حيثيات «الإدارية العليا» لإلغاء الانتخابات بدائرة الدقي    وزيرتا التنمية المحلية والتضامن ومحافظ الغربية يتفقدون محطة طنطا لإنتاج البيض    تعرف على مشروع تطوير منظومة الصرف الصحي بمدينة دهب بتكلفة 400 مليون جنيه    نائب محافظ الجيزة وسكرتير عام المحافظة يتابعان تنفيذ الخطة الاستثمارية وملف تقنين أراضي الدولة    إما الاستسلام أو الاعتقال.. حماس تكشف سبب رفضها لمقترحات الاحتلال حول التعامل مع عناصر المقاومة في أنفاق رفح    الجامعة العربية تحتفى باليوم العالمى للتضامن مع الشعب الفلسطينى    شبكة بي بي سي: هل بدأ ليفربول حياة جديدة بدون محمد صلاح؟    إبراهيم حسن يكشف برنامج إعداد منتخب مصر لأمم أفريقيا 2025    وادى دجلة يواجه الطلائع ومودرن سبورت وديا خلال التوقف الدولى    الأهلي أمام اختبار صعب.. تفاصيل مصير أليو ديانج قبل الانتقالات الشتوية    أحمد موسى: حماية الطفل المصري يحمي مستقبل مصر    حكم قضائي يلزم محافظة الجيزة بالموافقة على استكمال مشروع سكني بالدقي    خطوات تسجيل البيانات في استمارة الصف الثالث الإعدادي والأوراق المطلوبة    الثقافة تُكرم خالد جلال في احتفالية بالمسرح القومي بحضور نجوم الفن.. الأربعاء    مبادرة تستحق الاهتمام    مدير وحدة الدراسات بالمتحدة: إلغاء انتخابات النواب في 30 دائرة سابقة تاريخية    انطلاق فعاليات «المواجهة والتجوال» في الشرقية وكفر الشيخ والغربية غدًا    جامعة دمنهور تطلق مبادرة "جيل بلا تبغ" لتعزيز الوعي الصحي ومكافحة التدخين    أسباب زيادة دهون البطن أسرع من باقى الجسم    مصطفى محمد بديلا في تشكيل نانت لمواجهة ليون في الدوري الفرنسي    رئيس الوزراء يبحث مع "أنجلوجولد أشانتي" خطط زيادة إنتاج منجم السكري ودعم قطاع الذهب    هل تجوز الصدقة على الأقارب غير المقتدرين؟.. أمين الفتوى يجيب    "وزير الصحة" يرفض بشكل قاطع فرض رسوم كشف على مرضى نفقة الدولة والتأمين بمستشفى جوستاف روسي مصر    محافظ جنوب سيناء يشيد بنجاح بطولة أفريقيا المفتوحة للبليارد الصيني    أمينة الفتوى: الوظيفة التي تشترط خلع الحجاب ليست باب رزق    وزير العدل يعتمد حركة ترقيات كُبرى    «بيت جن» المقاومة عنوان الوطنية    بعد تجارب التشغيل التجريبي.. موعد تشغيل مونوريل العاصمة الإدارية    عبد المعز: الإيمان الحقّ حين يتحوّل من أُمنيات إلى أفعال    استعدادًا لمواجهة أخرى مع إسرائيل.. إيران تتجه لشراء مقاتلات وصواريخ متطورة    دور الجامعات في القضاء على العنف الرقمي.. ندوة بكلية علوم الرياضة بالمنصورة    الإحصاء: 3.1% زيادة في عدد حالات الطلاق عام 2024    الصحة العالمية: تطعيم الأنفلونزا يمنع شدة المرض ودخول المستشفى    الرئيس السيسي يوجه بالعمل على زيادة الاستثمارات الخاصة لدفع النمو والتنمية    وزير التعليم يفاجئ مدارس دمياط ويشيد بانضباطها    من أول يناير 2026.. رفع الحدين الأدنى والأقصى لأجر الاشتراك التأميني | إنفوجراف    وزير الخارجية يسلم رسالة خطية من الرئيس السيسي إلى نظيره الباكستاني    رئيس الوزراء يتابع الموقف التنفيذي لتطوير المناطق المحيطة بهضبة الأهرامات    إعلان الكشوف الأولية لمرشحي نقابة المحامين بشمال القليوبية    موعد شهر رمضان 2026 فلكيًا.. 80 يومًا تفصلنا عن أول أيامه    وزير الثقافة يهنئ الكاتبة سلوى بكر لحصولها على جائزة البريكس الأدبية    رئيس جامعة القاهرة يستقبل وفد جودة التعليم لاعتماد المعهد القومي للأورام    الإسماعيلية تستضيف بطولة الرماية للجامعات    وزير الإسكان يتابع تجهيزات واستعدادات فصل الشتاء والتعامل مع الأمطار بالمدن الجديدة    دانيلو: عمتي توفت ليلة نهائي كوبا ليبرتادوريس.. وكنت ألعب بمساعدة من الله    ضبط 846 مخالفة مرورية بأسوان خلال حملات أسبوع    تيسير للمواطنين كبار السن والمرضى.. الجوازات والهجرة تسرع إنهاء الإجراءات    مصطفى غريب: كنت بسرق القصب وابن الأبلة شهرتى فى المدرسة    شرارة الحرب فى الكاريبى.. أمريكا اللاتينية بين مطرقة واشنطن وسندان فنزويلا    صندوق التنمية الحضرية : جراج متعدد الطوابق لخدمة زوار القاهرة التاريخية    وزير الخارجية يلتقي أعضاء الجالية المصرية بإسلام آباد    صراع الصدارة يشتعل.. روما يختبر قوته أمام نابولي بالدوري الإيطالي    إطلاق قافلة زاد العزة ال83 إلى غزة بنحو 10 آلاف و500 طن مساعدات إنسانية    اتحاد الأطباء العرب يكشف تفاصيل دعم الأطفال ذوي الإعاقة    تعليم القاهرة تعلن خطة شاملة لحماية الطلاب من فيروسات الشتاء.. وتشدد على إجراءات وقائية صارمة    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 30نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا.... اعرف مواعيد صلاتك بدقه    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للتدريب المشترك « ميدوزا - 14»    مركز المناخ يعلن بدء الشتاء.. الليلة الماضية تسجل أدنى حرارة منذ الموسم الماضى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجنرال السعودي المتقاعد أنور عشقي في حوار بلا قيود مع "البوابة": إسرائيل "جرح نازف" يمكن إيقافه بينما إيران "سرطان" لابد من استئصاله.. والتعايش مع القيادة السياسية في طهران "مستحيل"
نشر في البوابة يوم 01 - 04 - 2016


لدينا خلافات مع مصر فى «المسائل التفصيلية»
القاهرة حددت مشاركتها فى اليمن بحماية الملاحة فى «باب المندب» ونتفهم عدم تدخلها بشكل مباشر
ما الذى يريده «آل سعود»؟
حملت سؤالى هذا إلى كثيرين، فبدا البعض عاجزًا عن الإجابة، وآخرون رفضوا الدخول إلى هذه المساحة.
تقف السعودية الآن فى خط المواجهة الأمامى مع إيران.
عند خاصرتها الجنوبية فى اليمن اختارت أن يكون الحسم مع المتمردين الحوثيين -المدعومين من طهران- عسكريًا باسم «عاصفة الحزم»، وفى سوريا تحشد كل قوتها السياسية والعسكرية لإنهاء «استعمار الملالى لدمشق».
ثم إن المملكة عضت أصابعها فى لبنان بأن أوقفت مساعداتها المخصصة لتسليح الجيش وقوى الأمن الداخلى بفعل تصاعد المواجهة مع «حزب الله»، ولا يغيب العراق بميليشياته عن المعادلة.
إنها تحارب إيران على كل الجبهات تقريبًا.
وسط ذلك تقف القاهرة «حائرة».
لا يخفى السعوديون تململهم من بعض المواقف المصرية، خاصة فى اليمن بعدم توسيع المشاركة العسكرية، وفى سوريا بإعلاء الحل السياسى ومواجهة المجموعات الإرهابية على إسقاط «الأسد».
تبدو كل هذه الملفات غامضة تحتاج إلى من ينفض الغبار عنها ويزيح الستار عن أسرارها مدعومًا بمعلومات حقيقة وليست تحليلات بالكاد ترتقى إلى درجة المعلومات على ما يذهب كل من يتحدثون فى هذه المسائل.
إلى من نذهب إذن؟
اخترت أن أتحدث إلى واحد من أقرب المقربين لدوائر الحكم فى الرياض، إنه الدكتور أنور عشقى، الضابط السابق فى المخابرات السعودية (تقاعد برتبة لواء)، رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية بجدة، مستشار اللجنة الخاصة بمجلس الوزراء السعودى.
عمل لأكثر من عشر سنوات مساعدًا للأمير بندر بن سلطان، السفير السعودى السابق بواشنطن رئيس الاستخبارات السعودية السابق، وكُلف ب«مهمات غير رسمية».
سألت أنور عشقى عن إيران، واليمن، ولبنان، وسوريا، والأهم عن مصر.
دخلت به إلى «منطقة الجد» بسؤال عن موضع الخلافات بين القاهرة والرياض، فكان متحفظًا وإن أكدت إجابته بعض «الأحاديث السيارة» بشأن التباين بين البلدين فى عدة قضايا.
إننا بحاجة إلى قراءة ما يقوله هذا الرجل لما فيه من معلومات وحقائق، علنا نصل إلى جزء من إجابة السؤال الذى طرحناه.
سألته: هل نقلت المملكة خياراتها من «الحرب بالوكالة» إلى «المواجهة المباشرة» مع إيران؟
يقول: «بل إن المملكة انتقلت من (مرحلة التمكين) إلى (مرحلة الانطلاق)، فمثلًا عندما وجدت أن إيران أخذت تعبث بحديقتها الخلفية، اليمن، وتؤسس ل«حزب الله جديد» فى الجنوب، وتزوده بالصواريخ التى تهدد أمنها، وترفع طهران تحديها فتقول إنها سيطرت على 4 عواصم عربية (دمشق، بيروت، بغداد، صنعاء) انطلقت السعودية - مع أشقائها العرب - لإسناد الشرعية اليمنية عبر (عاصفة الحزم)».
لم تجد السعودية بدًا من المواجهة المباشرة مع المخططات الإيرانية وليس إيران الشعب بل الدولة.
يميز أنور عشقى بين «إيران كشعب مسلم يسهل التعايش معه، ودول جارة تستحق أن تستقيم العلاقات معها» وبين «القيادة السياسية فى إيران التى يستحيل التعايش معها إلا إذا غيرت من سياستها وأوقفت عدوانها وتوقفت عن إثارة الصراع الطائفى».
تريد السعودية «علاقات سلمية» مع إيران، لكن القيادة الحاكمة هناك تتبع أسلوب السياسة الطائفية بالسعى إلى «تصدير الثورة» والتدخل فى شئون الدول العربية إلى حد لا تستطيع المملكة معه أن تقف صامتة.
قلت له: «ما الذى فعلته السعودية لإنهاء سيطرة إيران على القرار فى سوريا والعراق واليمن ولبنان؟»
يوضح: «صحيح أن إيران سيطرت على صناعة القرار فى سوريا والعراق واليمن ولبنان، لكن المملكة ودول التحالف أنهت الوجود الإيرانى فى صنعاء، وأزاحوا طهران عن صناعة القرار فى دمشق، فأصبح فى يد روسيا، وجعلوا الشعب اللبنانى يقف صفًا واحدًا ضد الممارسات الإيرانية فى لبنان، وأخذ الشعب العراقى منه السنة والشيعة يقول لإيران كفى تدميرًا لبلدنا وكفى تدخلا فى شئونه».
يقول: «فى العام الماضى كنت فى أحد المؤتمرات، وكان معى اثنان من العراق لهما تأثير فى القرار السياسى، أحدهما عسكرى والآخر مدنى فسألتهما: من يسيطر على القرار فى بغداد؟، قالا: إيران، قلت: هل أنتم راضون؟ فكانت الإجابة لا، قلت: «إذنً ما دام الشعب يقف بإرادته ضد هذا الواقع فلا بد أن يزول».
توقفت قليلًا عند قرار المساعدات العسكرية للبنان فسألت: «هذه أيضًا رسالة سياسية عنوانها إيران؟».
يقول: «المملكة لم تقطع سوى المساعدات العسكرية والأمنية، لأنها تصب فى صالح حزب الله وليس القرار ضد الشعب اللبنانى، فالمساعدات للشعب قائمة».
أرادت الرياض من هذا القرار أن تنبه الشعب اللبنانى إلى أن «حزب الله»- الذى هو عميل لإيران وذراع لها فى المنطقة، ومثل المرتزقة لو قطعت إيران مساعدتها له فلن يجد أمامه سوى المملكة أو التحالف مع إسرائيل- يسير فى الطريق الخطأ- بدليل أن إسرائيل عندما اعتدت على لبنان لم تتدخل إيران، وبعد العدوان لم تقدم شيئًا للبنان بينما المملكة أعادت بناء المناطق المتضررة فى الجنوب.
لكن: «أليس فى القرار شيء من التخلى عن لبنان الذى لطالما دعمته السعودية وعقاب لمواطنيه على أخطاء حزب الله؟».
يقول: «القرار ليس فيه شيء من التخلى عن لبنان، ولن نتخلى عربًا وسعوديين عن لبنان، فقد قدمت المملكة 13 مليارا للشعب اللبنانى، ولم تقدم إيران سوى مائة مليون دولار فقط».
حاول «عشقى» أن يدلل على أن «حزب الله» يقود لبنان إلى المجهول، فضرب مثلًا بفشل انتخاب رئيس للمرة ال37 على التوالى، نتيجة عدم حضور نواب الحزب جلسة انتخاب الرئيس: «الضغط من حزب الله بإرادة من إيران التى تريد أن تساومنا حول ذلك، أفشل انتخاب الرئيس، لكننا نقول لإيران إننا تعلمنا قواعد اللعبة».
ما الذى تريده إيران من المملكة على وجه التحديد؟
المسألة واضحة لديه: «إيران تريد الدمار للمملكة».
ولأنه يحتفظ بوجهة النظر هذه، فلم يفاجأ بالتصرفات الإيرانية بعد إعدام القيادى الشيعى السعودى «نمر النمر» مثل حرق البعثات الدبلوماسية والتصريحات الخرقاء من المرشد الأعلى «لم أفاجأ لأنى أعلم بأن الخطأ يقتل صاحبه، والشر لا يقابل إلا بالشر والعدوان يفضح أهله».
يذهب أنور عشقى إلى آخر الخط فى الحديث عن إيران: «إسرائيل جرح نازف يمكن إيقافه، بينما النظام الإيرانى سرطان يتنشر لا بد من استئصاله».
لا يختلف على أن «إسرائيل العدو الأول للعرب وأن إيران يمكن أن تكون صديقة، لكن عدوا حكيما أفضل من صديق جاهل».
يرى الرجل أن السعودية تخوض هذه المعركة مع إخوانها العرب بدليل التأييد الذى تجده من جامعة الدول العربية، والتعاون من الدول الشقيقة.
انتقلت به إلى ملف اليمن، وقد طال أمد الحرب هناك دون إنجاز المهمة الأساسية المتمثلة فى عودة الشرعية.
قلت له: «هل فشلت عاصفة الحزم؟»، فجاءت إجابته: «إذا قارنا ما قام به التحالف فى اليمن بما قام به التحالف مع أمريكا فى فيتنام أو فى العراق أو فى أفغانستان نجد أننا نجحنا ولله الحمد، وإذا قسنا ذلك بالإنجاز نجد أنه فى البداية لم يكن مع السلطة الشرعية جندى واحد ولا بوصة واحدة، واليوم أكثر من 80٪ من الأراضى استردتها الشرعية».
بينما تستمر طائرات التحالف فى قصف مواقع الحوثيين باليمن تتداول فى هذه الأيام معلومات بشأن لقاء ممثلين عن الحكومة السعودية بممثلين عن جماعة «الحوثى» للمرة الأولى، بهدف التوصل إلى اتفاق لإيقاف الحرب المستمرة منذ عام.
بحسب ما هو متاح من معلومات، فإن هذه اللقاءات تبحث قضية تأمين الحدود، مقابل وقف الغارات وقبول الحوثيين بشرعية الرئيس عبدربه منصور هادى، والانخراط فى تشكيل حكومة وحدة وطنية، تستكمل الاستفتاء على الدستور، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطنى، بعد تعديل ما يعترض عليه الحوثيون وحزب الرئيس السابق على عبدالله صالح.
وضعت هذه المعلومات أمامه، فلم يؤكد أو ينفى، فقط اكتفى بالقول: «لا أعتقد بأن المملكة تعرقل أى عمل من شأنه إنهاء الصراع فى اليمن، بشرط أن يكون الطرف الآخر جادًا، والحوثيون ضد بعض هذه البنود قبل الحرب وبعدها، لكن المملكة تختبر دائماً جديتهم».
هل تقبل المملكة بوجود مستقبلى للحوثيين فى حكم اليمن؟
يجيب: «الحوثيون جيران لنا، لكنا لا نقبل أن يسيئوا الجوار، فإذا خانوا فلا نملك إلا أن نحمى أنفسنا وأبناءنا منهم».
سألته: «إلى أين وصل الوضع على الأرض الآن؟».
يقول: «اليوم وصل الوضع إلى الانتهاء من الحرب، وبداية معركة إعادة البناء والتعمير، وسيرى الشعب اليمنى ما ينتظره من خير وتنمية، وتطوير».
على سيرة الخير والتنمية، عرضت أمامه ما ذكره برنامج الأغذية العالمى التابع للأمم المتحدة، من أن نحو نصف محافظات اليمن البالغ عددها 22 محافظة على شفا المجاعة بسبب الحرب الدائرة فى البلاد، فيما تحتاج أكثر من 13 مليون نسمة معونات غذائية، ثم سألت: «من يتحمل المسئولية؟».
بلا تردد يقول: «من يتحمل مسئولية القتل والدمار هم الحوثيون وعلى عبدالله صالح، أما قوة التحالف فإنها تسير بخط متوازن بين العسكرى والإغاثى، وهكذا رسمت الخطة لتحرير اليمن».
حينما جاء الحديث عن على عبدالله صالح الرئيس اليمنى السابق، فاح الإحساس بالغدر فى حديث أنور عشقى: «على عبدالله صالح كانت المملكة تعلم نواياه منذ ثلاثين عاماً، فقد غدر بنا مع صدام حسين، وغدر بنا فى الحرب الأهلية، وغدر بنا فى الثورة الشبابية، وغدر بنا مع إيران، وقد عاملته المملكة بأحسن مما يتوقع (استضافته المملكة بعد إصابته فى انفجار استهدفه وتعرض جسده للحرق)، فماذا نفعل وقد قال الشاعر: (ولى صاحب كالدمل الممد حملته فى رقعة تحت جلدى)».
فى مساحة الحديث عن اليمن تعج صحف سعودية بمقالات معاتبة على حجم المشاركة المصرية فى «عاصفة الحزم».
سألته بشكل مباشر: «هل ترضى عن حجم المشاركة المصرية فى عاصفة الحزم؟».
يقول: «بالنسبة للدور المصرى على اعتبار أنى خبير عسكرى واستراتيجى وعملت بمجلس الوزراء السعودى 18 عامًا وبالسفارة السعودية فى واشنطن 3 أعوام، وخبرتى فى العالم العربى، فإن مصر لم تدخر جهدًا خصوصًا إذا أدركنا أنها تخوض معركتى الأمن والبناء».
لدى السعودية قناعة بأن «مصر ما زالت فى مرحلة النقاهة، ومن الصعب أن تتدخل بشكل مباشر فى اليمن، وتفهمت أن مشاركة القاهرة اقتصرت على مصلحة مهمة تتعلق بحماية الملاحة فى مضيق باب المندب، حتى لا تتأثر الملاحة فى قناة السويس».
يفرق «عشقى» بين العلاقة الاستراتيجية المصرية السعودية، والخلاف حول «المسائل التفصيلية»: «المملكة ومصر متفقتان فيما يتعلق بالأمن القومى العربى، وحماية الأمنين المصرى والسعودى، أما الخلافات فى المسائل التفصيلية فليست كبيرة».
كان هذا السؤال مدخلًا لما بعده.
أين تقف العلاقات بين القاهرة والرياض الآن؟
يقول: «العلاقة بين القاهرة والرياض ليست علاقة فى مصلحة أى من البلدين فقط، بل هى للأمة بأسرها، فمهما يحدث من الأبناء لن يؤثر على الآباء».
لم يوضح أنور عشقى من هم الأبناء أو هوية الآباء.
ألقى بكلماته وطلبت السؤال التالى.
سألته: «الخلاف بشأن ملف سوريا يمكن أن يكون سببًا فى ضعف التحالف الاستراتيجى بين البلدين؟».
يقول: «بشأن الملف السورى، المملكة تحترم وجهة نظر مصر، ومصر أيضًا تحترم وجهة نظر المملكة، وهذا ما لمسته من متابعتى لكل المواقف خاصة الموقف حيال سوريا».
«المهم ألا تكون الدعوة للحل السياسى تثبيتا لحكم الديكتاتور، وألا تؤثر التجربة مع الإرهاب بمصر فى خيارات القيادة فيما يتعلق بدعم حريات الشعوب، وألا تبنى مسارات السياسة الخارجية باعتبارات الكيد».
كان لدى سؤالان عن الملف السورى، الأول: «إلى أين تمضى السعودية فى سوريا؟»، وكانت إجابته: «لن تقبل المملكة للشعب السورى إلا بالأمن والاستقرار ورغد العيش، وهو ما تمضى إليه المملكة وشقيقاتها».
هل يمكن أن تقبل المملكة بحل سياسى يتيح بقاء بشار الأسد لفترة انتقالية؟
يجيب: «بقاء الأسد أمر متروك للشعب السورى، وطالما أن الشعب السورى لا يرضى بالأسد، فلن تقبل به المملكة، خصوصًا أنه قتل ربع مليون من شعبه وشرد الملايين».
«إذا أصر بشار على البقاء ورفض الحل السلمى، فإن التحالف الدولى لديه خيارات أخرى وكل الخيارات مفتوحة، أما أمريكا فلديها الخطة «B» لكننا نرغب فى الحل السلمى، فالأسد زائل والشعب باق، فمن الحكمة أن نقف مع الباقى».
انتقلت بأنور عشقى إلى ملف «حماس»، وقد تسربت مؤخرًا معلومات بشأن دور سعودى تمخض عنه زيارة وفد من الحركة إلى القاهرة للقاء مسئولين بجهاز المخابرات العامة.
يقول: «كل إنسان لديه عنصر خير وعنصر شر، وحماس إن أخطأت أو أخطأت جماعات منها، فقد أخطأ مع مصر الكثير، والمملكة تدعم أى تقارب بين مصر وحماس فى ظل مساعيها لإيقاف الحروب والنزاعات الدائرة فى المنطقة العربية وتحقيق الوحدة العربية».
بالتوازى مع ذلك، يؤكد أن «من حق مصر أن تصون أمنها القومى وأن تحمى أبناءها».
قلت له هل يمتد الأمر إلى الإخوان المسلمين؟».
وضعت إجابته قاعدة عامة: «سياسة المملكة التى أعرفها هى التقريب والتسديد ومنع الفرقة وتحقيق الأمن والسلام».
يقول: «الرئيس عبدالفتاح السيسى فتح الباب أمامهم فى أكثر من حديث عندما أكد أن الطريق ممهد أمام من لم تتلوث أيديهم بالدماء، ولا أحد يريد الإقصاء إلا للمتورطين بالفعل فى الدماء والعنف».
ما الذى تريده السعودية من حماس؟
يجيب: «المملكة تطالب الحركة بفك ارتباطها مع إيران وحزب الله، وأن تكرس جهدها لقضيتها، وألا تقع فى الشرك السياسى، وأن توحد صفوف الفلسطينيين حتى يمكن أن ينالوا حقوقهم المسلوبة، فالمشكلة أننا نفكر تكتيكيًا وليس استراتيجيا».
استفسرت من أنور عشقى عن تصريحات منسوبة إليه بأن الخليج لا يعرف أين ذهبت أمواله التى دعم بها الشعب المصرى فقال: «لم أقل ذلك بالنص، بل قلت: دول الخليج تقدم دعمها للمشروعات وليس للأشخاص، والرئيس عبدالفتاح السيسى لا ينظر لمصر من خلال نفسه بل ينظر إلى نفسه من خلال مصر، لهذا المملكة ودول مجلس التعاون تعرف أين تذهب هذه الأموال، وتحب أن تعرف».
سألته عن سر انتشار مثل هذه التصريحات، فرأى أن «هناك من يحرفون الكلم عن مواضعه إما بعدم الإدراك أو بغرض الإرباك».
قلت له: «بصراحة.. المملكة عاتبة على مصر فى ماذا؟».
يقول: «لم يبلغنى أن المملكة معاتبة لمصر، فأنا أرى أن مصر تسير فى الطريق الصحيح، فقد حقق الشعب فى أقل من سنتين ما لم يحققه خلال عشر سنوات، فقد حفر القناة الجديدة، ورصف شوارع بما يعادل 5 آلاف كيلو، وسرت فى طريق الإسكندرية لم أجد مثله حتى فى الولايات المتحدة الأمريكية أو غيرها».
«ما أتمناه لمصر هو ألا تتعامل ب(المسطرة العسكرية) بل بدهاء معاوية الذى حافظ على الشعرة، فحول الفتنة إلى استقرار وفتوحات عربية وإسلامية».
هذه رسالة مهمة أراد أنور عشقى أن يمررها فى نهاية حواره: «أن تحافظ مصر على شعرة معاوية».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.