تأتي الذكرى الرابعة والثلاثين لرحيل الشاعر والكاتب الكبير صلاح عبد الصبور، والذي كان واحدًا من كبار المجددين في حركة الشعر المصرية، وواحدًا من الذين تولوا مناصب ثقافية كبرى كان آخرها رئاسة الهيئة المصرية العامة للكتاب. وفي هذه الذكرى يروي الكاتب والناقد الكبير عبده جبير ل"البوابة نيوز" عن ذكرياته مع الشاعر الراحل. يحكي جبير عن عبد الصبور قائلًا: "شاءت الظروف أن التقي الراحل صلاح عبد الصبور في فترة كان يمر فيها بظروف عصيبة بين كمّاشة السُلطة والوسط الثقافي، حيث كان الرئيس الراحل أنور السادات في ذلك الوقت قرر غلق أغلب المجلات الثقافية، لكنه ترك مجلة الكاتب، وقام بإسناد رئاسة تحريرها إلى عبد الصبور، في الوقت الذي كان فيه الوسط الثقافي يرفض التعامل مع المجلة؛ ولكن لم يكن أمام عبد الصبور بطبيعته الهادئة وحساسيته الشديدة إلا أن يوافق، رغم أنه كان رافضًا بينه وبين نفسه". ويُضيف جبير: "وجدتني مُتعاطفًا معه، لدرجة أنه كان يتصل بي في المساء ويسألني ماذا تفعل الآن، فأعرف أنه في حاجة إلى أن أذهب إليه ليُسّري عنه نفسه، فننفرد بجلسة خاصة في شرفة المنزل، وكان يُعاني لدرجة أنه كانت تمر عليَّ لحظات كثيرة وأجد الدموع في عينيه، خاصة أنه كان يمر بأزمة شخصية شديدة، وكان الطرف الآخر غير مُتفهم لطبيعة هذا الشاعر الحساسة، وكان يضغط عليه بشدة، بينما لم يكن في مقدوره أن يفعل شيئًا؛ فعلى المستوى الشخصي والعام كان يُعاني مُعاناة شديدة، ولم يجد من يقف بجواره سوى عدد محدود، ومن حسن حظي أني كنت منهم". ويروي جبير موقف آخر إبان عمله كمسئول قسم الثقافة بمكتب جريدة الشرق الأوسط بالقاهرة، حيث كان يعلم أن عبد الصبور على عكس مظهره الخارجي يُعاني من أزمة مادية، ولم يكن مرتبه يكفي التزاماته "فتحدثت مع الإعلامي عماد الدين أديب، والذي كان يتولى مسئولية مكتب الجريدة، وتفهّم ضرورة أن يحصل عبد الصبور على أعلى أجر يتقاضاه كاتب في الجريدة، مثله مثل يوسف إدريس، وأعتقد أن هذا خفف عنه الكثير من الضغوط على كل المستويات". وأكد جبير في نهاية حديثه أنه كلما مرت الأيام على رحيل هذا الشاعر العملاق "اكتشفنا أننا خسرناه قبل الأوان".