الإشارة هنا هي سيدة الموقف.. طرحت معلمة اللغة العربية سؤالاً على الطالبات، وما كاد ينساب آخر حروف سؤالها المهموس من بين شفتيها، والمتزامن مع إشارات من يديها، حتى رفعت جميع الفتيات أيديهن، كلٌ تطلب الإجابة على السؤال . سؤال ثانٍ، فثالث، وشغف العلم يرتسم على قسمات وجوههنّ كما هو، بل ويزداد.. تلك الصورة، رصدتها الكاميرا “,”“,” داخل أحد الفصول التعليمية –التي اتخذ روادها في جلستهم شكل مستطيل غير مكتمل الضلع الأخير- في مدرسة صادق الرافعي الثانوية للصم بقطاع غزة الفلسطيني . ويبلغ عدد ذوي الإعاقة السمعية (الصم) في أراضي السلطة الفلسطينية (الضفة الغربية وقطاع غزة) حوالي 4476 معاقاً، بحسب إحصائية لعام 2011 صادرة عن جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني . وقبل عامين، افتتحت وزارة التربية والتعليم في حكومة غزة المقالة مدرسة صادق الرافعي الثانوية للصم، كأول مدرسة نظامية في القطاع لتلك الفئة . وبدأت مدرسة صادق الرافعي الخاصة بفئة الصم بفترتين صباحية ومسائية للفصل بين الطلاب والطالبات، بعد مرور عام على إنشائها، تمكنت وزارة التربية والتعليم، من تشييد جناح آخر، فأصبحت المدرسة صباحية فقط . مائة وخمسون طالب وطالبة، كان عدد الدفعة الأولى من الطلبة الذين وصلوا إلى المرحلة الثانوية؛ ليكونوا أول خريجي ثانوية عامة صم في القطاع . بحركات يديها السريعة، ومن خلال مترجمة الإشارة، تقول ميساء عمر، وهي طالبة ضمن أول دفعة ثانوية عامة في المدرسة: “,”أريد أن أكون متساوية مع الجميع في المجتمع، وأحقق طموحي بإكمال تعليمي، وأحصل على وظيفة، وأكون معلمة لأعلم الأجيال الصم، كما وجدت من يعلمني “,”. وعن طبيعة المنهج الدراسي الذي تتلقاه، توضح، عبر مترجمة الإشارة: “,”المنهج صعب علينا لأننا صم، يفترض أن يكون أسهل من ذلك. إلا أن مهارة وتميّز مدرساتي المتقنات للغة الإشارة سهّل علينا الكثير، فضلا عن استخدامهنّ للوسائل التعليمية البصرية أيضًا “,”. وتتابع الفتاة صاحبة ال18 عامًا، حديثها الصامت: “,”دوامي في المدرسة ست ساعات، أعطي لكل مادة ساعة من الوقت، وأتمنى بعد تعبي هذا واجتيازي للثانوية العامة أن يتوفر لي فرصة التعليم الجامعي “,”. ووجهت شكرها إلى وزارة التربية والتعليم لإعطائهن حقهن في التعليم وتوفير وسائل مجانية لنقلهن من وإلى المدرسة . وبالمرتبة الأولى، تعتمد المدرسات في تعليمهن للطالبات على الإشارة، ثم استخدام الوسائل البصرية بشكل كبير، سواء التقنية أو الورقية، التي زينت فصول المدرسة بأكملها . ويدرس الطلبة “,”الصم“,” في مدرستهم المناهج نفسها التي تدرس في المدارس النظامية، مضاف إليها بعض التعديل من قبل لجان متخصصة حتى تتلاءم مع الحالة الخاصة للأصم . وللمرة الأولى، سيكون قطاع غزة على موعد مع تخريج أول دفعة ثانوية عامة صم نهاية العام الجاري . وتقول “,”صِبا عودة“,”، مدرسة اللغة الإنجليزية في المدرسة إن : “,”تجاوب الطالبات جيد معي، قد يكون أقل من الطلبة العاديين الذين درست لهم سابقًا، لأنهم لم يدرسوا في المراحل التعليمية الأخرى اللغة الإنجليزية، التي تعد بالنسبة لهم أصعب، ولا يعرفونها بلغة الشفاه، وإشاراتها مختلفة عن إشارات اللغة العربية “,”. وتتابع “,”صِبا“,”، التي التحقت بالمدرسة بعد تعلمها منذ أربع سنوات لغة الاشارة في إحدى الجمعيات المختصة بالصم: “,”الطالبات، رغم كل الصعوبات، لديهنّ تحد قوي ورغبة في إثبات الذات يدفعهنّ إلى تخطي جميع العقبات، ولديهنّ مقدرة عالية على الحفظ “,”. وتوضح أنها تواجه مشكلة في عدم وجود مرجع أو خبير بغزة في لغة الإشارة الأمريكية المعتمدة في التدريس في مدرستها، بل تعتمد في تعلمها على القاموس وشبكة الإنترنت، وتتمنى أن تكون هناك جهات متخصصة تعقد دورات في هذا الشأن . وتمضي قائلة: “,”نعتمد بشكل كبير على الجانب البصري في التعليم، رغم أنه مرهق للطالبة، لكنه يساعد في فهم التلميذات للدرس؛ لأن الأصم يعتمد على عينيه بالدرجة الأولى “,”. وتوضح أن “,”المنهج الدراسي تم تعديله بما يناسب الأصم، فمثلا تم تقنيين منهجية التعبير باللغة الإنجليزية؛ فالأصم لا يقدر على التعبير بالعربية، فكيف الحال بالنسبة للإنجليزية ؟ !“,”. ومعظم المدرسات اللواتي يعملن في مدرسة صادق الرافعي الخاصة بالصم، لسنَ من فئة الصم . ويقول زياد ثابت، وكيل الوزارة المساعد للشؤن التعليمية، في وزارة التربية والتعليم بحكومة غزة المقالة، لوكالة الأناضول: “,”نهدف إلى دمج فئة الصم في الحياة العامة، وإعطائهم حقهم في التعليم، ليتمكنوا فيما بعد من الالتحاق بالجامعة “,”. ويوضح ثابت، في حديث هاتفي، أن “,”الوزارة تسعى إلى إلحاق الطلبة المتوقع تخرجهم من الثانوية العامة في العام القادم بالجامعات الفلسطينية من خلال توفير سبل تعليم مناسبة لهم وتخصصات ملائمة في الجامعات “,”. وتوفّر الوزارة في مدرسة صادق الرافعي الأجهزة والأدوات المناسبة للطلاب، وتتيح لهم تعلم القرآن الكريم، بما يتناسب مع حالتهم، وتوفر أيضًا حافلات نقل حتى لا يتعرضوا لمشاكل ومعيقات أثناء ذهابهم وعودتهم من المدرسة، حسب ثابت . ويقتصر التعليم لفئة الصم في قطاع غزة على الجمعيات الخيرية التي تستوعب الطلاب من كلا الجنسين حتى الصف التاسع، ثم تقدم لهم تعليمًا مهنيًا لبعض الحرف اليدوية . الأناضول Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA