أمير لكل عنبر ومرشد عام لكل سجن وجهاز «شئون معنوية» لرفع حماسة الشباب عناصر الجماعة منعتني من دخول الحمام لمدة شهر ويجب «جز رقاب» القيادات جاهزون لتوقيع «إقرارات التوبة» ورفع صور «السيسي» فورًا فى قائمة أصدقاء كل منا على موقع «فيس بوك» كثير من الحسابات الخاصة بأعضاء فى جماعة الإخوان أو المتعاطفين معهم، خاصة إذا كنت محررًا متخصصًا فى متابعة أخبار الجماعة، على الأقل هى مصدر للمعلومات الخام التى تحتاج إلى توثيق وتدقيق وفق قواعد المهنة المتعارف عليها. من هنا بدأ طرف الخيط فى المغامرة التى أجرتها «البوابة» بالتواصل مع أحد شباب الإخوان داخل سجن جمصة عبر موقع التواصل الاجتماعي، ليكشف لنا كثيرًا من الأسرار عن التنظيم الإخوانى، وكيف يتعامل داخل السجن وطبيعة العلاقة بين الإخوان وأصحاب الانتماءات الأخرى. البداية كانت من ملاحظة وجود أكثر من بوست على حساب الشاب تحمل عبارة «من داخل السجن».. الفكرة كانت مثيرة لكنها تحتاج للتأكد من صحة الحساب، وهوية صاحبه، بدأنا التواصل معه، وكشفنا له هويتنا وبعد فترة من التعارف، تأكدنا من هوية صاحب الحساب ويدعى هانى عامر، وهو شاب ثلاثينى قبض عليه فى تظاهرات الجماعة الإرهابية، ومسجون الآن بتهمة الانتماء للجماعة فى سجن طرة الذى انتقل إليه من سجن استقبال جمصة، فأجرت «البوابة» معه حوارا صحفيا مطولا عما يحدث فى السجن. ■ ما سبب وجودك داخل السجن الآن؟ - السبب هو تعاطفى مع الإخوان، وتهمتى هى الانتماء للجماعة، ولم تتم محاكمتى إلى الآن، وأنا محبوس احتياطيا منذ سنة ونصف تقريبا. ■ وهل فعلا كنت مؤيدا للإخوان؟ - نعم فقد كنت مخدوعا فيهم، وأعتقد أن أذكى ضربة وجهها النظام للإخوان هى أنه حبس معهم كل من أحبهم أو تعاطف معهم ليدرك هؤلاء عن قرب بشاعة حقيقتهم. ■ وما شعورك الآن وأنت مسجون معهم وبسببهم؟ - نادم أشد الندم على كل لحظة تعاطفت فيها معهم، فلم أجد منهم سوى التقوقع والانغلاق والإرهاب الفكرى، وعدم تقبل أو استيعاب الآخر. ■ كيف يعمل تنظيم الإخوان داخل السجن؟ - تماما كما يعمل فى الخارج، فهم لهم معسكرهم الخاص، وهناك أمير لكل عنبر من عنابر السجن، لابد أن يكون من الإخوان، وللسجن مرشد عام، ففى سجن جمصة مثلا مقر قيادة الإخوان عنبر 2 ومرشدهم يدعى دكتور بشير، ولهم اجتماعاتهم واحتفالاتهم الخاصة التى تتم بشكل دورى، وهم يوثقون كل شيء بالصوت والصورة ولهم جهاز شئون معنوية وظيفته رفع حماسة الشباب والترويج للأكاذيب والشائعات. ■ وكيف يتعاملون مع السجناء؟ - يتجاهلون من يتجاهلهم ويحاربون من ينتقدهم. ■ هل كتبت تجربتك معهم داخل السجن؟ - فكرت فى توثيق تجربتى المؤلمة مع الإخوان داخل السجن، لتصل إلى الناس ويستفيد منها الآخرون، وبدأت الفكرة فى سجن جمصة العمومى شديد الحراسة، وشرعت فى تأليف كتابى الأول واخترت له اسم وهو «قوقع البولينس» وهو القوقع العائل للبلهارسيا، وجاءت التسمية من وجه الشبه الكبير الذى رأيته بين آلية عمل الإخوان، والقوقع الذى تقضى فيه البلهارسيا فترة حضانتها لتخرج آلاف السركاريا إلى العالم المحيط لتصيب الإنسان، وتبدأ دورة حياة جديدة، والجماعة منغلقة متقوقعة تنظر تحت أقدامها، ولا ترى إلا أبناءها، وأخطر ما فى الجماعة هو قسم التربية، فالمربى يستلم الأطفال فى سن 12 عاما، ويربيهم على يديه ويسقيهم منهج وقيم الإخوان، حتى يصير فردا يافعا وعضوا عاملا فى الجماعة يدين بالولاء للجماعة ويقدس السمع والطاعة. ■ وما أبرز موضوعات تلك المذكرات؟ - من أبرز موضوعات الكتاب فصل بعنوان «بروتوكولات الإخوان»، فقد أدركت أن للإخوان بروتوكولات أشد خطورة من بروتوكولات حكماء صهيون ومنها أنه لا بأس بالكذب الذى يخدم قضيتنا وأهدافنا، واستراق السمع ضرورة مع الأعداء، والأعداء هنا تعنى كل فرد لا ينتمى إلى الجماعة، هذا بجانب السمع والطاعة العمياء للأمراء وتقبيل أيديهم، وإنزالهم منزلة الأنبياء، حيث يتم الإنصات لهم، وتدوين وتقديس أحاديثهم، وإنزالها منزلة القرآن والسنة، ولقد عانيت من هذا البروتوكول كثيرا؛ حيث قام أحدهم بالاعتداء علىّ بالضرب، ولكمنى أربع لكمات قوية بتوصية من القيادة الإخوانية، وعقدوا المحكمة الإخوانية التى جاء حكمها كالصاعقة على الجميع، حتى بعض شباب الجماعة حيث حكمت محكمة الإخوان بمنعى من دخول الحمام لمدة شهر، على أن أقضى حاجتى فى أى موقع آخر، فثار الجميع متسائلا: وكيف تمنعون إنسانا من دخول الحمام؟. ■ وهل لا يزالون يؤمنون بالرئيس المعزول مرسى بعد ما تسبب فى سجنهم؟ - الإخوان يشبهون أنفسهم والرئيس مرسى بالمسلمين والرسول أثناء فترة بداية الدعوة والأزمات والمشاكل التى كانت تحاصر المسلمين وقتها، ونسوا أن الشعب المصرى ليس بالكفار، وأن مصر بلد مسلم وأن لا أحد يشبه الرسول صلوات الله عليه وسلامه. ■ وما حال شباب الإخوان الآن داخل السجن؟ - شباب الجماعة بدأ يشعر مؤخرا بأنه يدفع ثمن غباء القيادات، وعقم منهجهم، وأخطاء التربية والاعتقاد لديهم، حتى أن أحدهم قال إن أفراد الجماعة من سن 45 فصاعد، يجب جز رقابهم وذبحهم، وآخر أعلن تبرؤه من الجماعة فى السجن رغم أن أباه من الإخوان وعمه من القادة البارزين بالإسماعيلية، وهو المهندس صبرى خلف الله النائب السابق عن حزب الحرية والعدالة المنحل. ■ نعود إلى قصة مذكراتك عن الإخوان.. هل لنا أن نحصل على نسخة منها؟ - ليتنى أستطيع فقد سرقها الإخوان منى فى السجن، فلقد كلف أمير الجماعة فى عنبرنا أحد شباب الإخوان، ويدعى عبد الرحمن أحمد إسماعيل، وهو ابن نائب الشورى عن الإخوان بسرقة مذكراتى بتاريخ 8\1\2015 وذلك عقب تصريحى على صفحتى ب «فيسبوك» بأننى بصدد تأليف كتاب عن تجربتى مع الإخوان فى الليمان، فلقد اعتبروا الأمر مسألة أمن قومى بالنسبة للجماعة، وكان لابد من إجهاض الفكرة والحصول على مشروع الكتاب، ولقد حدث بالفعل فاستغل عبد الرحمن وجودى فى الزيارة وأخذ مشروع كتابى وأعطاه للقيادة فى عنبر 2 وهناك شهود كثيرون على تلك الوقائع، حيث افتضح أمرهم فيما بعد، ولقد انهرت نفسيا وأبلغت الضابط المسئول، ولكنه قال لى: لا نريد أن نكبر الموضوع خوفا على حياتي. ■ من أبرز الشخصيات الإخوانية فى سجن المستقبل بجمصة؟ - الدكتور محمد بشير، دكتور فى كلية الزراعة جامعة قناة السويس، مهندس عمرو نشأت، محمد سالم محامٍ، مهندس محمود الفقى مدير فى الكهرباء، إسماعيل جريش، محمد قناوى مدير فى الضرائب، وغيرهم كثير، ولقد دارت صراعات كثيرة بينى وبينهم. ■ وهل معكم أشخاص من التيار السلفي؟ - نعم هناك سلفيون من حزب النور أمثال محمد عادل فى قضية انتماء لجماعة إرهابية، أحمد عبد الوهاب فى قضية الاعتداء على مقر المحافظة، ولقد أذاقهم الإخوان الذل كؤوسًا والمر ألوانًا، لقد جعلوهم يبكون بدل الدموع دمًا من الندم والحسرة، لقد ضيقوا عليهم وسخروا منهم حتى أوشكوا أن يفقدوا عقولهم، ويكلموا أنفسهم. ■ هناك من يردد أن بعض الإخوان بايعوا تنظيم داعش الإرهابى من داخل السجن، فما حقيقة هذا الامر؟ - نعم هناك اعتناق للفكر الداعشى عند بعض الإخوان، وتأييد لفكرة الدولة الإسلامية. ■ ما حقيقة دخول إقرارات التوبة للسجون من أجل التوقيع عليها مقابل الإفراج؟ - الكل هنا من غير الإخوان، وهم كثيرون جدا جاهزون للتوقيع على إقرارات التوبة والتأييد للسيد الرئيس عبد الفتاح السيسى كرجل المرحلة، ومخلص مصر من خطر الإخوان، وذلك عن قناعة كاملة منا، ولكن الداخلية لم تطرح الفكرة بعد، ولكن كانت هناك اجتهادات فردية حيث أصبح الشباب يكتب توبته التى يعلن فيها ندمه على كل لحظة تأييد أو تعاطف مع الإخوان، ويقدمها للقاضى فى الجلسة لعله ينظر له بعين الرحمة، وأنا أناشد الرئيس من خلال جريدتكم سرعة الإفراج عني، فأنا لم أرتكب أى جرم ، ولا يوجد ضدى دليل، ونادم كل الندم على كل لحظة تعاطفت فيها مع الإخوان، لدى خمسة أطفال فى أمس الحاجة إلى أبيهم. ■ هل هناك مؤيدون لأفكارك بشأن المصالحة والتوبة؟ - لقد اقتنع بفكري، والتف حولى كثير من الشباب الذين كانوا من أشد المحبين للإخوان. ■ ولكن من الممكن أن توقعوا فقط بهدف الخروج كنوع من التقية؟ - من الممكن أن يوقع الإخوانى كذبًا، ولكن الاختبار الحقيقى لصدقهم هو أن يكون الشرط الأساسى حمل صورة الرئيس عبدالفتاح السيسى والاعتراف به أمام الجميع رئيسًا لكل المصريين، وهذا ما لن يستطيع فعله أى إخوانى كاذب ومدعى الرغبة فى التوبة.