افتتح د. عباس شومان وكيل الأزهر، المرحلة الثانية من الدورة التخصصية لتجديد الخطاب الديني بالرواق العباسي بالجامع الأزهر، للباحثين وأعضاء هيئة التدريس والوعاظ المنوط بهم نقل ما اكتسبوه في هذه الدورات إلى مجموعات من شباب الباحثين؛ لانطلاق التجديد في الفكر الديني على أسس علمية صحيحة. وفي بداية المحاضرة قال وكيل الأزهر، إنَّ تجديد الخطاب الديني أمر مشروع في ديننا الإسلامي الحنيف، وإنَّه يجب مراقبة هذا الأمر طوال الوقت من أجل مواكبة الواقع بما يناسبه من أحكام فقهية، مضيفا أن تجديد الخطاب الديني لأزمة من لوازم الشريعة الإسلامية، مارسه الرسول صلى الله عليه وسلم وصار على نهجه من بعده الصحابة رضوان الله عليهم. وأوصى وكيل الأزهر الحاضرين بنقل ما اكتسبوه في هذه الدورات إلى مجموعات من شباب الباحثين؛ لانطلاق التجديد في الفكر الديني على أسس علمية وعملية صحيحة، مطالبا المشاركين أن يتسموا باللين في التعامل مع الناس وأن يوصلوا رسالة الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة وألا يتحدثوا إلى الناس بما لا يفقهونه وأن يخاطبوا الناس بقدر عقولهم حتى تصل إليهم المعلومات والأحكام بشكل واضح وصريح وسليم. وتابع وكيل الأزهر قائلا: "إن أشر الناس في نظري هم أولئك الذين يحفظون كتاب الله ويستخدمونه لمصالحهم الشخصية، مثل من يستخدم آيات القرآن الكريم في عمليات القتل والذبح والخراب في الأرض، وللأسف الشديد فإن هؤلاء لهم أتباع ليسوا بالقليلين"، مشيرًا إلى أنّه ليس كل من قال "قال الله وقال الرسول" يؤخذ منه. وأكّد وكيل الأزهر أن التجديد في علمي الفقه والتفسير أصبح أمرا ضروريا، فإذا أردنا التجديد في علم التفسير يجب أن نرجع إلى العلماء الثقات وإلى تفسيراتهم، ومن هنا يمكن أن نجتهد في تطوير الخطاب الديني لملاحقة المستجدات، وهذا لا يعني أنَّ علماء السلف الصالح على خطأ ولكنهم اجتهدوا بالوسائل العلمية التي متاحة في زمانهم ونحن أيضا يفترض أن نراعي تجديد الخطاب الديني بالوسائل المتاحة في زماننا. وبالنسبة للتجديد في علم الفقه أشار إلى أن بعض الناس ينظرون إلى التجديد على أنّه إلغاء مجموعة من الأحكام الفقهية ووضع أحكام تناسب العصر دون النظر إلى الأسس التي تبنى عليها هذه الأحكام والأدلة المناسبة لها، قائلا:" لقد ترك لنا الفقهاء ميراثا عظيما من الأحكام وكلهم يؤخذ منه ويرد عليه"، ولنا أن ننظر إلى قول الإمام الشافعي -رحمه الله-: "إذا رأيتم كلامي يخالف كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاضربوا بكلامي عرض الحائط". وأوضح وكيل الأزهر، أن الأحكام المتفق عليها لا يمكن تغييرها وهي ما نطلق عليها الأصول، أما الفروع فهي مناط الاجتهاد والتجديد،ويشترط في المجدد أن يكون راسخا في العلم ومن أهل الرؤية والعلم الثابت، وأن يكون التجديد إظهارا للحق الموجود ودحضا للباطل المدسوس، مشيرا إلى أن هناك بعض المسائل الفقهية لها حكم واحد حتى العلماء لا يجتهدوا فيها ولكنها ليست بعيدة عن مناط التجديد،لكن يشترط أن يكون التجديد فيها جماعيا من خلال المجامع الفقهية ومن الفقهاء المتخصصين.