في تجربة جديدة ومختلفة يجتمع فرقاء حرب سابقين داخل قاعة واحدة ويجلسون جنبا إلى جنب ليسردوا تجاربهم قبل أن يشاهدوها تجسد أمام أعينهم بأداء وأصوات جيل جديد نشأ وتربى في لبنان جديد. وللمرة الأولى تسرد قصص عن الأسلحة والموت والبقاء والمشاجرات والعائلة والحب وغيرها مستمدة من الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990 أمام الجمهور ويعيد تجسيدها شباب تدربوا على التمثيل الارتجالي تتراوح أعمارهم بين 17 و24 عاما. وتجربة (قصص الحرب) هي نتاج تعاون بين جمعية (محاربون من أجل السلام) وجمعية (لبن) للمسرح الارتجالي في إطار مشروع برنامج الأممالمتحدة الإنمائي. وقال زياد صعب رئيس جمعية (محاربون من أجل السلام) -وهي جمعية تضم المقاتلين السابقين في الحرب الأهلية اللبنانية المنتمين إلى مختلف الأحزاب- إن الهدف من مشروع يرتكز على المسرح الارتجالي هو كسر المحرمات التي لها علاقة بالتحدث عن الحرب الأهلية التي دامت 15 عاما في لبنان. وقال لرويترز "الهدف منها نخلي المقاتلين السابقين والجمهور يتفعل مع بعض ويحكوا قدام الجمهور لحتى يكون في إمكانية نقل التجربة الذاتية يعني شكل من أشكال العلاج المخفف." وخلال الشهور الأربعة الماضية دربت جمعية (لبن) للمسرح الارتجالي عشرة طلاب من مدارس وجامعات مختلفة على تقنيات (اعادة التمثيل) أو (بلايباك). وتم اختيار الشباب من خلفيات اجتماعية ودينية متنوعة. ومسرح (اعادة التمثيل) أو (بلايباك) هو شكل من أشكال المسرح الارتجالي يروي خلاله أفراد من الجمهور الحاضر قصصا عن حياتهم ثم يشاهدونها مباشرة على خشبة المسرح. ويعتمد هذا الفن إلى حد كبير على سرد قصص من المجتمع. ويتضمن هذا النوع من المسرح استخدام تقنيات التمثيل والرقص والغناء والموسيقى وكل أشكال الفنون الاخرى. وقال المدير الفني في الجمعية رافي فغالي إن هذا المشروع مفيد على مختلف المستويات وذلك في ما يتعلق بالمقاتلين السابقين أنفسهم والجمهور والشباب الذين يشاركون في هذا البرنامج. وأضاف في حديث لرويترز "هيدا الجيل هو ما بعد جيل بعد الحرب يلي هني أشخاص اهلهن عم بيحسوا عم بقولوا ليه بدنا نخبرههن عن الحرب الأهلية، الحرب الأهلية قصة كتير قديمة حتى مش مضطرين نخبرههن عنها، فما سامعين هول القصص، هول القصص منن بكتابنا مش بكتب التاريخ تبعنا ومش بولا كتاب موجود حوالينا وإذا في شي كتاب موجودين فهو كتاب ما انه موضوعي." ويختلف اللبنانيون على تاريخ البلد الحديث بحيث يسرد كل فريق من الفرقاء المتنافسين تفاصيل عن الحرب الأهلية من وجهة نظره الخاصة. ولا تعالج الكتب المدرسية تاريخ البلد الحديث كونه يصعب الاتفاق على رواية موضوعية موحدة لكل ما حصل إبان الحرب. وأضاف فغالي "فكتير مهم إن ينسمع هودي القصص من الأشخاص يلي هني شخصياً مارسوا الحرب، فمن الأشخاص يلي كانوا عالأرض، من الأشخاص يلي عملوا هيدا الشي من المصدر تبع الحرب." وفي حين أثارت بعض القصص الكثير من الضحك خلال العرض الذي استمر ساعة ونصف الساعة انتزعت أخرى دموع الحاضرين والممثلين معا. وعرضت بعض القصص كيفية تعامل المقاتلين السابقين بعضهم مع بعض وكيف أن إحدى النساء كانت تطهو للجميع ولم تكن تهتم بنفسها وغيرها من القصص التي تسلط الضوء على بعض حوادث الاختطاف وكيف أن رصاصة كادت أن تودي بشخص أو بآخر. ويرى ابراهيم نصار (58 عانا) الذي شارك في الحرب الأهلية إن رواية تجربته أمام الناس كان مهما. وقال "أنا تحملت على المستوى الشخصي كل مأسي الحرب دفعت ثمن شخصي، بس إذا ما حكيت وما عبرت بتكون هي عم تحفر بداخلي وبتدمرني." وأضاف "لازم أحكي لازم عبر لازم أقول، لأن ها المأساة يلي عنيناها لازم ولادنا ما يعيشوها ولا يفكروا فيها." وقال يونس أبو خزام وهو ممثل إرتجالي مشارك في العرض وهو طالب يدرس هندسة الإتصالات إنه استمتع للغاية بتجربة مسرح البلاي باك (إعادة التمثيل). وأضاف "الإفادة يلي اجت أول شي إن الحرب ما بتفيد، الحرب شي مش منيح الحرب بتأذي، من تاني ميل شفنا الحرب بعيننا حتى لو ما شفناها لو سمعنا، كانت كتير واقعية، لأ ما راح روح عالحرب." وباسل الأمين طالب يحضر العرض كمشاهد ويقول انه وجد العرض مفيدا جدا. ويضيف "العرض كان كتير حلو وهيدا الشي مفيد يلي يعرفنا عن الحرب الأهلية، وفي ناس ما بتعرف إن الحرب الأهلية صارت بال-1975 وهيدا الشيء أكيد صار يعرفوا من وراه وصاروا يعرفوا إن هيدي الحرب همجيه ويوقفوا حرب ممكن كانت تصير لبعدين." وتستمر العروض حتى الرابع والعشرين من أكتوبر في إحدى قاعات بيروت.