رئيس جامعة القاهرة: ارتقينا 23 مركزًا عالميًا بفضل استراتيجيات البحث العلمي    إعفاء إدارة مدرسة ببنى سويف بعد رسوب جماعى لطلاب الشهادة الإعدادية.. والتحقيق مع مدير الإدارة    شيخ الأزهر لوفد طلابي من جامعتي جورج واشنطن والأمريكيَّة بالقاهرة: العلم بلا إطار أخلاقي خطر على الإنسانية.. وما يحدث في غزة فضح الصَّمت العالمي    تراجع مؤشرات البورصة المصرية بمنتصف اليوم الخميس    توجيهات مشددة بشأن ترشيد استهلاك المياه في المدن الجديدة    الأشموني.. «الشرقية» جاده في إنهاء ملفات التصالح وتقنين الأوضاع    محافظ القاهرة: 10 جنيهات أعلى قيمة لساعة الانتظار بساحات انتظار السيارات    وزير الدفاع الإسرائيلي: لا يمكن أن يستمر خامنئي على قيد الحياة    الكرملين: دخول الولايات المتحدة في الصراع الإسرائيلي الإيراني بالغ الخطورة    غيابات مؤثرة تضرب الأهلي قبل مواجهة بالميراس في كأس العالم للأندية    هل يوجد تخبط؟.. الزمالك يوضح للجماهير الحقيقة كاملة بشأن جون والصفقات    ننشر اسماء أوائل الشهادة الإعدادية بمحافظة المنيا    «المشدد» 10 سنوات لتاجر مخدرات بالدقي    «منخفض الهند الموسمي» | ظاهرة جوية تلهب ثلاث قارات وتؤثر على المناخ    مشغولات ذهبية ومبلغ مالي.. حبس 3 متهمين بسرقة شقة بالظاهر    موعد وشروط المشاركة في مهرجان الأردن لأفلام الأطفال    وزير الثقافة ينفي خصخصة قصور الثقافة    الدموع تغلب ماجد المصري في حفل زفاف ابنته | صور    مرقس عادل: "في عز الظهر" يتناول الهوية المصرية ولا أحب تناول الرسائل بشكل صريح    ما حكم تشغيل صوت القرآن أثناء النوم؟.. أمين الفتوى يجيب    «الصحة»: نستهدف تغطية 60% من احتياجات أفريقيا من اللقاحات عبر "فاكسيرا" بحلول 2040    ميشيل الجمل: وعي المصريين الحصن الحقيقي أمام شائعات الإخوان وأهدافهم الخبيثة    تنسيق الجامعات.. كلية الاقتصاد المنزلي جامعة حلوان    9 صور تلخص أول ظهور لمحمد رمضان بمحكمة الطفل لإنهاء التصالح فى قضية نجله    صادر له قرار هدم دون تنفيذ.. النيابة تطلب تحريات انهيار عقار باكوس في الإسكندرية    عاجل- مدبولي يتفقد خطوط إنتاج الهواتف والتليفزيونات بمصنع "صافي جروب" بمدينة 6 أكتوبر ويشيد بمستوى التصنيع المحلي    «التنظيم والإدارة» يعلن عن مسابقة لشغل وظيفة معلم مساعد    هل توجد أي مؤشرات تدل على احتمال حدوث تأثيرات إشعاعية على مصر فى حال ضرب مفاعل ديمونة..؟!    فيفا: بالميراس ضد الأهلي في مواجهة حاسمة على صراع التأهل بمونديال الأندية    السيسي يوافق على اتفاقية تمكين البنك الأوروبي من التوسع فى أفريقيا    وكيل قطاع المعاهد الأزهرية يتفقد لجان امتحانات الشهادة الثانوية بقنا ويشيد بالتنظيم    حمدي فتحي: نسعى لتحقيق نتيجة إيجابية أمام بالميراس    من فاتته صلاة في السفر كيف يقضيها بعد عودته.. الأزهر للفتوى يجيب    الرزق ليس ما تملك..بل ما نجاك الله من فقده    البنك المركزي ينظم قطاع الدفع الإلكتروني بإصدار قواعد الترخيص والتسجيل    عبد الغفار يترأس الاجتماع الأول للمجلس الوطني للسياحة الصحية    محافظ الدقهلية يستقبل نائب وزير الصحة للطب الوقائي    نصائح مهمة للوقاية من أمراض الصيف.. وتحذير من الفاكهة    مصرع شخص وإصابة 6 آخرين إثر حادث تصادم بطريق سفاجا الغردقة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 19-6-2025 في محافظة قنا    خارجية أمريكا: نطالب جميع موظفى السفارة فى تل أبيب وأفراد عائلاتهم بتوخى الحذر    مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص يشاركون الحكومة في دعم ذوي الهمم    إعلان الفائزين في بينالي القاهرة الدولي الثالث لفنون الطفل 2025    متوسط التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات على خطوط السكة الحديد    بونو يحصل على التقييم الأعلى في تعادل الهلال وريال مدريد    "الأهلي وصراع أوروبي لاتيني".. جدول مباريات اليوم الخميس والقنوات الناقلة    الصحة: الولادة القيصرية غير المبررة ترفع خطر إصابة الأطفال بالتوحد 4 أضعاف    إعلام عبري: 7 صواريخ إيرانية على الأقل أصابت أهدافها في إسرائيل    بعد فشل القبة الإسرائيلية.. الدفاعات الأمريكية تعترض الموجة الإيرانية الأخيرة على إسرائيل    طرح البرومو التشويقي الأول لمسلسل «220 يوم» (فيديو)    زيزو يوضح حقيقة الخلاف حول ركلة جزاء تريزيجيه    حزب الله بالعراق: دخول أمريكا في الحرب سيجلب لها الدمار    وسط تصاعد التوترات.. تفعيل الدفاعات الجوية الإيرانية في طهران    كوريا الشمالية تندد بالهجوم الإسرائيلي على إيران    هل الحسد يمنع الرزق؟.. الشيخ خالد الجندي يوضح    ريبييرو: مواجهة بالميراس صعبة.. وسنبذل قصارى جهدنا لتحقيق الفوز    خالد الغندور يكشف صدمة للأهلي بسبب مدة غياب طاهر    تامر حسني وهنا الزاهد يتألقان في دور السينما المصرية ب "ريستارت"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تأثير حضارة البصرة على بلاد الأندلس

تعد البصرة المدينة الإسلامية الأولى التي تأسست خارج الجزيرة العربية، مدينة العلم والعلماء، الحاضرة الشامخة القامة مصر الأمصار الإسلامية والمنهل الذي ينهل منه العلم والفكر والأدب وهي أحد أركان وركائز مركز الحضارة الإسلامية والفكر الإسلامي بما اجتمع فيها من جهابذة العلم والمعرفة نابغين في شتى حقول العلم والمعرفة وهي المجمع العلمي الزاهر بما احتوت من العلماء والفلاسفة والأطباء والأدباء بمختلف مشاربهم وأعراقهم.. فهي مدينة الأصمعي وأبو عمر بن العلاء والخليل بن أحمد وأبو عبيدة معمر بن مثنى التميمي وأبو الأسود الدؤلي وأبو زيد سعيد بن آوس الأنصاري وسيبويه وأبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ وأبو يوسف يعقوب ابن إسحاق الكندي وأبي على محمد بن الحسن بن الهيثم وأبو محمد القاسم بن على بن محمد بن عثمان الحرير وابن سيرين وأبو عمر علاء العطوي وأبو داود السجستاني وهي مهد إخوان الصفا وخلان الوفا والأخفش الوسط وعبدالله بن المقفع وبشار بن البرد وأبو الحسن على بن محمد البصري الماوردي وأبو الحسن الأشعري والمفجع البصري وقتادة بن دعامة والقائمة تطول وتحتاج مجلدات للحديث عن علماء البصرة.
ومن بين تلك البلدان التي أثرت فيها الحضارة البصرية كانت الأندلس (وهو اللفظ الذي أطلقه العرب على القسم الذي سيطروا عليه من شبه جزيرة أيبريه " إسبانيا والبرتغال" وتسمى أيضا "أيبيريا الإسلامية ") حيث كانت البصرة محط أنظار واهتمام كبير من علماء وفقهاء الأندلس لما تملك من مقومات ومدارس الفكر والعلوم والآداب فقد مد العرب المسلمين(والبصرة جزء هام منه) الأندلس بمد حضاري حمل عبارة تتصدر معاهدهم ودور علمهم: (العالم يقوم على أربعة أركان: معرفة الحكيم، وعدالة العظيم، وصلاة التقي،وبسالة الشجاع) فقد أثرت الحضارة البصرية تأثيرات مباشرة على حضارة الأندلس الإسلامية خلال القرنين الثالث والرابع الهجريين حيث توافد الطلبة والعلماء وطالبي العلم الأندلسيين على أماكن العلم البصرية والأخذ مما موجود فيها من علوم ومعارف على يد أشهر العلماء البصريين وتحفل كتب الطبقات والتراجم بأسماء العديد من علماء الأندلس الذين رحلوا إلى البصرة طلباَ للعلم ورغبة في الاتصال بعلمائها وقد أسهمت الحضارة البصرية في رفد الحركة الثقافية في الأندلس ودعمها وتشجيعها وتزويدها بالعلوم والمؤلفات وحثها على الترجمة والتأليف.
بدأت علوم ومعارف وآداب البصرة تحمل إلى الغرب عن طريق رحلات طلب العلم التي كان يقوم بها عدد من الأندلسيين إلى مراكز الاتقاد العلمي والأدبي في البصرة والقيام بترجمة هذا العلوم والمعارف إلى العديد من اللغات الغربية وعندما استقلت الشخصية الأندلسية من القرن الخامس الهجري/الحادي عشر الميلادي عن الشخصية المشرقية أصبحت المصدر الأول لتوجيه الفكر الغربي لذلك أن اثر البصرة لم يكن محصورا في الحضارة الأندلسية فحسب إنما تعدتها إلى مجمل العالم الغربي.
وسوف نستعرض بشكل موجز بعض من أشهر علماء وفقهاء الأندلس الذين وردوا إلى البصرة من أجل الاستزادة والتعلم ونقل العلوم إلى الأندلس فقد ذكر الدكتور أكرم حسين غضبان العديد من أولئك العلماء الأندلسيين الذين قدموا إلى البصرة وقد ذكر منهم: الفقيه الأندلسي أحمد بن عباد بن عبدون (عاش في القرن الرابع الهجري/العاشر الميلادي) قادماَ من قرطبة في العام (317هجرية/929ميلادية) وعندما وصل إليها التقى بعدد من علماء الفقه فيها واخذ عنهم أصول الفقه ومصادره وقد درس أراء الفقهاء وتعرف على أساليبهم في حل المسائل الفقهية ثم عاد إلى الأندلس وهو يحمل علماَ غزيراَ في الفقه وأصوله،وكذلك قام الفقيه الأندلسي ابوعبدالله محمد بن وازع الضرير (ت 374هجرية/984ميلادية) برحلة إلى مدينة البصرة في العام (351هجرية/962ميلادية) حيث درس على يد أشهر الفقهاء البصريين واطلع على اهمم كتبهم المؤلفة في الفقه ودرس الفقه على يد أشهر الفقهاء فيها وأبرزهم الفقيه أبي اسحق إبراهيم بن على مما زاد في علمه ومعرفته وقد نبغ في حل المسائل الفقهية مما أفاد فقهاء الأندلس لنقله علوم فقهاء البصرة وفي علم الحديث كان علماء الأندلس قد تلقوا أفضل علومهم على يد أشهر محدثي الحديث النبوي الشريف في البصرة وتعرفوا على أبرز رواته ورواياته وتعلموا كيفية إخراج سند تلك الروايات للوصول إلى صحة الأحاديث من خلال إخضاع الرواة إلى علم الجرح والتعديل( ) لبيان صدقهم فيما رووه عن النبي(ص)،وقام الفقيه الأندلسي أبو عبدالله محمد بن قاسم بن سيار(ت327هجرية/938ميلادية )برحلة إلى بلاد الشرق جعل البصرة محط أقامته الرئيسية حيث أقام فيها أربع سنوات وأربع أشهر التقى خلالها عدد من محدثي هذه المدينة منهم أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي وأبو زكريا بن يحيى الساجي ومحمد بن موسى الجرثمي اطلع من خلالهم على الحديث النبوي الشريف وتعرف على رواته وعندما عاد إلى الأندلس كان متقناَ لرواية الحديث عارفاَ لسلسلة سنده حتى وصفه المحدث الأندلسي أبو محمد الباجي بقوله): لم أدرك من الشيوخ بقرطبة أكثر حديثاَ من محمد بن القاسم) في حين قام عدد من الفقهاء الأندلسيين الآخرين أمثال مسلمه بن سليمان(ت 353هجرية/964ميلادية) بزيارة البصرة ودرس على يد فقهاء ورواة الحديث البصريين أمثال أبو رواق الهزاني وأبو على اللؤلؤي ومحمد بن على الزعفراني وأحمد بن محمد التستري وكذلك من محدثي الأندلس الذين استفادوا من علوم علماء البصرة أبو زكريا يحيى بن مالك بن كيسان (ت375هجرية/985ميلادية)الذي قام برحلة إلى البصرة سنة(347هجرية/958ميلادية) ومكث في البصرة اثنين وعشرين سنة جمع خلالها علماَ وفيراَ وعاد إلى الأندلس سنة(369/979ميلادية) وقد اتخذ من جامع قرطبة مكانا يحدث الناس فيه ما تعلمه من أحاديث في البصرة وقد وصفه ابن الفرضي- أبو الوليد عبد الله بن محمد بن يوسف بن نصر الأزدي-(ت 403هجرية/1013ميلادي) بقوله (جمع علماَ عظيماَ لم يجمعه أحد قبله من أصحاب الرحل إلى المشرق، روى لنا من الأخبار والحكايات ما لم يكن عند غيره ولا ادخله أحد الأندلس قبله)( ) أما في مجال اللغة والأدب فقد تعلم علماء الأندلس أصول اللغة ومعانيها وحافظوا الكثير من الأشعار وتعرفوا على بحورها وبرعوا في أنشاء القطع النثرية فكانت لهم مساهمه رائعة في هذا المجال حيث كان محمد بن عبدالله الغازي (ت296/908 ميلادية)الذي رحل من قرطبة إلى البصرة فالتقى بعلمائها ومنهم أبو حاتم سهل السجستاني وأبو الفضل العباس الرياشي وأبو إسحاق إبراهيم بن خداش وأبو موسى العتكي وأبو سعيد عبدالله بن شعيب فاخذ عنهم قواعد النحو وأساليب اللغة وحفظ بحور الشعر وقدم على البصرة أيضا أبو بكر يحيى بن مالك (ت 360هجرية/970 ميلادية)من مدينة طرطوشة( ) حيث كان برفقته والده أبو زكريا يحيى بن مالك بن كيسان سنة (347هجرية/958ميلادية) حتى قيل عنه بان حفظه(للنحو واللغة والشعر يفوق من جاراه على حداثة سنه)،أما في مجال العلوم العقلية فقد كان لهذه العلوم نصيب من دراسة طلبة وعلماء الأندلس في البصرة حيث أنهم أتقنوا علومها وأسسها وأصولها وقواعدها وكان من أبرز تلك العلوم الطب الذي يعتبر من أهم العلوم وأعلاها منزلة لما له من دور بارز في حفظ صحة الإنسان وزوال المرض عنه وكانت من أبرز الرحلات العلمية التي قام بها أطباء الأندلس إلى البصرة الرحلة التي قام بها الطبيبان عمر وأحمد ابنا الطبيب يونس الحراني (عاشا في القرن الرابع الهجري/العاشر الميلادي) في عهد الخليفة عبدالرحمن الناصر (300-350هجرية/912-961 ميلادية) حيث قاما بهذه الرحلة سنة(330هجرية/941ميلادية) وقد اخذوا عن علماء وأطباء البصرة أصول الطب وقواعده خصوصاَ في مجال طب العيون حيث أنهما درسا الطب العملي في بيمارسان( ) مدينة البصرة شأنهم شأن بقية طلبة الطب وعاد الطبيبان عمر وأحمد إلى بلاد الأندلس سنة (351هجرية/962 ميلادية) حيث استقبلهما الخليفة الحكم المستنصر (350-366 هجرية/961-976ميلادية) بالترحيب والاحترام كعادته في استقبال العلماء الأجلاء والكبار وبدأ الطبيبان بممارسة أعمالهما بمعالجة المرضى من المجتمع الأندلسي متبعين أسلوب وقوا عد ما تعلماه في البصرة حيث كان الطبيب أحمد بن يونس الحراني يداوي العين مداواة ويعالجها علاجاَ دقيقاَ.
وقام الطبيب الأندلسي محمد بن عبدون الجيلي (عاش في القرن الرابع الهجري/العاشر الميلادي) برحلة إلى البصرة في العام ( هجرية347/958 ميلادية) في أواخر عهد الخليفة الناصر حيث كان يقصد من سفره دراسة علم الطب وتعلم قواعده المهنية فرحل من قرطبة قاصداَ المشرق فدخل البصرة والتقى علمائها وأطبائها المشهورين وتلقى على أيديهم دروس الطب النظرية في حين تلقى الدروس العملية في بيمارسان البصرة فكان يشاهد أساتذة الطب وهم يشخصون الحالات المرضية ويحددون العلاج اللازم للمرضى أمام طلبتهم فتعلم بذلك ابن عبدون الجيلي الكثير من أصول الطب وقواعده العلاجية لذلك عندما عاد إلى الأندلس سنة(360هجرية/970 ميلادية) وبدأ بتدريس طلبة الطب ناقلاَ لهم ما تعلمه في البصرة. وكذلك رحل العلامة الرياضي عمرو بن عبدالرحمن الكرماني القرطبي حيث قصد حران ( ) حيث درس بها الهندسة والطب وقد جلب معه إلى الأندلس رسائل إخوان الصفا ويعتبر إدخال رسائل إخوان الصفا إلى الأندلس من قبل الكرماني خطوة كبيرة في اتقاد ودفع تيارات الدراسات الفلسفية في الأندلس وتوسيع البحث فيها( ).لقد قام الخليفة الحكم المستنصر بإقامة سوق علمي في قرطبة تجلب اليه الكتب من شتى انحاء المشرق الذي كان مهد العلوم والآداب وكانت البصرة إحدى المدن التي قصدها تجار الكتب وجلبوا منها الكثير من المؤلفات حيث كان الخليفة المستنصر يرعى ويهتم بتجار الكتب "باذلاَ للذهب في استجلاب الكتب ويعطي من يتجر فيها ما شاء"( )فقد حمل أبو على القالي إلى الأندلس تراثاَ في الشعر والأدب حيث حمل دواوين الفرزدق الشاعر البصري المعروف وعندما عاد فرج بن سلام من العراق جلب معه كتاب (البيان والتبيين)وغيره من مؤلفات الجاحظ وادخل قاسم بن ثابت العوفي السرقسطي إلى الأندلس كتاب (العين) للنحوي البصري المشهور الخليل بن أحمد الفراهيدي.
لم تكن الروابط والعلاقات بين الأندلس والبصرة محصورة في الجوانب العلمية والثقافية بل تعدتها إلى الصلات الاجتماعية حيث ارتبطت الأندلس مع البصرة بصلات اجتماعية كبيرة ونلاحظ مثلاَ مدى التأثير الاجتماعي الذي أفرزته البيئة الاجتماعية البصرية على الأندلس من خلال إقامة العلماء والفقهاء والطلبة والتجار الأندلسيين في البصرة لفترات زمنية طويلة قد أدى إلى امتزاجهم بالبيئة الاجتماعية البصرية وقد اخذوا عنها الكثير من العادات والتقاليد نقلوها عند عودتهم إلى بلاد الأندلس لتضيف إلى الحضارة الأندلسية طابعاَ جديداَ من سمات الحضارة البصرية.
لقد اثر التواصل الحضاري بين البصرة وبلاد الأندلس بشكل واضح وملموس على ازدهار وتقدم الأندلس في شتى مجالات وحقول العلوم والآداب والفنون فعندما نتحدث عن التواصل الثقافي عبر التاريخ فأننا لم نجد مثالاَ أروع من الحضارة الإسلامية في الأندلس فقد كانت الجسر العظيم للتواصل بين الثقافة العربية والثقافة الغربية وهي بحق التقاء الحضارات بين الشرق والغرب مما نتج عن هذا التواصل ولادة الحضارة الأندلسية التي ساهم فيها علماء وفقهاء ومحدثي وأدباء البصرة بشكل واضح فقد أدى هذا التواصل إلى النضج العلمي واكتمال بناء الشخصية العلمية الأندلسية والانطلاق بتلك العلوم التي حصلوا عليها من المشرق وتلك التي استنبطوها ذاتياَ نحو البلدان الغربية.
---------------------
1 ) الجرح والتعديل هو مجموعة من الضوابط يتبعها المحدث لمعرفة رجال الحديث وصحة سند الروايات التي رووها عن النبي (ص) راجع العمري،بحوث في تاريخ السنة المشرفة،ط1، بغداد، ص 104.
2 ) راجع صلات البصرة الحضارية مع بلاد الأندلس – الدكتور أكرم حسين غضبان – مجلة دراسات البصرة – السنة الثانية – العدد(1)2007.
3 ) طرطوشة مدينة أندلسية تقع بالقرب من بلنسية مشهورة بخصوبة أرضها واعتدال مناخها انظر،الحميري، الروض المعطار في خبر الأقطار، تحقيق د.أحسان عباس، بيروت،1975، ص192.
4) البيمارسان: كلمة فارسية تعني المحل المعد لمعالجة المرضى وإقامتهم وهو ما يعرف الآن بالمستشفى انظر ابن عمران،المنجد في اللغة، ط1 بيروت 2003(مادة بيم)ص57.
5 ) حران الكبرى وحران الصغرى: قريتان في البحرين لبني عامر بن الحارث بن انمار بن عمرو بن وديعة بن لكيز بن أفضى بن عبد القيس، ياقوت الحموي: معجم البلدان ج2 ص 271-272-273.
6) بحث بعنوان التواصل الثقافي بين الأندلس والمشرق – الدكتورة سهى بعيون – مؤتمر فيلادلفيا الدولي الرابع عشر.
7 ) انظر صلات البصرة الحضارية مع بلاد الأندلس – الدكتور أكرم حسين غضبان – مجلة دراسات البصرة – السنة الثانية – العدد(1)2007.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.