«هيكل» فى جلسة خاصة: «أنيس» صحفى «هايل جدًا» فى موضوعات «الفساتين والموضة» بعد اتهام «الأستاذ» ل«السادات» بقتل «عبدالناصر» رد «منصور» بمقال فى «الشرق الأوسط» وصف فيه «هيكل» ب«شيخ مشايخ النصب» كان مفهومًا بالنسبة لى ألا يحضر هيكل جنازة مصطفى أمين، فقد كان هيكل يدين بالفضل لمصطفى وأخيه على صحفيا وإنسانيا، إلا أن السياسة فرقت بينهم، وردًا على اتهام مصطفى لهيكل بأنه كان يقف وراء اتهام عبدالناصر له بالجاسوسية، أصدر هيكل كتابه الحاد والصارخ «بين الصحافة والسياسة»... وهو الكتاب الذى حاول أن يوثق فيه خيانة مصطفى أمين بما قال إنه وثائق رسمية. لم يكن مفهومًا لى على الإطلاق عدم حضور هيكل لجنازة أنيس منصور، صحيح أنها لم تكن جنازة شعبية تليق بقيمة وقامة كاتب فى حجم جماهيريته وانتشاره وتوزيعه الخارق لكتبه، لكن الخلاف بينهما لم يصل إلى درجة العداء، التى تجعل رجلا مجاملا مثل هيكل يحرص على المشاركة فى عزاءات وجنازات كثير من أصدقائه، يمتنع عن وداع صديق قديم، خاصة أن الموت يحسم الخلافات ويحاصرها. لم أتوقف عند هذه النقطة الإنسانية كثيرًا، فهيكل حر فى النهاية يشارك فى جنازة من يريد، ويمتنع عن جنازة من يشاء، لكنها كانت ملاحظة، أعتقد أنها ليست عابرة. ■ ■ ■ لم تكن العلاقة بين هيكل وأنيس منصور وجها واحدا، يمكن أن نقرأها من خلاله، لكنها تحمل وجها علنيا راقيا، كل منهما يتحدث بحساب عن الآخر، ووجه خفى يفصح من خلاله كل منهما عن رأيه الحقيقى، وهو مزعج بدرجة كبيرة تكشف سوءات عالم الصحافة، وتحديدًا عندما يختلط بعالم السياسة. علنيا لم يضبط هيكل متحدثا عن أنيس منصور، هذه عادته، لا يمنح أحداً فرصة التباهى بأن هيكل تحدث عنه، لم يفعل ذلك إلا فى أضيق الحدود، لكن عند أنيس لم يأت عليه بذكر، للدرجة التى تعتقد معه أنه لا يراه، رغم أنه فعليا يتابعه جيدا، وتحدث عنه فى جلساته الخاصة أكثر من مرة، بما يسىء إليه بالطبع. شاهد حق أثق فى شهادته جدا، قال لى إنه سأل هيكل فى جلسه جمعتهما عن رأيه فى أنيس منصور، فاستخف به، وقال هازئا: آه أنيس كان صحفى هايل جدا، فاكر أنا لما كان رئيس تحرير مجلة الجيل، كان بيعمل موضوعات هايلة عن الفساتين والموضة. لا أستبعد أن يكون هيكل قال هذا بالفعل، سمعته يتحدث عن صحفيين وكتاب كبار باستخفاف شديد، فعليا هو لا يمتلك أى رأى إيجابى فى أى صحفى أو كاتب، فهيكل لا يرى إلا هيكل فقط. على الضفة الأخرى تحدث أنيس أكثر من مرة وبشكل علنى عن هيكل، وتستطيع أن تكبر فى أنيس أنه يعرف أين يقف بالضبط، وأين يقف هيكل، فى أحد أحاديثه التليفزيونية قال: «سيبك من هيكل ده حالة خاصة فى التاريخ، رجل كان مفكر عبدالناصر، وهو اللى صاغ الفكر السياسى كله لعبدالناصر، ومظنش حد خد الدور ده أبدا، يعنى أنا معتقدش إن علاقتى بالسادات وصلت زى علاقة هيكل بعبدالناصر، هو اللى كان بيفكر له، لدرجة أنه يكاد يكون عبدالناصر من اختراع هيكل، بيقول على لسانه كلام فى كل حاجة فى الدنيا». ما قاله أنيس بعاميته المحببة لمريديه، صاغه مرة أخرى بالفصحى، ففى كتاب «رسائل أنيس منصور» الذى كتبه الزميل إبراهيم عبدالعزيز، يقول أنيس: «عبدالناصر عرف هيكل وهو صحفى، وأنا عرفت السادات وتكوينى غير صحفى، فأنا رجل أديب ومفكر، هيكل لعب دورا سياسيا وأنا اشتغلت بالفكر السياسى، لكنى لم أنخرط فى التنظيم السياسى، وكما أن السادات يختلف عن عبدالناصر، فأنا أيضا مختلف عن هيكل». هل كان أنيس يقر من خلال هذه الاعترافات بالحقيقة التى لمسها على أرض الواقع، أم أنه من زاوية محددة كان يبرر حالة التفوق الأسطورية التى حصدها هيكل، للدرجة التى جعلته واحدًا من أهم خمسة صحفيين فى القرن العشرين، ولا يزال يعمل ويحصد النجاح. يمكن أن يستقيم الأمر لو أن هذا ما قاله أنيس فقط عن دوره فى حياة السادات، لكنه كعادته، من كثرة الكلام والكتابة ينسى، ففى كتابه «تكلم حتى أراك» وفى مقال له بعنوان «كيف يختار الحكام رجالهم»، يقول: «عندى تجربة على أعلى مستويات الحكم فى بلادى، لقد اقتربت جدًا من الرئيس السادات، أطلبه فى التليفون يوميًا عدة مرات، وأراه فى الأسبوع ثلاث أو أربع مرات، وأفطرت وتغديت وتعشيت معه، ورأيت ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، وسمعت القرار هادئا وغاضبا وساخطا، ولم يدهشنى القرار وإنما حيثيات القرار». هذا الكلام الموثق باسم أنيس منصور يدينه أكثر مما يمنحه تقديرا مهنيا وسياسيا، فقد كانت لديه الفرصة كاملة، ليكتب لنا الكثير عما جرى فى عهد السادات، لكنه وقع أسيرًا للأداء العام، وهو تحويل كل ما لديه لمادة لا هدف لها إلا تسلية القارئ وتزجية وقته. ■ ■ ■ لم يكن أمام أنيس منصور للإقرار بما أنجزه هيكل، إلا أن يؤكد على اختلاف تكوينهما، فهيكل صحفى، أما أنيس فأديب ومفكر، ولذلك لا يحاسبه أحد بنفس المعايير التى يعمل بها هيكل، لقد منح عبدالناصر كاتبه وثائق عهده، وأسرار عمله، وجعل منه شريكا فى كثير من القرارات والمؤامرات أيضا. وهو ما فعله السادات بالفعل، جعل أنيس رئيسًا لتحرير مجلة أكتوبر، المجلة التى أصدرها لتكون صوته، منحه مذكرات الحرب كلها، وحجبها عن الآخرين، وضع بين يديه وثائق لم يطلع عليها أحد غيره، جعل منه شريكا فى قرارات وزيارات ومؤامرات أيضا، بل يدعى أنيس أنه كان يقف وراء فكرة سفر السادات إلى إسرائيل. وعليه فقد حصل أنيس وهيكل على نفس الفرصة (القرب من الرئيس) وعلى نفس المادة الخام التى تصنع المجد المهنى (المعلومات والأفكار والأسرار والوثائق).. وعلى نفس المساحة الإعلامية، كل منهما كان رئيسا للتحرير... لكن النتيجة لم تكن واحدة، على يميننا صحفى وصل إلى النجوم بتوثيقه تاريخ مصر بحرفية شديدة، وعلى يسارنا كاتب حوّل تاريخ مصر إلى مجموعة من الحكايات والنكات والقفشات. ثم كان هناك ما هو أهم، فقد استطاع هيكل أن يصنع من عبدالناصر أسطورة، أما أنيس فلم يستطع أن يحمى السادات أو يدافع عنه، رغم أن خطايا عبدالناصر فعليا تفوق خطايا السادات بمراحل، لكنها الموهبة والقدرات التى يمنحها الله للبعض ويحجبها عن آخرين. فى فترة عبدالناصر ولأن هيكل كان الأعلى كعبًا، فقد كان يتدخل كثيرا لحماية الصحفيين، أو على الأقل يخفف الضغط عنهم، فبعد أن ظل أنيس منصور عامين كاملين مشردا فى الشارع بلا عمل بقرار من عبدالناصر، جاء الحل على يد هيكل. يقول أنيس فى كتابه «عبدالناصر المفترى عليه والمفترى علينا»: حاصرتنى المكالمات فى البيت وفى النادى الثقافى، وكان المتكلم مصطفى أمين وعلى أمين وعبدالحليم حافظ ود. قاسم فرحات العضو المنتدب لأخبار اليوم، والمطلوب أن أحضر فورا لبيت مصطفى أمين لأمر مهم، وكان الأمر مهما، إن محمد حسنين هيكل عنده أخبار جديدة، عنده ما يقوله، قال لى: اسمع سوف تعود إلى عملك، هذا قرار، الرئيس أمر بذلك، ولكن كمال رفعت لا يعرف، والرئيس لا يريد أن يغضب كمال رفعت، فأنت تذهب إلى عملك وتطلب مقابلته، وسوف يقابلك، عنده تعليمات بذلك، أشرح ما حدث، ثم اعتذر له، واطلب منه أن يعيدك إلى عملك، لديه تعليمات بأنك سوف تعود، عن طريقه هو، ولكن كل ما يجرى فى مكتبه، كل ما يقوله لك وما ستقوله له لابد أن تخبرنى به بالدقة، فالرئيس يريد أن يعرف كيف يتصرف، وضحك محمد حسنين هيكل واحمر وجهه وبرقت عيناه. سأله أنيس: متى؟ فرد هيكل: غدا وبعد أن تعود إلى عملك فى أخبار اليوم سوف أتصل بك لتروى لى بالضبط ما حدث. كان هيكل سببًا مباشرًا فى عودة أنيس منصور إلى عمله، أو بالأدق فى إخراجه من أسوأ تجربة مر بها فى حياته، لكن أنيس ورغم أنه يسجل ما جرى فقط، إلا أنه يظهر هيكل بأسوأ صورة، فهو رجل عمليات عبدالناصر القذرة، يستخدمه الرئيس لتبليغ قراراته، ويطلب منه أن يأتيه بتقارير عما يحدث فى مكاتب رجاله، ولا يتورع هيكل أن يطلب ذلك من أنيس مباشرة. ■ ■ ■ فضل هيكل على أنيس لم يكن فى حياته العملية فقط، ولكنه امتد إلى حياته الخاصة، وهنا أستعين بما كتبه صديقى الصحفى الشاب وليد كامل - الذى رحل دون أن يكتمل مشروعه المهنى الذى كان يبشر بكثير من الخير - كان وليد قد أجرى حوارًا مع أنيس ونشره فى جريدة «عين»... واحتفظ لنفسه ببعض الأسرار والحكايات التى تناثرت على هامش الحوار. من بين هذه الحكايات ما قاله أنيس ونشره وليد بعد ذلك فى مقال له، كان وليد يسأله عن علاقته بهيكل، فتحدث بصراحة، قال أنيس إنه لا يوجد خلاف بينه وبين هيكل، فهما صديقان، وكان هيكل شاهدا على عقد زواجه. بل تأتى المفاجأة، والكلام من على لسان أنيس، يقول: كان هيكل هو من أقنع عبدالناصر بزواجى، فخال السيدة رجاء حجاج هو السيد زكريا توفيق، وهو أحد الضباط الأحرار، وعندما تقدمت لخطبتها وعلم عبدالناصر أبدى اعتراضه على تلك الزيجة اعتراضًا منه على شخصى. وقتها توسط هيكل لدى عبدالناصر لإقناعه، وبعد موافقة عبدالناصر ذهب هيكل إلى السيد زكريا توفيق لخطبة ابنة اخته إلى أنيس، وعند الزواج كان هيكل هو أحد شاهدى عقد الزواج. ■ ■ ■ من أين جاء الخلاف إذن؟ أعتقد أن العاصفة التى أخرجت هيكل من الأهرام فى العام 1974 هى التى أحدثت شرخًا فى علاقته بأنيس الذى كان مقربًا من السادات إلى درجة كبيرة، وقتها همس هيكل فى أذن أنيس أن الخلاف بينه وبين الرئيس السادات سياسى وليس شخصيًا، ومن الأفضل ألا يتدخل فيه، وهو ما استجاب له أنيس. يدعى أنيس أنه بعد وفاة السادات عادت علاقته بهيكل إلى سابق عهدها، وهنا أجدنى مضطرا مرة أخرى للعودة إلى ما كتبه وليد كامل على لسان أنيس. كتب يقول: فى الوقت الذى كانت فيه الصحف تكتب عن أسرار الخلاف بينهما، كان يجلسان سويا على مائدة العشاء يقرآن ما تكتبه الصحف فى سخرية ودهشة كبيرة. ولما سأله وليد لماذا لم ينف هو أو هيكل شائعة الخلاف بينهما؟ رد: الجميع يكتب ويجتهد فلماذا نرد، هيكل أحد أصدقائى المقربين، ولسنا فى حاجة أنا أو هو لننفى كذبة سخيفة تعيش الجرائد والمجلات عليها. هل كان يكذب أنيس منصور؟ أغلب الظن أنه كان يكذب بالطبع. لكن قبل أن أقول لِمَ أظن أنه يكذب، أسجل فقط ما أرى أنه عيب كامل فيما قاله أنيس، فهو صحفى، ويعرف أنه من المهم أن يتفاعل مع ما تكتبه الصحافة، وإلا فما الفارق بينه وبين أى مسئول أو رجل أعمال تكتب عنهما الصحافة، ويتعاملان معها بتجاهل تام، المفروض أنه يقدر للإعلام دوره، لكن يبدو أن أنيس استراح أكثر لأن يحيط نفسه بما يتردد عن خلافه مع هيكل، يترك الصحف تضخم الأمر، ولا يحاول هو مجرد محاولة أن يفند ما ينشر، والحجة أن أحدًا لم يسأله، فلماذا يتطوع هو بالإجابة. أما لماذا أعتقد أنه يكذب، فلأن الخلاف بين الكاتبين الكبيرين بسبب أزمة هيكل والسادات كان كبيرًا، وليس صحيحًا أن أنيس لم يتدخل، فقد ظل يدافع عن السادات ضد ما اعتبره سخافات هيكل حتى النهاية. فى 17 أكتوبر 2010 وفى زاويته اليومية التى كان يكتبها بجريدة الشرق الأوسط، كتب أنيس منصور مقالا بعنوان «من سخافات المصريين»، أما المصريون الذين كان يقصدهم، فقد كانوا جميعهم هيكل دون غيره. كتب أنيس: من سخافات المصريين أنهم لم يكتفوا بأن اغتالوا عظيمًا من أكبر عظمائهم فى التاريخ: أنور السادات! وإنما فاتهم أن يجعلوه مجرما، فهذا من أسباب الهيافة، وقالوا: بل قاتل.. ومن قتل يقتل ولو بعد حين، إنه حاول أن يقتل عبدالناصر بأن يضع له، أو وضع له سما فى القهوة، واستراح السخفاء فى مصر بأن عظماءهم شهداء مجرمون، مع أن عدد الذين استشهدوا مع السادات فى الحرب يساوى واحدا على ألف ممن قتلهم عبدالناصر، ولكن السادات بطل الحرب - حقا - وبطل السلام - صدقا - يعد نموذجا رفيعا للرجل الذى نصر شعبه وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده. ويكمل أنيس دفاعه عن السادات: ولكن ما ورثناه عن أجدادنا هو تشويه الأجداد العظماء، الفراعنة كانوا يفعلون ذلك، والمصيبة أن كل الشباب فى الأربعين من العمر لا يعرفون شيئًا عن الحرب والسلام ولا يريدون، ويتساءلون إن كان السادات قد حاول قتل عبدالناصر، ولا يتساءلون عن الحرب والسلام، فقد اعتادوا على المسلسلات التليفزيونية البوليسية، وأنا أعرف الكثير جدا عن سلوكيات الناس حول السادات وإليه ومنه، وهم يرون فيه مخلّصا لبلده من ذل الهزيمة وعار الجهل. يأتى أنيس إلى ما يقصده تمامًا، يقول: ولكن بلاء السادات ليس كله كذلك فهناك من لا يعرف ومن لا يهمه أن يعرف ومن يحقد عليه حيا وميتا، وشيوخ مشايخ النصب التاريخى يفبركون القصص ويتقاضون عنها أجورًا عالية، أى يبيعون مصر المحترمة العظيمة، يبيعونها مشوهة مجرمة، وكلما أسرفوا فى تشويه مصر زادت أجورهم على ذلك، ثم يتحدثون عن الأمانة والصدق التاريخى. ومرة أخيرة وبغضب يقول هيكل: الحقيقة أنها براعة فى اختراع شخصيات وهمية، يعنى الرئيس عبدالناصر زعيم سياسى لا شك فى ذلك، وكل الذى يقال ضده أو عنه سوف يذهب ويبقى الرجل عاليًا، ولكن يبدو أن هذا لا يكفى، فشيوخ مشايخ الطرق التاريخية فى الفبركة لا يسكتون عن هذا، بل يضيفون إلى عبدالناصر أنه لا ينطق عن الهوى، وأنه مثل زرقاء اليمامة ترى ما لا نرى وتسمع ما لا نسمع، وأنه فوق فوق البشر، وهى إساءة له، ولكن لا يهم. فالمطلوب هو تأكيد الزعيم، ولا يجد المصريون فى ذلك حرجا، فقد قدسنا الحيوانات قبل ذلك. دع عنك ما قاله أنيس منصور عن جمال عبدالناصر، فهذه عادته ولن يشتريها، لكننا سنتوقف قليلًا خلف سطور أنيس، وقبل أن تسأل وما هى علاقة هذا المقال بهيكل وبخلافه مع أنيس، سأقول لك، أن هذا المقال كتب تحديدا للرد على هيكل، الذى قال فى برنامجه بقناة الجزيرة إن السادات قتل عبدالناصر بسم وضعه له فى فنجان قهوة أعده له فى فندق النيل هيلتون أثناء مؤتمر القمة العربية، وكان هيكل موجودًا معهما وقتها فى غرفة عبدالناصر. فى هذا المقال دفاع كامل عن السادات، لكنه حمّل أيضا رأى أنيس منصور فى هيكل، من خلال توصيفين واضحين، الأول أنه شيخ مشايخ النصب التاريخى، والثانى أنه شيخ مشايخ الطرق التاريخية فى الفبركة، فحتى يدافع أنيس عن رئيسه، فهو يتعامل مع هيكل على أنه نصاب فيما يكتب، ومفبرك عظيم لما ينشر، وعليه فلا يجب أن يصدقه أحد. بالطبع لا يمكن أن نتعامل مع ما قاله أنيس على أنه رأيه الكامل فى هيكل، فليس معقولا أن يرى كل ما كتبه صديقه أو الذى يدعى أنه كذلك مجرد نصب وفبركة، لكنه الحماس فى الدفاع عما يعتقد أنيس أنه صحيح. لقد بحثت عن توصيف مناسب لعلاقة أنيس بهيكل، بعيدًا عن النميمة السياسية والصحفية، فلم أجد فى الحقيقة أفضل من وصف صلاح منتصر، وهو قريب من الاثنين تلميذ لهيكل وصديق لأنيس، قال إن ما بينهما ليس إلا حالة من التطبيع البارد، فلا هما يحبان بعضهما البعض، ولا هما يعلنان العداء لبعضهما البعض.