"لم يكن "طه" سوى مندوب دعاية طبية في شركة أدوية، لسان لبق يستميل أعتى الأطباء لأدويته، كان ذلك قبل أن يسقط من خلال جريمة قتل تتركه خلفها وقد تبدّل عالمه إلى جزيرة من الأسرار، يبدأ اكتشافها في دفتر عتيق يعثر عليه مصادفة، ويجد معه أداة رهيبة لها فعل السحر". بهذه الكلمات لخص الأديب الشاب أحمد مراد أحداث ما يدور في روايته "تراب الماس " التي صدرت منذ خمس سنوات عن دار الشروق وبعدها حققت انتشارا كبيرا دفعت الفنان أحمد حلمى للتعاقد مع مراد على تحويلها إلى عمل سينمائي، على أن يقوم هو نفسه بكتابة السيناريو الخاص بالعمل، لتدخل بعد ذلك الرواية في أزمة بين صانعيها. حاول مراد من خلال تلك الكلمات البسيطة أن يلقى الضوء على الفكرة الرئيسية التي تدور حولها أحداث الرواية وبطلها طه الزهار. الرواية تطرح العديد من النظريات الفلسفية أهمها فكرة التحول الفكرى للمجتمع بشكل عام، ويطرح السؤال المهم وهو هل من الممكن تقوم بارتكاب أخطاء من أجل الإصلاح حتى لو كان هذا الإصلاح الملطخ بالدماء؟ مراد حاول طرح هذا التساؤل من خلال شخصية طه الزهار الذي من المفترض أن يجسده أحمد حلمى ذلك الصيدلي والذي يعمل أيضا مندوبا للدعاية الطبية بإحدى شركات الأدوية ويعيش مع والده القعيد (حسين الزهار) الذي يعتبر هو أساس الرواية ومحورها. ذلك الرجل الذي ارتكب العديد من الجرائم بدافع وطنى بحت وذلك عن طريق استخدامة لمادة غير مرئية سامة وقاتلة، أطلق عليها تراب الماس، فجأة يتوفى الأب ليجد ابنة نفسة محاصرا بالعديد من الألغاز والكثير من جرائم القتل الغامضة التي تقلب حياة (طه) رأسا على عقب وتحولها من حياة رتيبة مملة إلى حياة صاخبة مليئة بالمفاجآة وأيضا والدماء. الرواية تدور في حقبتين مختلفتين تمكن مراد من الربط بينهما من خلال الأحداث ببراعة ففي الفصل الأول يتناول مراد ما حدث في المجتمع المصري بعد ثورة 1952 تلك الثورة التي انقلبت على فساد الملك وحاولت الانحياز للمواطن المصري ليكتشف بعدها مؤلف الرواية أن النتيجة واحدة فقد أستولى على البلد مليون ملك وكذلك، وذلك من خلال عرض لاشخاص يعيشون في حارة اليهود تلك الحارة الملئية بالمتناقضات والتوع حتى في الديانات كيف رأي حسن الزهار موت والدة حنفي الزهار ربما هذا ما جعل حسين يرى أن للموت أو القتل آثار جانبية. أما في الفصل الثاني من الرواية فيجيب من خلال صراع درامي بين شخصيات العمل على كلمات كتبها مراد في مقدمة كتابة وهى أن: "أظلم الأوقات في تاريخ الأمم هي الأوقات التي يؤمن فيها الإنسان بأن الشر هو الطريق الوحيد للخير". وذلك من خلال عرض لنهايات الأحداث وما دار بين طه وبين جابر الذي اتخذ من المقابر عالما للاستثمار بعدما قام طه بجريمته الأولى وقتله السيرفيس، تناولت الرواية خيطا طويلا من الدم مكونا من ست ضحايا من البشر، ولكنها بدأت بقط اسمه "بابسي" للفتاة اليهودية "تونا" الذي قرر والدها "لييتو" قتله مستخدما تلك المادة الغير مرئية والسامة التي استخدمها والد طة بدافع وطنى في الكثير من جرائم القتل والتي اكتشفها بعد ذلك أبنة طة والتي لم يعلم وقتها إنه سيكون ضحية حسين الأولى حينما قرر الأخير قتله عندما أكتشف أنه كان يعمل جاسوسا لإسرائيل. الرواية أيضا تعرض ما حدث من فساد طبقى في المجتمع المصرى في السنوات الأخيرة وفساد أعضاء مجلس الشعب وبلطجة الداخلية وذلك من خلال 6 شخصيات رئيسية منها على سبيل المثال ضابط الشرطة "وليد سلطان " الذي استغل منصبه لكسب المال وكيف أن ظباط الداخلية كانوا يوظفون أشخاصا لتحقيق ما يريدونه ومنهم طه الزهار الذي وظفة ظابط الشرطة لينتقم من ابن برجاس رجل الأعمال الذي يقلقه. ورغم أن الرواية تنتمى إلى نوعية الكتابة البوليسية والتي تكون نهاياتها دائما غير متوقعة إلا أن مراد أنهى احداث روايته بحرفية شديدة غلب عليها طابع المصداقية عندما جعل نهاية ضابط الشرطة على يد طه الزهار.