفى الشرطة لمقاضاة القائمين عليها بتهمة الإهمال الجسيم الذى أدى إلى وفاة نجله. ويقول شقيق الفقيد معتز محمد جاد 29 سنة وهو موظف حكومي: «يوم الحادث ذهب كعادته إلى عمله الساعة 12 مساء وحتى 8 صباحًا، ففوجئنا باتصال هاتفى من العقيد ثروت الشبراوى المكلف بالمرور على الخدمات لإبلاغنا بالخبر الأليم.. وبعد نقله إلى المستشفى فاضت روحه، ودفناه فى مدينة زفتى بالغربية مسقط رأسه. ويتساءل: «كيف لم يتمكن أطباء يعملون بقسم الحالات الطارئة من اكتشاف وجود نزيف داخلي؟.. هذا عبث وإهمال لا يمكن السكوت عليه.. والجانى بالنسبة لى ليس قائد السيارة فحسب، لكن أيضًا أولئك الأطباء الذين استهانوا بالأمر حتى فقدناه رحمة الله عليه». أحد الضباط من أصدقاء الفقيد قال إن الراحل لم تكن له خصومة مع أى شخص، معربًا عن ضجره بما سماه بالتجاهل الإعلامى للقضية. وقال: «الجانى رجل من رجال الدعاية والإعلان، بمعنى أن له تربيطات ومصالح مع عدد كبير من وسائل الإعلام، الأمر الذى تسبب فى حدوث «تجاهل مريب» للقضية».. متسائلاً: «ترى كيف كان سيكون التعاطى الإعلامى فى حال كان الأمر معكوسًا؟.. لو أن ضابطًا هو الذى كان يقود السيارة ودهس مواطنًا لقامت الدنيا ولم تقعد على ضباط الشرطة.. هذا بالإضافة إلى أن وزارة الداخلية لا تحرك ساكنًا لاسترداد حقوقنا، فدماؤنا أرخص من دماء غيرنا، حتى أن الإرهابيين يجدون من يدافع عنهم، ولا نجد أحدًا يدافع عن رجال الشرطة». وأضاف «فرضية سبق الإصرار مستبعدة بالنظر إلى أن الضحية كان دمث الخلق ولا عداوات بينه وبين أى إنسان.. لكن هناك إهمالًا طبيًا وتجاهلًا إعلاميًا بالطبع».