أول الليل : يقف في أول الشارع، ممسكًا حلمه بين ذراعيه، تأتيه أصوات كثيرة متداخلة، (صوتٌ عذبٌ ينساب مبشرًا الجميع بالجنة، يتداخل مع صوت أم كلثوم تُلح عليه أن يأخذها في حنانه، في حين يعلو صوت بائع البطاطا مُصرًّا على أنها بنار الفرن). يفتح ذراعيه على آخرهما، منطلقًا إلى الجنة، وفي يده البطاطا، وأم كلثوم تتمسك بمطلب جديد، وهو أن يأخذها (بعيد بعيد)، وتؤكد له (عن الوجود وابعدني.. بعيد بعيد وحدينا). منتصف الليل : على الجانب الآخر، كان الذي يعصب عينيه مخافة النور، يتحرك بسرعة هنا وهناك، يطفئ الأنوار بيدٍ، ويتأكد بالأخرى أن العُصابة محكمة الربط على عينيه، أحسَّ في لحظة ما بشخص يعلو، فدفعته رغبته في أن يمسك بقدميه دون أن يدري وجهته . المسافر إلى الجنة أحسَّ بثقلٍ غريبٍ في قدميه، توقف عن الطيران، سقطت البطاطا من يده، وصوت أم كلثوم اختبأ خلف أصوات غليظة خرجت بعد ضغط على أزرار كثيرة، لكن الحلم ما يزال بين ذراعيه . انطفأت أنوار كثيرة محيطة بالاثنين الواقفين فوق الكوبري، في حين أن أعمدة بعيدة كانت تبعث نورًا ضعيفًا، أخذ أحدهما يبحث عن حُلمه الذي كان بين ذراعيه، بينما كان الآخر يستمتع بالبطاطا التي كانت باردة جدا . آخر الليل : الكوبري خالٍ تماما، إلا منهما، وبعض الكراسي الملقاة هنا وهناك، وقد تكوم عليها التراب، بعد أن هجرها الجالسون. Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA