يحيي العالم غدا اليوم العالمي للتعاون بين بلدان الجنوب 2015، حيث يهدف إلى تعبئة الوعي العالمي بالتعاون فيما بين بلدان الجنوب لأغراض التنمية الشاملة ودعمه. وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد اعتمدت القرار 220 / 58 في ديسمبر 2003 اعتبار يوم 19 ديسمبر بوصفة يوم الأممالمتحدة للتعاون فيما بين بلدان الجنوب، وفي 22 ديسمبر 2011، قررت الجمعية العامة، بموجب مقررها 550/ 66 أنه ابتداء من عام 2012، سيغير الاحتفال باليوم العالمي للتعاون بين بلدان الجنوب من 19 ديسمبر إلى 12سبتمبر،، إحياء لذكرى اعتماد في عام 1978 خطة عمل بوينس آيرس لتشجيع وتنفيذ التعاون التقني فيما بين البلدان النامية. وأشار بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة في رسالته بهذه المناسبة إلى يوم الأممالمتحدة للتعاون فيما بين بلدان الجنوب يسلط الضوء على التقدم الذي تحرزه في الجنوب. وعلى الرغم من التحديات المستمرة، أصبحت البلدان النامية الأطراف الفاعلة الحاسمة في المشهد الاجتماعي والاقتصادي العالمي. وانضمت غالبية الدول المتوسطة الدخل إلى نادي التعاون، وحققت بعض النمو الاقتصادي القوى، وزادت المدخرات المرتفعة ومعدلات الاستثمار، وحصلت على حصة أكبر من التجارة في السلع والخدمات. وأشار مون إلى أن نادي الجنوب العالمي هو أيضا موطن لكثير من المشاريع عالية الجودة، والكفاءات التكنولوجية والمؤسسات المالية والمصرفية الرائدة. ويعتبر بنك التنمية الجديد الذي أنشئ مؤخرا من البرازيل وروسيا والهندوالصينوجنوب أفريقيا، وكذلك البنك المقترح للاستثمار في البنية التحتية الآسيوية، يكملان المصادر الحالية للتمويل من أجل التنمية. وبالتالي يمكن للتعاون فيما بين بلدان الجنوب لتنفيذ جدول أعمال 2030 للتنمية المستدامة، وهي التي سيعتمدها قادة العالم في القمة التي سوف تعقد في وقت لاحق من هذا الشهر في مقر الأممالمتحدة. وأشار مون إلى أننا نشرع في الجهود الرامية إلى تحقيق الأهداف الإنمائية المستدامة، ونحن بحاجة إلى تسريع زخم التنمية في الجنوب، بما في ذلك بناء القدرة على التكيف وتخفيف المخاطر، وهذا يتطلب الاهتمام باحتياجات الفئات الأكثر ضعفا عن طريق تعزيز القدرات الإنتاجية لأقل البلدان نموا وتحسين الوصول إلى التكنولوجيات السليمة بيئيا، والتعليم، والأدوية الأساسية والائتمان. وفي هذا اليوم، علينا أن ندرك إمكانيات كبيرة للتعاون فيما بين بلدان الجنوب لتحسين مستوى معيشة الغالبية العظمى من سكان العالم. ويعتبر التعاون بين بلدان الجنوب هو تبادل الخبرات والمهارات بين دولتين أو أكثر من الدول النامية، حيث تتضمن بناء وتعزيز الجسور القائمة على الاتصال والتواصل فيما بينهم، في عملية مستمرة من التعاون المتبادل، ويعتبر التعاون بين بلدان الجنوب وسيلة أو آلية لتعزيز التعاون فيما بين البلدان النامية في جميع المجالات والقطاعات تقريبًا، وهي تعد كذلك عملية واعية ومنهجية ذات دوافع سياسية وضعت من أجل خلق إطار من الروابط المتعددة بين البلدان النامية كحتمية تاريخية ناتجة عن تحديات الألفية الجديدة. لقد مر العالم بتحول اقتصادي وسياسي كببر في العقدين الماضيين. وكانت هذه التغييرات، وخاصة في بلدان الجنوب، أسرع منها في أي وقت خلال حقبة مماثلة من تاريخ العالم. وقد اكتسبت العلاقات فيما بين بلدان الجنوب وبين بلدان الجنوب والشمال أبعادا جديدة تماما، وأصبحت بعض القضايا الراهنة الرئيسية مثل البيئة وتغير المناخ، والطاقة والأمن الغذائي، والفقر العالمي، والصلة بين النمو والعدل، والهجرة قضايا أكثر عالمية في طابعها اليوم مما هي قضايا تمس العلاقة بين بلدان الشمال والجنوب. وقد كونت بلدان كثيرة في الجنوب قدرات مالية وتقنية كبيرة، وبدأت في تحويل بعض من هذه الموارد إلى غيرها من بلدان الجنوب في سياق الأخذ بنهج شامل للجميع في إدارة المشاكل العالمية، لنشر منافع العولمة على نطاق واسع، وإنشاء أسواق جديدة، وبناء أساس أعرض للنمو الاقتصادي المستدام. واستنادا إلى تاريخ طويل من المساعدة والتعاون بأشكاله الأخرى فيما بين بلدان الجنوب، أصبحت عدة بلدان جنوبية في الأعوام الأخيرة شركاء في التعاون الإنمائي، ومن الواضح أنه تجري بذلك إضافة بعد جديد إلى التعاون الإنمائي، ولا سيما بالنسبة لأفريقيا وبلدان الجنوب التي لا تزال محرومة بشكل خاص وأقل البلدان نموا، والبلدان النامية غير الساحلية. وللاستفادة بشكل كامل من العدد الهائل من الحلول الإنمائية المتاحة لبلدان الجنوب للمساعدة في التصدي للتحديات القديمة والناشئة التي تواجه الجنوب، وجه بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة، في تقريره المقدم إلى الجمعية العامة في دورتها ال 62، في جملة أمور الدعوة للدوائر الإنمائية الدولية بما فيها منظومة الأممالمتحدة إلى المساعدة في زيادة تأثير التعاون فيما بين بلدان الجنوب وذلك من خلال، الاستفادة المثلى من الحلول التي تم التوصل إليها فيما بين بلدان الجنوب لتحقيق الأهداف الإنمائية المتفق عليها دوليا بما في ذلك الأهداف الإنمائية للألفية وتكثيف الدعم المتعدد الأطراف لمبادرات التعاون فيما بين بلدان الجنوب لمواجهة التحديات الإنمائية المشتركة؛ وتنمية الشراكات الشاملة للجميع لأغراض التعاون فيما بين بلدان الجنوب بما فيها الشراكات الثلاثية والمؤلفة بين القطاعين العام والخاص؛ وتحسين الاتساق في الدعم الذي تقدمه منظومة الأممالمتحدة لهذا التعاون؛ وتشجيع طرق التمويل المبتكرة للتعاون فيما بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي. ولا يزال التعاون فيما بين بلدان الجنوب يضطلع بدور متزايد الأهمية والاتساع في الشئون الدولية، وهو يتضمن طائفة واسعة من التفاعلات فيما بين الحكومات والشركات والمجتمع المدني والوكالات الدولية، ويشكل أساس النمو الاقتصادي السريع الذي أدي إلى تحسين أحوال البشر في جميع البلدان النامية في العقود الأخيرة. وتشير تقارير برنامج الأممالمتحدة الإنمائي لعام 2013، حيث تشكل أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي واقعا شديد التنوع لبلدان في جنوب العالم توحدها تواريخ ومشاكل اقتصادية واجتماعية وسياسية مشتركة. وأحد أكثر المؤشرات شمولا الذي يجسد السمات المشتركة والاختلافات بينها هو مستوي التكامل الإقليمي الذي يتضح في حجم التجارة بين بلدان المنطقة الواحدة. فعلي مدي الفترة من عام 2007 إلى عام 2011، كان متوسط نسبة الصادرات بين بلدان أفريقيا في مجموع الصادرات 11 %، و21 % بين بلدان أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، و50 % بين بلدان آسيا النامية. ومن المؤشرات الأساسية الأخري على الفروق بين تلك البلدان إنتاجية العمالة، ففي أفريقيا كانت الإنتاجية 4734 دولارا للعامل ؛ وفي شرق آسيا كانت 6631 دولارا ؛ وفي أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي 8890 دولارا. وتشير تلك الإحصاءات أيضًا إلى الإمكانات غير المحققة في التعاون فيما بين بلدان الجنوب من أجل التنمية، وكان أحد العوامل الجديدة التي وحدت المناطق الثلاث خلال الفترة من 2007- 2011، هو الغضب إزاء الأزمة التي تسببت فيها مؤسسات مالية غير وطنية كبيرة والتي دفعت ملايين الأشخاص إلى هوة البطالة والفقر وتسببت في الوقت نفسة في إحداث زيادة هائلة في ثروات الأشخاص شديدي الثراء. وتسببت هيمنة الطابع المالي على الأسواق بهذا الشكل في اضطرابات اجتماعية في عدد كبير من المجتمعات، مما وضع عقبات جديدة في طريق التعاون فيما بين بلدان الجنوب. ويتمثل الجزء الأكبر من التجارة فيما بين بلدان الجنوب التي تربط المناطق الثلاث معا في النفط والمعادن السلع الأساسية الزراعية. فمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ترسل ثلثي صادراتها الكلية إلى بلدان نامية أخرى، إلا أن مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية " الأونكتاد" أفاد في تقرير له في عام 2013، بأن التجارة فيما بين بلدان الجنوب في آسيا آخذة في التحول إلى مزيج أكثر تعقيدًا من الناحية التكنولوجية، ويتزايد في الوقت الحالي الاتجاه نحو الإنفاق على البحوث والتطوير في الجنوب، وأن كان بمستويات منخفضة للغاية. وقد سجلت الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تدفقت إلى اقتصادات البلدان النامية في عام 2013 رقما قياسيا جديدًا وهو 759 مليار دولار أي ما يمثل 52 % من إجمالي الاستثمارات العالمية. واحتفظت المنطقة التي تضم البلدان الآسيوية النامية بالمركز الأول بين المناطق التي تلقت الاستثمارات في عام 2013، بعد أن تدفقت إليها استثمارات أجنبية مباشرة مماثلة لتدفقات عام 2012، وارتفع مستوي التدفقات التي تلقتها أفريقيا بنسبة 6.8% وتلك التي تلقتها أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي بنسبة 18 %. وعلي النطاق العالمي، زادت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في عام 2013 بنسبة 11 % حيث قدرت بمبلغ 1.46 ترليون دولار، وهو ما يعادل تقريبًا متوسط السنوات الثلاث التي سبقت وقوع الأزمة المالية في عام 2008. وعلي نطاق المجموعات الإقليمية تضاعف تقريبًا نصيب منتدي التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي الذي يضم في عضويته 21 دولة، ونصيب دول البرازيل والاتحاد الروسي والهندوالصينوجنوب أفريقيا من الإجمالي العالمي لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر عما كان علية قبل الأزمة. ويستحوذ المنتدي حاليًا على نصف الإجمالي العالمي لهذه التدفقات. ووصل مستوي التدفقات التي تلقاها كل من رابطة أمم جنوب شرق آسيا والسوق المشتركة لبلدان المخروط الجنوبي إلى ضعف المستوي الذي سجله قبل الأزمة. \ كما تضاعفت عمليات الدمج والتملك التي نفذتها بلدان الجنوب فيما بينها. ولم تشهد أي منطقة نامية انخفاضا في مستوي الاستثمار الأجنبي المباشر الذي تدفق إليها في عام 2013، باستثناء منطقة غرب آسيا التي انخفضت تدفقاتها بنسبة 20 % لتبلغ 38 مليار دولار، وهو الانخفاض السنوي الخامس على التوالي، وفي ظل انخفاض حجم المساعدات الإنمائية التي تقدمها دول الشمال، أولت بلدان الجنوب اهتمامًا خاصًا بالمساعدات المالية التي تقدم تحت مظلة التعاون فيما بينها. وإلتقي في عام 2013 المانحون الرئيسيون الذين يقدمون التعاون فيما بين بلدان الجنوب وأعربوا من جديد عن موقفهم المتمثل في أن هذه المساعدات تشكل عملا من أعمال التضامن بين البلدان النامية وأن الغرض منها هو تكملة المساعدات التي تقدمها بلدان الشمال لا أن تحل محلها. في حين توقع البنك الدولي أن تصل التحويلات التي يرسلها المهاجرون الدوليون إلى بلداتهم النامية إلى إجمالي 414 مليار دولار في عام 2013، وهو ما يربو على ثلاثة أمثال حجم مساعدات التنمية التي قدمتها بلدان الشمال. وتمثل التدفقات فيما بين بلدان الجنوب ما يقرب من نصف مجموع هذه التدفقات. وتقدر التحويلات التي تلقتها الهند وهي أكبر متلق للتحويلات في عام 2013 زهاء 71 مليار دولار، وشكلت المبالغ المحولة من الإمارات العربية المتحدة أكبر حصة من هذه التحويلات، إذ تجاوزت 15 مليار دولار. وشكلت أيضًا منطقة شرق آسيا ومنطقة غرب آسيا مصدرين رئيسيين للتحويلات وضمت قائمة أبرز البلدان المتلقية للتحويلات في عام 2013 كلًا من الصين 60 مليار دولار ؛ الفلبين 26 مليار دولار ؛ المكسيك 22 مليار دولار ؛ نيجيريا 21 مليار دولار ؛ ومصر 20 مليار دولار. وتحث الجمعية العامة جميع منظمات الأممالمتحدة والمؤسسات المتعددة الأطراف ذات الصلة على أن تكثف جهودها من أجل أن تعمم بشكل فعال استخدام التعاون فيما بين بلدان الجنوب في تصميم وصياغة وتنفيذ برامجها العادية، وأن تنظر في زيادة المخصصات من الموارد البشرية والتقنية والمالية لدعم مبادرات التعاون فيما بين بلدان الجنوب