صدر حديثًا عن دار مصر العربية كتاب عمر الشريف بطل أيامنا الحلوة ل"ناهد صلاح"، من القطع المتوسط بمقدمة عن الكتاب بعنوان المسافر وتسع فصول وفيلموجرافيا وملحق صور، في 320 صفحة. الكتاب يعتبر شهادة حقيقية من مؤلفته في حق الفنان الراحل عمر الشريف الذي رحل عنا في هدوء شديد. الكتاب حالة خاصة جدًا بالفنان عمر الشريف الذي تبدأ من أول إهداء الكاتبة الكتاب إلى أمها التي علمتها أن عمر الشريف الرومانسي الأعظم. وربما جاء الاستهلال قبل المقدمة مباشرة مناسبًا لحالة الفنان الراحل حيث استهلت ناهد كتابها بمقطع من قصيدة محمود درويش "هذا هو النسيان"، ربما كانت تقصد الكاتبة به أن تذكرنا أن الفنان العالمي الراحل عانى من مرض الزهايمر. في مقدمة الكتاب نجحت ناهد صلاح في الهروب من فخ الإطناب، الذي يقع فيه الكثير من كتاب الكتب الوثائقية، عن طريق حكي ثلاثة لقاءات أدخلتنا بهم في عالم عمر الشريف مباشرة دون مواربة، أو خداع أو تزيف، كأنه حي بيننا يتحرك، فهي في الأخير لم تكتب عن شخص لا نعرفه. كما نجحت في عكست الإحساس بصدمتها حين سألت عمر الشريف عن علاقته بفاتن حمامة حي سألته في ص 12: - هل أحببت فاتن حمامة؟ - نعم بطريقة شرقية زواجي لم يكن زواج حب، بمعنى أنه لم يكن حبًا عاطفيًا، لقد كان زواجًا أساسه الانسجام، والمحبة والصداقة، وأي زواج يقوم على مثل هذه المشاعر يمكن أن ينجح، ولقد نجح زواجي بالفعل لأننا بقينا زوجين لمدة عشر سنوات، وخلال هذه السنوات العشر لم أخدعها أبدًا. - هل كنت سعيدًا - لقد كنت قانعًا بالضربة القاضية اختصر عمر الشريف قصة حب كبيرة التي لم يزل يحكي عنها الجميع ويتحاكى حتى بعد الموت". وربما يكون جاء تعبير الضربة القاضية من مؤلفة الكتاب هنا ليختصر الكثير من اللغط القائم على علاقة الراحل بالراحلة، فكلاهما كانا قانعًا ولم تكن قصة حب أسطورية ساهمت في تضخيمها المؤثرات السينمائية، فهنا يحكي الشريف بتلقائيه شديدة بعيدًا عن أضواء الكاميرات. جاء الفصل الأول بعنوان ميشيل، وكأن من البداية أرادت مؤلفة الكتاب أن تدخلنا عالم عمر الشريف من بدايته الأولى يوم ولادته عام 1932، الذي شهد أول فيلم ناطق في السينما المصرية، وكان هذا الربط في مكانه الصحيح، نعرف في هذا الفصل أن عمر الشريف أو ميشيل شلهوب ولد في الإسكندرية لأسرة أرستقراطية، ولكن في هذا الفصل أيضًا تربط مؤلفة الكتاب تردي المدينة السكندرية الذي عشقها عمر الشريف بحالة الزهايمر التي كان يعاني منها في أواخر أيامه، حيث تورد فقرة على لسان الشريف: "لا أصدق أن هذه هي الإسكندرية، بقى هي دي بلدي اللى اتربيت فيها ودخلت مدارسها، وعلموني إنها أول مدينة في الشرق الأوسط تتعرف على اختراع السينما؟، هي دي المدينة اللى حضر ليها من فرنسا الإخوان لوميير اللى اخترعوا السينما، وقدموا أفلامهم الأولى، هي دي البلد اللى خرج منها محمد كريم، وتوجو مزراحي، ومحمد بيومي، وفاطمة رشدي، وشادي عبد السلام، ويوسف شاهين، وغيرهم وغيرهم؟، إيه اللي غيرها كده، النهاردة قابلني واحد وعرفني بنفسه أنه إسكندراني، وقال لي إن الفن حرام. مش معقول إسكندراني إزاي!!". الفصل الثاني: ميلاد عمر الشريف تعلم عمر الشريف في فيكتوريا كوليدج وأحب الأدب والسينما والرسم، وقرأ لكبار الكتاب والأدباء العالميين، وينتقل إلى جاردن سيتي، وتصعد عائلته اجتماعيًا، عشقه للفن جعله يدخل معركة مع والديه الذين أرادوا له أن يكون تاجرًا كبيرًا، ولكنه نجح في الانتصار خاصة بعد أن أثنى عليه زملاؤه في مسرح الجامعة. وتأتي الفرصة حين يلتقي مع يوسف شاهين ويرشحه لبطولة عمل مع الفنانة الراحلة فاتن حمامة ليجسد دور شاب صعيدي. ولم يعد منذ هذه اللحظة ميشيل شلهوب بل عمر الشريف الذي قرر ترك ديانته المسيحية ليعتنق الإسلام ليتزوج من فاتن حمامة. أوضحت ناهد في كتابها أن عمر الشريف كان يتحدث بجرأة وشجاعة غير موجودة في الكثيرين خصوصًا المشاهير، الذين يحرصون على وضع هالة من الغموض والخصوصية حولهم. ولكن عمر كان غير ذلك فتحدث على سبيل المثال عن والدته أنها كانت تلعب القمار ومحترفة فيه، حتى إنها حينما انتقلت من الإسكندرية إلى غاردن سيتي قامت ببناء بيتها الجديد مطابقًا للشكل ترابيزة القمار، ونقلت والدته نشاطها من مجرد لعب القمار مع أصدقائها في المنزل إلى النوادي مثل نادي محمد على، فشاهدها ذات مرة الملك فاروق وهي تلعب القمار فتحدث معها لترافقه أثناء لعبه هو أيضًا، واعتبرها تميمة حظه، كما تطرق عمر أيضًا إلى الحديث عن علاقاته النسائية المتعددة. جاءت الفصول تباعًا من الثالث إلى التاسع لتسرد لنا رحلة عمر الشريف في عالم الفن والحياة فالفصل الثالث جاء بعنوان النجم، ثم العالمي، المغامر، المواطن مصري، الغاضب، المتسامح، البطريرك. وتختتم ناهد كتابها بجملة على لسان الشريف يقول: لم أبحث عن الشهرة أحببت التمثيل، ونجحت فتحققت شهرتي، كنت أتمنى أن يحدث ذلك دون ضوضاء، كل ما أردته التمثيل فقط، ولو عاد بي الزمان إلى الوراء، كان من الممكن جدا ألا أسافر لتمثيل فيلم لورانس العرب، أظل في مصر مع أصدقائي دون الحاجة أن يعرفني الآخر". صدر للكاتبة ناهد صلاح 1- الفتوة في السينما المصرية 2- محمد منير حدوتة مصرية 3- حسين صدقي الملتزم 4- الحتة الناقصة.. حكايات افتراضية 5- سمير صبري.. حكايتي مع الزمان 6- الفلاحة في السينما المصرية "تحت الطبع".