المجتمع الإيرانى أكثر تحررًا وانفتاحًا من نظام الملالى الحاكم، وهو أكثر علمانية من أى مجتمع عربي، والغريب أنه لا يوجد مركز للبحوث واحد للدراسات الإيرانية فى العالم العربى يحاول جمع المعلومات حول الجمهورية الإسلامية بكل تعقيداتها، إلا أن جامعة هارفارد أطلقت برنامجا شاملا يسمى «مشروع إيران»، وعلى رأسهم المفكر الإيرانى الشاب بايام محسنى سيتم فيه الخوض فى عمق السياسة ومستقبل دولة آيات الله، ليطرح التساؤلات حول ما إذا كانت إيران فى اتجاه تنامى النفوذ والسلطة، أم أنها فى اتجاهها للانهيار، فى ظل وجود الكثير من علامات الضعف فى الوقت الحالى التى تشبه فترة ما قبل انهيار الاتحاد السوفيتى؟. ورغم نجاح الإصلاحيين فى إيران إلا أن الكثير من المراقبين يؤكدون أنه صورة أمام العالم وأنه لن يغير الحقيقة السوداء داخل سراديب طهران. وتطالعنا التقارير الغربية بالعديد من الأحداث الداخلية تؤكد أن إيران ما زالت «خامنئى ستايل» كما يقول تقرير لمجلة فوربس الأمريكية تحت هذا العنوان. «الإعدام».. عقوبة تجارة المخدرات بعد فوز الإصلاحيين قامت الحكومة الإيرانية بإعدام جميع الرجال فى قرية واحدة بسبب الاتهام فى جرائم المخدرات، بعد إيقاف شرطى إيرانى يحمل حوالى 3 آلاف كجم من الأفيون، وقالت نائبة رئيس شئون المرأة والأسرة فى البلاد فى مقابلة، فى وقت سابق من هذا الأسبوع، إن مسئولين إيرانيين قاموا بتنفيذ أحكام الإعدام على جميع الرجال من قرية سيستان وبلوتشستان فى الجزء الجنوبى من البلاد لجرائم المخدرات، وهو ما يسلط الضوء على المعدل المرتفع لإعدام تجار المخدرات فى البلاد. وهناك مشكلة كبيرة بسبب الإدمان والتى توضح الإحصاءات الرسمية أن هناك حوالى 2 مليون مدمن، على الرغم من أن الأرقام غير الرسمية تؤكد أن العدد أكبر من ذلك بأضعاف مضاعفة، يصل من 5 إلى 6 ملايين مدمن فى البلاد. والأفيون فى إيران متاح على نطاق واسع، والبلاد لديها أعلى نصيب من عدد مدمنى الأفيون فى العالم بمعدل 2.8٪ من الإيرانيين فوق سن 15، ويدخل الأفيون والهيروين من باكستان وأفغانستان عبر الحدود الشرقيةلإيران بكميات كبيرة، وتكاليف الأفيون أقل بكثير فى إيران مما عليه فى الغرب، بل هو أرخص من البيرة، وعلى سبيل المثال فى زاهدان، وهى مدينة إيرانية قرب الحدود الباكستانية، يمكن شراء 3 جرامات من الأفيون ب10 آلاف ريال إيراني، أى ما يعادل دولار أمريكي، والكيلوجرام يكلف ما يعادل 330 دولارا، وفى زابول، دولار واحد يشترى 5 جرامات من الأفيون الأفغاني، والأكثر غرابة أن الأفيون له شعبية كبيرة فى إيران لأن الكحول والخمرة حرام، وتقوم الحكومة الإيرانية بالسيطرة على الخمور أكثر من المخدرات. ووفقا لتقارير الحكومة الإيرانية الرسمية، فى طهران يقدر الاستهلاك اليومى من الأفيون بحوالى 4 طن متري، ويستهلك 450 طنا متريا من الأفيون فى إيران كل عام، ووفقا للإحصاءات فمنذ عام 2008، تقع نصف المضبوطات فى العالم من الهيروين فى تركياوإيران. وقد أكد تقرير صادر عن منظمة العفو الدولية أن إيران لديها ثانى أعلى عدد من عمليات الإعدام بعد الصين، وأضاف أنه فى عام 2015، سجلت البلاد نسبة تنفيذ مذهلة فى الجمهورية الإسلامية. قصة لجوء شاعر طهران الشاذ إلى «تل أبيب» الشذوذ وعدم الانتماء لا يزال يسيطر على المجتمع الذى يسعى الملالى لإغلاقه منذ 1979 دون جدوى، وتقول صحيفة «نيويورك تايمز» إن طلبات اللجوء من الإيرانيين لإسرائيل تحديدا تتزايد فى الفترة الأخيرة، وخاصة بالنسبة للإيرانيين الشواذ. بايام فيلى شاعر شاذ يقول من تل أبيب إنه من الصعب العيش فى إيران. فيلى البالغ من العمر 30 عاما، دائما ما تحتوى أشعاره ورواياته على مواضيع مثليى الجنس والرموز اليهودية، وقد وشم نجمة داود على عنقه، وصرح للنيويورك تايمز بأن المكان الوحيد فى العالم الذى يمكن أن يعيش فيه هو إسرائيل وأنها قناعته الشخصية. ووفقا للصحيفة فإنه مسار غير عادى حيث إيران لا تسمح لمواطنيها بزيارة إسرائيل، وتصفها ب«الشيطان الأصغر» وأمريكا ب«الشيطان الأكبر»، رغم أن الدولتين كانتا على علاقات وثيقة قبل عام 1979. فيلى قام بترجمة أحدث رواية له إلى العبرية، وقد هرب إلى تركيا فى عام 2014 بعد أن وضع على القائمة السوداء واعتقل عدة مرات، ومنحته إسرائيل تأشيرة مؤقتة كفنان للزيارة قبل نحو ثلاثة أشهر، ومنذ ذلك الوقت والنظام كان يضغط عليه لمغادرة البلاد. الغريب أن فيلى نشأ فى عائلة مسلمة فى كرج، رابع أكبر مدينة فى إيران يقطنها حوالى 2 مليون نسمة، وقد نشر الكتاب الأول له للشعر فى إيران عندما كان فى سن ال19 عاما وبعد ذلك توالت أعماله فى الخارج، ومعظمها باللغة الفارسية. وقال إن سحر إسرائيل بدأ معه عندما كان شابا، وقال إنه بعد مشاهدة الأفلام عن المحرقة بدأ فى قراءة التوراة، وشعر بالتوق لرؤية إسرائيل، وقال إنها تماما كما كان يتوقع، وحتى أفضل وأكثر جمالا، اللافت أن فيلى حصل على وشم نجمة داود بينما كان فى تركيا، وقال إنه دُعى أيضا إلى الولاياتالمتحدة، ولكنه اختار إسرائيل. السعى وراء حق اللجوء بالنسبة للإيرانيين الشواذ دائما ما كان قضية ساخنة، حتى إنه تم عرض فيلم تحت عنوان «الإيرانيين الشواذ»، يتناول قصة حياة طالب اللجوء، رامتين، فى أعقاب أسر وتعذيب صديقه فى طهران، وذهابه إلى إنجلترا. الفيلم كتابة جلين ميلنر. بأمر «خامنئى».. الشتات الإيرانى لن ينتهى أبدًا فى تحركات غريبة ولافتة تقوم الحكومة الإيرانية بعملية اعتقالات واسعة لمزدوجى الجنسية فى البلاد، وقد تم اعتقال مسئول كبير سابق فى الأممالمتحدة يدعى باقر نامازى عمره 80 عاما الذى يحمل الجنسيتين الإيرانيةوالأمريكية، الأمر الذى يتحدى أى نوع من المنطق. باقر هو والد سيامك نامازي، الذى ألقى القبض عليه فى أكتوبر الماضى بعد فترة من التحقيقات المكثفة من قبل منظمة مخابرات فيلق الحرس الثورى الإسلامى فى طهران، وقد مرت أكثر من أربعة أشهر، وما زال لا توجد هناك أى معلومات واضحة حول لماذا تم القبض على سيامك وما هى تهمته. تلك الاعتقالات تؤكد حالة القلق التى يشعر بها نظام الملالى بشأن عودة الجالية الإيرانية فى مرحلة ما بعد العقوبات، حيث كان باقر وسيامك فى مرحلة الشتات الإيرانى وعادا إلى إيران فى أواخر التسعينات فى أعقاب انتخاب الرئيس الإصلاحى محمد خاتمى من 1997 إلى 2005، الذى روج مشاركة أكبر مع الإيرانيين فى الخارج، هذه الاعتقالات ترتبط برغبة آية الله خامنئى لثنى الإيرانيين فى الخارج عن العودة إلى إيران، وخصوصا الإيرانيين الأمريكيين، لما لهم من تأثير على المجتمع الإيرانى وأن الأمر سيتطور فى العقد المقبل. أيضا سيامك هو مدير شركة نفط الهلال (CP)، وهى شركة مقرها فى دولة الإمارات العربية المتحدة، وبالتالى فإن إيران تقوم بتصفية حسابات مع كل من يتعامل مع الإمارات. ويؤكد المراقبون أن عمليات الحكومة الإيرانية للاعتقالات التعسفية للإيرانيين الأمريكيين ستقوض بالتأكيد الإمكانات الهائلة التى سيجلبها جمع الشتات الإيرانى من الأعمال التجارية الدولية، والتى يمكن أن تؤدى إلى المساعدة فى تطوير إيران.