شخصية «سيد الكرملين» والاستخبارات كلمة السر.. وواشنطن تراهن على ثورة في موسكو أثارت الضربات العسكرية الروسية للتنظيمات المتطرفة في سوريا، وعلى رأسها تنظيم «داعش» الإرهابى، ردود أفعال متباينة، خصوصا في الدول الغربية، التي تراقب بقلق شديد الوجود العسكري الروسى في سوريا، إلا أن غالبيتها أجمعت على أن روسيا ربما تحقق النجاح الذي فشلت فيه الولاياتالمتحدة وتحالفها المزعوم لمحاربة الإرهاب، ونفذت من خلاله أكثر من 6000 ضربة جوية دون جدوى. ورأت صحيفة «الإندبندنت» البريطانية، أن الدور الروسى سيغير قواعد اللعبة في سوريا تمامًا، ويغير المشهد الحالى بصورة دراماتيكية، ويعزز من وجودها الإستراتيجي والعسكري في الشرق الأوسط، خصوصا أنها مؤهلة لتحقيق النجاح وهزيمة «داعش»، وإحراج الغرب وأمريكا. ومن أبرز الأسباب التي تساعد على نجاح موسكو، استمرار بشار الأسد في الحكم، وبقاء عدد كبير من قوات الجيش النظامى السورى قادر على تنفيذ عمليات على الأرض، ومواجهة «داعش» والتنظيمات المتطرفة، والاستفادة من التفوق الجوى للطيران الروسى، ولا يزال الجيش السورى متماسكًا رغم أربعة أعوام من الحرب الأهلية، واكتسب جنودُه خبرات في محاربة الإرهابيين، رغم الهزائم التي لحقت به مؤخرًا لأسباب لوجيستية، وضعف التسليح ونقصان العدد. بعكس الولاياتالمتحدة التي تشن غارات جوية مستمرة على «داعش» في العراقوسوريا، لكنها لا تجد قوات قادرة على التحرك على الأرض، خصوصا بعد انهيار الجيش العراقى تمامًا، معنويًا وعسكريًا، وعدم قدرة ميليشيات الحشد الشعبى الشيعية على تحقيق أي انتصار، رغم مساندة الحرس الثورى الإيرانى، فضلًا عن أن قوات البيشمركة الكردية ترغب في تأمين حدود إقليم كردستان، ولا تريد التورط في قتال طويل. لكن ذلك لا يعنى، حسب «الإندبندنت»، أن الرئيس السورى بشار الأسد سيبقى في السلطة، بل إن الجيش السورى سيبقى عكس الجيش العراقى الذي تبدد عام 2003، عندما سقط نظام الرئيس صدام حسين، ومعه الدولة العراقية. ويعد الجانب المعلوماتى حاسمًا أيضًا بالنسبة لروسيا في هذه المعركة، حيث قضى خبراء روس السنوات الماضية في جمع معلومات عن التنظيمات الإرهابية في سوريا، سواء «داعش» أو القاعدة، ومعرفة تكتيكاتها وأساليبها، وكيفية التخفى ورصد أماكن تمركزها ومعسكراتها الرئيسية ومخازن الذخيرة، وهو ما سيجعلها قادرة على توجيه ضربات موجعة لتلك التنظيمات. في حين أن الجيش الأمريكى وحلفاءه لم يستطيعوا الحصول على أي معلومات ذات قيمة على الأرض، واعتمدوا على الاستطلاع الجوى وصور الأقمار الصناعية، وغالبيتها كانت مضللة وغير حقيقية لقدرة التنظيمات الإرهابية على التخفى والتمويه وإخفاء وجودهم. وتختم الصحيفة مقالها بأن روسيا استغلت الأزمة السوريا لتعزز مكانتها، كقوة يمكنها مواجهة الولاياتالمتحدة، ولكنها لا ينبغى أن تخسر الحرب في سوريا، وإلا فقدت هذه المكانة الدولية. أما صحيفة «التليجراف» البريطانية، فرأت أن العامل الحاسم والرئيسى في المعركة الحالية هو الرئيس الروسى «فلاديمير بوتين» نفسه، والذي يُعدُ شخصية عسكرية قيادية حازمة وصارمة، ويعمل من أجل تحقيق أهدافه وحسم الأمور بسرعه، بعكس الرئيس الأمريكى باراك أوباما، والذي لا يمتلك تلك المقومات، وهو ما جعله يتراجع عن ضرب الأسد من قبل، في اللحظات الأخيرة، ويقود الحرب ضد «داعش» بتراخٍ كبير. وقالت الصحيفة، إن بوتين لا يعرف التردد، وقراراته سريعة ومفاجئة، فاتخذ قرارًا سريعًا بنشر قواته في سوريا، وكذلك في شن غارات جوية من أجل الوصول إلى أهدافه الإستراتيجية، ومنها ضمان بقاء الرئيس السورى بشار الأسد، في السلطة. ولفتت الصحيفة، إلى أن الغرب سيقف عاجزًا أمام بوتين كالعادة، ولن يستطع فعل شىء سوى فرض المزيد من العقوبات على موسكو، وهى الخطة التي ثبت فشلها، ولم تؤثر على روسيا وقرارات بوتين. ويبقى الرهان الوحيد أمام الغرب وواشنطن هو الشعب الروسى، الذي قد يدفعه القلق من التدخل العسكري في سوريا، والتورط في مستنقع الحرب الأهلية الدائرة هناك، إلى الخروج عن صمته، والتظاهر ضد بوتين، ومطالبته بوقف الحرب، وسحب القوات مرة أخرى، لكن هذ الحل يُعد ضربًا من ضروب الخيال، ولا يمكن أن يتحقق على أرض الواقع.