أكد وزير الخارجية سامح شكرى، أن مصر سوف تسعى مصر في إطار عضويتها في مجلس الأمن للعامين القادمين لتكثيف جهودها لحشد المجتمع الدولى لمكافحة الإرهاب الذي لن تكون أي دولة من الدول بمنأى عن خطره. جاء ذلك في الكلمة التي القاها شكرى اليوم /الإثنين /أمام المؤتمر الوزارى حول التعددية الثقافية والدينية والتعايش السلمى في منطقة الشرق الأوسط باثينا، والذي شارك فيه الرئيس بروكوبيس بافالوبولوس رئيس دولة اليونان. وأعرب شكرى - في الكلمة التي نشرتها وزارة الخارجية على صفحتها على موقع " فيس بوك" - عن سعادته للمشاركة في المؤتمر الوزاري الدولى حول التعددية الثقافية والدينية والتعايش السلمى في منطقة الشرق الأوسط، والذي يعقد بمبادرة من دولة اليونان الصديقة التي طالما حرصت على الحفاظ على علاقات وطيدة مع دول العالم العربى والإسلامي، والتفاعل بإيجابية مع كل المبادرات التي تطرح لتعزيز الحوار والتواصل بين الشعوب في إطار احترام كامل للخصوصيات الثقافية والدينية للمجتمعات. وقال " اعبر لحكومة اليونان بشكل خاص عن بالغ التقدير والاعتزاز لخصوصية العلاقة التي تجمعها مع مصر في ضوء الروابط الثقافية والتاريخية والجغرافية بين البلدين".. مؤكدا حرص مصر على دعم وتعزيز التعاون في كل المجالات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية بما يحقق المصلحة المشتركة للشعبين الصديقين. ونقل الوزير للجميع تحيات الشعب المصرى، والذي يشارك اليوم في المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية المصرية كأخر استحقاق على خريطة الطريق السياسية لبناء مؤسسات الدولة الدستورية، وعلى الرغم من أهمية هذا الحدث،. لافتا إلى أنه حرص المشاركة في هذا المؤتمر لما يمثله من أهمية خاصة لارتباطه بموضوع على قدر عال من الأهمية والخصوصية، على ضوء ما تشهده منطقة الشرق الأوسط من تطورات سياسية متلاحقة ترتبط بشكل وثيق بالأمن والاستقرار في المنطقة. وتباع"ينعقد مؤتمرنا اليوم في ظل ظروف بالغة التعقيد والأهمية تشهدها منطقة الشرق الأوسط، حيث تتوالى الأزمات الواحدة تلو الأخرى بصورة باتت تنال من أمن واستقرار العديد من دول وشعوب المنطقة، وقد زاد من حدة هذه الأزمات غياب الحوار في وقت تعددت فيه الثقافات وتنوعت، وانتشرت فيه المذاهب الفكرية والدينية المستندة إلى الأفكار الإيديولوجية الجامدة، مما أدى إلى انتشار العنف والتطرف، وتنامى ظاهرة الإرهاب من خلال جماعات تتخذ من الدين غطاء لجرائمها، وفى الحقيقة هي جرائم ضد الإنسانية الدين منها براء". وأوضح "إن مكمن الخطورة الحقيقية لتلك الجماعات يتمثل فيما ينطوى عليه فكرها من تشدد لا يتسق وتعاليم الأديان السماوية السمحة، مما دعا تلك الجماعات إلى بث روح الكراهية والحقد والتدمير لخلق حالة من الفوضى والاقتتال الدائم في دول المنطقة لتحقيق مصالحها، ومن الضروري عدم إغفال أن عدد المسلمين الذين استهدفتهم هذه التنظيمات قد تصاعد بشكل مضطرد بين القتل والتشريد والترهيب للخضوع لإرادة هذه التنظيمات والإمتثال لتوجهاتها". واستطرد قائلا "وفى هذا الصدد، فلا ننسى ما اثبتته أحداث الفترة الماضية بجلاء من أن المسلمين هم الأكثر إكتواء بنار الإرهاب وأعمال العنف حول العالم، وهو ما تشهد عليه الجرائم الشنعاء التي اقترفتها التنظيمات الإرهابية كداعش وغيرها بحق آلاف الأبرياء من الشيوح والنساء والأطفال المسلمين، فالمعركة واحدة ونفس الإرهاب يحاربنا جميعا ولا يفرق في استهدافه بين الأبرياء من المسلمين وغيرهم". وشدد وزير الخارجية على أنه "أصبح لزاما علينا العمل سويا من خلال حوار جاد لترسيخ مبادئ احترام التعددية الدينية والثقافية وفهم وقبول الأخر، والعمل على نبذ التعصب والفكر المتطرف لتحقيق التعايش السلمى وتصحيح المفاهيم الخاطئة، والتأكيد على أن في التنوع إثراء للقيم الثقافية والاجتماعية يعود بالنفع على الجميع ويحقق الأمن والاستقرار والرفاهية لشعوب المنطقة". وأضاف "لقد كانت تلك الأهداف حاضرة نصب أعيننا لدى مشاركتنا الفعالة في كل المبادرات الدولية والإقليمية الهادفة إلى حوار الأديان وآخرها مشاركة الأزهر الشريف في مبادرة حوار الثقافات والأديان في المنطقة الأورو/متوسطية التي عقدت في مدينة برشلونة في يوليو 2015 في إطار عملية الاتحاد من أجل المتوسط والذي هدف إلى وضع آليات لدعم الاستقرار وتعزيز قيم التعايش السلمى وثقافة الحوار". وأبرز الوزير في ذات السياق الجهود الوطنية من خلال الأزهر الشريف لصياغة وثيقة الحريات الأربع في أعقاب ثورة يناير 2011، وهى الوثيقة التي نصت على أن حرية العقيدة مكفولةٌ بثوابت النصوص الدِّينية والأصول الدستورية والقانونية، وتجريم أي مظهر للإكراه في الدين أو التمييز بسببه، والتسليم بمشروعية التعدد ووجوب مراعاة كل مواطن لمشاعر الآخرين والمساواة بينهم وتكافؤ الفرص في جميع الحقوق والواجبات، وأخيرًا رفض نزعات الإقصاء والتكفير، ورفض التوجهات التي تدين عقائد الآخرين ومحاولات التفتيش في ضمائر المؤمنين بهذه العقائد. وتابع"لقد جاءت مبادرة السيد رئيس الجمهورية لتصويب الخطاب الديني لتؤكد مدى جدية وحرص مصر على مكافحة الفكر المتطرف من منظور جديد يراعى البُعد الدينى والثقافى والاجتماعى، ودور الأزهر كمنارة لوسطية الإسلام في إعداد قيادات دينية وفكرية على قدر كبير من العلم والثقافة والمعرفة بما يواجه معطيات العصر الحديث". وأكد أن "تحقيق هدفى التعايش السلمى وتدعيم الحوار لن يتأتى دون تناول التحديات المشتركة التي نواجهها جميعًا والمرتبطة بقضايا التعددية الثقافية والدينية ومن بينها التحدى الخاص بالصورة النمطية السائدة لدى الغرب عن الإسلام وسُبل مواجهة الأفكار العنصرية المتنامية التي تستند بدورها إلى تلك الصور والأحكام المسبقة، وتنامى ظاهرة الإسلاموفوبيا، وهو ما يستلزم جهود جادة من جانب الحكومات، ومؤسسات المجتمع المدنى، والإعلام الغربي، لإظهار لصحيح الإسلام ووسطيته، والاستدلال على الأمثلة الناجحة للمهاجرين من العرب والمسلمين الذين يتعايشون في تناغم في المجتمعات الغربية، أخذًا في الاعتبار التنامى غير المسبوق لظاهرة الهجرة في الفترة الأخيرة. ولا شك أن على المجتمع الدولى تحمل مسئولياته التنموية خاصة في تناوله لهذه القضايا من خلال الوفاء بالتزاماته للمساهمة في معالجة الأبعاد الاقتصادية التي تسهم في تأجيج التطرف وتُنشر العنف، وتفويت الفرصة على تلك القوى لنشر أفكارها". وقال "وإذا كان ما سبق يمثل مجمل التحديات التي نتشارك في مواجهتها، ونسعى لمعالجتها، فإن الحديث يستوجب التنويه إلى الضرر البالغ لازدواجية المعايير في العلاقات بين العالم الإسلامي والغربي، فالكيل بمكيالين في التعامل مع قضايا تمس الأمة العربية والإسلامية خاصة ما يتصل بالقضية الفلسطينية، وتغاضى المجتمع الدولى عن الجرائم التي ترتكب بحق الشعب الفلسطينى دون مبرر، وتعمد إغفال حقوق الشعب الفلسطينى في العيش في سلام وفى دولة مستقلة، تُعد جميعها عوامل تحد من الجهود التي نبذلها لتحقيق هدف التعايش السلمى وقبول الآخر". وتابع "وغنى عن البيان أن مواصلة تبني سياسات انتقائية في التعامل مع التنظيمات الإرهابية لن يدعم الجهود المبذولة في مواجهة الفكر المتطرف، الأمر الذي يدعوني هنا إلى حث المجتمع الدولى على تبني سياسة شاملة لمعالجة ظاهرة الإرهاب، أخذًا في الاعتبار أن الجماعات والتنظيمات الإرهابية على اختلاف مسمياتها تحمل نفس الفكر الأيديولوجي الجامد ويجب التعامل معها جميعا على هذا الأساس بلا استثناء. فتوحيد الجهود في مكافحة التطرف والإرهاب دون انتقائية يعزز من القدرات الفردية والجماعية لمواجهة الإرهاب الذي يتزايد خطره يومًا بعد يوم". وعبر في نهاية كلمته عن الشكر والتقدير لليونان على مبادرتها القيمة بالدعوة لعقد هذا المؤتمر الهام، وفى هذا التوقيت تحديدًا بما يبرهن على جهودكم المخلصة في دعم ثقافة السلام والحوار..داعيا الجميع إلى أن تكون هذه المبادرة نقطة انطلاق حقيقية لمواجهة التحديات المشتركة التي تتطلب منا جميعًا أن تتضافر جهودنا لمعالجتها واحتوائها، وبما يتفق مع أولويات الدول وتشريعاتها الوطنية لتحقيق الأمن والاستقرار والرفاهية لشعوبنا.