عند الإقبال على الزواج تدرك المرأة أنها أصبحت مسئولة من زوجها، ذلك الرجل الذي تقدم لها وأكرمها، ووفر لها المسكن المناسب، وقدم لها المهر واللباس، واختارها لتكون شريكة حياته الباقية، وحاضنةً لأولاده في المستقبل ومربيةً لجيل واعد، نعم اختارك أنت دون غيرك، ويعمل جاهدًا لإسعادك، ويخرج باكرًا سعيًا لطلب الرزق وتأمين الحياة الكريمة له ولكِ ولأولادك، فما هو واجبك تجاهه؟ وكيف تكون طاعته؟ وما هي حدود تلك الطاعة؟ بدايةً يقصد بالطاعة الرضوخ والتسليم إلى الشخص المطاع، واليوم نتحدث عن طاعة الزوجة لزوجها، والتي تعتبر من أسمى أنواع الطاعة بعد طاعة الله عز وجل، فهو المسئول عنها منذ أن يقترنا بعقد الزواج، يصونها ويحفظها وتصونه وتحفظه، وما دام المسئول فعلى الزوجة طاعته في كل الأمور، مع مراعاة ألا يتجاوز الحدود الشرعية التي أمر الله بها، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. وأشكال طاعة الزوج كثيرة ومتنوعة، ويمكن للزوجة أن تبدي رضوخها لزوجها بشتى الوسائل، فقيام الزوجة بالواجبات المنزلية شكل من أشكال الطاعة، كالنظافة والطبخ والترتيب وما إلى ذلك، فمن حق الزوج أن يجد بيته نظيفًا ومرتبًا، وأن يتناول الطعام الجيد من يدي زوجته، وهي من الأمور الأساسية التي على المرأة تعلمها. كما تعد تربية الأولاد على الأخلاق وتنشئتهم بشكل سوي، وحثهم على البر بوالدهم هو من أشكال الطاعة الزوجية، فإذا لاحظت الزوجة أن الأبناء يقاطعون الأب عند الحديث أو يتلفظون بألفاظ سيئة بوجود والدهم، أو أنهم لا يحترمونه، فعليها التدخل في الحال وبيان الصواب لهم ونهيهم عن ذلك حتى في غياب الأب، كما يتوجب عليها عدم الاستهزاء بزوجها أمام الأولاد أو نكران الجميل الذي يقدمه لها أمام الأولاد، أو التحدث عنه بسوء. ومن أهم الأمور التي على الزوجة الطاعة فيها من غير عناد هي حسن المعاشرة الزوجية؛ فللزوج حق في معاشرة زوجته في أي وقت يشاء، وعليها واجب الطاعة، وليس لها أن تنكر عليه هذا الحق، بل أن تكون مسلمة له ومطيعة من غير أي تردد أو نشوز، لكن هذا لا يعني أن يستبد الرجل في هذا الحق، فلو كانت الزوجة مريضة أو بها عذر شرعي فلا يحق له إجبارها، وعليه أن يراعي الظروف الصحية والنفسية للزوجة، لأن الله عز وجل أمر بالمعاشرة بالمعروف وليس بالإكراه، كما أن الزوجة المطيعة والذكية، تعرف كيف تعبر لزوجها عن عدم رغبتها في المعاشرة بأسلوب سوي لا يجعله يغضب أو يستاء. من الأمور الواجب على الزوجة الطاعة فيها هي أخذ رأيه في كلّ أمورها، ومن ذلك الصيام، فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: " لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ولا تأذن في بيته إلا بإذنه" رواه البخاري، ويعود سبب طلب الأذن في الصوم إلى الحرص الشديد على تحقيق المرأة للواجب الزوجي في حسن المعاشرة وعدم رد الزوج في طلب الجماع، والصيام كما هو معروف يمنع الجماع، لهذا أمر النبي الزوج أن تستأذن زوجها في الصيام، ومن جهة أخرى عليها الاستئذان عند الخروج من المنزل أو زيارة أي شخص، كما لا يحق لها استقبال أي أحد في بيتها دون إذن زوجها. هذه كانت أهم أشكال طاعة الزوجة لزوجها، وفي كل الأحوال نعود ونؤكد أنه لا يحق للزوج أن يجبر زوجته لطاعته في معصية، كأن يجبرها على نزع الحجاب مثلًا، ففي ذلك مخالفة لشرع الله، أو إتيان الزوجة في غير الموضع الشرعي، أو في حالة العذر الشرعي كالحيض أو النفاس، ففي هذه الحالات لا طاعة له، ولا تؤثم الزوجة على عدم الطاعة. ومن الأمور التي نسمع عنها في المجتمع وتكون خارج حدود الطاعة، هي إجبار الزوجة على مشاهدة الأفلام الإباحية أو تناول المسكر، لخلق جو من المتعة مثلًا، لكن هنا نقول لك عزيزتي الزوجة أن هذه المتعة محرمة، ويحق لك أن ترفضي النظر إلى ما حرم الله أو تشربي ما حرم الله عز وجل، فهنا أيضا لا طاعة للزوج في مثل هذه الأمور. كما يعتبر إجبار الزوجة على العمل المحرم كالعمل في النوادي الليلية، أو ما شابه من الأماكن المشبوهة بحجة الحاجة إلى المال، من الأمور التي لا طاعة للزوج فيها كونها على معصية. وفي الختام نقول لك سيدتي إن طاعة الزوج واجبة ما دامت في ما يرضي ربك، وأما المعصية فلا حجة لك في قبولها؛ لأنك ستحاسبين عليها ولن يحمل عنك الزوج وزرك، فاتقي الله في زوجك وكوني عونًا له على الخير.